القاتل الصامت
القاتل الصامت
قال موليير: يقضي الناس معظم أوقات حياتهم يأكلهم القلق علي أمور لن تحدث, وأثبت ذلك العالم ابن سينا عند قيامه بتجربة بوضع حملين منفصلين كل واحد في قفص وهما متساويان بالوزن والعمر ومن سلالة واحدة ويتغذيان من نفس العلف.
وضع بجانب الأول ذئبا في قفص يراه كل يوم, ويسمعه ويشم رائحته, والحمل الآخر وضعه بعيدا, وبعد عدة أشهر مات الحمل الذي يشاهد الذئب يوميا, بسبب الضغط, والتوتر, والقلق, أما الحمل الثاني الذي لم يشاهد الذئب فعاش يتغذي جيدا وبصحة وسلام.
القلق هو شعور بعدم الارتياح لشيء ما يشغل العقل فيصبح في تشتت وحيرة. إنها حالة نفسية وليست جسدية لكنها تظهر, وتؤدي إلي أمراض نفسجسدية.
فأخطر ما يهدد حريتنا ليست القضبان, ولكن السجن الذي نسجن أنفسنا داخله وهو القلق.
لكن من نعم الله علينا أن الإنسان لديه حرية إرادة يستطيع أن يقف ملاحظا أفكاره ويستطيع أن يغير الأفكار السلبية بأفكار إيجابية.
أكد علم الوراثة أن الصفات الوراثية لدي الأهل تجعل لدينا الاستعداد لهذه الصفات, ولكنها ليست حتمية, فقد يكون لدينا الميل للتدخين أو الإدمان أو القلق أو الاكتئاب أو التفكير بأسلوب سلبي وهذه كلها لا تجعل الجين المسئول عن هذه الصفة أو تلك نشطا إلا لو استسلمنا لها.
فإن تهذيب أفكارنا وضبطها هي أولي خطوات التخلص من القلق والهموم وبداية التمتع بالحياة بالرغم من الضيقات اليومية, فعندما نتخذ قرار التركيز والتخلص من التشتيت والقلق فإن الجسم والمخ يتغير بطريقة صحية, لكن عندما نترك أفكار القلق والخوف والاكتئاب تسيطر علينا, فإن جهاز المناعة يفرز بروتين لحماية المخ والجسم من أخطار تأثير هذه الضغوط.
وأكد العلماء أن التفكير في شيء لمده 21 يوما يستطيع تغيير عقل الإنسان, فيتحول الفكر من مستوي الوعي إلي اللاوعي وبالتالي تصبح الفكرة جزءا من مفاهيمه وإدراكه وقيمه الأساسية.
ويقول أحد الحكماء: إن ما نمارسه يوميا سوف نتقنه بكفاءة عالية, فعندما نمارس القلق سنقلق لأبسط الأمور, وعندما نمارس الغضب سنغضب بدون سبب.
لذا علينا أن نمارس الطمأنينة لنصل إلي السكينة, ونمارس التفاؤل والأمل لنصل إلي راحة البال, ونمارس الثقة بالله لننعم بالسعادة في الحياة.