تجار التجزئة يجابهون ارتفاع الأسعار | صحيفة الاقتصادية


بعد أن ابتلع المتسوقون الزيادات الحادة في الأسعار منذ عقود على البضائع اليومية من الخبز إلى ورق التواليت، بدأوا يرفضون أي زيادات أخرى.
وعلى نحو غير متوقع، ثبتت أحجام المبيعات لدى عديد من أكبر موردي البضائع الاستهلاكية المعبأة في العالم، ما ساعدهم على تعويض الارتفاع التاريخي في أسعار السلع الأساسية ودعم الربحية.
أظهرت تقارير الأرباح المنشورة أخيرا زيادة في هوامش الربح للربع الماضي في شركات من بينها كيمبرلي كلارك، صاحبة العلامات التجارية مثل كلينكس وهاجيز، والشركة المصنعة لمنتجات التنظيف مثل كلوروكس، وشركة بروكتر آند جامبل، التي تعد أكبر مجموعة للبضائع المنزلية في العالم.
مع أن شركات السلع الاستهلاكية تحاول إعادة هوامش الربح إلى مستويات ما قبل الجائحة، إلا أنها تواجه مقاومة، حيث قال بعض الأشخاص المطلعين على بعض المفاوضات إن بعضا من سلاسل المتاجر الكبرى القوية، التي تعمل عادة على كسب هوامش أقل، أصبحت غير مستعدة على نحو أكبر لقبول التسعيرات التي تطالب بها.
قال كين هاريس، مستشار المنتجات الاستهلاكية في شركة كادينت كونسالتينج، إنه حتى فترة قريبة، كان الموردون قادرين على "تمرير الزيادات في الأسعار لأن تكاليف المدخلات كانت تبرر ذلك". وأن تجار التجزئة "أقروا إلى حد كبير بأنها كانت مشروعة".
فيما قال ويل هيلار، الشريك في شركة الاستشاريين الاستراتيجيين أوه سي آند سي، إن الزيادات كانت كبيرة في تكلفة السلع والطاقة والشحن الناتجة عن اضطراب الجائحة والحرب الروسية الأوكرانية، لدرجة أنها "مهما كانت غير مستحبة (لتجار التجزئة)، كان من الصعب المجادلة بخلاف ذلك".
كما قال هاريس إنه منذ بداية العام الحالي، "رفض" تجار التجزئة ذلك وقالوا "لا". كما أن المستهلكين أيضا "بدأوا يقولون إنهم لا يعتقدون أن لزيادات الأسعار ما يبررها".
أخيرا، قال كين مورفي، الرئيس التنفيذي لشركة تيسكو، إنه بينما أدركت أكبر شركة تجزئة في المملكة المتحدة أن مورديها يواجهون ارتفاعا في التكاليف، إلا أنها لم تكن قلقة من إجراء "محادثات مباشرة" معهم حول تأمين شروط أفضل للمتسوقين. فيما أوقفت شركة كرافت هاينز للأغذية الصيف الماضي توريد بعض المنتجات إلى تيسكو بسبب نزاع شب بينهما حول الأسعار، الذي تم حله في ذلك الحين.
فيما أصر سايمون روبرتس، الرئيس التنفيذي لشركة سينزبوريز المنافسة، على أنهم "مصممون تماما على محاربة التضخم من أجل عملائنا"، حيث انخفضت هوامش الربح التشغيلية لشركة البقالة من 3.4 في المائة إلى 2.99 في المائة العام الماضي بعد محاولة الشركة التخفيف من ارتفاع التكاليف.
لدفع مجموعات السلع الاستهلاكية لشروط أكثر ملاءمة، يمكن لتجار التجزئة الإشارة إلى انخفاض حاد في بعض تكاليف المدخلات، إذ انخفضت أسعار الزيوت النباتية إلى النصف تقريبا، مقارنة بالعام الماضي، وفقا لبيانات الأمم المتحدة، وانخفض البولي إيثيلين، المستخدم على نطاق واسع في التعبئة، بنحو الثلث، وفقا لشركة آي سي آي إس المختصة بتحليلات السلع.
قال هيلار إنه نتيجة لذلك "وصلنا إلى نقطة ستكون فيها تلك المفاوضات (بين تجار التجزئة والموردين) أكثر صعوبة".
