نافورة المغرب في أديس أبابا واجهة لأصالة إفريقيا وحداثتها


الدار/ افتتاحية
تدشين نافورة مغربية تقليدية في مقر الاتحاد الإفريقي بأديس أبابا مبادرة رمزية حقّاً لكنها مفعمة بالكثير من الدلالات. علاوة على الفنّ الراقي والرونق الجمالي الذي تعبّر عنه فإنها توحي بالكثير من الرسائل التي تزامنت مع انعقاد الدورة الرابعة والأربعين للمجلس التنفيذي والقمة 37 للاتحاد الإفريقي. هذه الهدية الفنية المبدعة التي قدّمها المغرب لفائدة مقر الاتحاد الإفريقي تأتي بعد مضيّ أكثر من 7 سنوات على عودة المغرب إلى رحاب هذه المنظمة العتيدة التي كان المغرب من أوائل المنضمين إلى نسختها الأولى المعروفة بمنظمة الوحدة الإفريقية. عودة المغرب إلى المنظمة كسرت الكثير من الحواجز وهدمت الكثير من الخرافات التي كان خصوم المغرب يروجونها في محاولة يائسة لتخريب علاقات المغرب مع عمقه الإفريقي.

لقد غاب المغرب 32 عاما عن منظمة الاتحاد الإفريقي منذ انسحابه سنة 1984، وعندما قرر العودة الرسمية في يوليوز 2016 اتّضح أن الأشقاء الأفارقة كانوا ينتظرون هذه العودة بفارغ الصبر. لقد تجلّى ذلك بوضوح بعد موافقة قادة الاتحاد في يناير 2017 على هذا العودة والترحيب بها، وتُوّج هذا المسلسل بالخطاب الملكي التاريخي الذي ألقاه جلالة الملك محمد السادس يوم الثلاثاء 31 يناير 2017 أمام المشاركين في أشغال القمة الثامنة والعشرين لقادة دول ورؤساء حكومات بلدان الاتحاد. كان حضور الملك محمد السادس في هذه القمة حدثا استثنائيا بكل المقاييس وما تزال أصداء التصفيق والترحاب الحارّ الذي تلقّاه جلالته تتردّد في القاعة الرئيسية لمقر الاتحاد الإفريقي.

ما الذي يفسر إذاً هذا الترحيب الإفريقي الحماسي بعودة المغرب؟ إنه وعي قويّ لدى الأشقاء الأفارقة بأن ما يقدمه المغرب للقارة السمراء أكبر بكثير مما يمكن أن يقدمه الذين اعتادوا على الاستثمار في الأزمات والخلافات بدلا من البحث عن مداخل النماء والتطوير والتعاون المشترك. واختيار المغرب تقديم نافورة من هذا النوع على وجه التحديد ينطوي على رسائل تؤكد هذه المعاني الإنسانية الراقية. فعلاوة على أنها تعكس أصالة الصناعة التقليدية المغربية وبهاء الزليج المغربي الأصيل فإنها تتميز بكونها مستقلة طاقياً حيث تعمل بألواح كهروضوئية تشتغل بالبطاريات. إنها قطعة فنية تمثل برمزية بالغة التركيبة الناجحة التي يريد المغرب استنساخها في القارة الإفريقية.

تركيبة الحداثة والتقاليد، الأصالة والمعاصرة، التمسك بالأصول والتاريخ والانفتاح على المستقبل والتجديد. وهذا تماما ما يدافع عنه المغرب في مختلف المنتديات والتجمعات وفضاءات النقاش والحوار الإفريقي. وهذا ما عبّر عنه جلالة الملك محمد السادس في خطاب العودة إلى المنظمة حين قال: “يحق لإفريقيا اليوم، أن تعتز بمواردها وبتراثها الثقافي، وقيمها الروحية. والمستقبل كفيل بتزكية هذا الاعتزاز الطبيعي من طرف قارتنا”. ومن هنا فإن إبداع تحفة فنية رائعة كتلك التي قدّمها المغرب للاتحاد الإفريقي من طرف شركة كازو ديزاينر آند بيلد (Kazo Designer§build) المغربية يؤكد بالملموس أن على الأفارقة أولاً الوثوق بقدراتهم ومؤهلاتهم من أجل مواجهة تحديات المستقبل وتحقيق القدر المطلوب من الاستقلالية والاكتفاء الذاتي.

نافورة مقر الاتحاد الإفريقي واجهة للثقافة والإرث الحضاري المغربي بما تجسده من إبداعات الصناعة التقليدية لكنّها تمثل أيضا الدينامية الاقتصادية الحديثة التي تعرفها بلادنا في مجالات التصنيع والطاقة والابتكار. إنها تجسيد للتعاون المثمر بين أصالة الصانع التقليدي وذكاء المهندس العصري، وهو التعاون الذي تحتاج إليه القارة السمراء في الوقت الراهن للخروج من ربقة التخلّف والأزمات والاستغلال الذي تتعرّض إليه لا سيّما من الدول الغربية. إن ثروات إفريقيا الهائلة ما تزال اليوم مكرّسة لخدمة الأطماع الرأسمالية للشركات العالمية بينما يريد المغرب من خلال نموذج التنمية جنوب-جنوب أن يجعلها في خدمة الإنسان الإفريقي وفي صالح نماء البلدان الإفريقية وتطوّرها. ولعلّ المشاريع الكبرى المهيكِلة التي أعلن عنها جلالة الملك محمد السادس كفيلة بتحقيق هذه الغاية الاستراتيجية. وها هي ذي إفريقيا تتطلّع اليوم بشغف كبير إلى تنفيذ مشروعين كبيرين أطلقهما المغرب: مشروع الربط بأنبوب الغاز بين نيجيريا والمغرب، ومشروع تمكين دول الساحل الإفريقي من منفذ على المحيط الأطلسي.

تاريخ الخبر: 2024-02-16 21:26:47
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 50%
الأهمية: 51%

آخر الأخبار حول العالم

مسيرة حاشدة لطلبة كليات الطب وآبائهم بالرباط

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-07 00:26:19
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 70%

مسيرة حاشدة لطلبة كليات الطب وآبائهم بالرباط

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-07 00:26:26
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 56%

نتنياهو يرد على "قبول حماس للصفقة" بمهاجمة رفح

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-07 00:26:09
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 59%

نتنياهو يرد على "قبول حماس للصفقة" بمهاجمة رفح

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-07 00:26:16
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 66%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية