ضبابية الوعي

ضبابية الوعي (بالإنجليزية: Clouding of consciousness)‏ هومصطلح يستخدم في الطب للدلالة على وجود خلل معتدل وأقل حدةً من الهذيان في تنظيم المستوى العام للوعي. يعاني المريض في تغيم الوعي من إحساس ذاتي بالتغيم العقلي يوصف على أنه "ضبابي".

خلفية

أشار مصطلح تغيم الوعي إلى نفس خصائص الآلية السقمية الرئيسية المسببة للهذيان منذ حتى اقترحه الطبيب جورج غرينر في عام 1817. استخدم تاريخيًا الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية (DSM) المصطلح في تعريفه للهذيان. ومع ذلك، استبدل جميع من الدليل الثالث والرابع مصطلح "تغيم الوعي" بمصطلح "اضطراب الوعي" لجعله أسهل من الناحية العملية (الإجرائية)، لكنه جوهريًا لا يزال نفس الشيء. قد يحدث تغيم الوعي على طيف اضطراب الوعي أقل حدةً من الهذيان، كما قد يحدث تغيم الوعي مرادفًا للهذيان الحدي.

يختلف الهذيان الحدي عن الهذيان العادي بكونه أقل شدةً بشكل عام؛ فهويفتقر إلى حدة البدء والمدة، وتكون فيه دورة الاستيقاظ والنوم والتغيرات الحركية مستقرة نسبيًا. تضم المظاهر السريرية المهمة للهذيان الحدي عدم الانتباه، تشوهات عملية التفكير، تشوهات الفهم، وتشوهات اللغة، ولا تصل المظاهر السريرية فيه إلى الهذيان الكامل. تكون معدلات نجاة سقمى الهذيان الحدي في وحدات العناية المشددة مماثلة لما هي عليه لدى السقمى الذين يسجلون الدرجة صفر على مقياس الهذيان، ولكنهم يحتاجون إلى رعاية أكبر من السقمى الذين يسجلون درجة الصفر (على الرغم من ذلك، تظل معدلات الرعاية لديهم أقل من أولئك الذين يعانون من الهذيان الكامل). وتكون معدلات الاستقلال الوظيفي لدى سقمى الهذيان الحدي بعد الخروج من المشفى أقل مقارنةً بعامة الأشخاص، ولكنهم مع ذلك أكثر استقلاليةً من سقمى الهذيان الكامل.

لا يوجد في الممارسة السريرية اختبار قياسي خاص وبتري، ولذلك يعتمد التشخيص على الانطباع الشخصي للطبيب. يوجّه الدليل التشخيصي الرابع DSM-IV-TR الأطباء إلى تسجيل تظاهرات الهذيان الحدي تحت الفئة المتنوعة من "الاضطرابات المعهدية غير المصنفة في مكان آخر".

فهم أمراض النفس

يتمحور النموذج التصويري المجرد لتغيم الوعي حول وجود جزء من الدماغ ينظم "المستوى العام" لمنطقة الوعي في الدماغ، وهوالمسؤول عن الوعي بالذات وبالبيئة. تؤدي مسببات مختلفة إلى اضطراب هذا الجزء المنظِّم من الدماغ، والذي بدوره يؤدي إلى اضطراب "المستوى العام" للوعي. يشار إلى التنشيط العام للوعي باسم "التيقظ/ الاستثارة" أو"اليقظة".

لاقد يكون تغيم الوعي بالضرورة مصحوبًا بالنعاس؛قد يحدث المريض مستيقظًا (غير واسن) لكن وعيه وإدراكه للواقع غائم (اضطراب اليقظة). ومن المفارقات حتى المصابين يجيبون بأنهم «مستيقظون، لكن بطريقة أخرى، لا». يشير ليبوفسكي إلى حتى انخفاض "اليقظة" كما هومستخدم هنا ليس مرادفًا تمامًا للنعاس؛ فإحداها فترة في طريقها إلى الغيبوبة، والأخرى في طريقها إلى النوم، أمران مختلفان تمامًا.

يعاني المصاب من إحساس شخصي بالتغيم العقلي الموصوف في حدثات المريض نفسه على أنه "إحساس ضبابي".يصفه أحد المصابين بالحدثات التالية: «اعتقدت أنّ جميع شيء أصبح ضبابيًا، بطريقة ما... كانت الخطوط العريضة غامضة». قد يصف آخرون شعورهم بالانفصال عن جميع شيء. يقارن المصابون تجربتهم الكلية مع تجربة الحلم؛ فكما هوالحال في الوعي الحلم، يضطرب الانتباه والتوجه إلى الزمان والمكان والإدراك والوعي. تحدثت باربرا شيلدكروت، طبيبة نفسية معتمدة ومدرسة إكلينيكية في الطب النفسي في كلية الطب بجامعة هارفارد، عن تجربتها الذاتية مع تغيم الوعي أوما وصفته أيضًا بـ "الضباب العقلي" بعد تناول جرعة واحدة من الكلورفينيرامين المضاد للهيستامين بسبب حساسيتها لقطن الخشب أثناء رحلة برية عبر البلاد. وصفت شيلدكروت إحساسها بالانفصال عن جميع شيء وكأنها في "حالة حالمة"، كما شعرت بعدم ثقتها في حكمها، وبأنّ وعيها كان جامدًا، وبعدم إدراكها للوقت. يختلف تغيم الوعي عن تبدد الشخصية على الرغم من تشابه وصف تجربة المصابين بهما بتجربة الحلم. لا تعطينا الاختبارات النفسية القياسية إلا بضعة أدلة قليلة على وجود علاقة بين تغيم الوعي وتبدد الشخصية.

يؤثر تغيم الوعي على الأداء في أي مهمة معهدية تقريبًا. يقول أحد المؤلفين: «يجب حتىقد يكون واضحًا حتى الإدراك غير ممكن بدون درجة معقولة من التيقظ.» تتضمن الوظائف المعهدية الإدراك والذاكرة والتفهم والوظائف التطبيقية واللغة والقدرات الاستدلالية والتحكم الطوعي في الحركة والانتباه والسرعة العقلية.قد يكون مدى الاضطراب والعطل متغيرًا لأن عدم الانتباه قد يضعف الكثير من الوظائف المعهدية. قد يشكوالمصابون من النسيان أو"التخليط" أو"عدم القدرة على التفكير بشكل مباشر". يختلف الهذيان الحدي عن ضعف الإدراك المعتدل على الرغم من أوجه التشابه بينهما، والفرق الأساسي أنّ الأخير هوتعبير عن اضطراب يشبه الخرف؛ لا يتضمن اضطرابًا في التيقظ (اليقظة).

ينطوي مفهوم "تباطؤ سرعة النشاط الإدراكي" على نفس تعابير "التغيم العقلي" وأعراضه.

المراجع

^ "Al-Qamoos القاموس - English Arabic dictionary / قاموس إنجليزي عربي". www.alqamoos.org. مؤرشف من الأصل في 09 ديسمبر 2019. اطلع عليه بتاريخ 15 سبتمبر 2019.
^ Barbara Schildkrout (2011). . John Wiley & Sons. صفحات 183–184. ISBN . مؤرشف من الأصل في 25 يناير 2020.
^ M. Basavanna (2000). . Allied Publishers. صفحة 65. ISBN . مؤرشف من الأصل في 25 يناير 2020.
^ . Oxford University Press. 2007. صفحات 5–6. ISBN . مؤرشف من الأصل في 25 يناير 2020.
^ Augusto Caraceni; Luigi Grassi (2011). . Oxford University Press. صفحة 82. ISBN . مؤرشف من الأصل في 25 يناير 2020.
^ Georg Friedrich Christoph Greiner (1817). . F. A Brockhaus. OCLC 695736431. مؤرشف من الأصل في 25 يناير 2020.
^ Augusto Caraceni; Luigi Grassi (2011). . Oxford University Press. صفحة 2. ISBN . مؤرشف من الأصل في 25 يناير 2020.
^ George Stein; Greg Wilkinson (April 2007). . RCPsych Publications. صفحة 490. ISBN . مؤرشف من الأصل في 25 يناير 2020.
^ Dan G. Blazer; Adrienne O. van Nieuwenhuizen (2012). "Evidence for the Diagnostic Criteria of Delirium". Curr Opin Psychiatry. 25 (3): 239–243. doi:10.1097/yco.0b013e3283523ce8. PMID 22449764. مؤرشف من الأصل في 05 أغسطس 2019.
^ Anthony David; Simon Fleminger; Michael Kopelman; Simon Lovestone; John Mellers (April 2012). . John Wiley & Sons. صفحة 5. ISBN . مؤرشف من الأصل في 25 يناير 2020.
^ Fang Gao Smith (April 2010). . Cambridge University Press. صفحة 312. ISBN . مؤرشف من الأصل في 28 يناير 2020.
^ Sébastien Ouimet; Riker, R; Bergeron, N; Cossette, M; Kavanagh, B; Skrobik, Y; et al. (2007). "Subsyndromal delirium in the ICU: evidence for a disease spectrum". Intensive Care Med. 33 (6): 1007–1013. doi:10.1007/s00134-007-0618-y. PMID 17404704.
^ David Meagher; Adamis, D.; Trzepacz, P.; Leonard, M.; et al. (2012). "Features of subsyndromal and persistent delirium". The British Journal of Psychiatry. 200 (1): 37–44. doi:10.1192/bjp.bp.111.095273. PMID 22075650.
^ Augusto Caraceni; Luigi Grassi (2011). . Oxford University Press. صفحة 11. ISBN . مؤرشف من الأصل في 25 يناير 2020.
^ Augusto Caraceni; Luigi Grassi (2011). . Oxford University Press. صفحات 19–21. ISBN . مؤرشف من الأصل في 25 يناير 2020.
^ Yudofsky & Hales (2008). . American Psychiatric Pub. صفحة 477. ISBN . مؤرشف من الأصل في 25 يناير 2020.
^ . Oxford University Press. 2007. صفحة 8. ISBN . مؤرشف من الأصل في 25 يناير 2020.
^ Roger A. MacKinnon; Robert Michels; Peter J. Buckley (2006). The Psychiatric Interview in Clinical Practice 2nd edition. American Psychiatric Publishing, Inc. صفحات 462–464.
^ G Sorensen Duppils; K Wikblad (مايو2007). "Patients' experiences of being delirious". Journal of Clinical Nursing. 16 (5): 810–8. doi:10.1111/j.1365-2702.2006.01806.x. PMID 17462032.
^ Lipowski ZJ. (1967). "Delirium, clouding of consciousness and confusion". Journal of Nervous and Mental Disease. 145 (3): 227–255. doi:10.1097/00005053-196709000-00006. PMID 4863989.
^ William Alwyn Lishman (1998). Organic Psychiatry: The Psychological Consequences of Cerebral Disorder. John Wiley & Sons. صفحة 4.
^ Fred Ovsiew, M.D. (1999). . American Psychiatric Press, Inc. صفحة 170. ISBN . مؤرشف من الأصل في 25 يناير 2020.
^ Simon Fleminger (2002). "Remembering delirium". The British Journal of Psychiatry. 180 (1): 4–5. doi:10.1192/bjp.180.1.4. PMID 11772842.
^ G. Sedman (1970). "Theories of Depersonalization: A Re-appraisal". The British Journal of Psychiatry. 117 (536): 1–14. doi:10.1192/bjp.117.536.1 (غير نشط 2019-08-25). PMID 4920886. مؤرشف من الأصل في 03 سبتمبر 2017.
^ John Noble; Harry L. Greene (1996). Textbook of Primary Care Medicine. Mosby. صفحة 1325.
^ . Oxford University Press. 2007. صفحة 7. ISBN . مؤرشف من الأصل في 25 يناير 2020.
^ Russel A. Barkley (2013): Two Types of Attention Disorders Now Recognized by Clinical Scientists. In: Taking Charge of ADHD: The Complete, Authoritative Guide for Parents. Guilford Press (3rd ed.), p.150. (ردمك 978-1-46250-789-4). نسخة محفوظة 28 يناير 2020 على مسقط واي باك مشين.