مع ذلك، فإن الشعور بالراحة لانخفاض تكاليف المدخلات هو بعيد كل البعد عن أن يكون شاملا، حيث أخبر ستيف فوسكويل، المدير المالي لشركة الشوكولاتة هيرشي، المحللين أخيرا أن أسعار الكاكاو والسكر "تتحرك في الاتجاه الخاطئ". مع ارتفاع أسعار السكر 23 في المائة في العام الماضي، وفقا لبيانات الأمم المتحدة.
قال جيف كار، المدير المالي في شركة ريكيت بينكيسر: "إن للسلع إيجابيات وسلبيات نوعا ما"، على الرغم من أنه أضاف أن تضخم التكلفة الإجمالية للشركة المصنعة لكريم كليراسيل للبشرة ومنظف سيليت بانج ومقرها المملكة المتحدة كان "أسهل في التعامل معه" هذا العام منه في العام الماضي.
فيما تحولت مجموعات البضائع الاستهلاكية أيضا إلى الوفورات الناجمة عن الكفاءة لدعم هوامش الربح، على الرغم من أن مساهمتها في الأرباح تعد ضئيلة مقارنة بارتفاع الأسعار الذي دفعت به بعض الشركات.
عزز ارتفاع الأسعار 10 في المائة في المتوسط خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام هوامش الربح الإجمالية في شركة بي آند جي، الشركة المصنعة لشفرات جيليت للحلاقة وشامبو هيد آند شولدرز، بأكثر من ضعف حجم المبادرات، التي قامت بها للتوفير في التكاليف.
رفض المسؤولون التنفيذيون في الصناعة فكرة أنهم استغلوا التضخم من أجل تضخيم الأرباح، بينما لا تزال معظم المجموعات الكبيرة للبضائع الاستهلاكية المعبأة، بما فيها شركة بي آند جي، تعمل بهوامش ربح أضيق مما كانت عليه قبل الجائحة.
ساعدت الزيادات في أسعار كلوروكس، التي قالت الرئيسة التنفيذية ليندا ريندل إنها "مبررة من حيث التكلفة"، على رفع هامش ربحها الإجمالي في الربع الأول إلى 41.8 في المائة من 35.9 في المائة في العام السابق، لكنها لا تزال أقل من 43.4 في المائة التي تم تحقيقها في 2019.
ونظرا لاستمرار ضغوط التكلفة، لم تصبح جميع الشركات في القطاع أكثر ربحية في الربع الأخير، حيث تقلص هامش الربح الإجمالي لشركة كولجيت بالموليف من 58.5 في المائة قبل عام إلى 56.9 في المائة، على الرغم من أن المدير المالي ستانلي سوتولا توقع أن يتحسن في الأشهر المقبلة.
حتى إذا كانت هذه الأرقام تشير إلى أن التضخم لم ينفع هذه الشركات، فإن المديرين التنفيذيين لمحال السوبر ماركت قلقون ليس فقط من أن المتسوقين أصبحوا غير قادرين أكثر على التعامل مع الأسعار المرتفعة باستمرار عند الدفع، بل أيضا أن تجار التجزئة هم من يتحملون المسؤولية.
ووجد استطلاع في وقت سابق من هذا العام أجرته دونهامبي، وهي مجموعة لتحليل البيانات، أن المستهلكين الأمريكيين يعتقدون أن هوامش الربح الصافي لتجار تجزئة البقالة كانت أعلى 14 مرة مما هي عليه في الواقع.
قال هاريس من شركة كادينت كونسالتينج، إن تجار التجزئة كانوا يقاومون محاولات الموردين رفع الأسعار "حتى تتمكن أنت من زيادة هوامشك الربحية، بينما يخبرنا المستهلكون أن هذا خطؤنا".
وقال المسؤولون التنفيذيون، إن مقاومة الزيادات في الأسعار حتى الآن كانت أكثر وضوحا من قبل المتسوقين وتجار التجزئة في أوروبا منها في الولايات المتحدة، إذ تتعرض الموارد المالية للأسر لضغوط أكبر في أوروبا، ويتوفر للمتسوقين أيضا خيارات أوسع للانتقال من البضائع ذات العلامات التجارية إلى الإصدارات الأرخص من المنتجات نفسها التي طورها تجار التجزئة.
