قوة صغرى

عودة للموسوعة

يتكون النظام الدولي في معظمه من قوى صغرى (بالإنجليزية: Small powers) أودول صغرى (بالإنجليزية: Small states). في حين حتى القوة الصغرى في النظام الدولي قد لا تساوي أوتفوق تأثير القوى الأكبر، بيد أنها يمكن حتى تؤثر على طريقة عمل النظام الدولي مع القوى الأخرى. اتى إضفاء الصفة الرسمية على التقسيم بين القوى الصغرى والقوى الكبرى بتوقيع معاهدة شومونت في عام 1814. وقبل ذلك كان الافتراض حتى جميع الدول المستقلة كانت نظريًا متساوية بصرف النظر عن القوة العملية والمسؤوليات. منذ النصف الثاني من القرن العشرين، قلصت كتلتا قوة القطبين المجال المناورة الاستراتيجي للجهات الفاعلة الأصغر. وفقًا لدراسة استعراضية عام 2017، «ما يمكن للباحثين الاتفاق عليه هوحتى الدول الصغرى تفضل بشكل عام تعددية الأطراف كطريقة للتأثير ووسيلة لتقييد الدول الأكبر. تشير دراسات الدول الصغرى المؤثرة إلى أنها قادرة على تطوير سلطة خاصة بقضية محددة للتعويض عما يفتقرون إليه في القوة الهيكلية الكلية، لذلك يمكن للدول الصغرى حتى تطور قوة غير متناسبة مع حجمها في القضايا القليلة ذات الأهمية القصوى بالنسبة لهم. بالإضافة إلى تحديد الأولويات، استخدمت الدول الصغرى بنجاح استراتيجيات بناء التحالفات وبناء السمعة: رغم حتى إدارات الدولة الصغرى تفتقر إلى موارد نظرائها الأكبر حجماً، فإن مسؤوليتها غير الرسمية والمرونة واستقلالية دبلوماسييها يمكن حتى تثبت فائدتها في المفاوضات وفي الأوساط المؤسسية.»

في عام 1945، كان هناك 74 دولة مستقلة ولكن اليوم ثمَّة 193 دولة. نتيجة لذلك، فإن الكثير من بلدان اليوم صغيرة جدًا. أكثر من نصف تلك الدول أصغر حجمًا من ماساتشوستس. وحتى عندما لا تتشكل أية بلدان جديدة، فإن الصراع العرقي والانفصالية الإقليمية وقوى الطرد المركزي المتنوعة تكون قيد التأثير. غالبًا ما تأخذ النزعة الإقليمية والانفصالية مظاهر سلمية نسبيًا، كما في حالة كيبيك أوكاتالونيا. في حالات أخرى، أدت الانفصالية إلى العنف، كما في منطقة الباسك أوفي البلقان.

القِوى الكبرى والصغرى

هجرز جميع دراسات القوة في العلاقات الدولية تقريبًا على سياسات القوى الكبرى، ولهذا السبب لن تُناقش هنا. وكما لاحظ لازلوريكزي، فإن حالة القوة تعتمد على صفة وسِعة العنف: "إذا كانت فكرة الحرب غير معروفة في العلاقات الدولية، فلنقد يكون لتعريف «القوة الصغرى» أي أهمية ؛ تمامًا كما في الحياة الداخلية لدولة ما. ليس له أية أهمية سواء كان الرجل أقل طولًا أولديه بنية أضعف من زميله المواطن. أُجرِيت معظم دراسات الدول الصغرى التي تشكل الركيزة الأساسية لأسلوب أبحاث القوة الصغرى في ذروة حركة عدم الانحياز من قبل فهماء مثل ديفيد فيتال وروبرت روثستاين وموريس إيست وروبرت كيوهان.

تزامن ضعف حركة عدم الانحياز خلال سبعينيات القرن الماضي مع انخفاض تدريجي في دراسات الدول الصغرى، وبلغت ذروتها في تقييم بيتر بير النقدي لأسلوب الأبحاث حيث شكّك بصفة الصِغر كإطار مفيد للتحليل. أُخِذت فئة القوى الصغرى بعين الاعتبار بجدية لأول مرة مع دراسة ديفيد ميتراني حول الحكومة العالمية (باللاتينية: pax oecumenica) في عام 1933. جادل ميتراني بأن المجتمع الدولي يتكون فقط من طبقتين من سلطات الدولة: كبرى وصغرى.

