الأراضي الفلسطينية: الشبان الفلسطينيون لا يؤيدون حل الدولتين ومستاؤون من حكومتهم

  • يوسف الدين
  • بي بي سي - الخدمة العالمية

صدر الصورة، Getty Images

لم يحظ الفلسطينيون، الذين تقل أعمارهم عن 30 عاما بفرصة التصويت في الانتخابات، ويقول كثيرون منهم إنهم لا يثقون في القيادة الفلسطينية.

وتشير البيانات الحصرية التي اطلعت عليها بي بي سي إلى أنهم يرفضون بشكل متزايد فكرة حل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

وقالت جنة التميمي، البالغة من العمر 17 عاما، باستخفاف عندما سُئلت عن ذلك: "حل الدولتين" المبتذل للغاية - غربي الصنع، ولا يلتفت إلى الوضع الحقيقي"، مضيفة: "لكن أين الحدود؟ ".

وتقول جنة إنها إحدى أصغر الصحفيين المعتمدين في العالم. وبدأت في سن السابعة في استعارة هاتف والدتها، وتغطية الاحتجاجات في مسقط رأسها في النبي صلاح في الضفة الغربية المحتلة.

وأضافت: "أبلغت عن الغارات الليلية للقوات الإسرائيلية، والغارات اليومية التي تحدث كثيرا. ولا أقوم بتصويرها جميعا، لكنني أبذل قصارى جهدي. كان الأمر صعبا بعض الشيء مع المدرسة. لكن هناك دائما شيء تغطيه".

تخطى قصص مقترحة وواصل القراءة
قصص مقترحة
  • روسيا وأوكرانيا: ماذا يتطلب الهجوم العسكري الأوكراني لينجح؟
  • روسيا وأوكرانيا: منشق روسي يروي رحلة هروبه من البلاد سيرا على الأقدام
  • فجر السعيد: الأمن العام يوضح سبب توقيف الإعلامية الكويتية في مطار بيروت ومنعها من دخول لبنان
  • احتجاجات إيران: نساء إيران مهددات بمصادرة سياراتهن في حال عدم ارتدائهن الحجاب

قصص مقترحة نهاية

ومنذ ولادة جنة لم تجر أي انتخابات عامة أو رئاسية واحدة في الأراضي الفلسطينية. وكانت آخر مرة في عام 2006، ويعني هذا أن أي شخص يقل عمره عن 34 عاما لا تتاح له الفرصة مطلقا للتصويت.

وكانت نتيجة ذلك انهيار الثقة في القيادة السياسية الفلسطينية، وتدهور متتابع في دعم حل الدولتين، وهي الصيغة المدعومة دوليا للسلام، التي تتوخى إقامة دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب إسرائيل.

التعليق على الصورة،

جنة ولدت في السنة التي أجريت فيها آخر انتخابات.

تخطى البودكاست وواصل القراءة
البودكاست

بودكاست أسبوعي يقدم قصصا إنسانية عن العالم العربي وشبابه.

الحلقات

البودكاست نهاية

وقد تابع المركز الفلسطيني للاستطلاعات والبحوث السياسية، الذي يوجد مقره في الضفة الغربية، وجهات نظر السكان المتغيرة على مدى أكثر من عقدين، وشارك البيانات التي توصل إليها حصريا مع بي بي سي، والتي أجراها على الشباب في سن 18 إلى 29 عاما.

وتُظهر النتائج اتجاهات واضحة في تراجع دعم هذا الجيل للسلطة الفلسطينية الحاكمة، والانخفاض المستمر في دعم حل الدولتين على مدى العقد الماضي.

ويشرح دكتور خليل الشقاقي مدير المركز هذا فيقول: "الدافع اليوم وراء استياء الشباب إلى حد كبير هو الافتقار إلى شرعية النظام السياسي كما يرون. ويقولون لدينا رئيس يحكم منذ 14 عاما بدون شرعية انتخابية".

ويضيف: "نظامنا السياسي سلطوي إلى حد كبير، يعتمد على شخص واحد إلى حد كبير. صحيح أن لدينا، دستورا، من الناحية النظرية، لكننا في الواقع، لا نلتزم بدستورنا".

ويقول المدير إن التأييد للمواجهة المسلحة، في الوقت نفسه، هو الأعلى بين الشباب الذين تقل أعمارهم عن 30 عاما، إذ أيد أكثر من 56 في المئة العودة إلى الانتفاضة في مواجهة إسرائيل، بحسب آخر استطلاع أجري في مارس/آذار.

وظهر في العام الماضي عدد من الجماعات المسلحة الجديدة في مدن نابلس، وجنين، شمال الضفة الغربية، متحدية شرعية قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية.

وأكثر تلك الجماعات شهرة هي كتائب عرين الأسود وكتائب جنين اللتان نفذتا هجمات في الضفة الغربية على القوات الإسرائيلية والمستوطنين.

صدر الصورة، EPA EFE

التعليق على الصورة،

بعض الشباب الفلسطيني يرى أن قوات الاحتلال لن يوقفها إلا القوة.

انضممنا إلى كتائب جنين في الساعة 00:02 ذات ليلة، حينما كانوا يمارسون تدريبات في متاهة شوارع مخيم جنين للاجئين.

كان كل عضو مسلحا ببندقية هجومية من طراز M16، ويرتدي زيا أسود من رأسه حتى أخمص قدميه، وكانوا يشقون طريقهم بصمت في خط واحد، وقد صوبوا أسلحتهم إلى الأمام لتفحص الأزقة وأسطح المنازل أثناء تحركهم.

ويقول هؤلاء المقاتلون، ومعظمهم من الرجال في سن العشرينيات من العمر، إنهم مستقلون عن الجماعات المسلحة الرئيسية، ورفضوا علنا أي ارتباط لهم بالأحزاب السياسية في الأراضي الفلسطينية.

ويقول أحد هؤلاء المقاتلين، ويدعى مجاهد ويبلغ من العمر 28 سنة، إن القيادة الحالية لا تمثل جيله.

ويضيف: "فقد شباب فلسطين الأمل في الطرق السياسية خلال الـ30 عاما الماضية".

لكن، هل يؤيد العنف بوصفه حلا؟

يقول مجاهد: "قوات الاحتلال تدخل هنا يوميا، وتقتل الفلسطينيين غيلة في وضح النهار، الاحتلال لا يفهم إلا لغة القوة".

  • ما الذي يريد أن يسمعه الشباب الفلسطيني في خطاب محمود عباس؟
  • غزة وإسرائيل: كيف تشعل مواقع التواصل الاجتماعي الجدل في أمريكا؟
  • حل الدولتين حلم يبتعد؟

صدر الصورة، Getty Images

التعليق على الصورة،

شباب الفلسطينيين بدأ يفقد الثقة في حل الدولتين.

مقياس احتدام الحراك السياسي

في غياب انتخابات عامة أو رئاسية، تعد الانتخابات الطلابية في الجامعات مقياسا لدرجة الحرارة السياسية. ويُنظر إلى جامعة بيرزيت في الضفة الغربية، وإلى انتخاباتها الطلابية على أنها انعكاس للمزاج السياسي في المناطق الفلسطينية.

ويبدو تغيير المشاعر واضحا هنا أيضا، فلطالما صمدت حركة فتح الطلابية، الجناح الشبابي للحزب المهيمن في السلطة الفلسطينية، في مواجهة الأحزاب الإسلامية المعارضة، التي تضم حركة حماس، المنافسة الرئيسية لفتح. لكن هذا تغير العام الماضي.

ويقول مصطفى، ممثل الطلاب عن حزب الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، الذي شارك أيضا في انتخابات 2022 الطلابية: "لقد كانت صدمة".

وعادة ما يكون الفارق بين حركتي فتح وحماس مقعدا أو مقعدين. لكن الفارق هذه المرة كان 10 مقاعد لحماس.

ويرى مراقبون أن في هذا الفوز الساحق وغير المسبوق لحركة حماس في هذه الانتخابات الطلابية احتجاجا على السلطة الفلسطينية، وهو إنجاز تكرر الشهر الماضي، وإن كان بأغلبية منخفضة قليلا.

ويتابع مصطفى: "بالطبع، لو أجريت انتخابات عامة فستحقق نفس النتائج التي حصلت في بيرزيت"، لأن الناس سئموا الطريقة التي تتعامل بها السلطة الفلسطينية مع الأمور، سواء كانت اعتقالات سياسية أم ضرائب، أم قتلا أم خنقا لحرية التعبير".

"ورقة التين"

أثار ذلك، بالنسبة إلى الكثيرين الذين نشأوا على ألا يؤخذ صوتهم في مستقبل الأراضي الفلسطينية، تساؤلات بشأن الهوية.

فما رأي مجد نصرالله، الذي يعمل في مؤسسة القطان، وهي منظمة مستقلة تعمل في مجال الثقافة والتعليم، ويقيم في مدينة رام الله بالضفة الغربية، لكنه ولد في بلدة تقع شمال إسرائيل؟.

التعليق على الصورة،

مجد نصر الله يقول إنه ليس جزءا من النظام الفلسطيني.

ويشكل المواطنون الفلسطينيون داخل إسرائيل 20 في المئة من السكان، ويفضل مجد، مثل الكثيرين في جيله، أن يُعرّف بأنه من فلسطينيي "48" - وهو مصطلح يصف الفلسطينيين الذين ظلوا في الأرض التي أصبحت إسرائيل بعد إنشائها في عام 1948. ويجد نفسه - نتيجة لذلك - مستبعدا من المجتمع الفلسطيني.

ويقول مجد: "أنا غير معترف بي بوصفي جزءا من النظام الفلسطيني في الضفة الغربية. ليس من المفترض أن أصوت في الانتخابات الفلسطينية. وليس من المفترض، في الواقع بحسب القانون الإسرائيلي، أن أكون هنا في رام الله".

ويحظر القانون الإسرائيلي على المواطنين في داخل إسرائيل السفر إلى المناطق الفلسطينية في الضفة الغربية لأسباب أمنية.

ولا يؤمن مجد أيضا، وهو لا يتمتع بصوت في العملية السياسية الفلسطينية، بحل الدولتين.

ويقول "حل الدولتين هو في الحقيقة جثة لمشروع سياسي يستخدم عادة باعتباره ورقة تين للقمع المستمر للفلسطينيين".

ويضيف إن "سألتني، فالأمر لا يتعلق بالدولة. ويمكن لطفل في الخامسة أن يلقي نظرة على الخريطة ويخبرك أن هذا لا يصلح."

مستقبل حل الدولتين سيظل موضع تساؤل إذا كان يرفضه الجيل الذي لديه أكبر قدر من المخاطر فيه بشكل متزايد باعتباره خيارا قابلا للتطبيق.

وسألت مجد عما يمكن أن يتخيله وما يأمل فيه.

فقال "كنت مدافعا لفترة طويلة عن حل يتمثل في دولة ديمقراطية واحدة تشمل إسرائيل والأراضي الفلسطينية. وعلى مدى العقد الماضي على الأقل، كانت هناك محاولات عديدة للتعبير عن استيائنا من الشكل الحالي للحكم، الذي يمارس قمعنا. وأستطيع أن أقول بصدق إن السلطة الفلسطينية لا تمثل صوت جيلي، ولا تمثل الفلسطينيين عموما".

ولم تستجب السلطة الفلسطينية لطلبنا عندما سألنها الرد على القضايا المثارة في هذا الموضوع.