ما مدى مصداقية معطيات تقرير التنمية البشرية العالمي؟


الدار/ افتتاحية

كشف التقرير العالمي حول التنمية البشرية 2023-2024، الذي أصدره برنامج الأمم المتحدة للتنمية مؤخرا عن ارتقاء المغرب في تصنيف مؤشر التنمية البشرية العالمي بثلاث رتب حيث انتقل من الرتبة 123 إلى الرتبة 120 عالميا، وهو ما يعد إنجازا مهما من حيث المرتبة التي أضحت تحتلها المملكة برسم التصنيف الجديد لمؤشر التنمية البشرية العالمي. لكن مع ذلك تثير النتائج العامة المسجّلة في هذا التقرير الكثير من التساؤلات حول مصداقية هذا المؤشر بالنظر إلى أن الواقع الميداني لعمليات التنمية يكاد يتناقض تماما مع هذه النتائج المعلنة، ولا سيّما عند المقارنة بين المراتب التي حققتها العديد من البلدان.

لن نقلّل من شأن الجهود التي تبذلها دول أخرى في الجوار أو في مناطق أخرى من العالم على مستوى التنمية، لكن يبدو أن ثمة خلل ما في هذا التصنيف يجعل المغرب على سبيل المثال يقف في الترتيب بعيدا خلف دول تعاني مشكلات بنيوية على كافة الأصعدة، ومن المعروف أن الواقع الاجتماعي والاقتصادي لبلادنا يتفوق عليها كثيرا. ليبيا والجزائر ومصر وتونس كلّها حصلت على رتب متقدمة على المغرب، وهناك بلدان إفريقية وآسيوية أخرى تعاني ويلات الحروب الأهلية والتطاحن القبلي ومع ذلك أعطاها مؤشر التنمية مراتب متقدمة. من المؤكد أن المغرب الذي حقّق المرتبة 120 واعتبر التقدم بثلاثة رتب إنجازا مهما يستند إلى معطيات موضوعية تجعله واثقا من أهمية هذا الإنجاز.

لكن هناك تفسير أساسي يمكن إبرازه في هذا السياق وهو مصداقية البيانات والمعطيات التي تقدّمها الدول إلى برنامج الأمم المتحدة للتنمية المسؤول عن إصدار هذا التقرير. من الواضح أن استقرار المغرب في المرتبة 123 على مدار سنوات قبل الخروج منها في التقرير الحديث يؤكد أن الحكومة المغربية حريصة على تقديم بيانات دقيقة دون تزييف أو مبالغة أو تحريف. وهو الأمر الذي قد لا تفعله أنظمة دول أخرى ما تزال تعتبر هذه البيانات شأنا داخليا واستراتيجيا وترفض الإفصاح عن حقيقتها لأي جهة خارجية بما في ذلك هيئات الأمم المتحدة. ليس خافيا على أحد أن بعض الأنظمة السياسية تحرص على التعتيم فيما يتعلق بهذه البيانات وتقدم ما تريده أن يصل إلى الرأي العام والجهات الخارجية، كما أن تعاونها مع هيئات الأمم المتحدة ليس على الشاكلة نفسها.

الواقع لا يرتفع، وما يتحقّق على كافة أصعدة التنمية في بلادنا أمر يشهد به القاصي قبل الداني، والغريب قبل القريب، ومن ثمّ فإن هناك حاجة ماسّة إلى إعادة الإفصاح عن حقيقة المنهج المعتمد في إعداد تقرير التنمية البشرية، ومدى مطابقة نتائجه ومؤشراته للتطورات الميدانية التي تسجلها مختلف الدول في مجالات التنمية الاجتماعية على الخصوص. نحن لا ندّعي أن المغرب يمتلك نظاما اجتماعيا كالذي تمتلكه الدول الغنية، لكن في الوقت نفسه لا يمكن أبدا أن يتخلّف عن مرتبة البلدان التي ذكرنا بعض أمثلتها بأكثر من 25 رتبة. هذا الفرق مبالغ فيه ولا يعكس حقيقة ما نراه كلّ يوم في دول الجوار. هل من المعقول أن يحصل البلد الذي يعاني أزمات بدائية في تموين أسواقه الداخلية بالقطاني والمواد الأساسية على الرتبة 93 وتحصل بلادنا على الرتبة 120؟

من المؤكد أن هناك خللا ما تجب معالجته وتوضيح أبعاده كي تستعيد هذه النوعية من التقارير والمؤشرات، ولا سيما الصادرة عن هيئات الأمم المتحدة الحدّ الأدنى من مصداقيتها وتعطي لكلّ ذي حقّ حقه. وهي مسألة تحظى بقدر كبير من الأهمية بالنظر إلى أن هذه المؤشرات هي التي تبني سمعة الدول وتشكل صورتها العامة ولا سيّما على الصعيد الخارجي. وعلى الحكومة المغربية أيضا أن تعمل في هذا الاتجاه على الدفاع عن مكانة البلاد قاريا وعالميا من خلال المطالبة بما يكفي من التوضيحات فيما يتعلق بما توفّره البلدان الأخرى من بيانات. صحيح أن التعتيم لا يخدم أبدا نهضة الدول لكنّه للأسف قد يسيء إلى بلدان أخرى تبذل كل الجهود الممكنة من أجل التطور وتحقيق التقدّم.

تاريخ الخبر: 2024-03-22 00:25:48
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 60%
الأهمية: 55%

آخر الأخبار حول العالم

أضرار لقاح "أسترازينيكا" تسائل آيت الطالب

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-10 15:26:17
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 70%

نهضة بركان يطرح تذاكر مباراته أمام الزمالك المصري

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-10 15:26:20
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 66%

نهضة بركان يطرح تذاكر مباراته أمام الزمالك المصري

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-10 15:26:26
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 50%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية