كشف الدكتور أيمن الأيوبي، استشاري جراحة العيون في مدينة الملك فهد الطبية بالرياض أن مرض العين الدرقي يسبب تأثيرات هائلة على جودة حياة المرضى وصحتهم النفسية. وأدناه نص الحوار الصحفي الكامل:

-هل يمكن أن تحدثنا أكثر عن مرض العين الدرقي في المملكة العربية السعودية؟

تشير التقديرات إلى أن مرض العين الدرقي (مرض العين المرتبط بالغدة الدرقية) يصيب ما بين 155 إلى 250 شخصاً من أصل كل 100 ألف من إجمالي سكان العالم. حالياً، لا توجد بيانات محلية أو إقليمية حول مدى انتشار مرض العين الدرقي والإصابة به. ما نعرفه حالياً هو أن حوالي 48% من المصابين بمرض جريفز في الشرق الأوسط سيصابون بمرض العين الدرقي، وفقاً لدراسة نشرت عام 2020.

-من واقع تجربتك، ما هو تأثير هذا المرض على جودة حياة المرضى؟

بحسب ما رأيته، يعاني المرضى المصابون بمرض العين الدرقي من أعراض جسدية تؤثر سلباً على جودة حياتهم وثقتهم بأنفسهم. وقد كشفت نتيجة استطلاع أن 52% من المصابين بمرض العين الدرقي عانوا من فقدان الثقة بالنفس بسبب التغيرات في مظهرهم. فمرض العين الدرقي يترك تأثيرات حادة على المرضى ويعاني كثيرون منهم من أعباء وظيفية ونفسية واقتصادية طويلة الأمد، وذلك بسبب انخفاض القدرة على العمل وأداء الأنشطة والأعمال اليومية.

ولأنّ مرض العين الدرقي من الأمراض التي تتفاقم بشكل تدريجي، فمن المرجح أن يعاني المرضى من تأثيرات نفسية إضافية أثناء مرضهم. لذا أود أن أدعو مزوّدي الرعاية إلى الانتباه لمدى تأثير هذه الحالة على هؤلاء المرضى- فالرؤية المزدوجة المصاحبة للمرض وتشوه الوجه والألم هي عوامل تضيف بشكل كبير إلى معاناتهم وإحباطهم، مما قد يعيق سير حياتهم اليومية. ومع استمرار مرض العين الدرقي في التأثير سلباً على العمل والعلاقات والثقة بالنفس، غالباً ما نلاحظ انعزال المرضى وانقطاعهم عن التفاعلات الاجتماعية. بالإضافة إلى ذلك، وبحسب نتائج الاستطلاع، يعاني 42% من المرضى من أحد أنواع اضطرابات القلق/الاكتئاب.

وأنا كطبيب يعمل مع حالات مرض العين الدرقي، لا يمكنني أن أشدد بما فيه الكفاية على الفرق العميق الذي يمكن أن يحدثه وجود منظومة دعم قوية ومساندة الأقران الذين يعانون من نفس المرض ويعرفون جيداً أعراضه وتطوره. كما يساعد التشخيص المبكر والمراقبة النشطة لاتخاذ الإجراء الطبي الأمثل في الإدارة الفعالة للمرض.

- ما هي أبرز التحديات الحالية للمريض وما هي صعوبات علاج هذا المرض؟

بنظري يوجد تحديان رئيسيان عندما يتعلق الأمر بمريض "العين الدرقي" ومشهد علاجه في المملكة العربية السعودية، أولاً، بما أن مرض العين الدرقي هو من أمراض العين النادرة، فإن الوعي محدود حوله بين السكان، ما قد يعيق مساعي التشخيص المبكر والتدخل الطبي.

ثانياً، تتشابه أعراض مرض العين الدرقي في المرحلة المبكرة مع أعراض أمراض العين الأخرى مثل جفاف العين والتهاب الملتحمة وأمراض العين التحسسية. لذلك، من المهم أن يقوم المرضى بزيارة أخصائي لديه خبرة كافية في العمل مع مرض العين الدرقي. ومن الضروري تزويد المرضى بالموارد والمعلومات الصحيحة لاتخاذ قرار مدروس فيما يتعلق بأطبائهم وعلاجاتهم.

- من وجهة نظر مزودي الرعاية الصحية والقطاع بصورة عامة، ما الذي يجب القيام به برأيك لمساعدة هؤلاء المرضى؟

من واقع خبرتي في العمل مع هؤلاء المرضى، أعتقد أن هناك بعض الأشياء التي يمكننا القيام بها كأخصائيين في مجال الرعاية الصحية وكقطاع صحي أيضاً للمساعدة في تسهيل رحلة علاج المريض. أولاً، أعتقد أن التحوّل إلى شريك موثوق في مجال الرعاية الصحية والوصول إلى مستوى احترافي من راحة المريض أمر مهم. وفي كثير من الأحيان، يميل المرضى إلى الانسحاب من العلاقات الاجتماعية ومع تقدم المرض، يمكن أن يعاني من القلق/الاكتئاب أيضاً. وفي هذه الأوقات، من الضروري بناء علاقة مع المريض لكي يثق بسهولة بنصائحك الطبية ويلتزم أكثر ببروتوكولات العلاج. من منظور القطاع الصحي، من الضروري إنشاء سياسات ولوائح تنظيمية تعزز جهود البحث والتطوير، وتتيح الوصول إلى علاجات جديدة للمرض. وأخيراً، أرى بأنه يمكننا كمتخصصين في الرعاية الصحية يتمتعون بالمهارات والمعرفة المناسبة، أن نساند المرضى ومقدمي الرعاية من حولهم ليكونوا أكثر قدرة على المساهمة ولعب دور أكبر في رحلة العلاج.

- كيف يمكن للأصدقاء وأفراد الأسرة دعم المرضى الذين يعانون من هذه الحالة؟

كما ذكرنا من قبل، فإن مرض العين الدرقي يترك أعباءه على جوانب متعددة من حياة هؤلاء المرضى. ولأن الأعراض تعيق الأنشطة اليومية، فمن الطبيعي جداً أن يشعر المرضى بالإحباط، وأن يصبحوا أكثر انعزالاً، وغالباً ما يعانون من درجات معينة من القلق والاكتئاب. ورغم أنه من غير الممكن لأي أحد أن يفهم الآثار المترتبة على هذا المرض إن لم يكن مصاباً به، فإنني أشجع مقدمي الرعاية على معرفة المزيد عن مرض العين الدرقي وتأثيره على حياة المرضى. فمن الضروري تزويد المرضى بالدعم المناسب نفسياً وكذلك طبياً- مثل ملاحظة التغيرات في السلوكيات التي تشير إلى تدهور الصحة النفسية أو أي تغيرات في المظهر الجسدي قد تشير إلى تفاقم المرض.

- ما هي النصيحة التي تقدمها لمقدمي الرعاية والمرضى الذين يعانون من أمراض العين النادرة؟

تحدّث إلى أطبائك، واقرأ المعلومات المتاحة عبر القنوات الموثوقة حصراً، وابق على اطلاع بأحدث الأبحاث. كلما فهمت المرض أكثر، زادت قدرتك على المساهمة والتعاون مع الأطباء لتصميم رحلتك العلاجية.

وكذلك يسهم مقدمو الرعاية بدور كبير في الحفاظ على معنويات المرضى، وملاحظة علامات تفاقم المرض، وفي بعض الأحيان يكون هؤلاء بمثابة صوت العقل والمنطق. نصيحتي الأولى هي الحصول على المعلومات بشكل دائم والتثقيف والتمكين.