في لاهاي.. المغرب ينتصر للقدس أيضاً في ظلّ انشغال العالم بغزة


الدار/ افتتاحية

تأكيد المرافعة المغربية أمام محكمة العدل الدولية على مسألتَي حماية القدس وإيجاد الحل الشامل والعادل والدائم للقضية الفلسطينية جاء ليبرز الدور الذي تؤديه بلادنا في مناصرة القضايا القومية والإسلامية من منطلق التزام جلالة الملك محمد السادس بمسؤولياته التاريخية باعتباره رئيساً للجنة القدس. ولعلّ أهمية هذه المرافعة المندرجة في إطار جلسات استماع محكمة العدل الدولية الجارية منذ 19 فبراير الجاري وتستمر حتّى 29 منه، تكمن في السياق الذي تزامنت معه. إنه سياق مطبوع بالعدوان الإسرائيلي المدمّر الذي يصبّ نيرانه على سكان قطاع غزة من 7 أكتوبر الماضي، في حرب أودت بحياة أكثر من 29 ألف فلسطيني جلّهم من الأطفال والنساء.

كان للمغرب شرف الحضور في هذه الجلسات من باب الواجب القومي والإسلامي لمساندة الوفد الفلسطيني وتدعيم العرض الذي قدمه رياض المالكي وزير الخارجية والمغتربين الفلسطينيين. الخطوط العريضة للمرافعة التي قدّمها سفير المملكة في لاهاي محمد البصري تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الالتزام تجاه القضية الفلسطينية ليس شعارات أو دعايات سياسية فقط، بل هو مواقف واضحة وصارمة: لا يمكن أن يهنأ الشرق الأوسط بالاستقرار والأمان طالما هناك حقوق فلسطينية مهدورة. عمليا يعبّر المغرب عن هذه الرؤية من خلال دفاعه الدائم والمتواصل عن حق الشعب الفلسطيني في دولته المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. وهو يجسد من خلال ذلك مطالب السلطة الفلسطينية وكذا غالبية الدول العربية.

الجهود الدبلوماسية العربية والدولية للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني والمطالِبة بحمايته تشهد زخما كبيرا منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. شهدت محكمة الجنايات الدولية فصلا مشهودا من فصول هذه الجهود، وما شهدته محكمة العدل الدولية في لاهاي لا يقلّ أهمية أيضا من حيث التأكيد على حقوق الشعب الفلسطيني وتوثيقها وإثباتها بما تنص عليه القوانين الدولية وقرارات هيئة الأمم المتحدة والمستندات التاريخية التي تبرز مختلف المراحل والمحطّات التي شهدتها القضية الفلسطينية. وإذا كانت هناك معارك ميدانية أو دبلوماسية تجري في ساحات أخرى بالموازاة مع ذلك، فإن حرص المغرب على تبنّي ملف قضية القدس وتخصيص مرافعة كاملة تقريبا له أمر له أهميته الدبلوماسية البالغة.

من يتحدّث اليوم عن القدس في ظل الحرب الطاحنة الدائرة في قطاع غزة؟ لقد حرمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي سكان المدينة المقدسة من دخول المسجد الأقصى منذ بدء العدوان، كما يتعرّض سكان القدس الشرقية إلى أشكال من الاضطهاد اليومي الهادف إلى دفعهم نحو الرحيل والهجرة والتخلّي عن ممتلكاتهم ومقدّساتهم. والمجهود الجبّار الذي تبذله هيئة بيت مال القدس التابعة للجنة القدس تحت رئاسة الملك محمد السادس يكاد يمثل زخما كاملا من المقاومة المختلفة. إنها مقاومة التهويد الذي تتعرّض إليه المدينة المقدسة، من خلال توفير شروط الصمود لساكنتها من الفلسطينيين المسيحيين والمسلمين، ومساعدتهم على البقاء والحفاظ على الرباط.

ولهذا أكدت مرافعة المغرب في لاهاي على أهمية الحفاظ على مدينة القدس كتراث مشترك للبشرية، وقبل كل شيء، لمؤمني الديانات التوحيدية الثلاث، كمكان لقاء ورمز للتعايش السلمي، لتعزيز الاحترام المتبادل والحوار. هذا الموقف يعكس الرؤية الملكية لحالة القدس باعتبارها مشتركا إنسانيا يستحق مقاربة حضارية تتجاوز الصراعات السياسية والحدودية التي لم تُفض في النهاية إلى أيّ حلّ أو اتفاق. وهو ما لا يمكن أن يتأتى دون احترام إسرائيل للقرارات الدولية لا سيما تلك المتعلقة بتفكيك المستوطنات. وقد أصرت المرافعة التي قدمها السفير محمد البصري على التنديد بهذه المستوطنات التي تناسلت في الأراضي الفلسطينية المحتلة وشكلت حجر عثرة أمام كلّ مبادرات السلام والتفاوض من أجل التوصل إلى حلّ سياسي نهائي.

على الرغم من الظرفية الصعبة التي تمرّ بها القضية الفلسطينية في ظل استمرار الحرب الطاحنة في قطاع غزة وتفاقم الوضع الإنساني بسبب استهداف المدنيين وتجويعهم وتدمير البنية التحتية إلا أن المقاربة التي يدافع عنها المغرب أمام محكمة العدل الدولية تؤكد أهمية الوسائل القانونية في حشد المزيد من التأييد والدعم لحقوق الشعب الفلسطيني، الذي أصبح مطالبا أكثر من أيّ وقت مضى باستثمار هذا الزخم الدبلوماسي العربي والدولي لصالح القضية الفلسطينية في أفق التوصل إلى حل الدولتين وإنهاء هذه المأساة التي طالت أكثر من اللازم.

تاريخ الخبر: 2024-02-27 12:25:28
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 51%
الأهمية: 65%

آخر الأخبار حول العالم

وفد من حماس إلى القاهرة لبحث مقترح الهدنة في قطاع غزة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 12:25:45
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 54%

وفد من حماس إلى القاهرة لبحث مقترح الهدنة في قطاع غزة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 12:25:52
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 58%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية