رصد واستكشاف كوكب الزهرة

عودة للموسوعة

رصد واستكشاف كوكب الزهرة (بالإنجليزية: Observations and explorations of Venus)‏، هي العمليات التي تضم رصد ومشاهدة الزهرة في العصور القديمة، وباستخدام التلسكوبات، واستكشافه عن طريق زيارته بالمركبات الفضائية. قامت المركبات الفضائية بعدة تحليقات ومدارات حول الزهرة بالإضافة إلى هبوط بعضها أيضًا على سطحه، وهذا يتضمن المسبارات المنطادية التي تطفوبالغلاف الجوي للزهرة. يساعد القرب النسبي لهذا الكوكب من الأرض على دراسته بشكل جيد مقارنةً بباقي الكواكب، لكن يعتبر سطح الزهرة محجوبًا بعمل غلافه الجوي المعتم للضوء المرئي.

الرصد عبر التاريخ وتأثيره

عُرف كوكب الزهرة منذ عصور ما قبل التاريخ، وذلك باعتباره واحدًا من أكثر الأجرام لمعانًا في سماء الليل، ولهذا سجلت الكثير من الثقافات القديمة رصدها لهذا الكوكب. يشير ختم أسطواني من عصر «جمدة نصر» إلى حتى السومريين القدماء توصلوا إلى حقيقة حتى النجم المميز الذي يظهر في الصباح والمساء كان جرمًا سماويًا واحدًا. ومنح السومريون لهذا الجرم (الكوكب) اسم الإلهة «إنانا»، والتي عُرفت فيما بعد باسم «عشتار» عند الآكاديين والبابليين. كان لعشتار دور مزدوج باعتبارها إلهة للحب والحرب معًا، وبالتالي كانت تمثل معبودًا متحكمًا في الولادة والموت. يوجد بمخطة «آشور بانيبال» البابلية سجل لظهور كوكب الزهرة على مدار 21 عامًا، وهويعتبر واحدًا من أقدم الوثائق الفلكية الباقية من العصر البابلي منذ 1600 عام قبل الميلاد.

يظهر الزهرة في السماء بشكل متبتر بسبب حركته، إذ يختفي لعدد من الأيام بعد ظهوره عند أحد الأفقين بسبب اقترابه من الشمس، ليعاود الظهور مرةً أخرى عند الأفق الآخر، ولم تدرك بعض الحضارات حتى الزهرة كيان واحد بشكل سريع؛ فقد ظنه البعض أنه نجمان منفصلان يظهر جميع منهما بأفق مختلف، وهما: نجم الصباح، ونجم المساء. وعلى سبيل المثال، افترض القدماء المصريون حتى الزهرة كان تعبير عن جرمين منفصلين وعُرف نجم الصباح عندهم باسم «تياوموتيري»، ونجم المساء باسم «وايتي». وعُرف نجم الصباح عند الإغريق القدماء باسم «فوسفوروس» والذي يعني جالب الضوء، بينما عهد نجم المساء عندهم باسم «هسبيروس» والذي يعني نجم المساء. تمكن الإغريق من إدراك حتى الزهرة كوكب منفرد بحلول العصر الهلنستي، وسُمي وقتها باسم «أفروديت»، وهي إلهة الحب عندهم أو«عشتروت» عند الفينيقيين، وظل هذا الاسم قائمًا في العصور الإغريقية الحديثة.

اعتُبر الزهرة أكثر الأجرام السماوية أهميةً من بين الأجرام التي رُصدت عند حضارة «المايا»، وسُمي الكوكب عندهم باسم «تشاك إك» أو«نوه إك» والذي يعني النجم العظيم. لاحظ شعب المايا حركات الزهرة عن كثب، ورصدوه في أوقات النهار أيضًا. اعتُقد حتى مواقع الزهرة وباقي الكواكب تؤثر في الحياة على الأرض، ولهذا زامنت حضارة المايا وبقية حضارات أمريكا الوسطى القديمة حروبها وأحداثها الهامة وفقًا لرصدها الفلكي لهذا الكوكب. تعرض روزنامة بمخططات «درسدن» الدورة الكاملة لكوكب الزهرة خلال خمس مجموعات زمنية، وتتكون جميع مجموعة من 584 يومًا (وهوما يعادل ثمانية أعوام تقريبًا)، وقُسمت هذه المجموعات الزمنية بتلك الطريقة لأنها الفترة التي تتكرر عندها أنماط الزهرة بشكل دوري، إذ تبلغ فترته المدارية 583.92 يومًا. طورت حضارة المايا تقويمًا دينيًا قائمًا بشكل جزئي على حركة هذا الكوكب، إذ استخدم هذا التقويم حركة الزهرة لتحديد أوقات الأحداث الهامة مثل الحروب. استوعب شعب المايا الفترة المدارية لكوكب الزهرة، وتمكنوا من حسابتها بشكل دقيق بمقاييس تصل إلى مئة جزء من اليوم.

الرصد الأرضي المبكر وظاهرة العبور

تعتبر ظاهرة اجتياز الزهرة بين الأرض وأمام قرص الشمس إحدى الظواهر الفلكية النادرة. رُصدت أول ظاهرة اجتياز للزهرة بعد حتى تنبأ بها عالما الفلك الإنكليزيان «جيريمي هوروكس» و«وليام كرابتري» عام 1639. قدم رصد «ميخائيل لومونوسوف» لعبور الزهرة عام 1761 أول مرشد على وجود الغلاف الجوي للزهرة، وتمكن الفهماء عن طريق ملاحظة ظاهرة التزيح أثناء اجتياز الزهرة في القرن التاسع عشر من حساب المسافة بين الأرض والشمس بشكل دقيق ولأول مرة. يمكن حتى تحدث ظاهرة العبور فقط في أوائل شهر يونيوأوأوائل شهر ديسمبر من السنة، وذلك لأنها الأوقات التي يعبر فيها الزهرة خلال المستوى المداري للأرض، وتحدث بشكل زوجي خلال هذين الشهرين وتستمر لمدة ثمانية أعوام، وتتكرر هذه الظاهرة في الحدوث على فترات قد تتعدى القرن الواحد، وقع آخر زوج من العبور خلال الثمانية أعوام من 2004 إلى 2012، بينما كان زوج العبور السابق له بين عامي 1874 إلى 1882.

صرح عدد كبير من راصدي كوكب الزهرة حتى فترة دورانه حول محوره 24 ساعةً تقريبًا، وذلك في القرن التاسع عشر. كان عالم الفلك الإيطالي «جيوفاني اسكيابارِلّي» أول من تنبأ بأن للزهرة سرعة دوران أبطأ من ذلك بكثير، إذ افترض حتى كوكب الزهرة مُقيد مدِّيًا بواسطة الشمس (وافترض هذا أيضًا بالنسبة لكوكب عطارد). وكان هذا تقديرًا دقيقًا لسرعة دوران الزهرة، بالرغم من حتى افتراضه لم يكن سليمًا لكلا الكوكبين. نشأ هذا الانطباع عن الزهرة بعمل الحالة الشبيهة بالرنين المداري بين دورانه واقترابه من الأرض عند أقرب نقطة، إذ يظهر الزهرة لقاءًا للأرض بنفس الجانب بشكل دائم عندماقد يكون مسقطه بالسماء مثاليًا لعمليات الرصد. تمكن الفهماء من قياس معدل دوران الزهرة لأول مرة عند اقترانه عام 1961، والذي رُصد بواسطة رادار ذي هوائي يبلغ قطره 26 مترًا بمركز «غولدستون» في ولاية كاليفورنيا، ومرصد «جودريل بانك» الراديوي بالمملكة المتحدة، ومنشأة الفضاء العميق السوفيتية بمدينة «إيفباتوريا» في شبه جزيرة «القرم». زادت دقة القياس مع الاقترانات اللاحقة، وذلك من خلال القياسات المُجراة في غولدستون وإيفباتوريا بشكل رئيسي. ولم يتوصل الفهماء إلى حقيقة الدوران العكسي للزهرة قبل عام 1964.

ظن الكثير حتى بيئة الزهرة كانت خصبةً وشبيهةً بالأرض قبل الرصد الراديوي له في ستينيات القرن الماضي. وكان هذا بسبب حجم الكوكب ونصف قطر مداره، وهوما منح انطباعًا على أنه كوكب شبيه بالأرض خاصةً في وجود الغلاف الجوي الغني بالسحب السميكة التي حالت دون رؤية سطح الكوكب حينها. وكانت من ضمن التكهنات الأخرى الخاصة بالزهرة هي اعتقاد البعض بوجود غابات أومحيطات بترولية أومياه كربونية على سطحه. ولكن أشارت الملاحظات الموجية الميكروية التي قام بها «سي. ماير» بوجود مصدر حراري عالِ يبلغ 600 درجة كلفن. ومن الغريب حتى ملاحظات الترددات الراديوية فائقة العلوالتي قام بها «إيه. دي. كوزمين» أشارت إلى وجود درجات حرارة أقل بكثير. توجد نظريتان لشرح هذا الاختلاف الغريب في الطيف الراديوي، تقترح إحداهما حتى المصادر الحرارية العالية تنشأ من غلاف الكوكب الأيوني، بينما تقترح الأخرى وجود سطح ساخن للكوكب.

المراجع

  1. ^ Cooley, Jeffrey L. (2008). "Inana and Šukaletuda: A Sumerian Astral Myth". KASKAL. 5: 161–172. ISSN 1971-8608. مؤرشف من الأصل في 24 ديسمبر 2019.
  2. ^ Meador, Betty De Shong (2000). Inanna, Lady of Largest Heart: Poems of the Sumerian High Priestess Enheduanna. University of Texas Press. صفحة 15. ISBN .
  3. ^ Littleton, C. Scott (2005). . 6. Marshall Cavendish. صفحة 760. ISBN . مؤرشف من الأصل في 24 يناير 2020.
  4. ^ Cattermole, Peter John; Moore, Patrick (1997). Atlas of Venus. Cambridge University Press. صفحة 9. ISBN .
  5. ^ "Definition of Hesperus". www.thefreedictionary.com. مؤرشف من الأصل في 31 مارس 2019. اطلع عليه بتاريخ 12 مايو2013.
  6. ^ Fox, William Sherwood (1916). . Marshall Jones Company. صفحة 247. ISBN . مؤرشف من الأصل في 16 أبريل 2017. اطلع عليه بتاريخ 16 مايو2009.
  7. ^ Greene, Ellen (1996). Reading Sappho: contemporary approaches. University of California Press. صفحة 54. ISBN .
  8. ^ Greene, Ellen (1999). Reading Sappho: contemporary approaches. University of California Press. صفحة 54. ISBN .
  9. ^ "Greek Names of the Planets". مؤرشف من الأصل في 08 يونيو2019. اطلع عليه بتاريخ 14 يوليو2012. Aphrodite is the Greek name of the planet Venus, which is named after Aphrodite, the goddess of Love. See also the Greek article about the planet.
  10. ^ The Book of Chumayel: The Counsel Book of the Yucatec Maya, 1539-1638. Richard Luxton. 1899. صفحات 6, 194. ISBN .
  11. ^ Milbrath, Susan (1999). Star Gods of The Mayans : Astronomy in Art, Folklore, and Calendars. Austin, TX: University of Texas Press. صفحات 200–204, 383. ISBN .
  12. ^ Sharer, Robert J.; Traxler, Loa P. (2005). The Ancient Maya. Stanford University Press. ISBN .
  13. ^ Mayer, C. H.; McCollough, T. P.; Sloanaker, R. M. (1958). "Observations of Venus at 3.15-CM Wave Length". Astrophysical Journal. 127: 1–9. Bibcode:1958ApJ...127....1M. doi:10.1086/146433.
تاريخ النشر: 2020-06-01 13:55:20
التصنيفات: استكشاف النظام الشمسي, الزهرة, رحلات فضائية, مقالات تحتوي نصا بالإنجليزية, صفحات بها وصلات إنترويكي, بوابة استكشاف/مقالات متعلقة, بوابة التاريخ/مقالات متعلقة, بوابة المجموعة الشمسية/مقالات متعلقة, بوابة جغرافيا/مقالات متعلقة, بوابة رحلات فضائية/مقالات متعلقة, بوابة علم الفلك/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات, صفحات تستخدم خاصية P244

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

لهذا السبب يرفض حكيم زياش الانضمام إلى نادٍ فرنسي

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-01 03:15:23
مستوى الصحة: 36% الأهمية: 47%

"إيجار": إطلاق النسخة الجديدة للعقد السكني في السعودية قريبا

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-01 03:16:49
مستوى الصحة: 80% الأهمية: 96%

شاهد أنجلينا جولي تهرول وسط الانذار من غارة جوية بأوكرانيا

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-01 03:16:51
مستوى الصحة: 88% الأهمية: 98%

بورتو يضع قدما على منصة التتويج بلقب الدوري البرتغالي

المصدر: البطولة - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-05-01 03:16:03
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 60%

موسيماني: الأهلي لا يقدم أداء سيئا.. مشكلتنا أننا لا نسجل الفرص

المصدر: الأهلى . كوم - مصر التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-05-01 03:17:16
مستوى الصحة: 37% الأهمية: 46%

مانشستر سيتي "يكتسح" ليدز ويستعيد صدارة الدوري الإنجليزي

المصدر: البطولة - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-05-01 03:16:04
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 61%

اتفاق سعودي باكستاني على الاستمرار في تنسيق المواقف

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-01 03:16:47
مستوى الصحة: 92% الأهمية: 86%

تفجير خط غاز في سيناء.. والاشتباه بـ"داعش"

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-01 03:16:27
مستوى الصحة: 81% الأهمية: 93%

ضبط "طن من السموم" جنوب غربي بغداد.. وتوقيف 10 أشخاص

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-01 03:16:43
مستوى الصحة: 76% الأهمية: 91%

جسر الملك فهد بطاقته القصوى خلال إجازة عيد الفطر

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-01 03:16:54
مستوى الصحة: 76% الأهمية: 98%

أياكس يقترب خطوة جديدة من لقب الدوري الهولندي

المصدر: البطولة - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-05-01 03:16:04
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 63%

آجال أداء المؤسسات والمقاولات العمومية تبلغ 37.9 يوما

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-01 03:15:23
مستوى الصحة: 42% الأهمية: 43%

تحميل تطبيق المنصة العربية