كتب- محمد صفوت:

لم يسلم عمال الإغاثة في غزة من نيران قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ بداية الحرب في السابع من أكتوبر الماضي، فمنذ بداية الحرب استهدفت قوات الاحتلال الأطقم الطبية والصحية وعمال الإغاثة الذين يقدمون يد العون للفلسطينيين.

والجمعة الماضية استهدفت قوات الاحتلال الإسرائيلي سيارتين تابعتين لمنظمة "وورلد سنترال كيتشن" (المطبخ المركزي العالمي)، نقطة تحول ما أسفر عن مقتل 7 أشخاص، ما أثار موجة من الانتقادات الدولية، وأرجعت إسرائيل الحادث لـ"خطأ فادح" أقيل على إثره ضابطين.

ومع استمرار استهداف عمال الإغاثة في غزة، علقت عدة منظمات عملها في القطاع الذي دمره الحرب وتسبب في كارثة إنسانية غير مسبوقة في المنطقة.

ووثقت شبكة "إن بي سي نيوز" الأمريكية، استنادًا إلى وثائق وبيانات عامة ومقابلات، سلسلة من الهجمات التي نفذتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق عمال ومنظمات الإغاثة العاملة في غزة، منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر الماضي.

"وورلد سنترال كيتشن" في مرمى النيران

وجدت الشبكة الأمريكية، نمطًا من الهجمات على عمال الإغاثة والبنية التحتية الإنسانية في الأشهر التي سبقت الهجوم الأخير.

وتشمل تلك الحوادث حادثين سابقين لنفس المنظمة قبل الحادث الأخير الذي أدى لمقتل 7 أشخاص، من بين الحوادث إسقاط قنبلة تزن 1000 رطل بالقرب من مبنى يسكنه عمال إغاثة من لجنة الإنقاذ الدولية (IRC)، وقصف منزل أحد عمال الإغاثة في منظمة أطباء بلا حدود.

في 30 مارس الماضي، وقبل يومين من الهجوم المميت، تعرضت منظمة "وورلد سنترال كيتشن" لاستهداف من قناصًا إسرائيليًا استهدف إحدى سياراتها، ولم يسفر الحادث عن إصابات بشرية، وقبل أسبوع واحد من هذا الهجوم، تعرضت قافلة للمنظمة لإطلاق نار، وسط مشهد فوضوي في دوار الكويت بمدينة غزة.

وقال شهود عيان لـ"إن بي سي"، إن قوات الاحتلال الإسرائيلي أطلقت النار على مدنيين فلسطينيين كانوا متجمعين في انتظار استلام المساعدات.

وفي لقطات قالت الشبكة الأمريكية إنها صورتها، شوهدت جثث ملطخة بالدماء ملقاة بين صناديق متناثرة تحمل اسم منظمة "وورلد سنترال كيتشن".

وأكدت "وورلد سنترال كيتشن" أنها تقوم بتنسيق تحركاتها في قطاع غزة مع جيش الاحتلال الإسرائيلي، وتوفير إحداثيات دور الضيافة والمستودعات الخاصة بهم، لتجنب استهداف موظفيها ومع ذلك تعرضوا لهجمات متكررة.

للأونروا النصيب الأكبر من الاستهداف

وأشارت الشبكة الأمريكية إلى تعرض وكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" للاستهداف عدة مرات ما أدى إلى مقتل 179 من موظفيها خلال نصف عام من الحرب.

تسببت الهجمات في تقليص إيصال المساعدات الإنسانية إلى سكان غزة الذين يعانون من أزمة حادة، إذ علقت 4 منظمات على الأقل عمليات تسليم المساعدات في غزة بعد الهجمات الأخيرة خوفًا على موظفيهم، وعادت سفن
شحن تحمل 240 طنًا من المساعدات الغذائية إلى ميناء في قبرص.

وتواصلت "إن بي سي نيوز" مع جيش الاحتلال الإسرائيلي للتعليق على الحوادث التي ذكرتها "وورلد سنترال كيتشن" بالإضافة إلى 6 حوادث أخرى لاستهداف عمال إغاثة، ولم تتلق ردًا على أي منها.

لجنة الإنقاذ الدولية

وأكد دونيلي من لجنة الإنقاذ الدولية، لـ "إن بي سي" أن المنظمة تقوم بإخطار جيش الاحتلال الإسرائيلي بمواقعها الثابتة بالإضافة إلى تحركاتها المخطط لها من خلال مكتب تنسيق الأنشطة الحكومية في المناطق.

ويضيف أنه رغم ذلك أصيب العديد من موظفي اللجنة في انفجار قنبلة على بعد أمتار قليلة من مقرها في المواصي جنوب قطاع غزة، في 18 يناير الماضي.

وأفاد تقييم، للأمم المتحدة، أن العبوة الناسفة المستخدمة في الحادث كانت على الأرجح قنبلة موجهة من طراز MK83 تزن 1000 رطل، وهي ذخيرة أمريكية الصنع.

وأوضحت اللجنة، أنها تلقت 6 مبررات مختلفة من الاحتلال حول الحادث، بدءًا من الإنكار إلى الإقرار بإنها محاولة لضرب هدف قريب وإلقاء اللوم على القنبلة نفسها بالتذرع مشكلة في زعنفة ذيلها.

ويعلق دونيلي، على التصريحات الإسرائيلية حول الحادث، بالقول، إن اللجنة اختارت هذا المكان تحديدًا لتجنب المخاطر، موضحًا أنه يبعد مئات الياردات عن أقرب مبنى، وتم تشييده على تربة رملية تجعله موقعًا سيئًا لحفر الأنفاق، ما يجعله هدفًا أقل احتمالاً لضربات جيش الاحتلال.

منظمة مساعدة اللاجئين في الشرق الأدنى الأمريكية (أنيرا) من بين المنظمات التي علقت عملها في غزة، واستهدف أحد موظفيها في 8 مارس الماضي في غارة جوية بينما كان يحتمي مع عائلته في ملجأ معروف في دير البلح وسط غزة.

وعلقت المنظمة على مقتل موظفها موسى الشوا، قائلة إنه المنسق اللوجستي للمنظمة، واستهدف بعد عودته إلى الملجأ بعد تسليم المساعدات، مؤكدة أن إحداثيات ملجأه معروفة لدى مكتب تنسيق الأنشطة الحكومية بغرض حمايته.

كما أبلغت منظمة أطباء بلا حدود، التي قتل العديد من موظفيها في غارات عسكرية، عن عدة حوادث تم فيها استهداف مواقعها على الرغم من إخطار الجيش الإسرائيلي.