أفادت تقارير، يوم الخميس، بإقدام الصين على بناء مدرج طيران على جزيرة تريتون المتنازع عليها مع فيتنام. فيما تدخل هذه الخطوة في إطار استمرار بكين في تعزيز وجودها في بحر الصين الجنوبي، عبر بناء قواعد عسكرية وتسليح جزر صناعية كثيرة.

ويمتد مهبط الطائرات الجديد على طول 630 متراً من شرق إلى غرب الجزيرة. وأشارت وسائل الإعلام الحكومية الصينية، في حديثها عن النشاط العسكري في جزيرة تريتون، بأن أفراداً من البحرية الصينية يتدربون ويزرعون المحاصيل في أثناء وجودهم هناك، كما "شيَّدت الصين مهبطاً للطائرات العمودية ومباني وملعب كرة سلة وميناءً لدعم البحرية".

وحسبما نشرت وكالة "أسوشييتد برس"، فإن صور الأقمار الصناعية تُظهر أن أعمال بناء المهبط بدأت شهر أغسطس/آب الجاري. ويعد هذا البناء أحدث منشأة صينية في بحر الصين الجنوبي، ويقع على بُعد نحو 160 كيلومتراً عن القاعدة الجوية الصينية في جزر برسيل.

وتَعدّ بكين بحر الصين الجنوبي بأكمله جزءاً من مياهها الإقليمية، وهو ما ترفضه جاراتها التسع المطلة على ذات البحر. وتسعى الصين إلى تعزيز وجودها العسكري في المنطقة، عبر بناء منشآت عسكرية على جزر البحر، وكذا بناء جزر صناعية وتسليحها لهذا الغرض.

قواعد وجزر صناعية

في مارس/آذار 2022، نشرت وكالة "أسوشييتد برس" تقريراً، نقلت فيه عن قائد عسكري أميركي كبير قوله إن الصين نجحت في التسليح بشكل كامل لثلاث جزر صناعية على الأقل، من بين العدد الكبير من الجزر التي بنتها في مياه بحر الصين الجنوبي.

وأوضح قائد القوات الأمريكية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ الأدميرال جون سي أكويلينو، في حديثه للوكالة، أن بكين سلّحت تلك الجزر بأنظمة صواريخ مضادة للسفن ومضادة للطائرات ومعدات ليزر وتشويش وطائرات حربية. وأردف المسؤول العسكري قائلاً: "على مدى السنوات العشرين الماضية، قامت جمهورية الصين الشعبية بأكبر حشد عسكري شهدناه منذ الحرب العالمية الثانية".

ومنذ عشرين عاماً، دأبت الصين على تعزيز وجودها العسكري في بحر الصين الجنوبي. وحسب مرصد "Asia Maritime Transparency Initiative"، المختص بتتبع التحركات العسكرية البحرية لدول آسيا، تملك الصين أكثر من 20 بؤرة عسكرية في أرخبيل باراسيل و7 في أرخبيل سبراتلي، كما تبسط سيادتها على جزيرة سكاربورو شول منذ عام 2012.

يضيف المرصد أنه منذ عام 2013، انخرطت الصين في أعمال تجريف غير مسبوقة وبناء جزر صناعية بالقرب من أرخبيل سبراتلي، التي أصبح مساحتها الآن تقدر بما يعادل 1300 هكتار من الأراضي الجديدة، إلى جانب التوسع الكبير في وجودها في جزر باراسيل.

في أكتوبر/تشرين الأول 2022، نجحت مصورة بوكالة "غيتي"، في التقاط صور لإحدى الجزر الصناعية الصينية، تُظهر تفاصيل واضحة عن منشآت جيش التحرير الشعبي الصيني في تلك المنطقة. وقال محللون إن تلك الصور كشفت عن وجود مخازن لمنصات إطلاق صواريخ كروز، ومنشآت أخرى يمكن استخدامها للتخزين والنشر السريع لصواريخ أرض-جو والمضادات البحرية.

هذا، ووفق ما نشرته وسائل إعلام مقرّبة من الحكومة الصينية، فإن بكين تنشر نحو 5000 جندي من مختلف الأسلحة في جزر بحر الصين الجنوبي، الطبيعية والصناعية منها.

كيف تواجه الولايات المتحدة هذا الوضع؟

وتُعرف منطقة بحر الصين الجنوبي احتدام التنافس بين كل الدول المتاخمة لها، لموقعها الاستراتيجي، الذي يمكّن المتحكم فيه من بسط نفوذه على 6 من أهم اقتصادات شرق آسيا المهمة. ووضع اليد على منطقة مزدحمة بخطوط النقل البحري.

وبالنسبة إلى الصين فإن المنطقة مهمة لحماية أمنها القومي، ولتأكيد ما تدّعيه من سيادة على جزيرة تايوان. هذا بالإضافة إلى احتياطيات طاقية كبيرة يحويها البحر، إذ أظهرت التنقيبات في منطقة ريد بانك (قرب سواحل الفلبين)، التي تعدها الفلبين جزءاً من مياهها الإقليمية، احتياطياً من النفط قُدِّر بـ165 مليون برميل، إضافةً إلى حقول غاز طبيعي تبلغ احتياطياتها 3.4 مليار متر مكعب.

وفي ظل المنافسة المحتدمة بينهما، تسعى الولايات المتحدة إلى كبح توسع الوجود العسكري الصيني في بحر الشمال، وذلك عبر تعزيز وجودها العسكري هناك. وكان آخر مظاهر هذا التعزيز الأمريكي، سماح الفلبين لواشنطن باستغلال أربع قواعد بحرية إضافية لها، واحدة منها على مشارف المياه الإقليمية لتايوان.

وخلال زيارة له للعاصمة مانيلا، مطلع فبراير/شباط الماضي، نجح وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، في عقد صفقة مع المسؤولين الفلبينيين، لاستغلال القواعد الأربع. وبموجبها، سترفع الولايات المتحدة وجودها العسكري في الفلبين إلى 9 قواعد عسكرية.

وعلّق المسؤولون الأمريكيون، وقتها، على هذا الاتفاق، بأنه "يدور حول العمل معاً على التحديات الأمنية المشتركة التي لها تأثير هنا في الفلبين وربما في المنطقة".

TRT عربي