أساطير أفريقية

عودة للموسوعة

الأساطير الأفريقية (بالإنجليزية:Legends of Africa) أوالميثولوجيا الأفريقية (بالإنجليزية: African mythology) لم تطور إفريقيا نظامًا أسطوريًا عامًا واحدًا، لأن إفريقيا نفسها ليس لها شعب واحد أوتاريخ واحد أولغة واحدة. تتحدث الشعوب الأفريقية أكثر من 2000 لغة مختلفة. تعد إفريقيا قارة شاسعة، موطنًا للعديد من الثقافات وألف لغة أوأكثر. على الرغم من عدم وجود مجموعة واحدة من الأساطير والخرافات يوحد هذا التنوع السكاني، إلا حتى الجماعات والمناطق الثقافية المتنوعة تشهجر في بعض العناصر الأسطورية الشائعة. مثل الأساطير من أجزاء أخرى من العالم، تعكس تلك الموجودة في أفريقيا معتقدات الناس وقيمهم. ولكن في حين حتى الأساطير الخاصة بالكثير من الثقافات الأخرى لم تعد تلعب دورًا نشطًا في المعتقدات الدينية، فإن الخرافات والأساطير الأفريقية تعمل كجزء هام من الحياة اليومية. تتعامل بعض الأساطير الأفريقية مع موضوعات عالمية، مثل أصل العالم ومصير الفرد بعد الموت. ينبع الكثير منها من بيئات القارة وتاريخها. إذا أساطير الشعوب الأفريقية تعطينا نظرة عن طرق حياتهم ووجهات نظرهم الكونية.

إن جميع ثقافة لها أساطيرها الخاصة، والتي تم صياغتها لمساعدة الناس على فهم الظواهر التي تؤثر على حياتهم اليومية. على المستوى العالمي، هناك موضوعات ورموز مشهجرة بين الأساطير المتنوعة، حتى بين الحضارات التي لم يكن لها اتصال مباشر مع بعضها البعض. بعض الأساطير الأكثر شيوعًا هي الأساطير التي تتناول خلق الكون. تتعامل الأساطير الأخرى مع الأبطال والآلهة وأصول البشر، وكذلك الموت والآخرة وتغير الفصول. هناك أساطير تتعامل مع أصل الشر، والفيضانات، والشمس، والقمر، والسماء، والجحيم، وحتى تسونامي. تغطي الأساطير أيضًا القيم الإنسانية المهمة مثل البسالة والشجاعة.

مقارنة بين أنماط رئيسية أربعة من قناع تشي ارا تشي-وارا من بامبارا من مالي.

هناك الكثير من الحيوانات في أفريقيا، من الفهود والشمبانزي والفيلة إلى مجموعة واسعة من الطيور والأسماك. تمتلئ الميثولوجيا الأفريقية بالحيوانات التي لعبت دوراً بارزاً في الأساطير الأفريقية بسبب عيش الشعوب الإفريقية على مقربة من الحيوانات البرية التي تشهجر في أراضيها. في الكثير من الأساطير الأفريقية، ينسب الناس مشاعر ورغبات الإنسان إلى الحيوانات ويستمدون السلوك الأخلاقي من تصرفات الحيوانات. بعض هذه الحيوانات الشعبية تضم الثعبان، والعنكبوت، والحرباء، والظباء. وغالبًا ماقد يكون الثعبان مؤلهًا، أويُنسب إلى قوى إلهية، في الأساطير الأفريقية. إذا رواة القصص الأفارقة وصانعي الأساطير قد أظهروا براعتهم وقدراتهم على الإبداع في قصص، لا تُعد ولا تُحصى، فسروا بها أصل الموت.


أساطير الخلق الأفريقية

الشيوارا في معهد شيكاغوللفنون. الأنثى (يسار) والذكور أنماط عمودي.
رأس ملك الجليد في المتحف البريطاني.

إن بعض الأفكار في أساطير الخلق هذه ستكون جديدة ومفاجئة للقارئ المربّى على التنطقيد الإسلامية والمسيحية: ففي أسطورة الكونو-Kono قد يكون الموت هوالقوة الأصل في العالم ويسبق وجود الرب، وعند المالوزي- Malozi يظهر الرب فاقداً للقوة التي تمكنه من السيطرة على الإنسان. أما عند الإيجو-Ijaw  فإن الإنسان قد قرر بنفسه مصيره الخاص قبل مجيئه إلى العالم. أما الوابانكوا– Wapangwa فإنهم يمتلكون رؤية خيالية غريبة تقول بأن الأرض قد خُلقت من براز النمل، في حين يعتبر اليوروبا– Yoruba الرب مسؤولاً ومذنباً عن التشويهات التي تلحق بالإنسان. كما أنهم يفسرون وجود أكثر من آلهة متعددة بوصفها أجزاءً مكونة للوجود الإلهي المفرد.

وجود هذه الأفكار تثير الانتباه لأنها تُلقي الضوء على علاقة الإنسان بالرب وعلى محاولاته للتوصل إلى نوع من التفاهم مع القوى الخارقة للطبيعة التي لا يمكن تجنبها. وبالرغم مما تجاوز فإن الأساطير الأفريقية تلك تتضمن الكثير من الأفكار المألوفة والمشابهة لتلك التي وردت في التراث الشرقي حيث يؤمن اليوروبا- Yoruba بأن الماء خُلق قبل اليابسة، ويؤمن الفانك- Fang بأن هناك خليقة أصلية قد لُعنت ودُمرت ليس بالماء ولكن بالنار. كما أنهم يؤمنون بوجودٍ منحدر من النعمة الإلهية، وهو– أي ذلك الوجود– يقوم كخصم للرب. إذا عدداً هائلاً من الأساطير الأفريقية تتبنى وتنشئ الفكرة القائلة بأن الإنسان كان في الأصل يعيش في انسجام هوأقرب إلى الرب (مثل سيرة البيني– Bini حول (السماء المنبسطة قريباً من الأرض)، وبسبب من خطأ الإنسان نفسه فإن تلك العلاقة الحميمة آلت إلى الخراب.

أما المالوزي- Malozi فلديهم سيرة تذكرنا بسيرة برج بابل– حيث يحاول رجل حتى يصل إلى الرب بواسطة بناء برج عال في السماء. أما دافع الفاكهة المحرمة فيظهر بين الايف – Efe. وكثير من الشعوب تصف الرب وهويخلق الإنسان من طين. وتتضمن أسطورة الاوباتالا–Obatala  لليوروبا بوضوح فكرة الخلاص من خلال المعاناة، كما ويمتلك الوايانكوا من تانجنيكا مفهوماً عالي التعقيد والتجريد بأن الحدثة كانت هي القوة الأولية الباعثة على الخلق.

وفي بعض الحالات يظهر التشابه بين تلك الأساطير والميثولوجيا التوراتية مثيراً للدهشة إلى الحد الذي قد يدفع المرء إلى التشكيك بوجود تأثير للإرساليات والبعثات التبشيرية. بيد حتى جامعي هذه القصص تمكنوا من نفي مثل هذا الاحتمال. وبالتأكيد فإن الاتصال الثقافي مع الشرق الأدنى كان موجوداً في الأزمان القديمة وكان يمكن للقصص والأساطير حينذاك حتى تُنقل بسهولة. ولكن الأهم من التأثيرات أوالاستعارات، كما نعتقد، هوالحقيقة القائلة بأن أفكاراً متشابهة تخطر في أذهان البشر في أماكن مختلفة وأزمان مختلفة، وبمعزل جميع منهم عن الآخر. فسيرة الفيضان أوالطوفان مثلاً موجودة عند الأسكيمو، ليبدوالتأثير الشرقي المباشر على تلك المنطقة وكأنه مسألة لا تقبل الجدل. ثم حتى ازتيك المكسيك بنوا إهرامات بالرغم من أنهم لا يمكن حتىقد يكونوا على اتصال بمصر.

الأساطير

كيف خُلق العالم من قطرة حليب

نانا هي الأنثى الموجود الأعلى في الديانة التقليدية لغرب إفريقيا لشعب الفون.

في البدء كانت هناك قطرة هائلة من الحليب ثم اتى دونداري- Doondari وخلق الحجر والحجارة خلقت الحديد، والحديد خلق النار، والنار خلقت الماء، وخلق الماء الهواء، ثم عاد دونداري وهبط للمرة الثانية. وجمع العناصر الخمسة تلك وشكلها بهيئة إنسان. ولكن الإنسان تكبّر .فخلق دونداري العمى. فغلب العمى الإنسان. ولكن العمى تكبّر هوالآخر .. فخلق دونداري النوم فغلب العمى. ولكن النوم تفاخر وتكبر هوالآخر.. فخلق دونداري القلق، فغلب القلق النوم. ولكن القلق تكبر جداً هوالآخـر... فخلف دونداري الموت .فغلب الموت القلق، ولكم عندما تكبّر الموت هوكذلك. هبط دونداري للمرة الثالثة وأصبح كيونوالخالد. وغلب كيونوالموت. (من مالي)

الموت والخلق

في البدء لم يكن هناك من شيء سوى العدم، وفي ظلمة العالم الكالحة عاش سا – SA "الموت" مع زوجته وابنته الوحيدة. ولكي يوفر له مكانا ما يعيش فيه فقد خلق (سا) بحراً هائلاً من الطين بوسائط من السحر.

وفي أحد الأيام ظهر التنكانا- Alatangana الإله، وزار (سا) في مقامة القذر فأشمئز وروع من هول الحالة التي رآها. ولقد عنف "سا" بشده قائلاً له بأن قد خلق مكاناً غير مأهول وغير ذي غرس، وبدون مخلوقات وبدون ضياء ولكي يعالج الأخطاء شرع التنكانا أولاً إلى تجميد تلك الأوساخ خالقاً بذلك الأرض، ولكن تلك الأرض لا زالت تبدوعقيمة وحزينة لذلك خلق الحيوان والنبات من جميع نوع. أما "سا" الذي اقتنع بتلك التحسينات التي حصلت لمكان اقامته فلقد عقد مع التنكانا صداقة حميمة واكرمه بضيافة ممتازة.

بعد زمن، سأل التنكانا، والذي كان أعزب، سأل مضيفه يد ابنته الوحيدة، ولكن الأب تحجج وتعذر، وفي النهاية رفض بصراحة حتى يلبي الطلب. الشيء الذي دفع بالتنكانا إلى ان يعقد اتفاقاً سرياً مع الفتاة ويتزوجها بالخفية ولكي ينجوا من غضب "سا" فلقد هربا إلى زاوية بعيده جداً من الأرض. وهناك عاشا بسعادة وخلفا أطفالاً كثيرين: سبع بنات وسبع أولاد – أربعة صبيان وصبيات بيض اللون وثلاثة صبيان وصبيات سود اللون ومما ادهش الوالدين حتى أولئك الأطفال كانوا يتحدثون فيما بينهم بلغة غريبة لم يفهمها الأبوان. ولقد انزعج التنكانا من هذا الأمر وقرر حتى يمضى إلى "سا" ويشاوره فيه وبدون أي تأخير شرع في رحلته التي عزم عليها. ولقد استقبله حماه ببرود ونطق:

- نعم، هوأنا الذي عاقبتكم جراء إساءتكم لي ولن يتسنى لكما قط حتى تفهما ما يقوله أولادكما. ولكني سأعطي البيض من أولادكم الفطنة والورقة والحبر كيما يدونوا أفكارهم بهما. وأعطي السود منهم المعزقة والفأس وذلك كيما يطعموا أنفسهم وينتجوا جميع ما يحتاجونه بايديهم.

المحارب Ikenga

كما أوصى "سا" التنكانا بأن يتزوج البيض من أولادهم فيما بينهم وكذلك السود. ورغبة من التنكانا في إنهاء النزاع مع حماه فلقد وافق على جميع شروطه. وعندما عاد إلى دياره احتفل بزيجات جميع أولاده. والذين اختفوا بعد ذلك في بقاع الأرض وولدّوا العرقين الأبيض والأسود ومن ذلك السلف ولد العدد الذي لا يحصى والمعروف اليوم تحت أسماء مختلفة من الفرنسيين والإنجليز والإيطاليين والجرمان من جهة، والكونووالكوزري والمانون مالينك والتوما ياكوب من جهة أخرى. ولكن العالم الذي أصبح مأهولاً إلى هذا الحد كان لا يزال غارقاً في الظلمة. ومرة أخرى اضطر التنكانا إلى استشارة " سا". فأمر جميع من "التوتو" وهوطير أحمر صغير يبكر في الصباح، والديك للذهاب والتماس نصيحة "سا". بعدما فرغ "سا" من سماع الرسولين نطق لهما:

- ادخلا البيت وسأعطيكما الغناء الذي ستدعوان ضياء النهار بواسطته حتى يمضى الرجال إلى أعمالهم.

ولكن الرسولين عندما عادا غضب التنكانا ووبخهما قائلاً:

- لقد أعطيتكما المال والطعام لرحلتكما لتهملا واجبكما على هذا الشكل. الموت هوما تستحقانه.

ولكن سرعان ما غفر التنكانا ورحم بالرسولين عندما أطلق بعد قليل "التوتو" صيحته الأولى وكذلك أوفد الديك أول أغنية له. اذ ما كاد الطائران ينتهيان من غنائهما حتى حلت المعجزة وبزغ أول نهار. فظهرت الشمس على الأفق وشرعت في مدارها السماوي وفقاً لتوجهات "سا". وبعد حتى انهى الشمس رحلته مضى لينام في مكان من جهة أخرى من العالم. لحظتها ظهرت النجوم لتعطي البشرية بعضاً من ضيائها. ومنذ ذلك اليوم تحتم على ذانك الطائرين حتى يغنيا لدعوة الضياء. التوتوأولاً ومن بعده الديك.

بعد حتى وهب البشر الشمس والقمر والنجوم بهذا الشكل استدعى "سا" التنكانا ونطق له:

- لقد أخذت مني طفلتي الوحيدة وباللقاء كافئتك أنا بكل خير. وآن الآن دورك في حتى تقدم خدمة لي. لقد حرمتني من طفلي وعليك الان حتى تعطيني واحداً من أطفالك في أي وقت اختاره لدعوة ذلك الواحد. وسيسمع في احلامه عندما اختاره حسحسة قرع فارغ، وسيكون هذا ندائي الذي يجب حتى يُطاع على الدوام.

حاساً بذنبه لم يمتلك التنكانا الا ان يوافق. إلى غير ذلك وبسبب من التنكانا الذي تمرد على العادة المتبعة والقاضية بدفع ثمن العروس، توجب على الإنسان حتى يموت.

كيف أصبح القمر أباً للعالم

خلق الرب انسانا اسماه القمر. ولقد عاش القمر بادئ ذي بدء في قعر البحر. وعندما أراد القمر حتى يمضى ليعيش على الأرض حذره الرب ونطق:

- يفترض أن تندم على ذلك، إذا الحياة في الأرض صعبة.

المحارب أكينغو

ومع ذلك فقد مضى القمر إلى الأرض، لقد كانت الأرض في تلك الأيام خالية وغير مأهولة مما جعل القمر يشعر بالتعاسة وينتحب. فنطق له الرب:

- لقد حذرتك ولكنك لم تسمع. ومع ذلك سأساعدك. وستكون لك زوجة وستعيش معك لمدة سنتين.

وأوفد الرب نجمة الصبح لتعيش مع القمر. وجلبت نجمة الصبح معها النار من السماء. وكانت عندما ترغب حتى ترقد في كوخ القمر ليلاً تشعل ناراً وتنام على أحد جوانبها فيما ينام القمر على الجانب الأخر. ولكن القمر تخّطى تلك النار خلال الليل ووطأ نجمة الصبح.

