أحداث “سوريالية” تلك التي يعيشها سكان مخيمات “تندوف” بالجزائر، والتي تشبه لقطات من فيلم هارب من وحي الخيال، جميع أشكال التعذيب حاضرة على غرار الكي بالنار وتجليد الأجساد، زيادة إلى الانتشار السريع لظواهر الفقر والجوع والبؤس على جدار المنطقة، التي كانت ومازالت تعرف تجاوزات خطيرة انتهكت فيها حقوق المرأة والأطفال.
شهادات حية نقلت لـ”الأيام 24″ الصور المريرة التي عاشها بعض المحتجزين داخل “صناديق” الرابوني الموحشة، والتي اختلطت فيها جميع أساليب القمع والتعذيب الموقعة داخل دائرة التأديب للبوليساريو، دون إغفال عن ذكر التجاوزات الخارجة عن نطاق الواقع والمتعلقة بتجنيد الأطفال الصغار.
أبشع الانتهاكات
الداه أحمد المكي، مجند سابق في جماعة البوليساريو، قال إن “الأغلبية الساحقة من المحتجزين تعرضوا للتعذيب بطريقة أو بأخرى في سجون البوليساريو”، مؤكدا على أنه “في السبعينات والتمانينات القرن الماضي كانت هناك معسكرات تستقبل الوافدين للانخراط في أبشع أنواع انتهاكات حقوق الإنسان”.
وأضاف المكي، في تصريح لـ”الأيام 24″، أنه “من بين المعسكرات هناك معسكر 12 أكتوبر الذي انخرط فيه 2000 شاب وشابة تتراوح أعمارهم ما بين 9 إلى 20 سنة، وأن أبسط مخالفة كان يتعرض صاحبها إلى التعذيب على يد جلادين معروفين موزعة على حصص عديدة، وهذا أمر مفزع”، قائلا: “أنا من بين الناس الذين تعرضوا إلى التعذيب في ظلمة السجون الظالمة”.
وتابع المتحدث عينه أن “انتهاكات كثيرة عرفتها المنطقة التي تسيطر عليها البوليساريو، وأن التنقل بين المخيمات كان ممنوعا إلا ببناء على رخصة، وأيضا ممنوع الاستماع إلى التلفاز وقراءة المنشورات الصحفية”، مشيرا إلى أن “انتهاك حقوق الإنسان كان هو قاعدة هذه الجماعة المسلحة، وأن كل الحقوق المتعلقة بالنساء والرجال كانت مدسوسة تحت أقدام قياد جماعة البوليساريو”.
وأشار المعتقل السابق في سجون الرابوني إلى أن “البوليساريو تقوم بتجنيد الأطفال الصغار لخلق خزان عسكري، وأن هذه العملية تعتبر عقيدة بدأت بها هذه الأخيرة في السبعينيات القرن الماضي، وهناك فيديوهات تسربت تدل على هذا الأمر”.
وأورد أيضا أنه “ما دامت البوليساريو تجند الأطفال في سنة 2020، فكيف كان الحال سنة 1970؟”، مردفا أن “الجماعة تدرب الأطفال على استعمال السلاح والرمي بالذخيرة الحية ويدخلهم في معارك قاتلة”.
سجون البوليساريو الموحشة
من جهته، يرى سلامة الرحالي ضحية بئر كندوز مهيريز، أن “ما يقع داخل مخيمات البوليساريو وأيضا داخل سجونها الموحشة، أمر مقرف صراحة، جميع أشكال التعذيب موجودة وتمارس على جميع الفئات العمرية المحتجزة”.
وأورد الرحالي، في تصريح لـ”الأيام 24″، أن “جميع أشكال التعذيب موجودة سواء الكي بالنار والتعذيب الممنهج والضرب والسب والشتم إضافة إلى الكثير من التعذيب النفسي والجسدي”، مشددا على أنه “هناك أشخاص أجسادهم مازالت عليها أثر التعذيب بشتى أنواع الوسائل الممكنة وغير الممكنة”.
وأكد المتحدث ذاته أن “تجنيد الأطفال أمر مشاع داخل المخيمات العشوائية، حيث يتم تصديرهم إلى جماعات أخرى”، مبرزا أن “هناك معلومات تؤكد على أن 30 في المائة من مليشيات البوليساريو كلها أطفال صغار”.