يرى أسلي توجي حتى القوى الكبرى والقوى الصغرى تميز نفسها عن طريق أنماط السلوك. القوى الصغرى ليست بقوى كبرى صغيرة الحجم والمقاييس، وليست بدول صغيرة للغاية متضخمة.

أورد عالما الاقتصاد أليسينا وسبولاري إيجابيات الدولة الكبرى متضمنةً (على سبيل المثال لا الحصر) حتى تكون أقل ضعفًا من الناحية الاقتصادية وقوية عسكريًا وانخفاض أسعار السِلع العامة والقوة الإدارية الأكبر وقوة دبلوماسية أكبر. يمكن للدول الصغرى الدخول في تحالفات عسكرية، ولكن بشكل عام، يحدد الحجم مدى القوة العسكرية. من المنطقي حتى تتشكل سياسة خارجية للدولة الصغرى للتغلب على نقص القدرات التي تقابلها داخل هذه المناطق. خذ على سبيل المثال القوة الاقتصادية إذ يمكن للدول الكبرى تحويل الأموال من مناطق الازدهار إلى المناطق التي لا تتمكن معظم الدول الصغرى من تحويلها إليها، ما يجعلها أكثر عرضة للتقلبات المؤقتة والتقلبات الاقتصادية. ذكر أليسينا وسبولوري أنه إذا كانت هناك فوائد فقط من الحجم، فينبغي حتىقد يكون الاتجاه هوتنظيم العالم بأسره في دولة واحدة. إذ يقترحان حتى عدد الدول في النظام الدولي من المرجح حتى يزداد وأشارا لبعض الأسباب. أولاً، عملية الدمقرطة. يفضل الديكتاتوريون الدول الكبيرة حتى يتمكنوا من الحصول على إيرادات أكبر. المزيد من الديمقراطيات تؤدي إلى المزيد من الدول. السلام هوأيضا سبب. يمكن للدول الصغيرة حتى تعيش بسهولة أكبر وأن تكون مستقرة في عالم يسوده السلام. تلعب التجارة الحرة والتكامل الاقتصادي الدولي أيضًا دورًا كبيرًا. تستطيع الدول الصغيرة الوصول إلى الأسواق التي تعتمد على المزيد من التجارة الحرة والتكامل الاقتصادي – ما يقود إلى مزيد من الدول. وجود المؤسسات الدولية لتنسيق السياسات السياسية والاقتصادية يلعب أيضًا دوراً وكذلك القانون الدولي الأكثر شمولاً وحقوق الملكية المحددة بشكل أفضل.

تعريف القوى الصغرى

لا يوجد تعريف واحد للقوى الصغرى. لذلك، عُرِّفت بطرق مختلفة. كما يشير البروفيسور ثورهالسون والبروفيسور ستينسون، فإن النقص في الموارد والقدرات التي تحدد السلطة والنفوذ أمر أساسي لمعظم تعاريف القوى الصغرى. ومع ذلك يبقى العامل الأكثر شيوعًا لتحديد حجم الدولة هوحجم السكان. إلى جانب حجم السكان، تُستخدم متغيرات أخرى مثل الأراضي والاقتصاد والقدرات العسكرية.

على الرغم من حتى العامل الأكثر شيوعًا في تحديد القوى الصغيرة هوحجم السكان، لا يوجد اتفاق حول كيفية تعريف الدول المكتظة بالسكان كقوى صغرى أومتوسطة. الرغم حتى الدول التي يقل عدد سكانها عنعشرة أو15 مليون نسمة تعتبر صغرى من قِبل معظم الأكاديميين، إلا حتى الدول التي يصل عدد سكانها إلى 30 مليون نسمة تعتبر في بعض الأحيان صغرى أيضًا. ومع ذلك، ينظر آخرون إلى الحجم كمفهوم نسبي حيث يعتبر تأثير القوى الكبرى أكبر بكثير وتأثير القوى المتوسطة أكبر بشكل معتدل من تأثير القوى الصغرى. بالإضافة إلى ذلك، فإن الدول الصغرى بالكاد تمتلك القدرات للتأثير على النظام الدولي.

من الواضح تمامًا حتى هذا «الصِغر» ليس منهجيًا، ولكن كما صرّح لونغ مع آخرين، فإن الحجم المنخفض يعتمد حقًا على الظروف. وبالتالي، فإن مفهوم الدولة وكذلك مفهوم القوة لا يترتب عليهما عامل واحد فقط، إنما الكثير من العوامل مثل أسواق السكان أوالناتج المحلي الإجمالي أوالمؤشرات العسكرية. لإيجاد نتيجة متوازنة، نحتاج إلى تمييز الأساليب الكمية والنوعية لتحليل وتحديد حالة صغيرة. في الواقع، يمكن حتى يتطور جانب الصِغر والعظمة بمرور الوقت كما يشير فيتال، فإن جميع الدول تمتلك جوانب القوة والضعف. في مقاربة واقعية لنظرية الدول الصغرى، يمكننا حتى نلاحظ كيف من الممكن أن تُعرَّف القوى الصغرى في الغالب من خلال افتقارها العملي للسلطة، وهذا من طبيعة الحال ليس هوالحال. فهي على سبيل المثال متعلقة تمامًا «بمنطقة IR»، سواء بالنسبة للجانب السياسي أوالاجتماعي. يمكن حتىقد يكون هذا، وفقًا لتشونغ وماس (2010) مؤشرا على القوة، بشكل أكثر دقة «قوة السياسة الخارجية».

على سبيل المثال، يقترح ثورهالسون إطارًا يشابك عوامل متعددة. في هذا الصدد، هناك عوامل مثل، الحجم الثابت (السكان والإقليم) وحجم السيادة (الدرجة التي تتحكم بها الدولة في شؤونها الداخلية وحدودها وكونها معترف بها) والحجم السياسي (القدرات العسكرية والإدارية والتماسك الداخلي وتوافق السياسة الخارجية) والحجم الاقتصادي (الناتج المحلي الإجمالي وحجم السوق والتنمية)، والحجم الإدراكي (كيف تُدرك الدولة سواء من قبل الجهات الفاعلة الداخلية أوالخارجية)، وحجم التفضيل (الأفكار والطموحات وأولويات النخب المحلية فيما يتعلق بدورها في النظام الدولي)، تعطى جميعها قيمة متساوية بدلاً من عامل واحد فقط.

المراجع

  1. ^ Thorhallsson, Baldur; Steinsson, Sverrir (24 May 2017). "Small State Foreign Policy". Oxford Research Encyclopedia of Politics. doi:10.1093/acrefore/9780190228637.001.0001 (غير نشط 2019-12-19). مؤرشف من الأصل في أربعة نوفمبر 2018.
  2. ^ "The Size of Nations", The MIT Press, 2003, doi:10.7551/mitpress/6261.003.0012, ISBN  مفقود أوفارغ |title= (مساعدة)CS1 maint: ref=harv (link)
  3. ^ Keohane, Robert O. (1969). "Lilliputians' Dilemmas: Small States in International Politics". International Organization. 23 (2): 291–310. doi:10.1017/S002081830003160X.
  4. ^ Réczei, (1971). The Political Aims and Experiences of Small Socialist States. In Schou, A. & Brundtland, A. O. (eds) Small States in International Relations. New York: Wiley Interscience Division, p. 76.
  5. ^ East, Maurice A. (1973). "Size and Foreign Policy Behavior: A Test of Two Models". World Politics. 25 (4): 556–576. doi:10.2307/2009952. JSTOR 2009952.
  6. ^ Rothstein, R. L. (1968). Alliances and Small Powers. New York: Columbia University Press.
  7. ^ Vital, D. (1967). The Inequality of States: a Study of Small Power in International Relations. Oxford, England: Oxford University Press.
  8. ^ Mitrany, D. (1933). The Progress of International Government. London: George Allen & Unwin Ltd, p. 9.
  9. ^ Toje, A. (2010). The European Union as a small power: After the post-Cold War. New York: Palgrave Macmillan.
  10. ^ Morgenthau, Hans (1972). Science: Servant or Master?. New American Library.
  11. ^ Keohane, Robert O. (April 1969). "Lilliputians' Dilemmas: Small States in International Politics". International Organization. 23 (2): 291–310. doi:10.1017/S002081830003160X. ISSN 1531-5088. مؤرشف من الأصل في 12 يوليو2018.
  12. ^ Long, Tom (March 2017). "It's not the size, it's the relationship: from 'small states' to asymmetry" (PDF). International Politics. 54 (2): 144–160. doi:10.1057/s41311-017-0028-x. ISSN 1384-5748. مؤرشف من الأصل (PDF) في 27 أبريل 2019.
  13. ^ Thorhallsson, Baldur (1 March 2006). "The Size of States in the European Union: Theoretical and Conceptual Perspectives". Journal of European Integration. 28 (1): 7–31. doi:10.1080/07036330500480490. ISSN 0703-6337.
تاريخ النشر: 2020-06-01 19:20:42
التصنيفات: دول حسب قوة السلطة, صفحات تحتوي على وصلة دوي غير نشطة منذ 2019, صفحات تحتوي مراجع ويب بدون عنوان, CS1 maint: ref=harv, مقالات يتيمة منذ ديسمبر 2019, جميع المقالات اليتيمة, جميع المقالات التي بحاجة لصيانة, صفحات تستخدم خاصية P227, بوابة السياسة/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

مجلس جهة مراكش آسفي يلتئم في دورة مارس ومشاريع هامّة على الطاولة

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-07 12:15:16
مستوى الصحة: 41% الأهمية: 44%

نشاط الحكومة يتصدر اهتمامات الصحف

المصدر: الرئيس نيوز - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-07 09:24:48
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 52%

stc تشارك في معرض الدفاع العالمي 2022 بمجموعة من الحلول الرقمية المتطورة

المصدر: صحيفة اليوم - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-03-07 09:25:06
مستوى الصحة: 41% الأهمية: 45%

وعود رسمية بتسوية وضعية معتقل سياسي سابق من مجموعة مراكش

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-07 12:15:22
مستوى الصحة: 34% الأهمية: 49%

قرار إعفاء شباط يتسبب في أزمة داخلية حادة لحزب “الزيتونة”

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-07 12:15:18
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 37%

شاب يرتكب جريمة قتل بشعة في حق صديقه بتطوان

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-07 12:15:21
مستوى الصحة: 33% الأهمية: 37%

اعتماد مستشفى الملك فهد بالهفوف للتعامل مع الحوادث النووية

المصدر: صحيفة اليوم - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-03-07 09:24:59
مستوى الصحة: 42% الأهمية: 41%

رياح نشطة وأتربة مثارة على نجران

المصدر: صحيفة اليوم - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-03-07 09:25:01
مستوى الصحة: 34% الأهمية: 37%

الطائرات تشعل حرب أوكرانيا.. روسيا تحذر و”ضوء أخضر” أميركي

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-07 12:15:20
مستوى الصحة: 33% الأهمية: 50%

الثلوج تكسو مرتفعات أوكايمدن + صور

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-07 12:15:17
مستوى الصحة: 43% الأهمية: 37%

كندا توصي مواطنيها بمغادرة الأراضي الروسية

المصدر: زاكورة بريس - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-07 12:15:11
مستوى الصحة: 26% الأهمية: 26%

هذا موعد مرتقب لعودة المغاربة إلى الساعة القانونية

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-07 12:15:19
مستوى الصحة: 39% الأهمية: 37%

«نفاذ» يشرف على 9 مزادات عقارية لاستعراض 61 عقارًا بالمملكة

المصدر: صحيفة اليوم - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-03-07 09:25:05
مستوى الصحة: 37% الأهمية: 47%

الممثل حسن الفد حاضر من جديد في السباق الرمضاني

المصدر: زاكورة بريس - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-07 12:15:13
مستوى الصحة: 28% الأهمية: 31%

152 ألف مستفيد من خدمات مستشفى حفر الباطن

المصدر: صحيفة اليوم - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-03-07 09:25:00
مستوى الصحة: 41% الأهمية: 45%

العسومي: المرأة العربية نموذجًا رائدًا في البذل والعطاء

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-07 09:23:15
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 52%

«الجوازات»: 13 ألف مخالف لأنظمة الإقامة والعمل بالمملكة

المصدر: صحيفة اليوم - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-03-07 09:24:58
مستوى الصحة: 37% الأهمية: 49%

فلاورد ترعى «ملتقى الضيافة» في جدة

المصدر: صحيفة اليوم - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-03-07 09:25:07
مستوى الصحة: 32% الأهمية: 48%

تحميل تطبيق المنصة العربية