لا شك أنَّ الاقتراض يعتبر أهم وسيلة للحصول على الأموال لسد حاجات الفرد سواء شراء سلعة أو خدمة أو مقابلة الاحتياجات المادية أو لإشباع الرغبات المختلفة من شخص إلى آخر. وهذه الاحتياجات والرغبات تختلف من شخص إلى آخر على حسب الظروف الزمانية والمكانية ومنها تغطية تكاليف نمط حياة معينة مثل شراء بيت أو سيارة أو تغطية تكاليف الزواج والتعليم والتكاليف الطبية أو حتى معالجة بعض الأمور المالية الطارئة أو حتى البدء بمشروع تجاري. هناك توجد وسائل كثيرة للحصول على الأموال المطلوبة كاقتراض سواء من العائلة أو الأصدقاء أو من المؤسسات المالية المختلفة.
المشكلة هنا للفرد عند الذهاب والاقتراض من المؤسسات المالية هو أن يأخذ بالحسبان نسبة الفائدة والتي تتغير من وقت إلى آخر على حسب الوضع الاقتصادي لكل بلد وسياسة البنك المركزي ووضع القيود على البنوك من ناحية الائتمان. لكن السؤال الأهم هو هل الأفضل الاقتراض من محيطنا سواء من العائلة أو الأصدقاء أم الذهاب إلى الوسطاء الماليين من بنوك وخلافه؟
هناك دراسة تقول أنَّ نسبة الاقتراض من العائلة والأصدقاء تصل إلى نسبة 36% في السعودية وهي أهم المصادر الرئيسية للكثير من الأفراد لكي يتم تسديد ما عليهم من التزامات وخاصة المادية و بالمقابل الأفراد المستثمرين والذين يستفيدون من القرض لبدء نشاط تجاري خاص فيهم وانشاء فكرة ناشئة. الهدف من الذهاب إلى أفراد العائلة سواء الصغيرة أو العائلة الكبيرة هو أنَّ العائلة تحاول أن تساعدك وخاصة عند البدء بمشروع معين وهذا القرض عادة يكون من دون فائدة ومن الممكن ان ينتظرون ويعطونك مهلة عن الأوقات المحددة لسداد القرض وبالمقابل لو مثلًا اخذت القرض من مؤسسات مالية (بنوك، شركات التمويل) وهي تكون بالأصل مجدولة وأخيرًا الأهم هي المسائلة القانونية. هناك كثير من رواد الأعمال حول العالم والذين استفادوا من أفراد العائلة كمثال هناك جيفري بريستن بيزوس ” مؤسس شركة أمازون العالمية” الشهيرة والذي اقترض بوقت ما من عائلته ما يقارب 100 ألف دولار ليبدأ فكرة مشروعة.
وأيضا رجل الأعمال دونالد ترامب، اقترض من والده مبلغ معين من المال ليبدأ أفكاره وخططه التجارية لينتهي به المطاف بناء أكبر برج في نيويورك. طبعًا هنا يدخل كثير من العوامل في النجاح وهي الخطط والشغف والتعلم والتوفيق والحظ لإن كثير من الناس تفكر وتقول أنَّ هؤلاء التجار أو رواد الأعمال بدأوا بمساعدة عائلاتهم الثرية ولولا أنَّ عائلاتهم ثرية لما وصلوا إلى ما وصلوا إليه. هذا الكلام غير صحيح بمعنى أنَّ العامل الأول والأساسي هو الشخص نفسه لما لديه من عوامل عدة تساعده على النجاح وتذليل العقبات والصعاب والاستمرارية وتكملة المشوار والدليل يوجد الكثير ممن يملكون الأموال (سواء مشاهير الكورة أو الفن) أو حتى من ورثوا ملايين الريالات أو الدولارات لكن انتهت بعد بضع سنوات بسبب سوء التخطيط أو اتباع طرق غير مستقيمة مثل المخدرات والكحول والقمار وغيرها.
بالمقابل بعض الأشخاص لا يحبون الاقتراض من العائلة لأسباب كثيرة ومتنوعة ومنها عدم الرغبة والحديث بمناقشة الأمور المالية وتجنب الإحراج والإزعاج عند عدم التسديد وإبقاء الروابط الأسرية وثيقة ومتينة. لأن بالأخير العلاقة الأسرية والعائلية سوف تتغير بالكامل عند الدخول في مسألة الاقتراض.
وأخيرًا الاقتراض من العائلة هو سلاح ذو حدين ومن الممكن أن تخسر أحد أو بعض أفراد أسرتك بسبب عدم الالتزام أو عدم التسديد بالكلية وهنا تبدأ المشاكل حيث كثير من الأشخاص يحب أن يبتعد ويُبعد مشاكله عن محيط الأسرة قدر المستطاع وخاصة الأمور المالية لما لها من حساسية وتبعات وقد تؤثر على عدة أطراف غير المُقرض والمُقترض. لكن بالنهاية يجب أن تعلم أنه يجب أن تكون متقبلًا من الأساس لفكرة الاقتراض إذا قررت الدخول في عالمه و بنسبة مئة في المئة لأن هناك فرضية أنه قد لا يمكنك استرداد المبلغ الذي أقرضته للطرف الثاني. وذلك طبعًا بسبب أنه من الصعب معرفة الماضي السيئ للأشخاص وخاصة بما يتعلق بالأمور المالية.
*نقلا عن صحيفة "مال".
