مخاطر الذكاء الاصطناعي تتطلب الاحتراس من المستشار القانوني الداخلي


مع تسابق الشركات لتبني أدوات الذكاء الاصطناعي، أصبحت المخاطر القانونية واحدة من أهم القضايا التي يتعين على المستشارين العامين التعامل معها. لكن المحامين يصرون على أن كثيرا من المبادئ القانونية - بدءا من خصوصية العميل إلى الدقة المطلقة - لا تزال قائمة في عصر الذكاء الاصطناعي.
وحتى وقت قريب، أبدى المحامون القليل من الاهتمام بالذكاء الاصطناعي. وأجرت شركة طومسون رويترز استطلاع رأي الأقسام القانونية للشركات عام 2017، ووجدت أن كثيرا من الأشخاص لم يكونوا على دراية بالبرنامج وليسوا مهتمين جدا بتجربته.
ومع ظهور برمجية شات جي بي تي، التي تم إطلاقها في نوفمبر الماضي، قامت الشركات بدمج أدوات الذكاء الاصطناعي في منتجاتها، ما أدى إلى الضغط على المحامين الداخليين لمواكبة كيفية عمل التكنولوجيا من أجل إدارة المشكلات المحتملة، في مجالات مثل الملكية الفكرية.
ورفعت شركة الوسائط المرئية جيتي إمجيز في يناير الماضي، دعوى قضائية لحقوق الطبع والنشر ضد ستيبلتي أيه آي، الشركة المصنعة لأداة مجانية لتوليد الصور، ما فتح آفاقا جديدة في النقاش حول قوانين الملكية الفكرية في عصر الذكاء الاصطناعي. وادعت شركة جيتي أن شركة ستيبلتي أيه أي "قامت بنسخ ومعالجة ملايين الصور المحمية بموجب حقوق الطبع والنشر بشكل غير قانوني"، لتدريب خوارزميات توليد الصور الخاصة بها.
واستجابة للمخاوف بشأن استخدام المواد المحمية بحقوق الطبع والنشر لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي دون موافقة أو تعويض، وعدت شركة التكنولوجيا الأمريكية العملاقة مايكروسوفت بدفع أي تكاليف قانونية للعملاء التجاريين الذين تتم مقاضاتهم لاستخدام الأدوات أو أي مخرجات يولدها برنامج الذكاء الاصطناعي الذي تنتجه.
كما تعتمد الفرق القانونية أدوات الذكاء الاصطناعي الخاصة بها. ففي وقت سابق من هذا العام، بدأت شركة المحاماة ألين أند أوفري في استخدام برنامج الدردشة الآلي الذي يعمل بالذكاء الاصطناعي لمساعدة محاميها على صياغة العقود. كما بدأ المحامون في شركة بي دبليو سي، وهي إحدى شركات المحاماة الأربع الكبرى، استخدام البرنامج نفسه.
لكن الجانب المظلم للذكاء الاصطناعي وجه ضربة للمجتمع القانوني هذا العام. وفي أحد الأمثلة التي أثارت سخرية واسعة النطاق حول مخاطر الذكاء الاصطناعي، استخدم أحد المحامين في نيويورك برمجية شات جي بي تي لإنشاء ملخص لإحدى القضايا. وعندما بدأ الدفاع بطرح الأسئلة، اكتشفوا أن الملخص يتضمن اقتباسات وآراء مختلقة. وأخبر المحامي، ستيفن شوارتز، القاضي أنه لم يكن يعلم أن برمجية شات جي بي تي قد تقوم بتلفيق قضايا كجزء من وظائفها.
وقد تكون مثل هذه العناوين الرئيسة تخيف المحامين وتمنعهم من استخدام التكنولوجيا. لقد سمع جميع المحامين تقريبا عن قضية نيويورك، حسبما توضح كاتي ديبورد، نائبة الرئيس في ديسكو، وهي شركة مقرها تكساس تبيع خدمات الذكاء الاصطناعي للمحامين.
وتقول ديبورد: "أظهرت هذه القصة أن هلوسات الذكاء الاصطناعي لا تزال تمثل تحديا حقيقيا، ويمكن للمؤسسات التخفيف من خطر اختراع الأدوات للحقائق عبر التأكد من أن التكنولوجيا التي تستخدمها تتيح لها التحقق بشكل مستقل من الإجابات التي تقدمها".
وتضيف: "إحدى أكبر المشكلات التي أراها في استخدام الذكاء الاصطناعي بصراحة فشل كثير من المؤسسات في استخدامه بشكل صحيح"، موضحة أن المستشارين العامين قد يضيعون فرصة توفير المال.
ويقول محامون إن الفهم الدقيق لكيفية استخدام شركاتهم للذكاء الاصطناعي أصبح خطوة أولى أساسية للمستشارين العامين. وتشير بالمينا فافا، شريكة في شركة فينسون أند إلكينز، إلى أن أحد الاعتبارات المهمة هو ما إذا كان استخدام الشركة للتكنولوجيا مشمولا بالتأمين. وتضيف: "محاولة الحصول على تأمين بعد حدوث مشكلة يمكن أن تكون أكثر تكلفة بكثير من اتخاذ إجراءات استباقية بشأن المخاطر".
وتقول فافا: "المستشار العام هو مسؤول المخاطر الاستراتيجية، لكن ما لم يفهم المستشار العام استراتيجية الشركة فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي فإنه لن يتمكن من تطوير العمليات والأطر الداخلية اللازمة لإدارة المخاطر".
ثم هناك المخاوف المتعلقة بالخصوصية، فمع برمجية شات جي بي تي، على سبيل المثال، من المرجح ألا تكون البيانات التي تدخلها والمخرجات الناتجة عن حل الذكاء الاصطناعي خاصة - كما يقول يارون دوري، شريك في شركة المحاماة الأمريكية كوفينجتون أند بيرلينج. سيتمكن مزود خدمة الذكاء الاصطناعي من الوصول إلى المدخلات "ولا يجوز منعه من استخدامها أو مشاركتها مع الآخرين".
ويؤكد دوري أنه إذا كانت الشركة تقع في قطاع شديد التنظيم فقد يكون من الضروري أن يكون استخدام التكنولوجيا محدودا "والاعتماد على الذكاء الاصطناعي لاتخاذ قرارات التوظيف أو الائتمان يمكن أن يكون محفوفا بالمخاطر، وربما ينطوي على قوانين مكافحة التمييز والإقراض العادل".
وكما توضح قضية برمجية شات جي بي تي في نيويورك، قد لا تكون المعلومات التي يولدها الذكاء الاصطناعي موثوقة. يقول مات تود، الشريك الإداري في شركة المحاماة بولسينيلي في هيوستن، والمتخصص في الذكاء الاصطناعي: "ربما تكون الدقة المشكلة الأكثر صعوبة"، عندما يتعلق الأمر بالذكاء الاصطناعي المؤسسي الذي يتفاعل مع الجمهور "يصبح الواجب هو ضمان وجود الأطر المناسبة والإشراف البشري".
وعلى المدى الطويل، ستضيف اللوائح التنظيمية تعقيدات إلى المخاطر القانونية حيث يعمل الاتحاد الأوروبي بالفعل على تطوير ما يمكن أن يكون النظام الأكثر تقييدا في العالم فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي. وفي 13 سبتمبر، عقد زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ الأمريكي، تشاك شومر، منتدى مع إيلون ماسك ومارك زوكربيرج من بين آخرين، لإثارة أسئلة حول اللوائح التنظيمية المحتمل تطويرها.
"إننا بحاجة إلى جعل لجاننا تعمل على أجزاء مختلفة من التشريع"، كما قال شومر في الاجتماع، لأن "عدم التصرف هو أمر نريد تجنبه".
لكن اللوائح الفيدرالية الأمريكية لا تزال بعيدة عن التنفيذ - هذا إذا أصبحت واقعا على الإطلاق.
يقول دوري: "أحد مخاوفي أنه - كما حدث مع خصوصية البيانات - سيفشل الكونجرس في التحرك وستقوم الولايات بسد الفجوة بقوانينها الخاصة، ما يؤدي إلى خليط من متطلبات الذكاء الاصطناعي التي من شأنها أن تجعل من الصعب على الشركات معرفة المتطلبات ويكون الالتزام بها أكثر تكلفة وتعقيدا".
ويرى تود أنه في الوقت الحالي قد لا تستحق الضجة حول الذكاء الاصطناعي كل هذا العناء، مضيفا: "يوجد اعتقاد شائع بأن هذه الأدوات تمثل نوعا من السحر التكنولوجي الذي من شأنه أن "يغير كل شيء فيما يتعلق بالطريقة التي نعمل بها جميعا"، موضحا أنه تلقى أخيرا مسودة اتفاقية "أشك بقوة في أنه تم إنشاؤها بوساطة أداة ذكاء اصطناعي توليدي ولم تكن تلك المسودة مفيدة على الإطلاق".
ويضيف: "في مجمل الأمر، هذه شكوى بسيطة لكنها تساعد على توضيح القيود الحالية لهذه الأنظمة".

تاريخ الخبر: 2023-09-28 03:23:23
المصدر: صحيفة الإقتصادية - السعودية
التصنيف: إقتصاد
مستوى الصحة: 38%
الأهمية: 38%

آخر الأخبار حول العالم

رئيس الحكومة يستقبل المدير العام لمنظمة العمل الدولية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-07 21:26:05
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 65%

منتخب مصر يطلب تأجيل مباراة غينيا بيساو بتصفيات المونديال

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-07 21:26:19
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 51%

المغرب يتهم “أمنستي” بخدمة أجندات معادية لوحدته الترابية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-07 21:26:33
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 60%

منتخب مصر يطلب تأجيل مباراة غينيا بيساو بتصفيات المونديال

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-07 21:26:24
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 56%

المغرب يتهم “أمنستي” بخدمة أجندات معادية لوحدته الترابية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-07 21:26:27
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 50%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية