تعيش الحياة السياسية بالمغرب على وقع معركة سياسية بخصوص التعديلات المقترحة لمدونة الأسرة، إذ يلقي كل طرف بـ”قنابل دخان” تمنع الرؤية ولا تُظهر شيئا، بل أكثر ما تفعله هو تكريس الغموض وزيادة المخاوف، مقابل غياب/ تغييب المواطن من أي نقاش مجتمعي حقيقي.
المحلل السياسي خالد البكاري استغرب غياب نقاش حقيقي داخل المجتمع المغربي بخصوص تعديلات مدونة الأسرة، مسجلا أنه قبل 20 سنة كان المجتمع يناقش قضايا المدونة وقضايا إصلاحاتها بشكل فاعل.
وأضاف البكاري، في حديث لـ”الأيام 24″، أن النقاش اليوم يكاد يكون مغيبا داخل المجتمع، مسجلا أن الجميع ينتظر، بنوع من الاستسلام والانتظارية، عن ماذا ستسفر هذه الإصلاحات.
وأوضح البكاري، أنه “رغم تناسل الكثير من الشائعات داخل المجتمع، لكن للأسف يبقى التواصل غائبا سواء عند مؤسسات الدولة أو عند الأحزاب والهيئات التي طرحت مذكراتها بخصوص تعديلات مدونة الأسرة”.
وعن أسباب تراجع النقاش المجتمعي بخصوص تعديلات المدونة، يرى البكاري أن لهذا التراجع شقين، الأول يرتبط بضعف الأحزاب السياسية التي تراجع دورها بشكل كبير، مبرزا أنه قبل 20 سنة كانت الأحزاب السياسية قادرة على تأطير جزء من المجتمع، لكن اليوم هناك عزلة للتعبيرات السياسية عن المجتمع.
أما الشق الثاني، حسب البكاري، فيتعلق بتحول في طبيعة القضايا المحركة للمجتمع، مبينا أنه “قبل 20 سنة كنا نطرح بأن التناقضات الهوياتية والثقافية أصبحت مرجعا في الصراع السياسي، ولم يعد الأمر يقتصر على التناقضات الطبقية، وبالتالي كانت عودة كبرى لأسئلة الهوية سواء من مدخل الدين أو مدخل اللغة”.
وأردف أن القضايا ذات الطابع الهوياتي والثقافي كانت قضايا فاعلة وتحرك المجتمع، مستدركا: لكن اليوم هذه القضايا لم تعد تُحرك المجتمع كثيرا، حيث عاد المجتمع إلى الاهتمام أكثر بالقضايا الاجتماعية الملحة.
وخلص البكاري إلى أنه في المحصلة النهائية لم يعد الاهتمام بما هو هوياتي وثقافي بذلك القدر الذي كان قبل 20 سنة خلال نقاش تعديلات مدونة الأسرة، بل أصبح الاهتمام موجها أكثر إلى الجانبين الاقتصادي والاجتماعي.
