اليوم العالمي لحرية الصحافة: ما هو الثمن الذي دفعته صحفيتان كشفتا عن مقتل مهسا أميني؟

  • مريم أفشانغ
  • بي بي سي - الخدمة الفارسية

صدر الصورة، Twitter

التعليق على الصورة،

احتُجزت نيلوفر حميدي وإلهة محمدي في إيران منذ أكثر من 200 يوم.

احتل إسم مهسا أميني عناوين الصحف في جميع أنحاء العالم، بعد أن انتشر نبأ مقتلها في سبتمبر/أيلول 2022، مما أدى إلى اندلاع موجة من الاحتجاجات في إيران وخارجها.

لكن لم يسمع الكثير من الناس عن نيلوفر حميدي وإلهه محمدي.

إنهما صحفيتان ساعدتا في نشر قصة مقتل مهسا، فاحتجزتا إثر ذلك في أحد أكثر سجون إيران شهرة منذ ذلك الحين.

إيران هي واحدة من أسوأ الدول فيما يتعلق بحرية الصحافة.

يهدف اليوم العالمي لحرية الصحافة في 3 مايو/أيار إلى تسليط الضوء على إيران وأماكن أخرى، حيث يُضطهد الصحفيون ويُسجنون، بل وحتى يُقتلون بسبب عملهم.

تخطى قصص مقترحة وواصل القراءة
قصص مقترحة
  • اليوم العالمي لحرية الصحافة: تقرير يحذر من تنامي العداء للصحافة
  • اليوم العالمي لحرية الصحافة: كيف يؤثر القتال في السودان على أداء الصحفيين؟
  • شمال إفريقيا: هل يهدد "المسار السياسي المتعثر" في دول المنطقة حرية الصحافة بشكل مثير للقلق؟
  • في اليوم العالمي للغة الإنجليزية: هل عمل شكسبير "صبيا" عند جزار؟

قصص مقترحة نهاية

توفيت مهسا في مركز حجز الشرطة بعد أن تم احتجازها من قبل ما يسمى بشرطة الاخلاق، لعدم ارتدائها الحجاب "بشكل صحيح" حسب وصفهم.

وفي المستشفى، عندما علمت نيلوفر حميدي بخبر وفاة الشابة البالغة من العمر 22 عاماً، التقطت الصحفية التي تعمل في صحيفة الشرق، صورة لوالد مهسا وجدتها متعانقان في حزن أمام باب الغرفة في المستشفى.

نشرت نيلوفر تلك الصورة التي وثقت فيها لحظة حزن، على حسابها في تويتر، وكتبت: "أصبح ثوب الحداد الأسود علمنا الوطني".

بعد ذلك بيومين، نشرت مراسلة صحيفة هميهان، إلهه محمدي، تقريراً عن تشييع جنازة مهسا أميني في مسقط رأسها بمدينة سقز في محافظة كردستان.

"وطن للأحزان والمآسي"

صدر الصورة، Twitter

التعليق على الصورة،

انتشرت صورة والد مهسا وجدتها على نطاق واسع في مواقع التواصل الاجتماعي.

تخطى البودكاست وواصل القراءة
البودكاست

بودكاست أسبوعي يقدم قصصا إنسانية عن العالم العربي وشبابه.

الحلقات

البودكاست نهاية

بدأت محمدي مقالتها بعنوان "وطن الحزن" وكتبت نقلاً عن والد مهسا: "لم تكن مهسا تعاني من أي مرض خطير، ومن يقول ذلك فإنه يكذب".

وقال شهود عيان إن مهسا تعرضت للضرب أثناء احتجازها لدى الشرطة لكن السلطات الإيرانية نفت ذلك، وزعمت أنها ماتت نتيجة "نوبة قلبية مفاجئة".

واستطردت مقالة محمدي لتصف كيف تجمع ما يقرب من 1000 رجل وامرأة في المقبرة لحضور الجنازة، حيث كان المشيعون يهتفون شعار "جين، جيان، آذادي" بالكردية والتي تعني "المرأة، الحياة، الحرية".

وأضافت أن صدى هذه الكلمات تردد بعد ذلك في جميع الاحتجاجات التي خرجت في جميع أنحاء البلاد.

وكُتب على قبر مهسا عبارة "لم تموتي، سيصبح إسمك رمزاً".

كانت تلك بمثابة نبوءة بالأحداث التي ستهز البلاد في الأيام والأشهر التالية.

بعد أيام فقط من تغريدة صورة عائلة مهسا المفجوعة على تويتر، ألقت السلطات القبض على نيلوفر، وفي نفس الوقت، داهمت قوات الأمن منزل إلهه، وصادرت أجهزتها الإلكترونية، وبعد أسبوع من المداهمة، ألقي القبض عليها هي الأخرى.

مهسا أميني: الشابة الإيرانية التي ذهبت في رحلة عائلية وعادت جثة إلى مدينتها

مهسا أميني: عائلة الشابة الكردية الراحلة تقول إنها تلقت تهديدات بالقتل

مهسا أميني: ثلاثة وجوه من الاحتجاجات الدامية في إيران

صدر الصورة، Mahsa Amini family

التعليق على الصورة،

دخلت مهسا أميني في غيبوبة لمدة ثلاثة أيام قبل وفاتها.

تقارير نارية

اشتهرت حميدي ومحمدي بكتابة التقارير الإخبارية الساخنة وتناول قضايا حقوق الإنسان.

تقول الصحفية الإيرانية سينا غانباربور: "كانت في كثير من الأحيان أول صحفية تفجر الأخبار".

"لذلك عندما تم القبض على مهسا أميني من قبل ضباط شرطة الأخلاق، لم يكن من المستغرب أن أقرأ عنها لأول مرة في تقرير لنيلوفر حميدي".

تم تكريم الثنائي مؤخراً عبر منحهما جائزة Louis M Lyons من جامعة هارفارد، التي تمنح للصحفيين الذين يغطون الأخبار بنزاهة وضمير".

وقال الزملاء الذين صوتوا لصالح منحهما الجائزة "حميدي ومحمدي وضعتا سبل عيشهما وحياتهما على المحك وفقدتا حريتهما في هذه العملية".

"كانتا تعرفان المخاطر الجسيمة التي قد تواجهانها، لكنهما ظلتا ملتزمتين بنشر قصة أميني.

"الصحفيون في إيران يخاطرون بحياتهم بشكل يومي عند تناول الظروف السيئة والقمع الذي تمارسه السلطات".

صدر الصورة، EPA

التعليق على الصورة،

أدى مقتل مهسا أميني إلى موجة من الاحتجاجات في إيران وخارجها.

يسيطر النظام الإسلامي على الكثير من وسائل الإعلام في البلاد، ويتعرض الصحفيون والمنافذ الإخبارية المستقلة لضغوط شديدة، كما يُقطع الإنترنت في البلاد بشكل متكرر.

وحسب منظمة مراسلون بلا حدود، فإن الصحفيين في إيران "يتعرضون باستمرار للاضطهاد من خلال الاعتقالات التعسفية والأحكام الجائرة التي تصدر بحقهم بعد محاكمات غير عادلة أمام محاكم ثورية".

وقال صحفي مقيم في طهران لمراسلون بلا حدود مؤخراً: "إنه كابوس لا نهاية له، أخاف حتى من الكتابة في دفتر ملاحظاتي. أشعر بأنني مراقَب طوال الوقت".

على الرغم من أن حميدي ومحمدي كانتا تحظيان بدعم مؤسستيهما الصحفية، إلا أنه في الغالب، يدفع الصحفيون الثمن ويواجهون العواقب بشكل فردي.

اعتقال المحتجين والمراسلين

تم اعتقال عشرات الصحفيين في إيران منذ وفاة مهسا أميني، ومن المعروف أن السلطات تقوم بمضايقة أفراد عائلات الصحفيين أيضاً. كما تم اعتقال المتظاهرين بالآلاف وقتل المئات منهم.

بعد مضي ستة أشهر، لم تعد الاحتجاجات ظاهرة كما كان في السابق، لكن لا يزال الكثيرون يقاتلون من أجل إلغاء النظام الذي يهيمن على حياتهم الشخصية والعامة.

تختار العديد من النساء في جميع أنحاء إيران، عدم الالتزام بقواعد الحجاب الإجباري ويتحملن مخاطرة كبيرة في كل مرة يخرجن فيها بدون الحجاب.

والصحفيتان محتجزتان في ظروف قاسية في السجون الإيرانية.

وتشير التقارير الواردة من الداخل إلى أن المرافق غير إنسانية، مع نقص في الأدوية والغذاء وحتى في مياه الشرب الآمنة أو الهواء النظيف.

وكتب زوجها على صفحته في إنستغرام أن زوجته إلهه محمدي خسرت 10 كيلو غرامات من وزنها في الأشهر الثلاثة الأولى من احتجازها في السجن.

وواجهت نيلوفر وإلهه الكثير من المصاعب من أجل الحصول على الدعم القانوني.

صدر الصورة، Twitter

التعليق على الصورة،

شوهدت نساء يحرقن حجابهن أثناء الاحتجاجات.

محامون اعتقلوا

قال المحامي الأول المعين لتمثيل الصحفيتين في أكتوبر / تشرين الأول 2022 ، إنه لم يتمكن من التواصل معهما أو الوصول إلى الوثائق القانونية المتعلقة باعتقالاتهما.

وبعد أقل من شهر، تم اعتقال المحامي أيضاً.

"سئلتُ عما تقوله السلطات لي، لكنني لا أعرف حتى المؤسسة أو الشخص الذي يجب علي الاتصال به"، يقول محمد حسين أجورلو، زوج حميدي في مقابلة مع صحيفة الشرق.

لقد عانى هو الآخر في سبيل الحصول على معلومات حول التهم الموجهة لزوجته وما الذي قد يحدث لها.

قبل أيام قليلة من حلول رأس السنة الإيرانية الجديدة في آذار، أصدر رئيس القضاء الإيراني عفواً عاماً عن آلاف السجناء، من بينهم 22 ألف من المتظاهرين، لكن لم يشمل العفو إلهه محمدي ونيلوفر حميدي.

مظاهرات إيران: ما الذي يواجهه المحامون المدافعون عن المحكومين بالإعدام؟

صدر الصورة، EPA-EFE

التعليق على الصورة،

الصحفيتان إلهة و نيلوفر من بين المعتقلين المتجزين منذ سبتمبر / أيلول.

بعد قضاء أكثر من 200 يوم في الحجز، تم إبلاغ حميدي ومحمدي هذا الأسبوع بالتهم الموجهة إليهما.

وقال المتحدث باسم القضاء الإيراني، مسعود الستايشي، إن كلتاهما متهمتان بـ "التعاون مع الحكومة الأمريكية المعادية، ومتواطئتين ومتآمرتين على الأمن القومي، وكذلك القيام بأنشطة دعائية ضد النظام الإيراني".

القاضي سيئ السمعة أبو القاسم سلافاتي، المعروف بإصدار أحكام قاسية للغاية، هو من ينظر في قضيتي حميدي ومحمدي.

إنه يلقب بـ "قاضي الموت" بسبب أحكام الإعدام العديدة التي أصدرها بحق المعتقلين.

في الشهر الماضي، نشر زوج حميدي صورة على تويتر لسوارتين للصداقة في معصمه، وأوضح معلقاً على الصورة، أنها كانت هدية قدمتها له زوجته بمناسبة نوروز ( عيد رأس السنة الإيرانية).

كانت حميدي قد نسجتها بيدها من خيوط مأخوذة من مناشف السجن.

وأنهى المنشور بعبارة "المرأة، الحياة، الحرية".