تراجعت أحجام المبيعات في الربع الماضي لشركة يونيليفر، الشركة المصنعة لصابون دوف وآيس كريم بين آند جيري في المملكة المتحدة 3 في المائة في أوروبا ولكنها ارتفعت 0.6 في المائة في الأمريكتين، على الرغم من الزيادات المشابهة في الأسعار في كلتا المنطقتين.
قال جرايم بيتكيثلي، المدير المالي للشركة، إن المستهلكين الأوروبيين "تحت الضغط"، وأنه كان هناك نوع من "التحول" في شراء البضائع الخاصة بالمحال التجارية الكبرى، لما يسمى بعلامات تجارية خاصة، في بعض الفئات مثل مواد التبييض.
غير أنه كانت في الولايات المتحدة أيضا بعض الدلائل على أن المستهلكين يحجمون بشكل متزايد عن الاستمرار في الدفع مقابل الضروريات المنزلية الأكثر تكلفة مع تعثر الاقتصاد.
قال مستشار التجزئة يان روجرز كنيفن: "ما زلنا نشهد بعض الزيادات الشديدة في الأسعار (في الولايات المتحدة)، ولكن من المحتمل أن نهاية ذلك باتت قريبة. لقد بدأ الطلب الاستهلاكي الآن في التباطؤ".
قالت ميشيل باك، الرئيسة والمديرة التنفيذية لشركة هيرشي ومقرها بنسلفانيا، إنه بينما كان الطلب على الحلويات قويا، كان العملاء "يبحثون عن خيارات بأسعار معقولة أكثر، سواء كانت القنوات التي يتسوقون من خلالها، والعلامات التجارية الخاصة، والعروض، والحملات الترويجية المتزايدة لدفع المبيعات".
حذر بعض المسؤولين التنفيذيين من أن مزيدا من عمليات رفع الأسعار كانت مطروحة في عدة فئات، حيث قال كارستن نوبل، الرئيس التنفيذي لشركة هينكيل الألمانية التي تقف وراء منظفات برسيل وإصبع بريت للغراء: "هناك حاجة إلى تسعير إضافي للتعويض عن ضغوط" تكاليف المدخلات، بما في ذلك تضخم أجور العمل.
رفعت شركة هينكيل الأسعار 12 في المائة في المتوسط في الربع الأول من 2023، الأمر الذي أضر بأحجام مبيعاتها، التي انخفضت 5.4 في المائة.
ولكن مع تزمت تجار التجزئة في موقفهم -وبدء عديد من تكاليف المدخلات في الانخفاض- قال معظم المسؤولين التنفيذيين إن أسوأ ضغوط التسعير التي يواجهها المتسوقون ربما تكون قد انتهت. قال نيكاندرو دورانتي، الرئيس التنفيذي لشركة ريكيت: "لقد تم تنفيذ معظم عمليات رفع الأسعار العام الماضي. لا أرى حدوث كثير من رفع الأسعار في 2023".

تاريخ الخبر: 2023-05-17 00:23:03
المصدر: صحيفة الإقتصادية - السعودية
التصنيف: إقتصاد
مستوى الصحة: 43%
الأهمية: 38%

آخر الأخبار حول العالم

عاجل.. لحظة خروج الدكتور التازي من سجن عكاش

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 06:25:45
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 70%

مع مريـم نُصلّي ونتأمل (٤)

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-04 06:21:31
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 59%

عاجل.. لحظة خروج الدكتور التازي من سجن عكاش

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 06:25:38
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 64%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية