عملية الغلي الشديد

عودة للموسوعة

عملية الغلي الشديد هي خدعة عسكرية أُجريت في الحرب العالمية الثانية. جرت أول محاولة خداع في عام 1942 بواسطة قسم مراقبة لندن، وصُممت لإقناع قوى المحور حتى الحلفاء يفترض أن يغزون النرويج التي تحتلها ألمانيا قريبًا. أُنشئ قسم مراقبة لندن قبلها بفترة صغيرة لوضع خطط الخداع في جميع الميادين، لكن هذا القسم كافح للحصول على الدعم من المؤسسة العسكرية التي لم تكن متحمسة له. كان لدى قسم مراقبة لندن القليل من الأسس في الخداع الاستراتيجي، ابتكر هذا النشاط دودلي كلارك قبل ذلك بعام واحد، ولم يكن على دراية بنظام العميل المزدوج الذي سيطر عليه القسم الخامس من الاستخبارات الحربية. ونتيجة لذلك، خططت عملية الغلي كعملية حقيقية لا كعملية افتراضية. عثر كلارك بالعمل حتى هذا النهج مضيعة للوقت والموارد مفضلًا تقديم الرواية الخادعة عن طريق الوكلاء والاتصالات اللاسلكية.

دلّ رفض العملية من قبل الوحدات المختارة على النقص الكبير في التحضيرات. أمر أدولف هتلر بتعزيز حماية الدول الاسكندنافية في مارس وأبريل عام 1942 قبل حتى تُوقف عملية الغلي الشديد في مايو. من غير الواضح إلى أي مدى ساهمت العملية في قراره، ولكن على الرغم من تأثيرها المحدود، فقد أعطت العملية قسم مراقبة لندن تجربة في التخطيط للخداع، وأرست أسس التخطيط المستقبلي اعتمادًا على إيمان هتلر بأن شمال أوروبا كان ذا أهمية استراتيجية كبيرة.

خلفية العملية

كان الخداع الاستراتيجي موضوعًا جديدًا على الحلفاء، لكنه كان متطورًا في القاهرة عام 1941 من خلال دودلي كلارك وقسم القوة (أ) المتقدمة. قرر فريق التخطيط في وزارة الحرب البريطانية إنشاء منظمة خاصة لتخطيط وتطبيق عمليات الخداع بعد عرض قدمه كلارك في سبتمبر. وأوصوا بإنشاء قسم مراقبة للإشراف على التخطيط الخداعي الاستراتيجي وسيُجرى تشغيله من قبل القوات المسلحة. أُصدرت الموافقة على الفكرة وعُرض دور القيادة على كلارك، لكن بعد رفضه اختار رؤساء الأركان العقيد أوليفر ستانلي وزير الدولة السابق للحرب ليكون الضابط الجديد المسؤول.

قابل ستانلي صعوبة كبيرة في إقناع التنظيم العسكري للحلفاء الذي شكك في فاعلية الخداع الاستراتيجي ورفض فكرة وجود سلطة تخطيط مركزية للعملية. وعلى الرغم من حصوله على عدد من الضباط، كان قسم التحكم في لندن، على حد تعبير أحد الأعضاء، في حالة من «العجز». حصل ستانلي في ديسمبر عام 1941 على إذن للتخطيط للعملية الأولى لقسم مراقبة لندن بعد عدة أشهر من الضغط على قيادة الحلفاء.

التخطيط

تدريب القوات الخاصة الملكية على الثلوج الكثيفة خلال شهر مارس عام 1942، وهي الوحدة المختارة لتطبيق عملية الغلي الشديد.

لم يكن لدى الحلفاء هدف محدد من وراء العملية سوى إقناع الألمان بوجود تهديد وشيك بالغزوضد النرويج. لقد أثبت كلارك بالعمل حتى عمليات الخداع يجب حتى تمتلك فكرة واضحة عما ينوي العدوعمله (بدلًا مما كان يتسقط منهم حتى يفكروا فيه). لم يكن ستانلي على دراية بذلك، ولم يكن على اتصال بقسم كلارك في القاهرة. نتيجة لذلك، اختيرت عملية الغلي الشديد لأن الموارد موجودة بالعمل ولن تؤثر على العمليات المستقبلية الحقيقية (رفض المخططون اعتبار النرويج كهدف)، لعدم وجود أي ميزة استراتيجية فيها بالنسبة للحلفاء. لم يكن ستانلي مدركًا شبكة العملاء المزدوجين الواسعة التي تسيطر عليها اللجنة العشرين، إذ أُخبر حتى القسم الخامس في الاستخبارات الحربية فقط هومن لديه وسيلة لنقل المعلومات إلى العدو.

اقترح ستانلي في البداية حتىقد يكون الهدف الوهمي هونارفيك أوتروندايم. قرر قادة الحلفاء أنها أهداف غير منطقية بسبب مسقطها الشمالي واختيار طريقة الهبوط البرمائي في ستافنجر بناءً على تخطيط عملية الديناميت (هجوم طُرح مسبقًا ورُفض). حُدّد تاريخ الغزوالوهمي في الأول من مايوعام 1942. وخُططت عملية الغلي الشديد كعملية حقيقية تتضمن التدريب العملي وتحرك القوات، والتي بلغت ذروتها في بداية الغزوالمزيف. اعتمدت الخطة على الاستخبارات الألمانية والشائعات والتسريبات لتوصيل الخدعة إلى العدو. اكتشف كلارك والقوة (أ) من خلال العمليات السابقة حتى التدريب الواقعي كان مضيعة للوقت، إذ عثر أنه يمكن اختصار الكثير من الجهد باستخدام العملاء والاتصالات اللاسلكية. كانت جمعية مراقبة لندن تفتقر إلى التوجيه من القاهرة، لذلك ارتكبت الكثير من الأخطاء.

افتقرت جمعية مراقبة لندن أيضًا إلى فهم نظام العميل المزدوج الذي يستخدمه القسم الخامس من الاستخبارات الحربية. لم تفهم الإدارة أنه لم يكن هناك أي عملاء ألمان نشطون في المملكة المتحدة غير خاضعين للرقابة، بالتالي اعتقدوا على نحوخاطئ حتى أي خداع يجب حتىقد يكون واقعيًا للغاية لينجح.

كان لدى ستانلي اعتراض واحد قبل بدء العملية، إذ عثر حتى الاسم الرمزي للعملية (الغلي الشديد) «سخيف». اختار دنيس ويتلي عضوقسم مراقبة لندن الاسم من كتاب حدثات مشفرة، وشرح لستانلي (الذي لم يكن على فهم) حتى الاسم قد اختير بشكل عشوائي دون وجود أي علاقة له بأهداف العملية.

العملية

أُوكلت المهمة إلى شعبة مشاة البحرية الملكية لتطبيقها، وتدربوا على الحرب الجبلية، وزُودوا بمعدات الطقس البارد. وُضعت خطط غزوواقعية، وأُمروا بتخزين العملة النرويجية. قابلت هذه الاستعدادات مقاومة كبيرة من القوات المسلحة، إذ اعتُبرت العملية مضيعة للجهد. دلّت الحاجة إلى الجنود في العمليات والتدريبات الحقيقية أنهم لم يستعدوا بشكل جيد.

حاول قسم مراقبة لندن تطبيق الخداع السلبي كجزء من عملية الغلي الشديد. أجرى عملاؤهم استطلاعًا على اللاجئين النرويجيين للحصول على معلومات حول ستافنجر والمترجمين المحتملين. كانوا يأملون حتى تصل الشائعات إلى بلدان محايدة وتنتقل إلى شبكة الاستخبارات الألمانية. مُررت بعض الخدع أيضًا عبر العملاء.

النتائج

سرعان ما تلاشت نتائج عملية الغلي الشديد لأن قوات المارينز الملكية طُلبت لتطبيق عملية برمائية في مدغشقر في يوليوعام 1942. بدا الأمر فعالًا خلال شهري أبريل ومايوحين عزز الألمان المنطقة. أشار المؤرخ جوشوا ليفين إلى حتى هتلر كان لديه «هاجس الدفاع عن الدول الاسكندنافية» خلال تلك الفترة وأنه من غير الواضح مدى مساهمة العملية في استراتيجيته. يعزومايكل هوارد، الذي خط تاريخ الخداع الاستراتيجي البريطاني الرسمي، الاستجابة الضعيفة للهزائم الشديدة التي قابلها الحلفاء على جميع جبهة إلى أنه من الصعب تخيل حتى الألمان اعتقدوا وجود عملية هجومية كبرى كان يجري التخطيط لها.

لم تمنح العملية الحلفاء أي ميزة تكتيكية أواستراتيجية؛ لاحظ هوارد حتى العملية وفرت الخبرة للمخططين في التعامل مع الخدع وللجنة العشرين في إثبات قيمة العملاء المزدوجين. ذكر تيري كراودي في عام 2008 حتى الخبرات التي اكتسبها قسم مراقبة لندن محدودة، بسبب نقص التوجيه من القاهرة وعدم فهم أنظمة العملاء المزدوجين. أظهر دودلي كلارك بالعمل حتى الطريقة الأكثر فاعلية لتطبيق الخدع هي استخدام العملاء والاتصالات اللاسلكية المزيفة بدلًا من التدريبات الكبيرة وتحريك القوات. كانت عملية الغلي الشديد أول خطة خداع تستهدف النرويج. أُجريت الكثير من العمليات الأخرى، بما في ذلك عملية تندال والعملية الفردية، وعملية الثبات في عام 1944؛ وهي إحدى أكبر وأنجح عمليات الحلفاء في الخداع.

حل جون بيفان محل ستانلي كرئيس لقسم مراقبة لندن في مايوعام 1942 بعد حتى طلب ستانلي من ونستون تشرشل الإذن للعودة إلى العمل السياسي. مُنح القسم أيضًا صلاحيات أوسع بكثير. أبعد الرئيس الجديد للقسم عملية الغلي الشديد، وأُلغيت بالكامل من برنامج قسم مراقبة لندن بحلول نهاية مايو.

المراجع

  1. ^ Rankin (2008), pp. 293–297
  2. ^ Howard (1990), p. 22
  3. ^ Rankin (2008), pp. 298–302
  4. ^ Levine (2011), pp. 20–22
  5. ^ Holt (2005), pp. 174–177
  6. ^ Holt (2005), p. 175
  7. ^ Levine (2011), p. 23
  8. ^ Howard (1990), p. 23
  9. ^ Howard (1990), p. 24
  10. ^ Crowdy (2008), p. 146
  11. ^ Levine (2011), p. 210
تاريخ النشر: 2020-06-01 15:56:40
التصنيفات: الحرب العالمية الثانية, تاريخ النرويج العسكري في الحرب العالمية الثانية, علاقات دولية في 1943, عمليات تمويه الحرب العالمية الثانية, وصلات إنترويكي بحاجة لمراجعة, بوابة النرويج/مقالات متعلقة, بوابة الحرب/مقالات متعلقة, بوابة الحرب العالمية الثانية/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

أشهرها "الإدارة عن بعد".. 5 كتب مترجمة تصدرت محركات البحث

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-18 12:21:52
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 51%

مصادرة 500 ألف عبوة عصير وحلوى أطفال منتهية الصلاحية في مصنع بطنطا

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-18 12:21:24
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 64%

"الداخلية" تواصل فعاليات مبادرة "كلنا واحد" للسلع المخفضة

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-18 12:21:26
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 54%

إيرادات شباك التذاكر المصرى تسجل 410 آلاف جنيه.. أمس

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-18 12:21:31
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 52%

الدوري القطري يغري لاعبا جديدا بالمنتخب المغربي

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-18 12:21:41
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 55%

مجدى البدوى: نسعى لتحديد استراتيجية تنمية العمل الأهلى فى مصر

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-18 12:21:40
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 58%

إرهاب المناخ.. ومناخ الإرهاب

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-18 12:21:36
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 62%

الثانوية العامة

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-18 12:21:29
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 58%

تقرير نيوزيلندي: مصر من أروع المواقع الأثرية والسياحية في العالم

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-18 12:21:37
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 65%

مصرع شخص فى حادث تصادم سيارتى ملاكى مع ربع نقل بالشرقية

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-18 12:21:26
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 54%

"السرعة القصوى صفر" جديد أشرف العشماوي عن المصرية اللبنانية

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-18 12:21:51
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 53%

تعرف على أعراض وأسباب وﺧطورة فقدان السمع

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-18 12:21:45
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 59%

الداخلية تكشف ملابسات ضبط طرفي مشاجرة في التبين بحلوان

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-18 12:21:25
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 67%

طقس حار.. توقعات أحوال الطقس اليوم الأحد

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-18 12:21:42
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 52%

أسعار الكتاكيت اليوم الاحد 18-6-2023 في بورصة الدواجن

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-18 12:21:43
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 66%

الرئيس العراقى يبحث مع الأمم المتحدة أزمة المياه

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-18 12:21:35
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 56%

رئيس اقتصادية قناة السويس يبحث مجالات الاستثمار والتعاون مع الهند

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-18 12:21:42
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 50%

تحميل تطبيق المنصة العربية