الحرب والحياة اللولبية


 

الحرب والحياة اللولبية

خالد فضل

في زمن الحرب ؛ وهو من أزمنة الاختبارات العسيرة لمنظومة القيم المدعاة في غيره ، تتكشف المواقف الحقيقية للأفراد والمجتمعات ،وخلال الحرب السودانية المستعرة منذ ما يقارب ستة الأشهر بين فريقي ما يسمى بالمكون العسكري السوداني ( القوات المسلحة / قوات الدعم السريع) تكشفت أوجه الحياة اللولبية حقا .

على المستوى الفردي والأسري ، تبدلت أوضاع تبدلا درامتيكيا ،من كان يقطن مستقرا مرتاح البال ، منعما وأسرته بمباهج الحياة الرغدة والخير الوفير ، بات في غمضة عين وانتباهتها نازحا في قرى وفرقان (عرب الجزيرة وبحر أبيض ) ،من تيسرت أموره المادية وامتلك المال الوفير وسلس له قياد تطبيق بنكك ، شوته نيران أجرة السكن الباهظة في مدني أو شندي ، وبات الرقم السواني المشهور (مليار) هو المطلوب شهريا لشقة مفروشة كيفما اتفق في حاضرة الجزيرة ، ومع ذلك فإنّ سكان الحلّال لم يقصروا أبدا مع النازحين الفارين إلى جزيرتهم أواخر رمضان المنصرم وحتى الآن ، إنهم يرفدونهم بالماء والطعام والحلوى والتمر ، وكلمات الترحاب فيما الجشع واستغلال الظروف لأقصى درجة هو ديدن الممارسة اليومية لأنشطة الحياة المختلفة ، وعلى ذلك قس بقية الممارسات اللولبية السودانية .

إنّ أقسى اللحظات أمام أغلبنا كسودانيين هي لحظات مواجهة الحقائق ، وتضرب حكوماتنا _ التي يغلب عليها الحكم العسكري _ الرقم القياسي في (اللولبة) إن جاز التعبير ، وبين ثنايا الحرب الدائرة الآن ملايين الشواهد ، فمنذ البدء من الحقائق أنّه لا توجد حكومة في السودان منذ إنقلاب الثنائي البرهان /حميدتي على السلطة المدنية الإنتقالية برئاسة د.عبدالله حمدوك في 25أكتوبر2021م هذه الحقيقة يتم المراوغة بشأنها بصورة فجة ،والناس لا يتوقفون ثيرا في كنه الأشياء ، فالحرب في حقيقتها هي حرب ضد الإنتقال الديمقراطي السلمي ،هي ممارسة معهودة من جانب تيار من السودانيين لديهم تنظيم لولبي ، يدعو باسم الله ودين الإسلام بينما جل ممارساتهم ضد أي قيمة نبيلة ، تنظيم شعاره (فلترق كل الدماء) كثير من السودانيين ما يزالون يغالطون أيهم أسبق البيضة أم الدجاجة من عجب !وفي أيام الديمقراطية الثالثة 86__1989م كانت خطوات تحقيق السلام وإنهاء الحرب الأهلية في الجنوب _السابق_ قد بدأت بالفعل ، فلما قرب أمل السلام طبّ على الحكم عسكر ذلك التنظيم اللئيم ليعلنوا (إنقاذ) البلاد من السلام المتوقع والزج بها في أتون حرب (الجهاد) ، ثم لما قرب موعد تداول الرئاسة بين العسكر والمدنيين في مجلس السيادة الإنتقالي ، ولكي لا يكتمل هيكل سلطة مدنية إنتقالية ، كان عسكر ذلك التنظيم بالمرصاد فجاءوا بانقلاب 25أكتوبر الذي أحدث الفراغ في القيادة والحكومة ، فلما تواطأت بعض القوى الثورية على وثيقة إتفاق ؛ وبدأ في الأفق بريق أمل جديدها هم يطبون مرّة أخرى عن طريق هدم المعبد على الجميع هذه المرة ، وبذريعة مجاربة أكبر مشروع انتهازي في حرب عبثية المنتصر فيها خاسر , هل فهمت حاجة عزيزي القارئ من هذه اللخابيط ,في السطر الفائت ؛ لكنها على العموم صفات وعبارات قالت بها قيادات الحرب الراهنة، ومن لولبية الحياة في السودان أن الدعم السريع (صاحب المواقف الوطنية والأدوار المهمة للبلاد) كما قال أحمد هرون ذات مرة وهو وحميدتي في كنف البشير , ها هو ذات الدعم وبمهامه الوطنية تلك يصير المليشيا المتمردة صاحبة المشروع الإنتهازي الذي تشكل في أبريل الماضي فقط !،

إن كانت لنا عقول علينا إعمالها، وإن كانت الرؤوس لحمل الطواقي والعمائم فابشري بطول سلامة يا حرب !

تاريخ الخبر: 2023-08-15 00:22:26
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 48%
الأهمية: 67%

آخر الأخبار حول العالم

بانجول.. افتتاح سفارة المملكة المغربية في غامبيا

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 00:26:34
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 63%

بانجول.. افتتاح سفارة المملكة المغربية في غامبيا

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 00:26:27
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 58%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية