الدار/ فردوس الزعيم

الكافيين، هذا المركب البيولوجي الساحر، الذي ينشر الحيوية في أجسادنا، يتواجد بشكل طبيعي في حبوب القهوة، وكذلك في الشاي ومشروبات الكولا. ورغم أنه يتمتع بسمعة طيبة كمنبه قوي، إلا أن له أثراً كبيراً على العديد من العمليات الحيوية في جسم الإنسان، بما في ذلك تأثيره على الإنسولين ومستويات السكر في الدم.

وهنا يأتي دور الإنسولين، هذا الهرمون الذي يلعب دوراً حيوياً في تنظيم مستويات السكر في الجسم. إذ يقوم الإنسولين بالسماح للخلايا بامتصاص الغلوكوز من الدم، واستخدامه كوقود لإنتاج الطاقة. ولكن ما الذي يحدث عندما يتدخل الكافيين في هذه العملية؟

يقوم الكافيين بزيادة مستويات الأدرينالين في الجسم، وهو هرمون يعمل على زيادة مستويات السكر في الدم. ونتيجة لذلك، يمكن أن يتسبب الاستهلاك المفرط للكافيين في اضطرابات في مستويات السكر في الدم، مما قد يؤدي في النهاية إلى زيادة خطر الإصابة بمرض السكري.

ويظل داء السكري من النوع الثاني واحدًا من أكثر المشاكل انتشارًا، وكأنه تحدي إضافي يواجه الملايين حول العالم. ومع استمرار البحث والتطور في مجال الصحة، يتزايد اهتمام العلماء بعلاقة الكافيين، العنصر السحري الذي يمنحنا حيوية الصباح، بمستويات السكر في الدم والإنسولين.

تقول الدراسات إن الأمر قد يكون أكثر تعقيدًا بالنسبة لأولئك الذين يعانون من داء السكري من النوع الثاني، حيث يمكن أن يؤثر الكافيين على استجابة جسمهم للإنسولين بشكل مختلف. فالكافيين يمكن أن يقلل من حساسية الخلايا للإنسولين، مما يجعلها تتفاعل بشكل أقل مع هذا الهرمون الحيوي.

وهنا يكمن الجدل، فبينما قد يستمتع البعض بتناول قهوتهم اليومية، قد يكون لهذا الاستهلاك المفرط تأثير سلبي على مستويات السكر في الدم. توضح الدراسات أن الأشخاص الذين يعانون من داء السكري ويتناولون كميات كبيرة من الكافيين يمكن أن يشهدوا ارتفاعًا في مستويات السكر بالدم بنسبة تصل إلى 8٪، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى صعوبة في التحكم بمستويات السكر.

إذا كنت تعاني من داء السكري من النوع الثاني، فقد يكون من الحكمة مراقبة استهلاكك للكافيين بعناية، فالاستهلاك المفرط قد يجعل من الصعب عليك السيطرة على مستويات السكر في الدم، وبالتالي قد يزيد من خطر تطور المضاعفات الصحية للمرض.

فعندما نتحدث عن الكافيين، فإننا لا نتحدث فقط عن مجرد مذاق القهوة الرائع، بل نتحدث عن تأثيره العميق على جسم الإنسان، وخاصة عندما يتعلق الأمر بمستويات السكر في الدم والإنسولين.

فالكافيين له تأثير متعدد الأوجه على جسم الإنسان، فهو يثير بعض هرمونات التوتر مثل الأدرينالين، مما يمكن أن يحد من قدرة الخلايا على معالجة السكر بشكل فعال، كما يمكن أن يقلل من إنتاج الجسم للإنسولين، الهرمون المسؤول عن تنظيم مستويات السكر في الدم.

وعلاوة على ذلك، يؤثر الكافيين أيضًا سلبًا على النوم، حيث يمكن أن يبقي الشخص مستيقظًا لفترات طويلة، وهو ما يمكن أن يقلل من حساسية الإنسولين بشكل إضافي.

وما يدهش هو أن كمية صغيرة نسبيًا من الكافيين يمكن أن تؤثر بشكل كبير على مستويات السكر في الدم، حيث يكفي تناول حوالي 200 مليغرام من الكافيين – ما يعادل كوبين من القهوة – للتأثير على نسبة السكر في الدم.

وتختلف كمية الكافيين في المشروبات تبعًا لنوعها وطريقة تحضيرها، فمثلاً، فنجان القهوة المركزة يحتوي على كمية أكبر من الكافيين مقارنة بكوب الشاي الأسود، وهذا يجعل من الضروري أن نكون حذرين في استهلاكنا للكافيين ونأخذ في الاعتبار تأثيره على صحتنا بشكل عام وعلى مستويات السكر في الدم بشكل خاص.