نقاط الضعف في سوق سندات الخزانة لن تختفي


قبل ثلاثة أعوام، أدرك المستثمرون أن سوق سندات الخزانة الأمريكية القوية ليست دائما قوية كما تبدو. عندما ضربت صدمة كوفيد - 19 في مارس 2020، تذبذبت أسعار الفائدة الأمريكية على نحو أدى إلى خسائر فادحة تكبدتها صناديق التحوط التي راهنت رهانات خفية عالية الرفع المالي على سندات الخزانة، من خلال المشتقات واتفاقيات إعادة الشراء التي تستبدل السندات بالنقد.
تسببت موجة البيع الإجبارية التي تلت ذلك في توقف سوق سندات الخزانة بأكملها – حتى تدخل الاحتياطي الفيدرالي على نطاق قياسي. يا للألم.
وبالمضي قدما حتى 2023، ربما تعتقد أن مديري صناديق التحوط قد تعلموا الدرس.
في النهاية، ارتفعت أسعار الفائدة في الولايات المتحدة ارتفاعا حادا منذ 2020، ومن الممكن أن تتقلب مرة أخرى العام المقبل؛ خاصة أن ثلث إجمالي ديون الحكومة الأمريكية – نحو 7.6 تريليون دولار – تجب إعادة تمويلها في 2024، كما قال تورستن سلوك، محلل في شركة أبولو، في مذكرة للعملاء أخيرا.
فكر مرة أخرى. في الأسبوعين الماضيين، أصدر الفيدرالي الأمريكي تقريرا يشير إلى عودة ما يسمى "بالتداول على أساس فرق السعر" (الفرق بين سعر الأصل الفوري وسعر العقد الأجل للأصل نفسه) من صناديق التحوط.
وبعد تحليل البيانات الصادرة عن لجنة تداول العقود الآجلة للسلع، لاحظ اقتصاديون متخصصون فيها أن "اقتراض صناديق التحوط من اتفاقيات إعادة الشراء ارتفع بمقدار 120 مليار دولار في الفترة بين 4 أكتوبر 2022 و9 مايو 2023، وكان أعلى بدءا من 9 مايو 2023 مما كان عليه عند ذروته السابقة 2019".
نعم، لقد قرأت ذلك بشكل صحيح: يبدو أن اتخاذ مركز أصبح اليوم أكثر تطرفا مما كان عليه قبل كارثة الجائحة. وهذا، كما يشيرون، "يمثل نقطة ضعف في الاستقرار المالي، لأن التداول بشكل عام يعتمد على الرفع المالي بشكل كبير، وهو منكشف على التغيرات في هوامش العقود الآجلة والتغيرات في فروق اتفاقيات إعادة الشراء".
بعبارة واضحة: إذا تأرجحت أسعار الفائدة في الولايات المتحدة بشكل حاد، استعدوا للصدمات.
الأسبوع الماضي، أثار مجلس الاستقرار المالي أيضا بعض علامات الخطر. في تقرير جديد صدر قبل اجتماع مجموعة العشرين، يحذر من أن الرفع المالي بين "الوسطاء الماليين غير المصرفيين"، مثل صناديق التحوط والشركات الخاصة، تتزايد بطرق يصعب تتبعها، لأنها "مصطنعة" (أي قائمة على المشتقات).
يشعر مجلس الاستقرار المالي بالقلق إزاء ما هو أكثر من سندات الخزانة. جاء في التقرير أن "اضطرابات مارس 2020 سلطت الضوء على الحاجة إلى تعزيز مرونة الوسطاء الماليين غير المصرفيين" – قبل أن يوضح أن الرفع المالي المفرط يمكن أن يجعل النظام المالي عرضة "لمزيد من ضغوط السيولة" في حالة حدوث صدمة سيئة.
والآن أجرؤ على أن أقول: إن بعض الأشخاص العاديين – والسياسيين – قد ينزعجون من ذلك. إن صناديق التحوط مولعة بشكل سيئ بالرهانات الكبيرة. وإذا فشلت هذه الرهانات بطريقة تلحق الضرر بعملائها الأثرياء، فلن يذرف الدموع سوى عدد قليل من الناخبين. يشعر الناس بالشعور نفسه تجاه مجال الشركات الخاصة سريع التوسع.
لكن السبب الذي دفع مجلس الاستقرار المالي إلى دق أجراس الإنذار هو أن مارس 2020 أظهر كيف يمكن أن تنتشر موجات الصدمة الناجمة عن تداولات الوسطاء الماليين غير المصرفيين. والأمر المثير للقلق بشكل خاص في الوقت الحالي هو أن نقاط الضعف الهيكلية في سوق سندات الخزانة التي أدت إلى تفاقم صدمة تداول سندات الخزانة على أساس الفرق ليست قائمة فحسب – بل يمكن أن تزداد سوءا بالفعل.
على وجه الخصوص، بينما اعتادت البنوك أن تكون صانعة للسوق، حيث تساعد سندات الخزانة وقطاع إعادة الشراء في أوقات الأزمة، فإنها تراجعت عن ذلك الدور بعد تشديد التنظيم المالي في أعقاب أزمة 2008. ولا يقوم الوافدون الجدد، مثل مؤسسات التداول بالخوارزميات، بهذه الدور.
كتب داريل دوفي، أستاذ في جامعة ستانفورد، في بحث حديث أنه "منذ 2007، تقلص الحجم الإجمالي للميزانيات العمومية للمتداولين الأساسيين لكل دولار من سندات الخزانة المستحقة بمعامل يقارب الأربعة". ويحذر من أن النسبة قد تتدهور أكثر، مع ارتفاع إصدار الديون. هذه إحدى الإحصائيات الأكثر إثارة للدهشة التي رأيتها أخيرا.
أجرى الاحتياطي الفيدرالي تعديلات متواضعة على هيكل سوق اتفاقيات إعادة الشراء منذ 2020. لكن هذا المجال يفتقر إلى ذلك النوع من نظام المقاصة المركزي أو الدعم الحكومي الرسمي الذي يمكن أن يضمن حدوث التداول دائما في الأزمات.
لذا، من دون "الوسطاء القادرين على زيادة المعروض النقدي" (أي صناع السوق)، فإن الخطر قائم في أن يتعرقل عمل السوق مرة أخرى، كما لاحظ ليف ميناند وجوشوا يونجر، الأستاذان في كلية الحقوق في جامعة كولومبيا، في بحث مذهل آخر. وكتبا أنه بينما يفترض المستثمرون حتى الآن أن "سندات الخزانة تعادل النقد تقريبا" لأنه يمكنهم بيعها "بسرعة، وبتكلفة زهيدة، وعلى نطاق واسع" ـ وهو افتراض "منصوص عليه في القانون في كثير من الأماكن" ـ فإن هذا يبدو مغالطا على نحو متزايد.
هل هناك حل؟ هناك مقترحات متداولة كثيرة. يريد مجلس الاستقرار المالي تقارير أكثر حول الرفع المالي المصطنع من الوسطاء الماليين غير المصرفيين، والحذر أكثر من جانب المتداولين الأساسيين الذين يقدمون هذا الائتمان. يضغط غاري جينسلر، رئيس هيئة الأوراق المالية والبورصة، من أجل قدر أكبر من الرقابة على كبار اللاعبين في السوق ومزيد من المقاصة المركزية لعمليات إعادة الشراء وسندات الخزانة.
في الوقت نفسه، يذهب دافي إلى أبعد من ذلك.
إضافة إلى المقاصة المركزية، يشير إلى تعديلات على قواعد السيولة التي من شأنها تمكين المتداولين من الاحتفاظ بمزيد من سندات الخزانة، والتحركات لتمكين الفيدرالي من العمل باعتباره متداول الملاذ الأخير وتعزيز تقارير التداول.
هذه كلها أمور معقولة. ومع ذلك – مع الأسف – هناك رغبة سياسية ضئيلة في واشنطن (أو في أي مكان آخر) لتنفيذ هذه التغييرات الآن، ومن غير المرجح أن تتحقق ما لم تحدث صدمة أخرى.
لذا، إذا استمر الرفع المالي المصطنع من الصناديق في الارتفاع، فإن قلق الجهات التنظيمية سيتصاعد أيضا. هل يشعر أحد بأن هذا حدث مسبقا؟

تاريخ الخبر: 2023-09-13 03:23:19
المصدر: صحيفة الإقتصادية - السعودية
التصنيف: إقتصاد
مستوى الصحة: 36%
الأهمية: 48%

آخر الأخبار حول العالم

رواد مركبة الفضاء الصينية “شنتشو-17” يعودون إلى الأرض في 30 أبريل

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-29 09:25:17
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 60%

هجوم مسلح يخلف سبعة قتلى بالاكوادور

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-29 09:25:14
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 67%

الصين: “بي إم دبليو” تستثمر 2,8 مليار دولار اضافية شمال شرق البلد

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-29 09:25:11
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 58%

أمطار مصحوبة بعدد من الظواهر الجوية على جميع مناطق المملكة السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-04-29 09:24:07
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 50%

رصد 54 مخالفة في منشآت التدريب الأهلية في شهر مارس السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-04-29 09:24:06
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 65%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية