قراءة فى قصة "البيدق" من المجموعة القصصية "ويلات الهيمنة" للكاتبة مى علام

سطرت الكاتبة مي علام بقصتها "البيدق" في المجموعة القصصية "ويلات الهيمنة"، تفاصيل حكاية منسوجة عن السيكوباتية بشكل درامي مشوق.

ونرصد عبر السطور التالية أجزاء من قصة "البيدق" للكاتبة مي علام:

كثير من الأجراس تدق عازفة علي أوتار النفس الممتلئة بالمخاوف والعقد المخفية وحالما تنتهي الدقات ، تبدأ ترانيمك المترسبة بأعماقك، العزف ترانيم حزينة بدوافع خفية، قد تكون أنت ، قد يكون هو، فقط السيكوباتية هي من تحكم .

هو دائمًا موجود لكن لا تلاحظة يمر من أمامك أو يعيش معك وهو أبعد ما يكون عن تفكيرك.

دق جرس الفسحة فاندفع الأطفال للخروج من فصولهم، أما هو فظلّ وحيدًا يرمق الأطفال بحزن وهم يلعبون سويًا ، فتح حقيبته ليتناول شطيرته فلم يجد له شهية فأعادها مرة أخرى للحقيبة ثم تذكر أن أُمة ستوبخة فرماها في صندوق المهملات وتجول وحيدًا فلا أحد يحب رفقتة فألاطفال تتحاشة وتسخر منة مما جعلة طوال الوقت يجلس وحيدًا منبوذًا. لكن ماحدث في ذلك اليوم كان مختلفًا فقد اقترب منه ثلاثة أطفال يريدون اللعب معه في حمام السباحة، لم يصدق صالح نفسة أخيرًا قرر أحد أن يصادقه وفي غمرة فرحتة وبراءته لم يكن يعلم أن العالم لا يرحم البراءة ولا الضعف فالشر ممتد ومتأصل لجميع الأعمار فما فعلة الأطفال معه من تصويره عاريًا وضربه والسخرية منه علم علية بجرح لا يغتفر، بكى من فرط الإهانة والعجز أمام هولاء الوحوش الصغار عاد للمنزل مستنجدًا بوالدته التي لم تعيره اهتمام بل صرخت بوجهه وانشغلت بالحديث مع صديقاتها.

وفي اليوم التالي رفض الذهاب للمدرسة لكن أمام إصرار والدته ذهب وكان حديث الأطفال وسخريتهم ظل  يركض هنا وهناك وهم يلاحقونه، نكَس رأسة باكيًا وفر هاربًا للمنزل مترجيًا أُمه أن تنقلة لمدرسة أخري لكن والدته نهرته وصاحت بوجهه: أن ليس لديها وقت لهذه الأمور التافهة.

صعد لغرفتة جالسًا أمام رقعة الشطرنج أمسك البيدق يعتصره بيديه فهو أضعف قطعة في الشطرنج لكنة صاح وسط دموعه المتجمدة: كش ملك، ووضع البيدق مكان الملك وهذا ما قرر أن يكون عليه، امتلئت نفسه بالسعادة قليلًا ورفع بصره.

بصره للسماء التي كانت شديدة العتمة تلك الليلة والقمر الأبيض صار بلون أحمر قاتم تمامًا كقلبة، وفي ليلة عاصفة خالية من ضجيج البشر اشتعل حريق بمنزل صالح ووالدته، هرع الجيران في محاولة لإطفائه لكن مع سرعة الرياح فشلت جميع المحاولات فاصبح المنزل كهشيم تذروه الرياح. 

وبعد حوالي عشرون عامًا في أحد المنازل المطلة علي البحر بمدينة روما فتاتان صغيرتان توأمتان يلعبان بدلو يضعان فيه الرمال وشخص ما يراقبهما بشغف من وراء نظارته الشمسية وفجأة ظهرت أمامه إمرأة  شقراء ترتدي مايوه وتحمل دلو ممتليء بالرمال وألقته بوجهه ففزع وركض ورائها وهي تركض ضاحكة، فريد لا أرجوك أعتذر.

فريد ضاحكا: فات وقت الاعتذار أخيرًا أمسكها وقذفها في الماء ولحق بها يُغطس رأسها في الماء وبعد عدة محاولات أفلتت بصعوبة ضاحكة حسنًا أعتذر، احتضنها فريد وخرج بها من الماء.. قبلت اعتذارك.

بلانكا ضاحكة: لا أحد يمزح معك، جذبها فريد وقبلها بحنان لكن هي أمسكت الرمال وقذفته بها وركضت،  هز فريد رأسه بيأس حسنا لتكن حربًا  لكن الطفلتان شرعوا في البكاء مما جعل فريد يهتف.


بلانكا: توقفي ماريا وماريسا يبكون، حملتهما بلانكا وذهب الجميع للمنزل، أخذ فريد حمامًا وارتدى ملابسه وتناول الغداء علي عجل.

بلانكا بدهشة :إلي أين ؟ لقد كنت أنتوي عشاء رومانسيًا، شموع وموسيقى هادئة لكن مع الجثث تتوقف أحلامي ! 
كان فريد طبيب تشريح فقال وهو يشعر بالإحراج أعدك لن اتأخر لست مجنونًا لأُضيع كل هذه الرومانسية.

بلانكا ضاحكة: بلا أنت مجنون ...! الرومانسية بالنسبة إليك هي قضاء وقتك في تشريح الجثث لكن رغم ذلك أنا أُحبك ماذا أفعل في نفسي؟ هيا أنا لست منزعجة، اذهب ومارس هوايتك المفضلة لكن بشرط واحد ، فريد متسائلًا: ما هو؟

بلانكا: الأربعاء سأقطع خط الهاتف رغم أنفك فهو عيد زواجنا الخامس لا تنسى .

فريد بحماس :لن أنسى ياعزيزتي لم أصل لهذا الحد، كيف أنسى أجمل يوم بحياتي ثم نظر لساعته فقد تأخر .

بلانكا هامسة لنفسها: مهما حاولت إظهار شغفك لي فأنت مخادع عملك أهم .

توقف فريد فجأة وصاح مبتسما: سَمعتك يا مشاغبة، ضحكت بلانكا حسنا يا وطواط الليل.

وصل فريد للمشفي قابل المحقق ماركو الذي كان مهمومًا شاحبًا والذعر يغزو ملامحة من بشاعة الجريمة، رحب به فريد فهم أصدقاء منذ فترة طويلة واندهش لحالتة فهو لم يراه أبدًا منذ عملا سويًا بهذه الحالة، طلب قدحين من القهوة تناول ماركو القهوة وهو شارد وقليلًا ما بدأ الحديث جريمة بشعة

ارتفع صراخ رجل مقيد بسلاسل غليظة وممدد على طاولة دمائة متناثرة عليها، موسيقى تنبعث وإضاءة خافتة ورجل متأنق للغاية ببزة رسمية وقناع مخيف علي وجه مندمج بالرقص وفجأة توقف ونظر للمرآة  المعلقة على الحائط فأمسك قنينة عطر وضع منها القليل والتفت ينظر للرجل الذي أصابة الهلع فظل يصرخ ،لم يهتز الرجل المقنع بل أشعل سيجارة أخذ منها القليل وأطفئه بجسد الرجل مما زاد من صراخه وسأله لماذا تفعل بي ذلك؟ ضحك المقنع بشراسة وأخرج له عشرات من صور الأطفال ، حين رأه الرجل اتسعت حدقة عينية وأصابه الهلع وكاد يفقد وعيه ،جذبه المقنع من رأسه بعنف سائلًا إياه : بماذا تشعر بعد رؤيتك لضحاياك، لم يرد الرجل ،خلع المقنع  معطفه وشمرعن ساعديه قائلًا : حان وقت حسابك أيها السفاح.

خرج فريد من الغرفة ممتقع الوجه زائع العينين من هول ما رأه من أثار تعذيب علي الجثة كان ماركو بانتظاره، فقال فريد أريد قدح من القهوة أولًا ، جلس فريد يتناول القهوة وحينما انتهى تنهد قائلًا : آثار التعذيب شملت جميع اجزاء جسده منذ إسبوعين أما الوفاة كانت من يومين تم تقطيع الأيدي ووضعها بحامض وأيضًا القدمين واللسان وكل ذلك والضحية لاتزال على قيد الحياة ناهيك عن الحروق من الدرجة الثالثة والضرب بألات حادة وأخيرًا قام بقطع الرأس ووضعها بحامض، أكمل ماركو والتوقيع زهرة الفيلسوف.

فريد متسائلًا ؟ فأكمل ماركو زهرة الفيلسوف سميت بذلك إلى ماتردد عنها أنها كانت السبب في موت الفيلسوف سقراط وشيئا اخر هل تعلم أن الضحية كان يخطف الأطفال من ذويهم وأيضًا أطفال الشوارع ويقوم بتعذيبهم وقطع أيديهم وأرجلهم وروؤسهم ووضعها في الحامض لكن لم تتمكن الشرطة من اثبات التهم عليه، فكرني ذلك بشخص سادي كان يقتل الأطفال ويقول الرب يريد ذلك وجعلني أقتل مائة طفل .

فريد بحسرة :إذا نحن نواجه قاتل له فلسفة في قتل ضحاياه من القتلة أمثاله العين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن ،الجريمة والعقاب .

ماركو : أعتقد ذلك سفاح قتل سفاح أشعر بالسعادة ، لكن ماذا أفعل يجب القبض عليه فالقانون لا يفرق  بين قتل الشرير أو الطيب .

فريد وهو يفرك عينيه المرهقتين لقد انتهى عملي وها قد بدأ عملك ، أرغب في النوم على الأقل يومين متواصلين.

ضحك ماركو : هيهات هيهات النوم بالنسبة لنا هو حلم صعب المنال .

عاد فريد للمنزل وكان الجميع نائمًا دلف بخفة بجانب زوجته محتضنها فلاحظ آثار كدمات زرقاء علي ذراعيها اندهش قليلًا لكن سرعان ما راح في النوم.

في الصباح كانت هناك جثة علي المنضدة لرجل يناهز الخمسين عامًا وسبب الوفاة مجخول ، ما لفت نظره هو جحوظ عين الجثة بشكل غريب وكلما حاول اغلاقهما يفشل وتصر على النظر إليه ، فجمع العينات من الجثة لكن جميعها سليمة، الوفاة طبيعية لكن نفسه لا تطاوعه بكتابة التقرير جلس يتأمل الجثة وقرر أن يأخذ عينة من سائل العين وقام بتحليله حيث شعر أن الجثة تريد أن تخبره أمرا ما وبالفعل صدق حدسه فنتيجة التحليل تؤكد بأنه توفى بالسم تم حقنه بسم نادر جدًا لا يترسب إلا في العين وهو سم تم تصنيعه عن طريق شخص محترف يعلم أنه سيتركز في العين فقط انهى تقريره ووضعه علي المكتب واتصل بماركو ليخبره بما توصل إليه.

في حوالي الساعة العاشرة نزل رجل من مترو الأنفاق مرتديًا قناع وفي كامل تألقه هبط الدرج وهو يرقص ويلوح بيديه بسعادة للمارة.

جلس ماركو أمام فريد وهو يشتعل غضبًا كيف سرق التقرير ؟ فريد بغضب لا أعلم لقد وضعته على المكتب لإرساله إليك في الصباح لكنه كان الأسرع يجب وضع حراسة على مكتبي يا ماركو، ماركو: سبقنا الوغد وقتلها والتوقيع زهرة الفيلسوف هو قاتل متسلسل يا فريد يلعب بنا الحقير.

فريد ضاحكًا على غضب ماركو : لماذا كل هذا الغضب ؟  الرجل يعاونكم في تحقيق العدالة.

ماركو: ما يثير جنوني كيف علم بأن شقيقته الصيدلانية هي القاتلة ؟  فقد اختلفوا على الميراث . هذا اللعين يعتقد أنه أذكي مني سأريه من هو ماركو وصفق الباب خلفه .  

جلس الرجل المقنع يتناول شطيرة في إحدى الحدائق العامة ولفت نظرة شاب ضئيل الحجم يتودد لفتاة تمتلك كلب، ظل يتحدثان لبرهة لكن ذهبت الفتاة لشراء شيء ما تاركة معة كلبها واستغل الشاب ذلك وأخذ الكلب واختفى وحين جاءت الفتاة ولم تجده ظلت تبكي لضياع كلبها ، فوقف الرجل المقنع ليستعد للمغادرة.

اعدت بلانكا حفلة رائعة دعت فيها الكثير من الأصدقاء والجيران ، همس فريد بأذنيها بسعادة وهو يراقصها: هل تعلمين أني أذوب عشقًا فيكي ويا إلهي كم أنت فاتنة الليلة ! أنا رجل محظوظ ، قبلته بلانكا بحب: هذا شيء صغير ياعزيزي أنا أكثر إمرأة سعادة علي الأرض لزواجي بك.  قطعت عليهما حديثهما الرومانسي إيرما صديقة بلانكا، طالبة فريد للرقص معها، لم تمانع بلانكا، وبعدما انتهيا بحث فريد عن بلانكا فلم يجدها وانشغل بالمدعوين وأخيرًا ظهرت بلانكا فسألها  فريد بغضب عن سبب اختفائها فأجابتة مبتسمة وهي تخرج ساعة ذهبية ،هذه السبب، هديتك ياعزيزي ، ابتسم فريد رغمًا عنه: شكرًا يا عزيزتي دومًا تبذلين جهدًا كبيرًا لإسعادي .

عانى فريد بعد الحفلة من الأرق ففتح إضاءة خافتة وأشعل سيجارة، دخلت عليه بلانكا: ما بالك ياعزيزي ؟ لماذا لم تنم؟

تركز بصر فريد على الكدمات على ذراعيها ورقبتها فسألها بدهشة: ماسبب تلك الكدمات؟

ارتبكت بلانكا من سؤاله وتفحصت جسدها فابتسمت: لقد كنت أركض وراء ماريا  فأنزلقت قدمي ووقعت ثم عانقته وأغلقت الإضاءة هيا لننام، حاول التقرب إليها لكنها صاحت: فريد أنا متعبة وأريد النوم، أغلق فريد الإضاءة مندهشًا فهذه أول مرة ترفضه بلانكا .

جلس الرجل المقنع يرمق ذبابة تقف على بقايا الطعام وخلفه رجل معلق بسلاسل غليظة وجسده مغطى بالدماء ويهتف بوهن: أرجوك أريد أن أشرب أعطني ماء .

وقف الرجل المقنع يتأمله بغضب فصاح: بماذا تشعر الآن أيها الوغد الجبان لو كان الأمر بيدي لقتلتك ألاف المرات ، أهذا ما سولت إليه نفسك تعذيب وقتل الحيوانات الضعيفة لتشعر بقوتك المزيفة، أعلم أن البشر لا يعيرونك الاهتمام وتود أن تسحقهم لكن أنت تسحقهم بقتل حيواناتهم، هم يتألمون قليلًا وأنت تُرضي ساديتك قليلًا وتعاود الكرة كلما أحسست بأنك غير مرغوب بوجودك وأنك حشرة بغيضة منبوذة من المجتمع لكن هل تُركت كل الطغاة القتلة أحرارًا، وأظهرت قوتك وساديتك لتلك الحيوانات التي لاتعرف الخبائث، لكن الذي لا تفهمه أنني لا أُطيق أن أرى حيوانًا يتأذى، ينزف قلبي دومًا، وأمسك بعنق الشاب ونحره، وقف بعدها منتشيًا واشعل الموسيقى وبدأ في الرقص وحين انتهى فتح قفص حديدي وأخرج كلبًا صغيرًا احتضنه بحنان وقبل أن يغادر ترك زهرة الفيلسوف.

طرقت راسيل باب جارتها ميليا التي قابلتها بحفاوة وكانت قد انتهت من ارتداء ملابسها استعددًا للذهاب للحفلة، سألتها راسيل التي كانت معها طفلتها البالغة ثمانية أعوام وتلعب مع ابن ميليا البالغ ستة أعوام . ألم تأتي بعد بمربية أطفال ؟ سنتأخر عن الحفل.
 
ميليا بهدوء لا تقلقي: قليلًا وتأتي ، مرت نصف ساعة ولم تأتي المربية فظلت ميليا تتصل بها لكن لم ترد . فهزت كتفيها ضاع علينا الحفل هيا لنعد عشاء ونجلس أمام التلفاز أفضل.

راسيل حانقة: محال لن أفوت هذا الحفل ثم سرحت في الطفلين وقالت ما رأيك أن نغلق عليهما وهما قليلًا وينامون ،انزعجت ميليا للفكرة ورفضت بإصرار لكن راسيل لم تتركها وحاولت إقناعها بكل الطرق وبالأخير وافقت على مضض فذهبتا للحفل واستمتعتا وعند عودتهما كانت رائحة الغاز تملأ المنزل والطفلين علي الارض ماتا من استنشاق الغاز  حاولت راسيل إنعاشهما لكن فات أوان ذلك كانت ميليا تحتضن طفلها وتبكي وتولول وفجأة نهضت ميليا وامسكت هاتفها ،فسألتها راسيل عمن تهاتفه ؟ ميليا : الشرطة ! أخذت منها راسيل الهاتف صارخة بوجهها هل جننتي ؟ سيتم إلقاءنا في السجن مدى الحياة.
 
ميليا باكية : هذا أقل ما نستحقه جزاء إهمالنا، نحن قتلنا أطفالنا بسبب حفلة .  

راسيل بحنق : أنا لست على استعداد لقضاء بقية عمري بالسجن على جريمة لم أقصد ارتكابها ليس ذنبنا، هو مقدر لهم الموت . لا تكوني حمقاء واسمعي ما سأقوله إليك جيدًا سنذهب للشرطة ونخبرهم بأن الأطفال تم اختطافهم وسنتظاهر بالهلع والخوف .  والآن سنُحدث بعض التشوهات بأجسادهم حتي يظهر للشرطة أنهم تم
الاعتداء عليهما وقتلهما من قبل خاطفيهم ،وجلبت ألة حادة واستعدت لضرب الطفلين فصرخت ميليا متوسلة إياها أن لا تفعل . فصاحت راسيل بها وأمرتها أن تذهب لغرفتها وهي من ستقوم بالأمر .

وبمرور أسبوعين وجدت الشرطة جثة الطفلين بجوار مصنع مهجور وكان ماركو منتظرًا فريد بمكتبة لمعرفة نتيجة تشريح الجثتين.

وأخيرًا خرج فريد ووجهه شاحب والضيق يتملكه، تناول قدح الماء الذي أمامه وأشعل سيجارة وظل صامتًا، احترم ماركو صمته ولم يتفوه بكلمة.

فريد وهو مشتت :ساعة الوفاة التاسعة مساءًا،  توفيا اثر استنشاقهما الغاز لكن ما يثير جنوني هو أن الكدمات على أجسادهما حدثت بعد وفاتهما بخمس ساعات.

ماركو : ما الذي يثير شكوكك؟ فريد بحيرة: هناك أمر غامض فالشيء الطبيعي المتعارف عليه في عالم الجريمة أن التعذيب يحدث أولًا وبعده القتل وليس العكس.

ماركو بنفاذ صبر: فريد لا تتلاعب بأعصابي  إلى ماذا ترمي؟
 
فريد وهو مستغرق في التفكير: أعتقد أنه يجب إعادة التحقيق مع أمهاتهما فهناك أمر غامض أنا على يقين من معرفتهما به.

في مكان مظلم مُعتم وقف الرجل المقنع يرقص على موسيقى هادئة وهو ممسك بسكين ومع كل حركة يتحركها يغرز السكين بجسد راسيل وميليا وأخيرًا توقفت الموسيقي، ظل صامتًا يرمقهما من وراء قناعه وهما يرتعدان فقال بغضب وهو يبصق عليهما: بماذا تصنفكم كتب التاريخ أنتما ساقطتان ملعونتان قتلتما أطفالكما بدم بارد، أي قلوب يحملها هذا الجسد، كيف سولت إليكما أنفسكما بفعل هذا الإثم ولا تقولان لي الشيطان فالشيطان لا يقتل أطفاله ،عجبا لهذا الزمن! ثم فتح حقيبة ضخمة ممتلئة بالفئران الجائعة التي ركضت بسرعة تجاة المرأتين تنهش أجسادهما ،وضع زهرة الفيلسوف وغادر .


قرأ ماركو رسالة اعتراف ميليا وراسيل بقتل أطفالهما، وبالطبع وصل إليهما القاتل أولًا،  هو دائمًا يسبقني بخطوة هذا الداهية . فالامور لا تعالج بقتل المجرمين فهناك إجراءات .

فريد بهدوء : أنا لا أتفق معك، هو يطبق القانون العادل من قَتل يُقتل، غاية ما في الأمر أنه لا يتبع سلطة قضائية، هذا ما يثير حنقك .

ماركو بضيق : أرى أنك صرت من معجبيه .

فريد ضاحكًا : لن أُنكر ذلك ، فهولاء يستحقون ما فعله بهم .

ماركو غاضبًا : حسنا لنترك عملنا في الشرطة ونترك للناس تحقيق العدالة بأيديهم .

فريد: لا تهول الأمر فهذا يحدث نادرًا، ووضع سماعة الهاتف بضيق لاحظه ماركو فسألة: ألم تجيب بعد ؟

فريد: لا تجيب على هاتفها وغير موجودة بالمنزل لا أعلم ما الذي أصابها .

ماركو: أهدأ يا رجل ربما تتنزه مع صديقاتها لا بأس لقليل من الحرية من وقت لآخر .

فريد : لم يحدث يومًا أني منعتها من ممارسة حريتها أعتقد أن هناك أمرًا ما لا اعلم ما هو، لكن أدعو الله أن يكون خيرًا .

في هذه الأثناء كانت بلانكا بأحضان عشيقها شبه عارية غارقة في مستنقع الرذيلة لم تاخذ بعين الاعتبار أن هناك من يراقبها ويلتقط لها الصور ويرسلهم للمفتش ماركو .

وفريد جالس وسط ماريا وماريسا يداعبهما وذهنه مشغولا ببلانكا المختفية منذ الصباح ، يعاقب حالة لعله ضايقها  في شيء ما.  

وفي ليلة ممطرة وبنفس عش الخيانة كانت بلانكا وعشيقها مقيدان بحبال غليظة والرجل المقنع يضحك بجنون وقام باداء حركات استعراضية قبل أن يلقي عليهما صفيحة من البنزين ، توسلت إليه بلانكا أن يتركها فلديها طفلتين فازدادت ضحكاته الجنونية وقبل أن يشعل النار كشف عن وجهه فشهقت بلانكا بفزع قبل أن تلتهمها النيران ويضع زهرة الفيلسوف ويغادر وهو يطلق صفيرًا سعيدًا . 

شاهد المحقق صور بلانكا مع عشيقها فذُهل وركض ذاهبًا لفريد بسرعة قبل أن يقوم بفعل جنوني، لكنه تلقى مكالمة جعلته يغير وجهته، هتف أحد الضباط : جثة رجل وإمرأة متفحمتين ووجدنا بجانبهما زهرة الفيلسوف . هز ماركو راسة قائلًا: تابع أنت التحقيق وغادر مسرعًا ليذهب لفريد فلم يجده لكنه وجد رسالة تركها له.

عزيزي ماركو لقد استمعت بالعمل معك كثيرًا، أنت رجل صالح، عند وصول هذه الرسالة إليك أكون قد اختفيت من حياتك فقط وليس من الوجود لا تحاول البحث عني فقط استمر في عملك الذي لن ينتهي .

التوقيع :زهرة الفيلسوف

ضرب المحقق كفة بجبهته واستغرق في الضحك.

فتح فريد باب غرفة طفلتيه واعطي لهما كلبًا صغيرًا، فرحا به، أما هو فجلس أمام رقعة الشطرنج صائحًا كش ملك ووضع البيدق مكان الملك ناظرًا للسماء التي كانت شديدة العتمة والقمر الأبيض أصبح بلون أحمر قاتم كقلبه.

تاريخ الخبر: 2023-04-23 03:21:44
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 47%
الأهمية: 54%

آخر الأخبار حول العالم

وفد من حماس إلى القاهرة لبحث مقترح الهدنة في قطاع غزة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 12:25:52
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 58%

وفد من حماس إلى القاهرة لبحث مقترح الهدنة في قطاع غزة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 12:25:45
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 54%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية