سكان شمال غزة يقتاتون على علف الحيوانات

صدر الصورة، Reuters

التعليق على الصورة،

الأنابيب التي توصل المياه إما دمرت أو أتلفت

  • Author, لوسي ويليامسون
  • Role, بي بي سي نيوز- القدس

قال سكان يعيشون في شمال غزة المعزول لبي بي سي إن "الأطفال يبقون بدون طعام لأيام عدة، حيث يزداد ويتواصل منع وصول المساعدات إلى المنطقة".

ولجأ بعض السكان إلى طحن علف الحيوانات للحصول على دقيق للبقاء على قيد الحياة، لكن حتى مخزونات تلك الحبوب تتضاءل الآن ، كما يقولون. وتحدث الناس عن حفرهم في التربة للوصول إلى أنابيب المياه للحصول على احتياجاتهم للشرب والغسيل.

وحذرت الأمم المتحدة من أن سوء التغذية الحاد بين الأطفال الصغار في الشمال قد ارتفع بشكل حاد، وهو الآن أعلى من النسبة الحرجة البالغة 15٪.

ويقول مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، إن أكثر من نصف شحنات المساعدات إلى شمال غزة منعت من الوصول الشهر الماضي، وأن هناك تدخلا متزايدا من القوات الإسرائيلية في كيفية ومكان تسليم المساعدات.

ويضيف بأن ما يقدر بـ300 ألف شخص يعيشون في المناطق الشمالية محرومون إلى حد كبير من الحصول على المساعدات، ويواجهون خطر المجاعة المتزايد.

وقال متحدث باسم الوكالة العسكرية الإسرائيلية المكلفة بتنسيق وصول المساعدات في غزة في مؤتمر صحفي الشهر الماضي إنه "لا يوجد مجاعة في غزة".. وكررت الوكالة القول إن "الجيش لا يحد من حجم المساعدات الإنسانية المرسلة إلى غزة".

وتحدثت بي بي سي إلى ثلاثة أشخاص يعيشون في مدينة غزة وبيت لاهيا، وشاهدت لقطات ومقابلات صورها صحفيون محليون في جباليا.

تخطى يستحق الانتباه وواصل القراءة

شرح معمق لقصة بارزة من أخباراليوم، لمساعدتك على فهم أهم الأحداث حولك وأثرها على حياتك

الحلقات

يستحق الانتباه نهاية

من بين من تحدثت إليهم بي بي سي المواطن محمود شلبي، وهو عامل إغاثة طبي في بيت لاهيا، يقول إن الناس كانوا يطحنون الحبوب المستخدمة في علف الحيوانات ويحولونها إلى دقيق، لكن حتى هذه الحبوب بدأت تنفد الآن.

و أضاف" الناس لا يجدون الأعلاف في السوق، أصبحت غير متوفرة في الوقت الحاضر في مدينة غزة وشمالها" ويضيف "مخزونات الأغذية المعلبة تختفي كذلك".

"ما كنا نملكه، يعود إلى أيام الهدنة - في نوفمبر / تشرين الثاني الماضي - وأيا كانت المساعدات المسموح بها في شمال غزة فقد استهلكت الآن، ما يأكله الناس الآن هو الأرز، والأرز فقط".

وقال برنامج الأغذية العالمي لبي بي سي هذا الأسبوع إن القوات الإسرائيلية أوقفت أربع من أصل خمس قوافل مساعدات إلى الشمال وصلت مؤخراً، مما يعني وجود فجوة أسبوعين بين الشحنات إلى مدينة غزة.

'خطر مجاعة شديدة'

وقال مات هولينجورث ، المدير الإقليمي لبرنامج الأغذية العالمي: " نعلم أن هناك خطرا جسيما من حدوث مجاعة في غزة إذا لم نقدم كميات كبيرة جدا من المساعدات الغذائية على أساس منتظم".

وأفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بأن هناك زيادة حادة في عدد شحنات الإغاثة التي منعت من الوصول إلى شمال غزة في ظل منع وصول 56 ٪ من الشحنات في يناير / كانون الثاني ،مقارنة ب 14 ٪ في أكتوبر / تشرين الأول إلى ديسمبر / كانون الأول".

وقال أيضا إن الجيش الإسرائيلي "طلب في بعض الأحيان تبريرات" لكميات الوقود المخصصة للمرافق الصحية ، و"فرض تقليصاً على حجم المساعدات ، مثل كمية الغذاء".

ماذا قد يحدث إذا اجتاحت إسرائيل مدينة رفح جنوبي غزة؟

مسؤول أممي: تدمير غزة يهدد بضياع جيل كامل من الأطفال

وطلبت بي بي سي بدورها من الجيش الإسرائيلي الرد على هذه الاتهامات، ليقوم بتوجيهنا إلى وكالة التنسيق الإعلامي، والتي طالبتنا -مرة أخرى- بأن نوجه أسئلتنا إلى الجيش.

والتقت بي بي سي كذلك بالسيدة ضحى الخالدي، وهي أم لأربعة أطفال في بيت لاهيا، والتي تقول إنها قبل أسبوعين سارت لأكثر من تسعة كيلومترات إلى منزل أختها في مدينة غزة، في بحث يائس عن الطعام، بعد أن بقي أطفالها بدون أكل لمدة ثلاثة أيام.

وتابعت "ليس لدي أي أموال، وحتى لو توفرت، فلا يوجد شيء في السوق الرئيسي للمدينة. أختي وعائلتها يعانون أيضا، اقتسمت معها آخر كمية من المعكرونة في منزلها".

وقالت شقيقتها "نشعر أن الموت أصبح حتميا. فقدنا الطابق العلوي من منزلنا، لكننا ما زلنا نعيش هنا على الرغم من الخوف من انهيار المنزل. منذ أسبوعين، لا يمكننا العثور على أي شيء في السوق، وإذا كانت بعض المنتجات متوفرة، فتصل تكلفتها إلى 10 أضعاف سعرها العادي".

وقد قدر تقييم مخاطر المجاعة، الذي أجرته وكالات تابعة للأمم المتحدة، أن ما يقرب من ثلث السكان في المناطق الشمالية قد يواجهون الآن نقصا "كارثيا" في الغذاء. كما تكافح العائلات في المناطق الشمالية أيضا للعثور على إمدادات مياه صحية.

صدر الصورة، Reuters

التعليق على الصورة،

يحفرون بالأيدي بحثا عن الماء

"كثير منا يشرب الآن مياها غير صالحة للشرب. لا توجد أنابيب، علينا أن نحفر من أجل المياه "، كما يقول أحد المواطنين في بيت لاهيا.

ويظهر مقطع فيديو تم تصويره في جباليا شمال مدينة غزة سكانا يجلسون بين أنقاض البنايات التي تم قصفها، وهم يحفرون في الشوارع في محاولة للاستفادة من أنابيب المياه الجوفية الكبيرة.

ويقول مواطن آخر لبي بي سي: "نحصل على الماء هنا مرة كل 15 يوما، أطفالنا يعانون من التهابات وأسنانهم تتآكل من المياه القذرة فهناك رمل فيها، وهي مالحة جدا".

بعد أربعة أشهر من الحرب، بدأت الحلول المؤقتة لسد فجوات الجوع تتلاشى. وهناك طرق قليلة لإعادة تزويد مخازن غزة.

وكانت المنطقة تعتمد على المساعدات الغذائية قبل الحرب، الآن تم تدمير جزء كبير من صناعتها الزراعية أو التخلي عنها.

'الدمار واسع'

وتشير أرقام جديدة من الأمم المتحدة إلى أن أكثر من نصف الأراضي الزراعية في منطقة دير البلح الوسطى قد تضررت. منها أرض زراعية ومعصرة زيتون للسيد باسم أبو زايد الذي التقته بي بي سي.

ويقول أبو زايد" يبدو الأمر وكأن زلزالاً أصاب المكان، الدمار واسع ، يغطي المباني المجاورة وحيوانات المزرعة. حتى لو تمكنا من استعادة الطاحونة ، فقد خسرنا 80-90 بالمئة من الزيتون. إنها ليست مجرد خسارة لهذا العام، إنها خسارة للسنوات العديدة القادمة".

روايات لسكان غزة عن قصف منازلهم بعد تدمير عشرات الآلاف من الوحدات السكنية بشكل كلي

حرب غزة: "تركنا منازلنا ولا نعرف إلى أين سنتجه في الجنوب"

إلى الجنوب ، في بلدة رفح الحدودية ، يتزاحم الآن أكثر من مليون شخص نزحوا بسبب القتال في أماكن أخرى للحصول على مساحة مع سكان البلدة البالغ عددهم 300 ألف نسمة.

وينشر الجيش الإسرائيلي بانتظام ما يقول إنه لقطات حديثة لأسواق ومطاعم مزدحمة في المراكز الجنوبية لغزة. وتمكنت غالبية بعثات الإغاثة الـ 114 من الوصول إلى المناطق الجنوبية من غزة الشهر الماضي، لكن السكان ووكالات الإغاثة يقولون إن الكثير من الناس ما زالوا يعانون من الجوع، وأزمة صحية عامة تلوح في الأفق مع نقص المأوى والصرف الصحي والرعاية الطبية.

ويحول القتال أو البيروقراطية أو الأنقاض دون وصول المساعدات إلى الناس، حيث أصيبت قافلة طعام الاسبوع الماضي كانت تنتظر التوجه شمالا في غزة بنيران إسرائيلية من جهة البحر.

لكن عمليات التسليم معقدة أيضا بسبب اليأس المتزايد لسكان غزة، كما يقول المدير الإقليمي لبرنامج الأغذية العالمي، مات هولينجورث. وقال: "نحن بحاجة إلى حل مشكلة القانون والنظام، حتى لا نضطر إلى التفاوض على طريقة وصولنا إلى حشود الجوعى اليائسين، ووصولنا إلى أشخاص آخرين لم نصل إليهم بعد".

ويختم حديثه بالقول "ربما يكون مستوى العجز هو الذي يقلقني. لقد فقد الناس الأمل".

وينظر الكثيرون إلى اتفاق بين إسرائيل وحماس على أنه السبيل الوحيد لإيصال المزيد من المساعدات إلى غزة وإخراج الرهائن الإسرائيليين.