فاغنر: كيف تسبب يفغيني بريغوجين قائد قوات فاغنر في الفوضى في روسيا؟

  • بول كيربي
  • بي بي سي نيوز

صدر الصورة، Concord Press Service

التعليق على الصورة،

قاد بريغوجين سلسلة من الهجمات المفتوحة المليئة بالشتائم على القادة العسكريين الكبار

ليلة عصيبة ونهار صيفي طويل شهدته روسيا، بعد أن شن زعيم المرتزقة الروسي يفغيني بريغوجين، تمرداً واضحاً، تجلى بإرساله قافلة مدرعة باتجاه موسكو، ما فتح باب تساؤلات حول مدى قوة قبضة فلاديمير بوتين على السلطة.

كما اتهم الرئيس الروسي حليفه السابق بالخيانة والشروع في تمرد مسلح ووصف المسيرة بأنها "طعنة في ظهر بلادنا".

ولكن بحلول نهاية يوم السبت، قام بريغوجين بوقف مخططه وأمر رجاله بالعودة إلى قواعدهم.

وأعلن "خلال 24 ساعة قطعنا مسافات طويلة حتى وصلنا إلى مسافة 200 كيلومتر من موسكو، في هذا الوقت لم تُرق قطرة واحدة من دماء مقاتلينا".

24 ساعة من الفوضى ولكن لا نعرف عن التفاصيل الكثير.

تخطى قصص مقترحة وواصل القراءة
قصص مقترحة
  • فاغنر: تحليلات وسخرية ونظريات مؤامرة هكذا يرى العرب ما يجري بين مرتزقة فاغنر وروسيا
  • روسيا وأوكرانيا: بي بي سي تتابع من خط المواجهة هجوم كييف على الخنادق الروسية
  • روسيا وأوكرانيا: القوات الأوكرانية تعلن تدمير مخزن كبير للذخيرة في منطقة خاضعة للسيطرة الروسية
  • فاغنر: بريغوجين قائد مجموعة المرتزقة يزعم السيطرة على المواقع العسكرية الروسية في روستوف

قصص مقترحة نهاية

هل يمكن أن تخاطر روسيا باستخدام أسلحة نووية في حربها على أوكرانيا؟

هل كان رئيس فاغنر يخطط لانقلاب؟

بكل إصرار، أكد بريغوجين أن هذه "مسيرة من أجل العدالة" وليست انقلاباً. ولكن مهما كانت الحقيقة، فقد انتهت هذه المسألة بسرعة كبيرة.

لعدة أشهر لعب بريغوجين ومسلحيه المرتزقة، دوراً حيوياً في الحملة العسكرية الروسية في أوكرانيا، حيث قام بتجنيد آلاف الأشخاص لمجموعته العسكرية الخاصة فاغنر، خاصة من بين السجناء المحكومين في روسيا.

ويخوض بريغوجين نزاعاً علنياً مع قادة الجيش الذين يديرون الحرب، لكن الخلاف تحول إلى تمرد مفتوح عندما سعوا لإخضاع قواته لهيكلة قيادتهم بحلول الأول من يوليو/تموز.

صدر الصورة، Reuters

التعليق على الصورة،

صورة قديمة ليفغيني بريغوجين مع المرتزقة في أوكرانيا

عبر مقاتلو فاغنر من شرق أوكرانيا المحتلة إلى مدينة روستوف أون دون الروسية الكبرى، ثم تحركوا على الطريق السريع الرئيسي عبر فورونيج في طريقهم إلى موسكو.

بدت وكأنها لحظة حاسمة في غزو روسيا لأوكرانيا المستمر منذ 16 شهراً، ولكن بينما توجهت قافلة فاغنر شمالاً نحو العاصمة، أعلن عن اتفاق، تم التوسط فيه بشكل غريب من قبل الزعيم البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو.

قليلون هم الذين يعتقدون أن القصة بهذه البساطة، ولكن إذا كان الكرملين على حق، فقد يكون هذا التمرد نهاية دور بريغوجين في الحرب وفي روسيا نفسها.

يتوجه بريغوجين إلى بيلاروسيا ولن يواجه اتهامات جنائية، وفقاً لما صرح به الكرملين، كما تم وعد مقاتليه بعفو عام. ولكن هل كانت العملية خالية من الدم؟ هذا غير واضح، حيث تم إسقاط مروحية عسكرية واحدة على الأقل.

وأما مسألة مكانة فلاديمير بوتين في هذا السياق فهي مسألة أخرى.

فاغنر ضد قادة الجيش الروسي

تخطى البودكاست وواصل القراءة
البودكاست

بودكاست أسبوعي يقدم قصصا إنسانية عن العالم العربي وشبابه.

الحلقات

البودكاست نهاية

لقد كان بريغوجين غاضباً وصاخباً طوال أشهر، ضد وزير الدفاع سيرغي شويغو، وقائد القوات المسلحة فاليري جيراسيموف، بشأن فشلهما في إمداد مرتزقته بالمعدات والذخيرة الكافية.

وعندما أيد الرئيس بوتين الموعد النهائي الذي حددته وزارة الدفاع لجميع المجموعات المرتزقة المقاتلة في أوكرانيا، لتوقيع عقود مع الوزارة، رفض بريغوجين ذلك، معتبراً ذلك تحدياً لنفوذه.

في خطاب طويل في 23 يونيو/حزيران، قال بريغوجين للشعب الروسي، إن مبرر الحرب بأكمله كان كذبة وعذراً فقط لـ "مجموعة صغيرة من الأوغاد" للترويج لأنفسهم وخداع الجمهور والرئيس.

ثم جاء تصعيد غير مسبوق وغير عادي في نزاعهم.

واتهم بريغوجين الجيش بشن هجوم مميت على رجاله في أوكرانيا، بينما نفى الجيش شن غارة ولم يكشف الفيديو الذي قدمه كدليل عن شيء.

في وقت متأخر من يوم الجمعة، أعلن عن انطلاق "مسيرته من أجل العدالة".

وصرح بريغوجين قائلاً: "يوجد 25 ألف مقاتل منا وسنعرف سبب وجود مثل هذه الفوضى في البلاد، وأدعو كل من يريد، أن ينضم إلينا".

وناشد الجنرال سيرغي سوروفكين، نائب قائد القوات الروسية في أوكرانيا، بريغوجين التراجع والخضوع لسلطة الرئيس بوتين.

ونقل بريغوجين قواته عبر الحدود إلى روستوف أون دون، بين عشية وضحاها، وادعى السيطرة على المقر العسكري من حيث تُدار الحرب على أوكرانيا، وأظهرت مقاطع فيديو رجاله في وسط المدينة لا يواجهون أي مقاومة على ما يبدو.

بحلول صباح السبت أعلن بريغوجين: "نحن داخل مقر عسكري"، وقال في وقت لاحق إن المدينة أخذت "بدون رصاصة".

ثم قامت خدمة الأمن الروسية (FSB) بفتح قضية جنائية، وتم وضع منطقة موسكو بأكملها في حالة تأهب بموجب نظام "عمليات مكافحة الإرهاب" الصارم، وكذلك في فورونيج الموجودة في منتصف الطريق على الطريق السريع M4 من روستوف.

خطاب بوتين المتلفز

في صباح يوم السبت، ألقى فلاديمير بوتين خطاباً مدته خمس دقائق على التلفزيون الحكومي ودعا إلى الوحدة.

"ما نواجهه هو بالضبط خيانة الوطن"، قال للأمة، دون أن يسمي حليفه السابق، وأضاف أن أولئك الذين يقفون وراء التمرد العسكري قد خانوا روسيا وسيحاسبون على ذلك.

وسرعان ما نفى بريغوجين خيانة بلاده، ثم ذهب إلى انتقاد الرئيس ووصفه بأنه "خاطئ للغاية".

حتى هذه اللحظة، لم يوجه بريغوجين غضبه بشكل مباشر إلى بوتين.

لكن إشاراته الساخرة إلى "الجد السعيد" اعتُبرت على نطاق واسع انتقادات غير مباشرة، في الشهر الماضي سأل كيف يمكن لروسيا أن تنتصر إذا تبين أن "هذا الجد هو مخبول بشكل كامل".

وسُرعان ما تم رصد أعمدة تتصاعد من مركبات فاغنر المدرعة، المتجهة عبر الطريق السريع في منطقة فورونيج وشمالها إلى ليبيتسك أيضاً.

واشتعل مستودع وقود "بواسطة ضربة جوية في فورونيج"، على الرغم من عدم وضوح السبب.

تحد لحكم بوتين؟

كان بريغوجين مصراً على أنه لم يتحدى الحرب الروسية في أوكرانيا، بل كان يتحدى فقط "المهرجون" المسؤولين عنها.

وأكد أيضاً أنه لا يشكك في قيادة الرئيس، على الرغم من تهديده بالتوجه نحو موسكو إذا لم يتم تلبية مطالبه العسكرية.

لعدة ساعات، بدا فلاديمير بوتين كزعيم فقد السيطرة على حالة تطورت بسرعة.

ثم، في مساء يوم السبت، جاءت كلمة من الزعيم البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو - حليف آخر وثيق للسيد بوتين - تحدثت عن وجود اتفاق.

سيغادر بريغوجين إلى بيلاروسيا ويتجنب اتهامات جنائية، وتم رؤيته في وقت لاحق وهو يغادر روستوف بسيارة.

وسيتمكن مقاتلو فاغنر من الإفلات من الملاحقة القضائية، ومن يرغب منهم يمكنه توقيع عقود مع وزارة الدفاع الروسية.

كيف أثر التمرد على مكانة بوتين؟

في ظاهر الأمر، يبدو أنه ضعيف، ويبدو أن بريغوجين هزمه وكأنه رئيس للبلاد، سادت الفوضى ليوم كامل.

واعتماده على زعيم بيلاروسيا لإنقاذ الموقف يبدو محرجاً، فقد كانت روسيا هي التي ساندت لوكاشينكو، عندما تسبب المحتجون في تعطيل البلاد في عام 2020، بعد انتخابات يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها مزورة.

وقالت الرئاسة الأوكرانية إن بوتين تعرض للإذلال.

ولكن هناك رأي آخر أيضاً، وهو أن الروس رأوا الآن البديل لرئاسة بوتين رغم أنه بدا لعدة ساعات وكأنه فوضى.

كما وجد الجيش طريقة للسيطرة على قوة قابلة للانفجار قوامها 25 ألف من المرتزقة. وما يزال يتعين تنفيذ ذلك، لكن زعيمهم المضطرب، يفغيني بريغوجين، خارج الصورة.