عصر هلنستي

عودة للموسوعة
ممالك خلفاء الإسكندر بعد معركة إبسوس، حوالي عام 301 ق.م.
  مملكة بطليموس الأول
  مملكة كاسندر
  مملكة ليسيماخوس
  مملكة سلوقس الأول
  مملكة إبيروس
أخرى
  قرطاج
  الجمهورية الرومانية
  المدن الإغريقية

العصر الهلنستي فترة في التاريخ القديم كانت فيها الثقافة اليونانية تذخر بالكثير من مظاهر الحضارة في ذلك الحين. وقد بدأت بعد وفاة الإسكندر الأكبر عام 323 ق.م، واستمرت حوالي 200 سنة في اليونان وحوالي 300 سنة في الشرق الأوسط. ويستخدم اصطلاح هيلينستية لتمييز هذه الفترة عن الفترة الهلينية وهي فترة الإغريقيين القدماء التي اعتبرت أوج عبقرية وعظمة الفكر والعلوم والفلسفة الإغريقية في ظل الامبراطورية الأثينية.

وقد استحدث مصطلح هلنستية المؤرخ يوهان جوستاف دريزن في منتصف القرن التاسع عشر، صاغ المصطلح الهلنستي للإشارة إلى الفترة التي انتشرت فيها الثقافة اليونانية في العالم غير اليوناني بعد غزوالإسكندر في عمله الكلاسيكي "Geschichte des Hellenismus" (تاريخ الهلنستية).

وخلال هذه الفترة، أصبحت الثقافة الإغريقية في أوج انتشارها في أوروبا وآسيا. وينظر لها بالعادة على أنها فترة انتنطقية بين الهيلينية، بل فترة تراجع وتفسخ، في عبقرية الفكر الهيليني في أوج ازدهاره حتى ظهور الامبراطورية الرومانية.

تبدأ الحقبة الهيلينستية عند أغلب المؤرخين بموت الإسكندر في 323 ق.م.، ويبدوأنها تنتهي عندهم مع الغزوالروماني لقلب اليونان في عام 146 ق.م. أومع الهزيمة النهائية والكلية لآخر دولة من ملوك طوائف الإسكندر بعد معركة أكتيوم عام 31 ق.م.

وقد تميّزت الفترة الهيلينستية بأمواج المستوطنين الخارجين من اليونان لاستعمار المدن والممالك اليونانية في آسيا وأفريقيا.

الفترة الهلنستية المضىية

بدأ العصر الهيلينستي ما بين عامي 323-330 ق.م. بعد بداية فتوحات الإسكندر المقدوني، وقد مرّت هذه الفترة بفترة ازدهار وتقدّم في الفنون الجمالية والفنون المرئية والاستكشاف والأدب والنحت والمسرح والعمارة والموسيقى والرياضيات والعلوم عامةً. وقد مر العصر الهلنستي بفترة هجريبية، وفترة نهضة في العلوم المتنوعة والنظريات الموجود في الثقافة الإغريقية. وعوضاً عن التفكّر والنقاش في المثل والمنطق والعواطف المستهلكة والجمال الأخاذ، صار الناس يحللون ويستكشفون الواقع المعاش.

العلوم

شهد العصر الهيلينستي إنجازات عظيمة في مجال العلوم والرياضيات، مثال ذلك: تطوير الرياضي إقليدس لأساسيات الهندسة، واكتشاف المخترع أرشميدس لعددٍ من القوانين الأساسية في الفيزياء، وطرح الفلكي أريستاركوس، من بلدة ساموس، الفكرة القائلة بأن جميع الكواكب، بما في ذلك الأرض، تدور حول الشمس، وأجرى الرياضي إراتوستينس حسابات، سليمة تقريبًا، لمحيط الكرة الأرضية.

الفنون

وأصبح التصوير التشكيلي والنحت أكثر واقعية. وأبدع النحاتون أعمالاً نحتية، مثل لاوكون والنسر المجنح لساموثريس.

الفلسفة

وكان فلاسفة هذه الفترة مُهتمين بالوسائل التي تحقق السعادة للبشر. وكانت المدارس الفلسفية الهلنستية الرئيسية ثلاث هي:

  • الرواقيون
  • الأبيقوريون
  • الكلبيون

واعتقد الرواقيون حتى السعادة تتحقق، حين يتفهم الناس حتى يتقبلوا الأحداث الخارجة عن نطاق قدراتهم، وعليهم حتى يؤدوا واجباتهم. وسعى الأبيقوريون إلى الاعتدال في المتعة وتجنب الألم. وحاول الكلبيون التغاضي عن جميع الرغبات والمتع والسعي إلى الفضيلة. وبالنسبة للدين، عبد الكثير من الناس، مثل المصريين القدماء، الآلهة مثل إيزيس وسيرابيس.

العصر الهلنستي ومشاكله

إن الحدثة هلنستية هي فكرة حديثة استحدثت في القرن التاسع عشر، وهي لم تكن فكرة متداولة في اليونان القديمة. في منتصف القرن التاسع عشر قام ج. ج. درويسينيوهان جوستاف دريزن بصك مصطلح هلنستية للدلالة على الفترة التي انتشرت فيها الحضارة الإغريقية في العالم غير الإغريقي بعد فتوحات الإسكندر. وكانت أبرز العقبات في انتشار المصطلح هذا هوصعوبته، إذ لم يكن انتشار الحضارة الإغريقية ظاهرة عامة كما أوحى له المصطلح. وفي بعض مناطق العالم كان تأثرها بالحضارة الإغريقية أكثر وخصوصاً على المقدونيين، أكثر من غيرهم. كما يوحي المصطلح حتى السكان الإغريقيين كانوا هم الأكثرية في الأماكن التي استوطنوها، وفي حالات كثيرة، كانوا هم الأقليات بين السكان المحليين. ولم يختلط الإغريقيون بالسكان المحليين، فمع انتنطق السكان الإغريق فقد ارتحلوا بثقافتهم إلا حتى ذلك لا يعني دائماً أنها تفاعلت من البلاد المهاجر إليها.

خلفيات العصر الهلنستي

انقسمت اليونان القديمة، فيما مضى، إلى دول ـ مُدن مستقلة ومتناحرة. وتتكون جميع دولة من مدينة مفردة وما يحيط بها من منطقة. وبعد الحرب البيلوبونيسية (431-404 ق. م.)، أصبحت تام اليونان خاضعة للسيطرة الأسبرطية، كقوّة عظمى ولكن لم تكن أكبر القوى الإقليمية. ثم تلا السيطرة الأسبرطية السيطرة الطيبية بعد معركة لوكترا عام 371 ق.م.، ولكن بعد معركة مانتينيا في عام 362 ق.م. أصبحت جميع المدن الإغريقية ضعيفة فلم تقدر أي منها على استلام دور قيادي. وكان في خضم هذا المشهد بداية صعود مقدونيا تحت قيادة ملكها فيليب الثاني. كانت مقدونيا تقع على هامش العالم الإغريقي، ورغم حتى عائلتها الملكية ادعت انتسابها إلى العرق الإغريقي، فقد كان المقدونيون موضع ازدراء من قبل باقي المدن الإغريقية ذلك أنهم عرق نصف بربري نصف إغريقي. رغم ذلك، فقد امتلكت مقدونيا حكومة مركزية قوية بحدّ نسبي، وبالمقارنة مع معظم الدول المدن الإغريقية، فقد كانت هي التي تملك أكبر مساحة من حيث المنطقة التي تسيطر عليها بشكل مباشر.

ومع اعتلاء قيادة قوية وتوسعية تمثلت في فيليب، تمكنت مقدونيا من استنهاض قوتها على اليونان. فانتهز فيليب جميع فرصة للتوسع في الأنطقيم لصالح مقدونيا فألحق في عام 352 ق.م. ثيساليا ومغنيسيا. واستمرت الصدامات المتبترة مع طيبة وأثينا لعقد آخر ولكن في عام 338 ق.م.، هزم فيليب جيوش الطيبيين والأثينيين في معركة خايرونيا. وكانت من نتائج المعركة حتى شكل فيليب الرابطة أوالائتلاف الكورنثي، وهي التي قرّبت أغلب اليونان وجعلتها تحت إرادته المباشرة. ثم تم انتخابه كمسيطر على هذه الرابطة أوالائتلاف، فتم التخطيط المباشر لحملة ضد امبراطورية الفرس الأخمينيون. ولكن مع المراحل المبكرة من الحملة، تم اغتيال فيليب.

الامبراطورية المقدونية

بعد حتى خلف الإسكندر أباه، قاد فتح بلاد الفرس بنفسه. وخلال عقد من الحملات، تمكن من الإسكندر من فتح بلاد الفرس كاملة، والإطاحة بالملك داريوش الثالث. وقد ضمت الأراضي المفتوحة آسيا الصغرى، وآشوريا وبلاد الشام ومصر وبلاد الرافدين وميديا وفارس وأجزاء من أفغانستان وباكستان المعاصرتين، وأجزاء من لسهوب وسط آسيا.

وبعد موته، تعرضت الأراضي الشاسعة التي فتحها الإسكندر إلى تأثير إغريقي قوي للقرنين الإثنين أوالثلاثة الذين تلوا، حتى صعود روما في الغرب، وفرثيا في الشرق. وفيما أخذت الحضارة الإغريقية تتمازج مع حضارة ساحل بلاد الشام، بدأت تتشكل حضارة هجينة هي الحضارة الهلنستية، وبقيت مزدهرة حتى مع عزلها عن حواضر الثقافة الإغريقية (على سبيل المثال المملكة الإغريقية البخترية)

ومن الممكن القول بأن بعض التغييرات التي جرت عبر الامبراطورية المقدونية بعد فتوحات الإسكندر وخلال حكم ملوك طوائف الإسكندر كان لها حتى تقع دون تأثير الحكم اليوناني. كما يذكر ذلك بيتر غرين، فقد تم دمج عدة عناصر مما يندرج تحت مفهوم "الفتوحات" في مصطلح الفترة الهلنستية. ومن بين بعض المناطق المحدّدة التي فتحتها جيوش الإسكندر هي مصر ومناطق من آسيا الصغرى وبلاد الرافدين دخلت طواعية في فتوحاته، واعتبرت الإسكندر محرّراً أكثر من كونه غازياً.

بالإضافة فإن أغلب المناطق المفتوحة استمر في حكمها ملوك طوائف الإسكندر، وهم قادة الإسكندر وخلفائه الذين تنازعوا على هجرته الكبرى. وفي البداية تحاصص هؤلاء القادة الإمبراطورية فيما بينهم، لكن بعض الأراضي انشقت بشكل شبه مباشر، أوبقيت تحت الحكم المقدوني اسماً لا غير. وبعد 200 سنة، لم يبق منها إلا الدول الصغيرة والمنحلة، حتى سقوط مصر البطلمية في يد روما.

خلفاء الإسكندر (ملوك الطوائف)

بعد موت الإسكندر، كان هنالك قرابة الأربعين سنة من الحروب المستمرة بين قادته (خلفاء أوملوك الطوائف) للسيطرة على امبراطوريته. وبحلول عام 281 ق.م.، كانت الأمور تنحى إلى الاستقرار، مفضية إلى أربع قوىً رئيسة:

  • الأسرة الأنتيغونية في مقدونيا واليونان الوسطى.
  • الأسرة البطلمية في مصر وقد اتخذت من الإسكندرية عاصمة لها.
  • الأسرة السلوقية في سوريا وبلاد الرافدين وقد اتخذت من أنطاكيا عاصمة لها.
  • الأسرة الأطلّية وقد اتخذت من بيرغامون عاصمة لها.

مملكة مقدونيا والممالك اليونانية الأخرى

عملة معدنية تصور كاساندر وهوأول الحكام بعد الأسرة الأرغيدية في اليونان الهلنستية ومؤسس مدينة ثيسالونيكا

خلال هذه الفترة تراجع دور المناطق المقدونية واليونانية بشكل حادّ، وأصبحت مناطق الحضارة الهلنستية هي الإسكندرية وأنطاكيا وعاصمتي مصر البطلمية وسوريا السلوقية على التتالي. كما ارتفعت أهمية بعض المدن مثل بيرغامون وإفسوس وجزيرة رودوس وسلوقيا، كما كان الاستيطان المدني من الأمور الإشارة والمميّزة لهذه الفترة الزمنية على السواحل الشرقية للبحر المتوسط.

وخلال هذه الفترة سقطت مقدونيا في قبضة كاسندر ابن أحد أبرز قادة الإسكندر وهوأنتيباتر، وقد جعل هذا الأخير نفسه سيد اليونان بعد سنوات عديدة من القتال. وأسس عاصمة مقدونية جديدة هي ثيسالونيكا وكان من الحكام البنّائين بشكل عام.

وبعد موت كاسندر في عام 298 ق.م. أمسك ديميتريوس بزمام الحكم في مقدونيا وحكم غالب اليونان، ومنه انتقل الحكم إلى ملك آخر بعد نزاع معه هوليسيماخوس الثراقي ثم هُزم على يد ابن أنتيغوناس الثاني ابن ديميتريوس فصد في سنين حكمه محاولة احتلال من قبائل الغال الذين استوطنوا البلقان في تلك الفترة. وقد وحد هذا الاحتلال من الفصائل اليونانية والمقدونية للقاءتها في حلف بين الأنتيغونيين المقدونيين والسلوقيين في أنطاكيا، ثم وجه هذا الحلف نحوأغنى القوى الهلنستية وهي مصر البطلمية.

فيليب الخامس، "حبيب الهيلينيين"، وهويرتدي الإكليل الملكي.

وفي عام 221 ق.م. كان فيليب الخامس هوآخر الحكام المقدونيين الذين تحلّوا بالمهارة والقدرة على انتهاز الفرصة لتوحيد اليونان حماية استقلالها من قوّة روما المتعاظمة. وكان يعهد بـ "حبيب الهيلينيين" أي اليونانيين.

إلا حتى فيليب في عام 215 ق.م. ارتكب خطأ استراتيجياً بتأسيس تحالف مع عدوّ روما اللدود وهي امبراطورية قرطاج، وهوما نادى روما لأن تتدخل في شؤون اليونان لأوّل مرّة في تاريخها. فبدأت روما بعقد التحالفات مع القوى اليونانية المتصالحة مع فيليب لتسحبها عن الولاء له فنجحت في تقريب أقوى الجهات في آسيا الصغرى وهي رودوس وبيرغامون. فاندلعت الحرب المقدونية الأولى بين روما وحلفائها ومقدونيا وحلفائها في عام 212 ق.م. وانتهت في عام 205 دون حسم، مع بقاء روما في حالة عداء مع مقدونيا.

وعندما تغلبت روما على قرطاج في عام 202 ق.م.، وبتشجيع من حلفائها في رودس وبيرغامون، شنت روما في عام 198 حربها المقدونية الثانية لأسباب غير واضحة ولكن يرجح حتى روما رأت في مقدونيا حليفاً محتملاً للسلوقيين، وهي أعظم القوى في الشرق. وفي عام 197 ق.م. هاجم القائد الروماني تايتوس كوينكتيوس فلامينينوس فيليب بعد حتى هجره جميع حلفائه اليونانيين، فحققت روما فوزاً حاسماً في معركة كينوسكيفالاي.

وكانت من نتائج المعركة هوتسليم فيليب لروما وانصياعه لها في حلف جمع فيه جميع اليونانيين، وعينت حامية رومانية على المدن الرئيسة ما عادا رودوس بعد إعلان روما أنها هذه المدن هي مدن حرة بحرية لا تخلومن تبعية لورما، حيث حتى روما استبدلت جميع النظم الديموقراطية في المدن بنظم أرسطوقراطية موالية لها.

وفي عام 192 ق.م. اندلعت الحرب بين روما والحاكم السلوقي أنطيوخوس الثالث، فغزا أنطيوخوس اليونان بعشرة آلاف مقاتل. فنادت بعض المدن اليونانية بأن أنطيوخوس هومحرر البلاد من الاحتلال الروماني. لكن مقدونيا آثرت البقاء في الطرف الروماني، وفي عام 191 ق.م. نجحت القوات الرومانية بإلحاق الهزيمة بأنطيوكوس عند ترموبيل فانسحب بقواته إلى آسيا.

ومع حلول عام 146 تمكنت روما من التحكم بأغلب المدن والأنطقيم في اليونان ومقدونيا وفرض ضرائبها وإقامة الحاميات والحكومات الإقليمية الموالية لروما.

وكانت الهزيمة النهائية لليونان في عام 88 ق.م. عندما ثار الملك مثرادات البنطي ضد روما، فأفرط في تجزير الرومان إلى بلغ عدد المقتولين مئة ألف من الرومان أوحلفائهم عبر آسيا الصغرى، ورغم حتى مثرادات لم يكن يوناني فقد ثارت الكثير من المدن وأطاحت بحكوماتها الصورية وانضمت إليه، وعندما أجبرته روما على الخروج من اليونان على يد قائدها سولا، سقطت النقمة الرومانية على اليونانيين فلم تقم بعد ذلك قائمة لهم.

مملكة البطالمة

الامبراطورية السلوقية

بيرغامون والأسرة الأطلّية

ممالك هلنستية أخرى

المملكة الإغريقية البخترية

المملكة الإغريقية البخترية وهي في أوج اتساعها حوالي (180 ق.م.)

المملكة الهندية الإغريقية

الدرهم الفضي العائد إلى الملك الهندي الإغريقي ميناندر الأول (155-130 ق.م.).

مملكة البنطس

نهضة روما

كانت التدخلات الرومانية الواسعة في شأن العالم اليوناني محتوماً نظراً للنهضة التي شهدتها الجمهورية الرومانية. وقد كان هذا التفاعل بين الرومان واليونان نتيجة مسقطية الدول المدن اليونانية التي تقع على السواحل الجنوبية لإيطاليا. وكان على روما حتى تسيطر على شبه الجزيرة الإيطالية بالكامل، وأرادت حتى تخضع المدن اليونانية لحكمها. ورغم أنهم قاوموها في بادئ الأمر، وتحالفوا مع بيروس الإبيري، وإلحاقهم الهزيمة بالرومان في الكثير من المعارك، فإن الدول اليونانية لم تتمكن من المحافظة على مسقطها المتفوق فتمكنت روما من احتوائها. بعد ذلك بفترة وجيزة دخلت روما صقلية، لقتال القرطاجيين في الحرب البونية الأولى. وكانت النتيجة هي استيلاء الرومان الكامل لصقلية بما فيها من المدن اليونانية التي تمتعت بالقوة في ما مضى.

لم تكن المدن المستقلة في ماغنا غراسيا تشكل أنطقيم هلنستية وقد فاقتها في ذلك الزمن شهرة الممالك الهلنستية في الشرق. كما أنهم حافظوا على استقلاليتهم عندما سيطر على المتوسط "القوى العظمى". وكان في ذلك وفي قربهم من روما، جعل منهم أهدافاً سهلة وواضحة. وهي على عكس الممالك الهلنستية الأخرى التي لم تكن في دائرة النفوذ الروماني، وكانت تتمتع بالقوة الكافية لرد أي اعتداء روماني. ويزعم حتى الأحداث التي علّمت بداية نهاية الممالك الهلنستية، كانت بالإمكان تجنبها، رغم حتى الأوضح حتى صداماً ما بينها وبين روما كان لابد وأن يقع في نهاية المطاف.

وغالباً ما زاد التورط الروماني في البلقان عبر التجارة. فقد أدت غارات القراصنة من الإليريين على التجار الرومانيين إلى استحداث قوة تدخل رومانية لاحتلال إيليريا مرتين (الحرب الإيليرية الأولى والثانية ). إلى غير ذلك تعاظمت التوترات بين مقدونيا وروما عندما قام الملك المقدوني الشاب فيليب الخامس بإيواء أمير القراصنة ديميتريوس من فاروس (بعد حتى كان عميلاً لدى روما). وكانت النتيجة أن، حتى حاول فيليب حتى يخفف من نفوذ روما على البلقان بأن يتحالف مع قرطاج، بعد حتى قام حنبعل بإلحاق الهزيمة الكبرى في معركة كاناي (216 ق م) في غضون الحرب البونية الثانية. بعد حتى أجبر فيليب الرومان الصراع على جبهة قتال نظيرة بنفس عدد المقاتلين، أسقط فيليب نفسه في عداء مزمن مع الرومان، وهي النتيجة العملية الوحيدة التي تمخضت عنها الحرب المقدونية الأولى (215-202 ق م).

وبعد انقضاء الحرب البونية الثانية، وبدء الرومان لاعادة استجماع قوتهم من جديد، سعوا لأن يؤكدوا على قوتهم في البلقان، وأن يحدوا من توسع فيليب. فحصلوا على ذريعة لشن حرب أخرى عندما رفض فيليب من إنهاء حربه مع الأطليين في بيرغامون ومع جزيرة رودوس، وقد كان كلاهما حلفاء للرومان. كما اصطف الرومان إلى جانب الرابطة الأيتولية ، وهي رابطة من المدن الدول اليونانية التي ناهضت قوة فيليب، إلى غير ذلك أعربت الحرب على مقدونيا في عام 200 ق م، لتبدأ الحرب المقدونية الثانية. وانتهت هذه الحرب بفوز روماني حاسم في معركة كينوسكيفالاي (197 ب م). وعلى غرار أغلب معاهدات السلام الرومانية من الحقبة تلك، فقد تم تصميم معاهدة "سلام فلامينيوس" لسحق الطرف المهزوم تماماً، بفرض ضمانات باهضة، وتسليم أساطيل فيليب لروما، وتم إرجاع حدود مقدونيا إلى حدودها القديمة، لتخسر نفوذها على الدول المدن الإغريقية، وأراضيها في ثراقيا وآسيا الصغرى. وكانت هذه النتيجة هي نهاية مقدونيا كقوة عظمى في حوض البحر المتوسط.

والنتيجة الأخرى للقلاقل في اليونان بعد نهاية الحرب المقدونية الثانية هي تورط الامبراطورية السلوقية بالرومان. وكان الملك السلوقي أنطيوخوس الثالث قد تحالف مع فيليب الخامس في عام 203 ق م، ليتفقا على حتى يتعاونا على احتلال مملكة الملك الصبي بطليموس الخامس المصرية. وبعد هزيمة بطليموس الخامس في الحرب السورية الخامسة، كثف أنطيوخوس من جهوده لاحتلال الممتلكات البطلمية في آسيا الصغرى. إلا حتى ذلك أفضى بأنطيوخوس في حالة صدام مع رودوس وبيرغامون، الحليفين المهمين لروما، فبدأت حربٌ باردة بين أنطيوخوس الثالث وروما (ولم ينتج إيواء حنبعل في البلاط السلوقي إلا بإذكاء هذه الحرب). وفي هذه الأثناء، في البر اليوناني الرئيس، بدأت الرابطة الأيتولية التي انحازت مع روما ضد مقدونيا بشجب الوجود والنفوذ الروماني في اليونان. فكان ذلك حجة لأنطيوخوس الثالث لاحتلال اليوناني وتحريرها من النفوذ الروماني، لتأذن ببداية الحرب الرومانية-السورية (192-188 ق م). فكان الفوز الروماني الساحق في معركة ماغنيسيا (190 ق م) على أنطيوخوس. وتلت المعركة معاهدة مذلة مضعفة للطرف السلوقي الذي اقتطعت من ممتلكاته أراضي آسيا الصغرى لصالح جميع من رودوس وبيرغامون، وتصغير حجم الأسطول البحري السلوقي، وفرض ضمانات حربية مهولة عليهم.

إلى غير ذلك في غضون أقل من عشرين سنة، تمكنت روما من تدمير قوة مملكة من ممالك الخلفاء، وعرقلة نفوذ مملكة أخرى، ولتحكم سيطرة نفوذها على اليونان. وكان سبب جميع ذلك على وجه الابتداء الطموح الزائد لملوك مقدونيا، وعبثهم غير المتعمد بالرومان، رغم حتى روما كانت على أهبة الاستعداد لإستغلال أية فرصة أتيحت لها. وفي غضون عشرين سنة أخرى، أطيح بالمملكة المقدونية تماماً.وفي سعي فيليب الخامس بن برسيوس لأن يشدد على القوة المقدونية والاستقلالية اليونانية، قام بإغضاب الرومان، لينتج عن ذلك الحرب المقدونية الثالثة (170-168 ق م). وبعد فوز الرومان، حلوا المملكة المقدونية، وأبدلوها بجمهوريات عميلة لها، بقيت عشرين سنة أخرى قبل حتى تلحق مقدونيا رسميا كإقليم روماني من أنطقيم الجمهورية (146 ق م).

وبقي حكم الأسرة الأطلّية أكثر من ذلك بقليل، وقد بقيت طائعة حليفة لروما حتى النهاية عندما توفي الملك أطلّوس الثالث في عام 133 ق م دون وريث لعرشه، فأخذ بحلفه إلى نهايته الطبيعية، بعد حتى أوصى بعرشه لصالح الجمهورية الرومانية.

وبعكس المواقف الرومانية الفاعلة في البلقان واليونان وآسيا الصغرى، فإن مواقفها في الحيازات السلوقية والبطلمية لم تكن ذات ذكر كبير، من الممكن لأنهما لم يشكلا ذلك الخطر الكبير عليها، فأهملت تماماً الإمبراطورية السلوقية وهجرت المملكة البطلمية تسقط بهدوء بينما، واكتفت بأن تعلن عن لقب الحامي على مصر من محاولة الغزوالسلوقي بقيادة أنطيوخوس الرابع الظاهر لمصر. وفي نهاية المطاف، كانت الزعزعة السياسية الأمنية التي تسبب بها فراغ القوة جرّاء سقوط الامبراطورية السلوقية سبباً للقائد الروماني بومبيوس الكبير لأن يقضي على بقايا دولة السلوقيين المتضعضعة، فاحتوى أغلب سوريا وضمها للجمهورية الرومانية.. أما سقوط مصر البطلمية أمام روما، فهي أشهر من حتى تذكر، إذ تم ذلك خلال أحداث الحرب الأهلية من الجمهورية الرومانية، بين الخصمين الرئيسين ماركوس أنطونيوس وعشيقته البطلمية كليوباترا السابعة من طرف، وأغسطس في الطرف الآخر. وقد احتل أغسطس مصر وأخذها كغنيمة شخصية له بعد معركة أكتيوم البحرية. إلى غير ذلك أتم تدمير كلا المملكتين الهلنستيتين والجمهورية الرومانية، وأنهى على غفلة فترة العصر الهلنستي.

انظر أيضاً

  • الحضارة الهلنستية
  • الإسكندر الأكبر
  • ملوك طوائف الإسكندر
  • فلسفة هلنستية

مراجع

  1. ^ Chaniotis, Angelos (2011). . Oxford University Press. صفحة 8. ISBN . مؤرشف من الأصل في 25 يناير 2020.
  2. Alexander The Great and the Hellenistic Age. Green P. ISBN 978-0-7538-2413-9
  3. ^ Hellenistic Civilization, Western New England College نسخة محفوظة 05 يوليو2008 على مسقط واي باك مشين.
  4. ^ Fergusen, John."Hellenistic Age", Encyclopædia Britannica.com, 2011, accessed February 19, 2011. نسخة محفوظة 14 أبريل 2020 على مسقط واي باك مشين.
  5. ^ Green, Peter. The Hellenistic Age (A Short History). New York: Modern Library Chronicles, 2007.
  6. ^ Alexander The Great and the Hellenistic Age, p 98-99. Green, P. ISBN 978-0-7538-2413-9
  7. ^ Alexander The Great and the Hellenistic Age, p 102-103. Green, P. ISBN 978-0-7538-2413-9
  8. Rubicon: Triumph and Tragedy in the Roman Republic. Holland, T. ISBN 978-0-349-11563-4
تاريخ النشر: 2020-06-01 18:25:20
التصنيفات: عصر هلنستي, إغريق, التاريخ حسب الحقبة, حقبة هلنستية, قالب أرشيف الإنترنت بوصلات واي باك, الصفحات التي تستخدم وصلات ISBN السحرية, بوابة اليونان/مقالات متعلقة, بوابة اليونان القديم/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات, قالب تصنيف كومنز بوصلة كما في ويكي بيانات, صفحات تستخدم خاصية P227

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

فيضانات في البرازيل تؤدي لمقتل 44 شخصاً وفقدان 56 آخرين

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-29 18:16:41
مستوى الصحة: 83% الأهمية: 90%

الرجاء يفوز وديا على اتحاد طنجة بهدفي بنجديدة

المصدر: البطولة - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-05-29 18:16:20
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 66%

شراكة صناعية بين الإمارات ومصر والأردن.. إليك التفاصيل

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-29 18:17:27
مستوى الصحة: 86% الأهمية: 89%

شرطة ميرسيسايد: جماهير ليفربول كانت "مثالية" بنهائي دوري الأبطال

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-29 18:17:35
مستوى الصحة: 91% الأهمية: 95%

خط سكك حديد من الحقبة السوفيتية.. هل يحل أزمة الغذاء العالمية؟

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-29 18:16:44
مستوى الصحة: 87% الأهمية: 92%

مطالب أوروبية لإيران بخفض التصعيد بعد احتجازها الناقلتين

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-29 18:17:09
مستوى الصحة: 83% الأهمية: 90%

بالصور: مسيرة الأعلام الإسرائيلية وسط احتجاجات فلسطينية

المصدر: BBC News عربي - بريطانيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-29 18:16:29
مستوى الصحة: 77% الأهمية: 97%

هل وصلت أسواق الأسهم الأميركية إلى القاع؟

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-29 18:17:31
مستوى الصحة: 83% الأهمية: 96%

أوكرانيا تضغط على ألمانيا وتطلب وقف إمدادات الغاز

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-29 18:17:33
مستوى الصحة: 81% الأهمية: 86%

سياسات جديدة لدعم الاقتصاد.. شنغهاي تكسر قيود كورونا

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-29 18:17:23
مستوى الصحة: 90% الأهمية: 92%

فيتش: لبنان أمام أزمة تخلف عن سداد ديونه

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-29 18:17:37
مستوى الصحة: 86% الأهمية: 94%

الجيش الليبي يطلق عملية عسكرية لملاحقة جماعات إرهابية جنوب البلاد

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-29 18:17:16
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 91%

أسطورة الشاشة كلوديا كاردينالي لا تزال عاشقة لتونس مسقط رأسها

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-29 18:16:38
مستوى الصحة: 84% الأهمية: 95%

بيريز يفوز بسباق موناكو وفرستابن يعزز صدارته لبطولة العالم

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-29 18:17:25
مستوى الصحة: 83% الأهمية: 86%

السودان.. مجلس نظارات البجا يمهل الحكومة 48 ساعة

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-29 18:16:42
مستوى الصحة: 78% الأهمية: 99%

رولان غاروس: ديوكوفيتش الى ربع النهائي لمواجهة محتملة مع نادال

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-29 18:16:38
مستوى الصحة: 95% الأهمية: 98%

ماسك يجدد هجومه على بيل غيتس.. هل خسر رهانه ضد تسلا؟

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-29 18:16:43
مستوى الصحة: 81% الأهمية: 99%

انطلاق "مسيرة الأعلام" الإسرائيلية في القدس وسط توترات

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-29 18:16:37
مستوى الصحة: 79% الأهمية: 87%

البابا فرنسيس سيعيّن 21 كاردينالا جديداً في 27 آب/اغسطس

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-29 18:16:37
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 100%

حظر النفط الروسي مقترح أوروبي جديد

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-29 18:17:29
مستوى الصحة: 76% الأهمية: 87%

تحميل تطبيق المنصة العربية