السعيد يكشف لـ”الأيام24″ الآليات الكفيلة بالحد من ظاهرة الغياب بالبرلمان


 

تطرح ظاهرة غياب البرلمانيين عن جلسات الغرفتين، عديد الأسئلة حول الجزاءات الواجب ترتيبها في حق المتغيبين من النواب والنائبات.

 

وكان نواب من المعارضة البرلمانية، الأسبوع الماضي، طالبوا باتخاذ إجراءات في حق البرلمانيين المتغيبين، عبر الكشف عن أسمائهم خلال الجلسات، وتنزيل عقوبات مالية في حقهم.

 

في هذا الصدد، قال أمين السعيد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله، إن “الغياب ظاهرة قديمة ارتبطت بالبرلمان منذ الولاية الأولى سنة 1963، وإلى حدود اليوم لم يستطع المشرع أن يخفف منها بالرغم من المجهودات التي بذلت على مستوى بعض المقتضيات المتضمنة بالأنظمة الداخلية لمجلسي البرلمان”.

 

وأكد السعيد في تصريح لـ”الأيام24″، أن “هذه الظاهرة تسيء لصورة البرلمان وتكرس الصورة السلبية المرسومة لدى الرأي العام والمجتمع بخصوص وظيفة النائب البرلماني”.

 

“في هذا الإطار، لابد أن نميز بين نقطيتين محوريتين”، يورد المتحدث، موضحا “الأولى، هي المتعلقة بالجانب المسطري والإجرائي والمعياري، فظاهرة الغياب متعلقة بانتهاك مقتضيات الفصل 69 من دستور 2011، الذي يحيل على ضرورة التزام أعضاء البرلمان بواجباتهم وأن النظام الداخلي سيتكفل بالضوابط المتعلقة بتنظيم كل ما يتعلق بواجبات أعضاء مجلسي البرلمان”.

 

وتابع: “عندما نعود إلى النظام الداخلي، لابد أن نميز بين شقين، هناك شق مرتبط بالغياب داخل اللجان الدائمة التي تمثل قلب العمل التشريعي والرقابي، وهناك شق مرتبط بالغياب المتعلق بالجلسة العامة”، مؤكدا أن “الأصل هو حضور النائب البرلماني ومواظبته ومشاركته وعدم تغيبه، ومن ثمة فالنظام الداخلي أجاز العذر على سبيل الاستثناء”.

 

ولخص أستاذ العلوم السياسية، الأعذار المقبولة للغياب في “خمسة استثناءات هي: إذا قدم النائب عذرا لكونه يشارك في مهمة رسمية في الدائرة الانتخابية، أو داخل أرض الوطن أو خارجه، أو شهادة مرضية أو رخصة المشاركة في الدورات المتعلقة بالجماعات الترابية أو الغرف المهنية”.

 

وأشار السعيد أنه إذا لم يكن هناك عذر مبرر، فإن المجلس من خلال النظام الداخلي يفعل آلية الجزاء، مبرزا أن “هناك 3 مستويات: الأول، من خلال تلاوة أسماء المتغيبين خلال بداية كل اجتماع لجنة، والثاني، من خلال الاقتطاع من التعويض بالنظر إلى عدد الأيام التي تغيب خلالها النائب البرلماني المعني، أيضا من خلال إعلان رئيس المجلس عن إسم المتغيب في الجلسة العامة، بالإضافة إلى نشر أسماء المتغيبين بالنشرة الداخلية والجريدة الرسمية والموقع الالكتروني للمجلس، وهذا الأمر لا يُفعّل في الحالة المغربية”.

 

وأردف المتحدث أن “الشق الثاني المتعلق بالغياب في الجلسة العامة، فإن رئيس المجلس ينبه النائب البرلماني الذي لا عذر له، كتابيا خلال المرة الأولى، وينبهه خلال المرة الثانية كتابيا كع تلاوة اسمه في افتتاح الجلسة العامة، ثم يقتطع من تعويضاته بحسب الأيام التي تغيب فيها، مع نشر هذا الإجراء في الجريدة الرسمية للبرلمان والنشرة الداخلية والموقع الالكتروني الرسمي للمجلس”.

 

في ذات السياق، قال السعيد إنه “حتى لو افترضنا، أن المجلس سيقوم بهذه الإجراءات، إلا أنها تبقى محدودة ولا يمكنها أن تخفف أو تطوق ظاهرة غياب البرلمانيين”، مشيرا أن “هناك إشكالا على مستوى الجانب التشريعي المتمثل في النظام الداخلي لأنه لمقارنة هذه المقتضيات مع المقتضيات المتعلقة بالجماعات الترابية، سنجد أن في هذه الأخيرة، طور المشرع الجزاءات، حيث نجد أنه في حالة الغياب لثلاث دورات متتالية، أو خمس دورات متقطعة يعتبر العضو مُقالا بقوة القانون”.

 

إلى ذلك، دعا السعيد، إلى “إعادة النظر في الجزاءات المتعلقة بالنظام الداخلي لمجلسي البرلمان”، مطالبا “القضاء الدستوري بتطوير تأويله وفلسفته لظاهرة الغياب، لأن القضاء الدستوري، حينما أحيلت عليه القوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات الترابية والتي تربط الغياب بالإقالة، فإنه أجاز دستوريتها، ولكن السؤال المطروح هو لماذا لم يجز دستورية إقالة العضو من مجلس النواب أو مجلس المستشارين وقدم لنا تبريرا يتعلق بأن الجزاءات لا يجب أن تمتد إلى إنهاء وظيفة التمثيل البرلماني”.

 

وبخصوص التلاعب بالتوقيعات أو بتسجيل الحضور، أكد المتحدث أنه “مرتبط بتغيير الحقيقة، من خلال محررات وأوراق رسمية، وهذا يقترب من تكييف جريمة التزوير، معتبرا أنه على المتضررين والمعنيين أن يحركوا هاته الوقائع لدى النيابة العامة، لأن هذا يتعلق بجريمة.

 

من جهة أخرى، طالب السعيد “الأحزاب السياسية بإعادة النظر في أنظمتها الأساسية وقوانينها الداخلية، وذلك من خلال سن إجراءات تأديبية وعرض البرلمانيين الذين يسيؤون لصورة الحزب لدى لجان تأديبية، وإصدار عقوبات تأديبية وأخرى بعدم منح هؤلاء التزكية خلال الولاية الانتدابية المقبلة”.

 

واعتبر السعيد أن “الأحزاب السياسية لا زالت سجينة بمقاربة براغماتية مرتبطة بأن التزكية تمنح للنواب القادرين على حصد مقعد برلماني مع تغييب المعيار المتعلق بالحضور والمثابرة والكفاءة والانضباط”، مشيرا أن “هناك جانبا سوسيولوجيا مؤثرا، لأنه إذا عدنا إلى دراسة سوسيولوجية النواب البرلمانيين المنبثقين عن انتخابات 8 شتنبر 2021، سنجد أن هناك فئة عريضة من رجال الأعمال والأعيان الذين لا يؤثر الاقتطاع من تعويضاتهم في سلوكهم من أجل تجنب الغياب”.

تاريخ الخبر: 2023-06-26 15:20:57
المصدر: الأيام 24 - المغرب
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 67%
الأهمية: 77%

آخر الأخبار حول العالم

نجاح باهر لمهرجان بني عمار زرهون في دورته ال13 - Culturedumaroc

المصدر: Culturedumaroc - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-10 03:24:44
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 63%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية