أمام لجنة مدونة الأسرة.. حنان رحاب تستعرض منطلقات ومقترحات النساء الاتحاديات


قالت حنان رحاب، رئيسة منظمة النساء الاتحاديات، إن "المنظمة والتي هي جزء من الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وبالتالي فإننا نمتح من مرجعية واضحة، واضحة في أفقها التقدمي الحداثي، وواضحة في بعدها الاجتماعي الديموقراطي، وواضحة في إيمانها بالإنسية المغربية التي اغتنت طوال مسارها التاريخي، بروافد ثقافية عديدة، جعلتنا ما نحن عليه اليوم، وانطلاقا من كل ذلك، فإننا نشدد فيما يخص التعديلات المرتقبة على مدونة الأسرة على مجموعة من المنطلقات".

"لا أحد يمتلك حق الحديث باسم الدين"

وأضافت في كلمتها أمام أمام اللجنة المكلفة باعادة النظر في مدونة الاسرة يومه الجمعة 23 نونبر 2023، أن المنطلق الأول، يثمثل في "خصوصية مدونة الأسرة في بلد مثل المغرب، تنبع من التماس مع العديد من النصوص الشرعية، ومن الأحكام الفقهية، فالنصوص من حيث الدلالة تتراوح بين القطعي والظني، أما الأحكام الفقهية فهي برغم ثرائها تظل جهدا بشريا في ترجمة النص إلى قواعد قانونية، ولذلك فإننا نعتبر أننا محظوظون بوجود مؤسسة إمارة المؤمنين، التي نعتبرها ضمانة في حفظ أحكام الدين ومقاصد الشرع، ولا نجد أبلغ من قول الملك محمد السادس: إني لن أحل حراما، ولن أحرم حلالا، وبالتالي فإن الاختلاف فيما قد يكون موضع تماس مع النصوص الدينية، يجب أن نرده إلى هذه المؤسسة، وعليه فلا أحد يمتلك حق الحديث باسم الدين، أو الادعاء أنه سيدافع عنه في وجه من يتوهم أو يوهم المجتمع أنهم يحملون أجندات معادية له، ومن هذا المنطلق فإن ما يمكن أن نقوله أو نقترحه، وما يمكن أن يقوله أو يقترحه تيار أو حساسية ما، يظل في المحصلة الأخيرة نسبيا".
الإنسجام

وأوضحت أن "المنطلق الثاني، هو نعتقد أن من بين أساسيات الدولة الحديثة هو انسجام قوانينها، وبالتالي لا يجب أن يتمتع أي نص أو مدونة قانونيين بأي شكل من أشكال الاستثناء، وعليه فإننا نعتبر أن الدستور هو أسمى قانون بالبلد، وعليه فإنه يجب مواءمة كل نصوص المدونة وأبوابها، وحتى الصيغ اللغوية المعتمدة فيها مع أحكام الدستور ومبادئه، وبالتبعية كذلك مع الاتفاقيات الكونية لحقوق الإنسان التي صادق عليها، التي هي بموجب الدستور تعتبر جزء لا يتجزأ من القانون الوطني الملزم".

صراع وهمي

وذكرت أن "المنطلق الثالث: إن التعديلات المرتقبة، والنقاشات والمقترحات بخصوصها يجب أن تبتعد عن أي شكل من أشكال الاستقطاب، سواء الإيديولوجي كما حدث للأسف أثناء عرض الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية، أو على أساس صراع وهمي بين الرجال والنساء، إذ إن الأفق الذي نطمح له، هو مدونة في صالح الأسرة المغربية، بمختلف تعبيراتها، والتي يجب أن تساهم في الاستقرار والتوازن الأسريين.

المنطلق البيداغوجي

وأشار إلى أن المنطلق الرابع، هو منطلق نعتبره مغيبا في كثير من نقاشاتنا، وهو المنطلق البيداغوجي، ونقصد به أن القانون لا يجب أن يعكس مستوى وعي المجتمع، بل أن يساعد هذا المجتمع على التطور والتحرر، فلا يمكن أن نقبل باستمرار بعض المظاهر المنافية لحقوق الإنسان، وخاصة حقوق النساء والأطفال، بمبرر أنها أعراف اجتماعية، فإذا كانت بعض مناطق البلاد على سبيل المثال تشرعن زواج القاصرات، وتعتبره موروثا، رغم ما ينجم عنه من مآس، فإن قانونا يمنع زواج القاصرات، ويجرمه، ويوقع عقوبات صارمة على من يسهل، سيساعد مع مرور الوقت على تغيير العقليات التي كانت تقبل به".

صياغة واضحة

وأبرزت أن "المنطلق الخامس: إن من بين العيوب التي رافقت المدونة الحالية، هو وجود أحكام قضائية متناقضة لنفس النازلة، والأمر لا يرتبط في رأينا بنزاهة القضاة من عدمها، بل بما تتيحه الكثير من مواد المدونة من إمكانات تأويلية كثيرة، الأمر الذي أدى إلى توسع السلطة التقديرية للقضاة، وفي النهاية أصبح الحكم رهين قناعات القاضي الشخصية الفلسفية والفكرية والفقهية، وعليه فإن التعديلات المرتقبة يجب أن تكون صياغتها واضحة تقلص من سلطة التأويل لصالح سلطة النص في دلالته المباشرة الأولية الواضحة".

إثبات النسب

وسردت أنه "من بين القضايا الملحة تلك المتعلقة بإثبات النسب، فلم يعد مقبولا في بلد يعتبر الإسلام دينا رسميا للدولة، أن يستمر اعتبار الخبرة الجينية للاستئناس فقط، فالإسلام دين العقل، وهو كذلك دين العدل، ولا نرى أي وسيلة أضمن لعدم اختلاط الأنساب كما تصطلح على ذلك المدونة الفقهية من الخبرة الجينية، وبالتالي يجب اعتمادها مصدرا وحيدا لإثبات النسب، إلى جانب إقرار الأب المفترض بالبنوة".

وتابعت: "يجب أن يترتب على ذلك اعتبار الأبناء المزدادين من علاقة خارج إطار الزواج الشرعي، يتمتعون بكل حقوق الأبناء المزدادين في إطار مؤسسة الزواج، انطلاقا من القاعدة الربانية الكبرى: لا تزر وازرة وزر أخرى، وأن يتم بحكم هذا المقتضى حذف أي إجراءات تمييزية قد تلحق ضررا نفسيا أو قانونيا أو ماديا بهؤلاء الأبناء".

النفقة مشتركة

وشددت على أنه "لا يمكن كذلك القبول باستمرار عدم تثمين العمل المنزلي عند احتساب الممتلكات المتحصلة أثناء الزواج، وعليه فإذا كانت مسؤولية رعاية الأبناء مسؤولية مشتركة بين الأب والأم، فإننا نرى أنه حتى مسؤولية الإنفاق يجب أن تكون مشتركة إذا كان كلا الطرفين لهما مداخيل شخصية، وهو ما يجب أن ينسحب حتى على النفقة بعد إيقاع الطلاق، بحيث يجب تقدير النفقة على حسب احتياجات الأبناء وإمكانات كل من الأب والأم، لأننا في منظمة النساء الاتحاديات نرفض هذا التناقض بين رفع مطالب حقوقية تنبع من قيمة المساواة، وفي الآن نفسه القبول بمقتضيات أخرى لا علاقة لها بهذه القيمة".

واقترحت أن "يكون أداء النفقة يمر حصريا عبر صندوق يحدث لهذا الغرض، بحيث يستلم الحاضن مستحقاته من خلاله عبر بطاقة سحب، وهذا الصندوق نقترح أن يكون تمويله مما يودعه من استحق النفقة عليهم، وكذلك من تمويل من طرف الدولة، بحيث إذا عجز من عليه النفقة الأداء لسبب من الأسباب، يستطيع الحاضن الاستمرار في الحصول على النفقة لمدة ثلاثة اشهر، على أن يسوي دافع النفقة ما استحق عليه لاحقا، وبهذا نضمن انسيابية النفقة من جهة، ونقلل من القضايا المرفوعة أمام المحاكم بخصوص النفقة".

ولاية الأم على الأبناء

وعلاقة بما سبق، أثارت موضوع "الولاية على الأبناء بعد الطلاق، إذ لم يعد مقبولا أن تبقى حصرا بيد الأب، فقد أبانت التجربة أن الأبناء يكونون ضحايا هذا الإجراء، وبالتالي يجب أن تكون الولاية مشتركة بين الأم والأب، بل إنه لا يجب حرمان الحاضن منها، لأنه الحاضن والحاضنة هو الذي يقوم عادة بالإجراءات المتعلقة بدراسة الأبناء، أو وثائقهم الإدارية وغيرها من المعاملات، ولا يجب أن تسقط الولاية إلا بحكم قضائي يستند على الإخلال بمقتضياتها وواجباتها".

مسطرة الصلح

ولفتت إلى أنه "إذا كانت المدونة الحالية قد أنصفت النساء جزئيا فيما يخص الطلاق، الذي كان في زمن مدونة الأحوال الشخصية حكرا على الرجل يوقعه متى يشاء، وأحيانا بدون علم الزوجة، فإن لقاءاتنا على هامش جلسات الإنصات والتعارف بخصوص إصلاح المدونة، قد كشفت لنا أنه في العديد من الحالات لا يكون هناك تفعيل حقيقي لمسطرة الصلح، مما يجعل كثيرا من حالات الطلاق تكون لأسباب كان بالإمكان التحكم فيها، ونظرا لارتفاع معدلات الطلاق بشكل مخيف، ينعكس سلبا على مصلحة الأبناء، وعلى ضرورة بناء مجتمع صلب ومتضامن ومتماسك، فإننا نقترح تحويل مسطرة الصلح إلى مؤسسة قائمة بذاتهاـ بحيث تحدث خلايا في كل المحاكم الاجتماعية، ويتم توظيف مختصين نفسانيين واجتماعيين ومرشدين دينيين، وتكون مهمة اللجنة والخلايا دراسة طلبات الطلاق المقدمة من طرف القضاة، ومحاولة إجراء عمليات الصلح، ومرافقة الأزواج إذا نجح الصلح، ولا يتم إيقاع الطلاق إلا إذا كان الضرر جسيما، أو بتقرير من الخلية يثبت استحالة الصلح".

وأكدت أن "هذا المطلب يجد مبرره في الأرقام المتصاعدة لحالات الطلاق، الناجمة في أحيان كثيرة عن تحول مسطرة الصلح إلى إجراء شكلي فقط، وكثيرة هي الحالات التي تم الاستجابة فيها لطلبات الطلاق، في حين كان بالإمكان إنقاذ العلاقة الزوجية والأسرية، بسبب أن المشكل كان عابرا".

الأم الحاضن وبيت الزوجية

وأشارت إلى أنه "مما يجب الحسم فيه بوضوح تام، لا يجوز تحت أي ظرف كان طرد أو إخلاء الأم الحاضن من بيت الزوجية، ذلك البيت الذي يجب أن يتم التنصيص على أنه من حق الأبناء حتى يصلوا سن الرشد، أما إذا كانوا في وضعية إعاقة، فإن أولوية الإقامة فيه لهم".

الإرث

وفي قضايا الإرث، اعتبرت أن "بعض أحكامه لا تستند على نصوص دينية قطعية الثبوت، وقطعية الدلالة، بل هي من الظنيات، وهي اجتهادات بشرية اكتسبت بمرور الزمن رغم تغير السياقات ما يشبه الإطلاقية، ولذلك ينبغي إعادة النظر في بعضها بما ينسجم مع روح الإسلام وسياقات العصر وغايات الإنصاف، وعلى رأس تلك الأحكام ما ارتبط بالتعصيب، والتي تنطوي على ظلم في حق زوجة المتوفى وبناته في حال لم يكن لهن له ولد، وهو ظلم لا يمكن قبوله بمسوغ ديني ضعيف، ولا بمنطق حقوقي، ولا حتى بمبادئ الأخلاق والفضيلة والمروءة".

الفصل 400

ولم تنس التذكير بضرورة "إلغاء الفصل 400 من المدونة الحالية، الذي يسمح في النوازل التي ليس لها نص في المدونة، بإعمال ما يقتضيه الفقه المالكي إجمالا ودون تقييد، وإذا كنا نعتبر أن المذهب المالكي هو واحد من مكونات التدين المغربي، وبأن به من المرونة في أصوله الفكرية ما يسمح باجتهادات تراعي السياقات زمانا ومكانا، فإن المدونة الفقهية أيا كانت مرجعيتها المذهبية تظل فعلا بشريا مشروطا بالظروف التي أنتجته، وهو ما ينطبق كذلك على الفقه المالكي الذي نجد في بعض اجتهادات فقهائه المبثوثة في المراجع المعتمدة عند المالكية ما يتعارض مع روح المدونة والغاية منها، بل ما يتعارض مع الرؤية الوسطية الاعتدالية لإمارة المؤمنين، ولذلك نفصل بين أصول الفقه المالكي، وما اغتنت به من مدرسة المقاصد الشرعية، وبين أحكام الفقه المالكي التي تحتاج الكثير منها للمراجعة على ضوء الأصول والمقاصد، وللأسف، فإن الممارسة أثبتت أن هذا الفصل أصبح بمثابة مدونة مستقلة عن المدونة الأصلية، إذ يتم اللجوء إليه لتبرير أحكام تسمح بإعادة إنتاج أعراف لا تقبلها غايات الإنصاف والعدل".

تاريخ الخبر: 2023-11-29 12:14:59
المصدر: تيل كيل عربي - المغرب
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 51%
الأهمية: 50%

آخر الأخبار حول العالم

سكوري : المغرب استطاع بناء نموذج للحوار الاجتماعي حظي بإشادة دولية

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-30 00:25:27
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 68%

تحديات تواجه نستله.. لهذا تقرر سحب مياه “البيرييه” من الاسواق

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-30 00:25:39
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 62%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية