العُجْب بضم العين وسكون الجيم: الزَّهْوُ والكِبْـرُ، ورجلٌ مُعْجَبٌ: مَزْهُوٌّ بِمَاقد يكون منه حسنًا أَوقبيحًا. وقيل: المعْجَبُ، الإِنسانُ المعْجَب بنفسه أَوبِالشَّيْءِ. وقد أُعْجِبَ فلان بنفسه إذا تحمل وتكبر فهومُعْجَب برأْيه وبنفسه. والاسم العُجْبُ وهذه المادة مما تدلُّ عليه كبر واستكبار للشَّيء . أما العَجَب -بفتح العين والجيم معًا- أي: الأمر الذي يُتَعجَّب منه لِما ينكره ويَقِلُّ مِثْلُه، نطق ابن الأَعرابي: العَجَبُ النَّظَرُ إِلى شيءٍ غير مأْلوف ولا مُعتادٍ. والعَجْب -بفتح العين وسكون العين- أي: أصل الذنب ومُؤخَّرُ جميع شيء وهوأيضا واحد العُجُوبِ وهي آخر الرمل.

والعُجْب اصطلاحًا:

نطق الشريف الجرجاني: (العُجْب: هوتعبير عن تصور استحقاق الشخص رتبة لاقد يكون مستحقًّا لها).

ونطق أحمد بن يحيى المرتضى: (العُجْب: مسرة بحصول أمر، يصحبها تطاول به على من لم يحصل له مثله، بقول أوما في حكمه، من عمل، أوهجر، أواعتقاد).

ونطق الغزالي: (العُجْب: هواستعظام النعمة، والركون إليها، مع نسيان إضافتها إلى المنعم) .

الفرق بين العُجْب وبعض المعاني المتقاربة

نطق ابن حزم: (الْعُجْب أصل يتفرع عنه التيه، والزهو، والكبر، والنخوة، والتعالي، وهذه أسماء واقعة على معان متقاربة. ولذلك قاسي الفرق بينها على أكثر الناس).

الفرق بين العُجْب والإدلال

يقول المحاسبي: (إن الإدلال معنى زائد في العُجْب وهوحتى يعجب بعمله أوفهمه، فيرى أنَّ له عند الله قدرًا عظيمًا قد استحق به الثواب على عمله، فإنَّ راتى المغفرة مع الخوف لم يكن إدلالًا، وإن زايل الخوف ذلك فهوإدلال).

الفرق بين العُجْب والكِبْر

نطق أبوهلال العسكري: (إنَّ العُجْب بالشيء، شدة السرور به حتى لا يعادله شيء عند صاحبه، تقول: هومعجب بفلانة. إذا كان شديد السرور بها، وهومعجب بنفسه. إذا كان مسرورًا بخصالها. ولهذا ينطق أعجبه كما ينطق سر به فليس العُجْب من الكبر في شيء، ونطق علي بن عيسى: العُجْب عقد النفس على فضيلة لها ينبغي حتى يتعجب منها، وليست هي لها). ونطق الغزالي: (فإنَّ الكبر يستدعي متكبرًا عليه، ومتكبرًا به، وبه ينفصل الكبر عن العُجْب ... فإن العُجْب لا يستدعي غير المعجب، بل لولم يخلق الإنسان إلا وحده تصور حتىقد يكون معجبًا، ولا يتصور حتىقد يكون متكبرًا إلا حتىقد يكون مع غيره).

الفرق بين العُجْب والتِيه

نطق مرتضى الزبيدي: (ونقل شيخنا عن الرَّاغب في الفرق بين المعْجب والتائه، فنطق: المعْجب يصدق نفسه فيما يظنُّ بها وهمًا. والتَّائه يصدقها بترًا).

العُجب في الإسلام

ذمُّه والنَّهي عنه في القرآن الكريم

نطق ابن كثير: (لا تعرض بوجهك عن الناس إذا حدثتهم أوحدثوك، احتقارًا منك لهم واستكبارًا عليهم، ولكن ألن جانبك وابسط وجهك إليهم... وقوله تعالى: ((وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا)). أي: خيلاءً متكبرًا جبارًا عنيدًا، لا تعمل ذلك يبغضك الله، ولهذا نطق: ((إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ)). أي: مختال معجب في نفسه فَخُورٍ. أي: على غيره).

يقول العز بن عبد السلام: (زجره عن التطاول الذي لا يدرك به غرضًا، أويريد: كما أنك لا تخرق الأرض ولا تبلغ الجبال طولًا، فلذلك لا تبلغ ما تريده بكبرك وعجبك، إياسًا له من بلوغ إرادته).

(نطق جعفر: استجلاب النصر في شيء واحد، وهوالذلة والافتقار والعجز... وحلول الخذلان بشيء واحد وهوالعُجْب...).

نطق ابن عاشور: (ضرب مثلًا للفريقين: للمشركين، وللمؤمنين، بمثل رجلين كان حال أحدهما معجبًا مؤنقًا، وحال الآخر بخلاف ذلك، فكانت عاقبة صاحب الحال المونقة تبابًا وخسارةً، وكانت عاقبة الآخر نجاحًا، ليظهر للفريقين ما يجرُّه الغرور والإعجاب والجبروت إلى صاحبه من الإزراء، وما يلقاه المؤمن المتواضع، العارف بسنن الله في العالم، من التذكير، والتدبر في العواقب، فيكون معرضًا للصلاح والنجاح).

نطق ابن كثير: (يقول تعالى مخبرًا عن الإنسان أنه طالما الضراء يضرع إلى الله عز وجل، وينيب إليه ويدعوه، وإذا خوله منه نعمة بغى وطغى، ونطق: إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ أي: لما يفهم الله من استحقاقي له ولولا أني عند الله تعالى خصيص لما خولني هذا).

ذمُّه والنَّهي عنه في السنة النبوية

نطق المناوي تعليقًا على هذا الحديث: (لأن العاصي يعترف بنقصه، فترجى له التوبة، والمعجب مغرور بعمله فتوبته بعيدة).

عن أَبي هريرة :

((بينا رجل يمشي في حلة، تعجبه نفسه، مرجل ⁽¹⁾ جمته ⁽²⁾ إذ خسف الله به فهويتجلجل ⁽³⁾ إلى يوم القيامة)).

(1)- مرجل: من الترجيل وهوتسريح الشعر. (2)- جمته: هوالشعر الذي يتدلى مع الرأس إلى المنكبين أوأكثر. (3)- يتجلجل: أي يغوص في الأرض حين يخسف به .

نطق أبوالعباس القرطبي: (يفيد هذا الحديث هجر الأمن من تعجيل المؤاخذة على الذنوب، وأن عُجب المرء بنفسه وثوبه وهيئته حرام وكبيرة).

ذمُّه والنَّهي عنه في خط الفهماء

- نطقت عائشة : (لبست مرة درعًا جديدًا، فجعلت أنظر إليه، وأعجب به، فنطق أبوبكر : أما فهمت أنَّ العبد إذا دخله العجـب بزينة الدنيا، مقته ربُّه حتى يفارق تلك الزينة،يا ترى؟ نطقت: فنزعته فتصدقت به. فنطق أبوبكر : عسى ذلك حتى يكفِّر عنك).

- ونطق علي بن أبي طالب : (الإعجاب ضدُّ الصواب، وآفة الألباب).

- نطق عمر : (أخوف ما أخاف عليكم حتى تهلكوا فيه ثلاث خلال: شحٌّ مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه).

- ونطق عبد الله بن المبارك: (اثنتان منجيتان، واثنتان مهلكتان، فالمنجيتان: النية، والنهي، فالنية؛ حتى تنوي حتى تطيع الله فيما يستقبل، والنهي؛ حتى تنهى نفسك عما حرم الله عزَّ وجلَّ، والمهلكتان: العُجْب، والقنوط).

- وعن كعب أنه نطق لرجل رآه يتبع الأحاديث: (اتق الله، وارض بالدون من المجلس، ولا تؤذ أحدًا؛ فإنَّه لوملأ فهمك ما بين السماء والأرض مع العُجْب، ما زادك الله به إلا سفالًا ونقصانًا).

- ونطق أبوالدرداء: (علامة الجهل ثلاث: العُجْـب، وكثرة المنطق فيما لا يعنيه، وأن ينهى عن شيء ويأتيه).

- وكان ذوالنون يقول: (أربع خلال لها ثمرة: العجلة، والعُجْب، واللجاجة، والشره، فثمرة العجلة الندامة، وثمرة العُجْب البغض، وثمرة اللجاجة الحيرة، وثمرة الشَّره الفاقة).

- وعن مسروق نطق: (كفى بالمرء فهمًا حتى يخشى الله، وكفى بالمرء جهلًا حتى يُعجب بفهمه).

- ونطق علي بن ثابت: (المال آفته التبذير والنهب، والفهم آفته الإعجاب والغضب).

- ونطق أبووهب المروزي: (سألت ابن المبارك: ما الكِبْر،يا ترى؟ نطق: حتى تزدري الناس. فسألته عن العُجْب،يا ترى؟ نطق: حتى ترى حتى عندك شيئًا ليس عند غيرك، لا أفهم في المصلين شيئًا شرًّا من العُجْب).

- وكان يحيى بن معاذ الرازي يقول: (إِياكم والعُجْـب، فإِنَّ العُجْب مهلكة لأهله، وإِنَّ العُجْب ليأكل الحسَنات كما تأكل النَّار الحطب).

- نطق ابن المقفع: (العُجْب آفةُ العقل، واللجاجةُ قُعودُ الهوى، والبُخل لقاحُ الحرصِ، والمراء فسادُ اللسانِ، والحَميَّةُ سببُ الجهلِ، والأنفُ توأمُ السفه، والمنافسة أختُ العداوة). ونطق أيضًا: (وافهم حتى خفضَ الصوتِ، وسكون الريحِ، ومشي القصدِ، من دواعي المودة، إذا لم يخالط ذلك بأْوولا عجبٌ. أما العُجْب فهومن دواعي المقتِ والشنآن).

نطق ابن حزم الأندلسي: (من امتحن بالعُجْب فليفكِّر في عيوبه، فإن أحب بفضائله، فليفتش ما فيه من الأخلاق الدنية، فإن خفيت عليه عيوبه جملة حتى يظن أنَّه لا عيب فيه، فليفهم أنَّه مصيبة للأبد، وأنَّه أتمُّ الناس نقصًا، وأعظمهم عيوبًا، وأضعفهم تمييزًا... فليتدارك نفسه بالبحث عن عيوبه، والاشتغال بذلك عن الإعجاب بها، وعن عيوب غيره التي لا تضره لا في الدنيا ولا في الآخرة... ثم تقول للمعجب: ارجع إلى نفسك، فإذا ميَّزت عيوبها فقد داويت عجبك، ولا تميل بين نفسك وبين من هوأكثر منها عيوبًا فتستسهل الرذائل، وتكون مقلدًا لأهل الشرِّ).

أنواع العُجْب

(ولا فرق بين حتى تكون تلك الخصلة التي حصل بها الإعجاب اضطرارية، كجمال، أوفصاحة، أوكثرة عشيرة، أومال، أوبنين، أم اختيارية، كإقدام، أوكثرة فهم، أوطاعة، أونحوذلك، فإن العُجْب بذلك كله قبيح شرعًا، ولا أعهد فيه خلافًا).

عواقب العُجْـب وآثاره السلبية

1- أول باب يودي إلى الكِبْر، وإلى الكثير من الأخلاق السيِّئة والصِّفات الرديئة كالتيه وازدراء الآخرين:

نطق المحاسبي: (إن أوَّل بدوِّ الكبر العُجْب، فمن العُجْبقد يكون أكثر الكبر، ولا يكاد المعجب حتى ينجومن الكبر...).

ونطق ابن الجوزي: (افهم أَنَّ من أَسباب الْكِبْرِ العُجْب، فَإِنَّ من أُعْجِب بِشَيْءٍ تكبَّر به).

واتى في تَعْرِيفِ التِّيهِ: (هوخلق متولد بين أمرين: إعجابه بنفسه، وإزراؤه بغيره، فيتولَّد من بين هذين التيه).

2- يقود للغفلة والعمى عن رؤية الذنوب والأخطاء بل وإدراكها أوالمبالاة فيها، فلا يُحْدِث لها توبة:

نطق المحاسبي: (يجمع العُجْب خصالًا شتى: يعمى عليه كثير من ذنوبه، وينسى مما لم يعم عليه منها أكثرها، وما ذكر منها كان له مستصغرًا، وتعمى عليه أخطاؤه، وقوله بغير الحق).

3- العُجب بالطاعة يجعل العبد يستعظم أعماله وطاعاته، فيمنُّ على الله ويمنُّ على الناس بما يقدمه.

نطق تعالى:  يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ  

نطق المحاسبي: (ويخرجه الَّمُن بمعروفه وصدقته. لأنه عظم عنده ما تصدق به، أوتفضل به، وينسى مِنَّة الله عزَّ وجلَّ عليه، وأنه مضيع لشكره على ذلك، فمن بما اصطنع من معروفه فحبط أجره، كما نطق الله عزَّ وجلَّ: ((لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ)) [البقرة: 264].).

نطق أحمد بن عطاء الله السكندري: (لا تفرحك الطاعةُ لأنها برزت منك، وافرح بها لأنها برزت من الله إليك... ﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ)).

4- يُفسد الأعمال، ويمضى بثوابها ونفعها.

ويقول ابن القيم: (لا شيء أفسد للأعمال من العُجْب ورؤية النفس).

5- يؤدي إلى الفتور عن العمل، لشعوره بعظمة ما عمله وبالتالي كفايته، ويمنعه عن سؤال أهل الفهم أوطلب الفهم.

6- يودي بالعبد إلى الخذلان، بحيث يكله الله إلى نفسه فلا ينصره، ولا يؤيده:

كما نطق تعالى: ((لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ)) ~[التوبة: 25].

حكم العُجْب في الإسلام

نطق ابن حزم: (إن العُجْب من أعظم الذنوب وأمحقها للأعمال. فتحفظوا، حفظنا الله وإيَّاكم من العُجْب والرياء).

ويقول الغزالي: (افهم حتى العُجْب مذموم في كتاب الله تعالى وسنة رسوله ، نطق عزَّ وجلَّ: ((وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا)) ~[الحشر: 2]، فردَّ على الكفَّار في إعجابهم بحصونهم، وشوكتهم، ونطق تعالى: ((وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا)) ~[الكهف: 104]).

وعده ابن تيمية من باب الإشراك بالنفس فنطق: (وكثيرًا ما يقرن الرياء بالعُجْب، فالرياء من باب الإشراك بالخلق، والعُجْب من باب الإشراك بالنفس، وهذا حال المستكبر، فالمرائي لا يحقق قوله ((إِيَّاكَ نَعْبُدُ)) والمعجب لا يُحقِّق قوله: ((وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)) فمن حقَّق قوله ((إِيَّاكَ نَعْبُدُ)) خرج عن الرِّياء، ومن حقَّق قوله: ((وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)) خرج عن الإعجاب).

طرق علاج صور العُجب المتنوعة

نطق ابن حزم:

المراجع