كتاب "معاني القرآن وإعرابه" المسمى (المختصر في إعراب القرآن ومعانيه)، هوكتاب موضوعه إعراب القرآن الكريم وبيان معانيه، فقد أعرب فيه المؤلف جملة كثيرة من ألفاظ القرآن الكريم وجمله وكذلك وضح المعاني الواردة في القرآن الكريم من خلال شرحه للآيات والألفاظ القرآنية. وقد صنّف الزجاج هذا الكتاب "معاني القرآن" وذكر أنه أراد منه حتى يبين معانيه وإعرابه بالقصد الأول وفهم تفسيره بالقصد الثاني، لذلك تجد أكثر ما في الكتاب يتعلّق بالنحوواللغة والصرف مع الاستفادة مما ورد عن السلف في التفسير في ترجيح هذا القول أوذاك.

التعريف بكتاب (معاني القرآن) وطريقة مؤلفه فيه

قد يحدث هذا الكتاب أبرز آثار الزجاج، والاسم الكامل لهذا الكتاب هو"معاني القرآن وإعرابه" مما يؤذن حتى إعراب القرآن قسم للمعنى في عمله، وفي المقدمة نطق: هذا كتاب إعراب القرآن ومعانيه، فقدم الإعراب على المعنى، ونجده يؤكد ذلك مرة أخرى إذ يقول: وإنما نذكر مع الإعراب المعنى والتفسير، لأن كتاب اللَّه ينبغي حتى يتبين ألا ترى حتى اللَّه يقول (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ) فحُضِضْنَا على التدبر والنظر، ولكن لا ينبغي لأحد حتى يتحدث إلا على ممضى اللغة، أوما يوافق نقلة أهل الفهم" فالإعراب إذن مقصد أساسي للزجاج والمعنى ينبني عليه، وما لم يتوقف على إعراب ينقل ما نطق المفسرون فيه، فيقول مثلا: والذي في التفسير، أوونطق المفسرون، فيكون عمله هوالرواية لا غير، ويختم عبارته بقوله: والله أفهم.

استغرق الزجاج في تأليف هذا الكتاب نحوستة عشر عاماً، بدأ يميله سنة 285هـ وانتهى منه 301هـ، لم تُذكر راوية للكتاب ولا سبب لتأليفه، ولعله عمل ذلك قربى إلى الله تعالى، أوإجابة لرغبة بعض تلاميذه.

نبذة عن المؤلف

الزَّجَّاج (241–311هـ = 855–923م)

هوإبراهيم بن السري بن سهل، أبوإسحاق الزجاج: عالم بالنحوواللغة. ولد ومات في بغداد. كان في فتوته يخرط الزجاج ومال إلى النحوعملمه المبرد. وطلب عبيد الله بن سليمان (وزير المعتضد العباسي) مؤدبا لابنه القاسم، فدله المبرد على الزجاج، فطلبه الوزير، فأدب له ابنه إلى حتى ولي الوزارة مكان أبيه، فجعله القاسم من كتابه، فأصاب في أيامه ثروة كبيرة. وكانت للزجاج مناقشات مع ثعلب وغيره. من خطه (معاني القرآن – خ) [ثم طُبع]و(الاشتقاق) و(خلق الإنسان – ط) و(الأمالي) في الأدب واللغة، و(عملت وأعملت – ط) في تصريف الألفاظ و(المثلث – خ) في اللغة، مهيأ للنشر في بغداد، و(إعراب القرآن – ط) ثلاثة أجزاء. ويلاحظ حتى في خزانة الرباط (333 أوقاف) مخطوطة على الرق خطت سنة 382 – 387 في 54 جزءا، جمعت في عشرة مجلدات، ورد اسمها بلفظ (مختصر إعراب القرآن ومعانيه) وعلى الجزء التاسع عشر (معاني القرآن وإعرابه) وفي النسخة نقص في بعض الأجزاء.

منهج الزجاج في تفسيره وإعرابه

(يبدأ عقِب ذكر الآية القرآنية، باختيار ألفاظ منها ليحللها على طريقته هوفي الاشتقاق اللغوي، فيذكر أصل الحدثة والمعنى اللغوي الذي تدل عليه، ثم يورد الحدثات التي تشاركها في حروفها أوبعضها ليردها جمعيا إلى اصل واحد، ويستشهد على رأيه بما يؤيده من كلام العرب شعراً أوغير شعر، وقد يستطرد فيشرح الامثلة التي يستشهد بها ثم يعود لإعراب الآية إذا كان فيها ما يحتاج إلى إعراب، وفي هذا المقام يناقش النحويين الآخرين فيرد رأيهم أوربّما يؤّده، وفي هذا الصدد يورد قراءات اللغويين، وهي غالبا قراءات شاذة مما وراء العشرة، كما يورد القراءات المشهورة ليبين المعنى على هذه القراءات فيقبله أويرده، وقد يقف عند حرف من حروف اللغة مثل (لن) أو(بل) أو(لا) ... فيشرحه شرحاً نحوياً حتى يستوفيه ثم يقول: فهذا جميع ما نطق النحويون في هذا.

ومن منهجه أنه لا يلتفت كثيراً إلى ذكر مسببات نزول الآيات، ولكنه لا يغفله عندما يدعوالأمر إلى ذلك، كما يستعين أيضا بالأحاديث ووقائع التاريخ، ولكن هذه كلها مكملات ثانوية بجانب المقصد الأهم وهوالشرح اللغوي، ويعنى الزجاج بتفسير القرآن بالقرآن، فيستشهد على المعنى الذي يشرحه في آية بما يذكر في آية أخرى قد تكون أصرح وأبين مما تدل عليه الآية التي يشرحها، وهوفي هذا الصدد قوي بارع واستشهاداته قوية في دلالتها على ما يريد.

ألف أبوعلي الفارسي –تلميذ الزجاج- كتابا في نقد معاني القرآن سماه "الإغفال"، ولكن نقده لا يرجع إلى نقد التفسير، وإنما يرجع إلى معارضة في علل نحوية.

• اهتم الزجاج في كتابه معاني القرآن باللغة بطرق مختلفة، وهذه بعض النماذج التي توضح الكيفية التي جرى عليها المصنِّف في تفسيره:

أولا: حتى يذكر الحدثة ومعناها فقط:

فمثلا في قوله تعالى [ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا] (البقرة: 35)، نطق الزجاج: الرغَدُ الكثيرُ الذي لا يُعَنيك .

ثانيا: ان يأتي بالحدثة ومعناها واشتقاقها:

ومنه ما ورد في قوله تعالى: ومعنى [وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوالْأَلْبَابِ] (البقرة: 269).

أي ما يفكر فكراً يذكر به ما قص من آيات القرآن إلا أولوالألباب، أي ذَوُوالعُقول؛ وواحد الألبَاب لُب، ينطق قَد لَبِبْتَ يا رجُل وأنت تَلَب، لَبَابَة ولُبًّا، وقرأتُ على مُحمد بن يزيدَ عن يونس: لَبُبْت لَبَابَةً، وليس في المضاعف على فَعُلْتُ غيرُ هذا، ولم يروه أحد إلا يونسَ، وسألت غير البصريين عنه فلم يَعْرفْهُ.

ومنه أيضا ما اتى في قوله تعالى: [ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ] (آل عمران:2). ومعنى (الْقَيُّومُ) : القائمُ بِتَدْبير جميع ما خَلَقَ من إحياءٍ وإنشاءٍ ورَزْقٍ ومَوْتٍ.

وأصل قيوم قَيْوُوم، إلا حتى الياء إذا سَبَقت الواوبسُكونٍ قُلبَتْ لها الواو، وأدغمت الياء فيها وكذلك القيَّام أصله الْقَيْوَام، ومعنى الكتاب ما خط ينطق للقرآن كتاب لأنه يُكتَبُ، ومعنى يخط في الَلغة يجمع بعضه إلى بعض، والكُتْبَةُ في اللغة الخَرْزة وجمعها خط والكتيبة البترة من الجيش العظيمة، إِنما سميت لاجتماع بعضها إلى بعض.

ثالثا: حتى يأتي بالحدثة ويفسرها بنظيرها في القرآن:

فمثلا عند قوله تعالى: [وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ] -(البقرة:65)، نطق الزجاج: معنى (فهمتم) هنا عهدتم، ومثله قوله عز وجل [لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ] -(الانفال:62). ومعناه لا تعهدونهم اللَّه يعهدهم.

رابعا: حتى يأتي بمعنى الحدثة ويستشهد بالشعر:

ومنه ما اتى في قوله تعالى: [ وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً] -(النساء:100)، نطق الزجاج: معنى مراغم معنى مهاجرُ، المعنى يجد في الأرض مُهاجراً، لأن المهاجر لقومه والمراغم بمنزلة واحدة، وإن اختلف اللفظان، ونطق الشاعر:

إِلى بلد غير داني المحل. . . بعيد المراغَمِ وَالمُضْطَرَب -.

• للزجاج منهج سار عليه في القراءة، يعتقد حتى ليس جميع ما اتى في كلام العرب واردا في القرآن، وذلك لأن الحدثة لها عدة أوجه في العربية، والقرآن الكريم اتى بالأوجه العلى للحدثة، ومع ذلك فإن القراءة مشروطة بالرواية والتلقي، والزجاج يؤكد على حتى لا يؤخذ بالوجه الذي لم ترد به رواية، وإن لم يخالف رسم المصحف، لأن القرآن سنة متبعة، والأمثلة على ذلك كثيرة منها:

نطق الزجاج في قوله تعالى (وَجَاعِلُ الذِينَ اتَبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا). القِرَاءة: بطرح التنوين، والتنوين جائز، ولكن لا تقرأ به إلا حتى تكون ثبتت بذلك رواية.

نطق الزجاج في قوله تعالى: [ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ] -(آل عمران:2). فَأما (الْقَيَّومُ) فقد روي عن عُمَرَ وابنِ مَسْعود جميعاً أنهُمَا قرءَا (القيَّام)، وقد رويت (الْقَيِّمُ)، والذي ينبغي أنْ يُقرأ ما عليه المصحف، وهوالقيوم بالواو، والقيِّمُ أيضاً جيد بالغ كثيرَ في العربية، ولكن القراءَةَ بخلاف ما في المصحف، لا تجوز، لأن المصحفَ مجمع عليه، ولا يعارض الإجماع برواية لا يفهم كيف من الممكن أن صحتُها. .

من مزايا كتاب معاني القرآن للزجاج

- حسن بيانه الذي يشبه طريقة الإمام الطبري ويشبه طريقة المبرّد، ويبدوأنه قد أخذ حسن البيان من شيخه المبرّد، ولذلك تجده يشرح المسائل الفهمية شرحًا يثلج الصدور ويقرّب البعيد.

- ومن مزاياه أيضًا أنه مجتهد في التعبير عن الألفاظ اللغوية بطريقة حسنة السمت ولا يعتمد في ذلك فقط على المنقول المروي، وقد ساعده على ذلك ممضىه في فهم الاشتقاق وتوسّعه في هذا الفهم لأنه يرى حتى تصاريف المادة كلها لا بد حتى ترجع إلى معنى واحد مشهجر يجمع بين هذه التصاريف.

مصادر الزجاج في هذا الكتاب

منها خط معاني القرآن السابقة ومنها ما أخذه عن شيوخه كما ذكر سابقا، وهوأحيانا ينقل عن كتاب "العين" ويقول: "وفي كتاب الخليل كذا وكذا"، ويروى عن الخليل بسند ومن غير سند.

واستفاد أيضًا من كتاب قطرب في التفسير وهومفقود، ومن كتاب أبي عبيدة في القراءات وغير ذلك.

كيفية قراءة هذا الكتاب

(كثيرٌ من عبارات هذا الكتاب واضحة لا لبس فيها، ويستطيع حتى يفهمها الطالب المبتدئ والطالب المتوسط، لكن هناك أيضًا عبارات كثيرة في الكتاب غير واضحة، أولا يفهمها إلا الطالب المتقدّم؛ والإشكال في هذه العبارات يأتي من جهتين:

• الجهة الأولى: صعوبة المادة الفهمية، لأن الزجّاج كثيرًا ما يتعرض لمسائلَ دقيقةِِ في النحووالصرف والعلل النحوية والقياس، وهذه المسائل لا يفقهها إلا من توسّع في دراسة النحو.

• والسبب الثاني في صعوبة فهم هذا الكتاب: تقدّم عصر المؤلِف، واختلاف اصطلاحاته أحيانا عن المعهود عند المتأخرين.

لذلك ؛ ينبغي حتى يُقرأ هذا الكتاب وأمثاله بطريقةِِ مختلفة، لأنه من الخط الأصول التي اعتمد عليها جميع الفهماء تقريبََا بعد الزجّاج، فينبغي حتى يُعتنى بقراءته قراءة تدّبر وتفهّم وتأمّل للسياق.

وإذا عثر القارئ فيه إشكالًا فلا يكتفي بالنظرة السريعة وبادي الرأي، لأن بيننا وبين الزجّاج مسافة طويلة أكثر من ألف سنة، فلا ينبغي حتى نسارع إلى أول فهم يرد إلى الخاطر، لأنه قد يحدث بسبب ثقافتنا المعاصرة التي تختلف اختلافا كبيرا عن ثقافة المتقدّمين.

وإذا كان بعض الفهماء الكبار يُخطِئ أحيانا في فهم مقصود الزجّاج؛ فنحن أولى بالوقوع في هذا الخطأ، لأن الفهماء كثيرََا ما يختصرون العبارة اعتمادًا على فهم السامع، واعتمادًا على أنّ المعلومة معروفة، فيتكلّمون على مقدار فهمهم، ويُشيرون إشارة مختصرة، ولا يُكثرون من ذكر الأمور الدالّة على المقصود، فيحتاج القارئ إلى إتقان المسألة أوالباب ومعهدته من الخط الأخرى قبل حتى يُحدّد المراد من كلامهم).

مصادر خارجية

تحميل كتاب معاني القرآن وإعرابه من مسقط المخطة الكاملة

مراجع