في الصباح التالي لاحظ حتى جسد نجمة الصبح قد انتفخ، وبعد فترة ولدت أشجاراً وحشائش وجميع أنواع النباتات إلى حتى أصبح العالم برمته أخضراً. وأخذت تلك الأشجار تنمووظلت تنموإلى حتى لمست السماء. وإذاك بدأ مطر السماء بالهطول. وعاش القمر ونجمة الصبح حياة رغداء وهما يتغذيان على البذور والجذور. ولكن بعد حتى انقضت السنتان استدعى الرب نجمة الصبح وارسلها لكي تعيش في السماء. وبكى القمر لثمانية أيام فاعطاه الرب زوجة ثانية ونطق ستعيش معك لسنتين. ولكن يتحتم عليك حتى تموت في نهاية تلك المدة.

ومضىت نجمة المساء وعاشت مع القمر لمدة سنتين وفي اليوم الذي تلا الليلة التي نام فيها القمر معها، انتفخت بطن نجمة المساء ثم ولدت بعد فترة الماعز والخراف والبقر. وفي اليوم التالي ولدت الغزلان والطيور أما في اليوم الثالث فلقد ولدت الصبيان والبنات. وفي اليوم الرابع أرد القمر حتى ينام مع نجمة المساء ولكن الرب نطق:

- لا تعمل ذلك فلقد اقترب الوقت الذي توجب فيه موتك.

ولكن القمر عصى ونام مرة أخرى مع نجمة المساء. وفي الصباح التالي انتفخت بطنها فأنجبت الأسود والفهود والثعابين والعقارب. فنطق الرب:

- لقد حذرتك فلم تسمع.

ورأى القمر حتى بناته جميلات فوطأهن كذلك فحملن منه أطفالاً آخرين وأصبح هوملكاً لعالم كبير جداً. ولكن نجمة المساء شعرت بالغيرة من بناتها فأوفدت ثعباناً ليلدغ القمر. إلى غير ذلك عملت وتسقم القمر سقماً شديداً وانبتر المطر عن الهطول وجفت الأنهار والبحيرات وماتت النباتات وحلت المجاعة. وتشاور الأولاد فيما بينهم عن كيفية إعادة المطر ونطقوا:

- إنها غلطة القمر.

فشنقوا القمر ورموه في المحيط ونصبوا رجلاً آخر ملكاً عليهم. ولكن القمر قام من البحر وصار منذ ذلك اليوم يلاحق زوجته الأولى التي عاش معها بسعادة نجمة الصباح. (من روديسيا  – Wakaranga Story).

الأدب الشفاهي والرواية والأساطير

دامبالا زوج عايدة ويدوللفنان الهايتي هيكتور هيبوليت.

انتشر التراث الشفوي الأفريقي في العالم الجديد مع تجارة العبيد، ويضم هذا التراث أنماطا شعرية وقصصية غنية ومتنوعة لمعظم القبائل الأفريقية. وتعد الأساطير وقصص الخلق من أغناها وأكثرها تنوعا وخيالا. فشعب الكونغومثلا يعتقد بأن القوة الحقيقية في العالم مبعثها الموت الموجود قبل الإله. أما شعب زامبيا فيعتقد حتى الإله يتراجع يائسا أمام قوة الإنسان، ويؤمن شعب إيجوIgo في دلتا النيجر حتى الآلهة الخالقة تسمح للإنسان باختيار مصيره قبل حتى يولد. ولدى شعب بانجوفي تنزانيا رؤية خيالية خاصة عن الخلق، إذ يعتقدون حتى العالم مخلوق خرج من بطون النمل، ويمضى الرعاة من شعب مالي إلى حتى أصل الخليقة هونقطة الحليب المقدسة، وأكثر قصص الخلق عند شعوب أفريقية تلك التي تتحدث عن خلق العالم في سبعة أيام، كما يعتقد شعب دوغون الذي يعيش في المنطقة التي تعهد اليوم باسم جمهورية مالي.

وتتفق معظم الأساطير الأفريقية على حتى الإله قد وافق في البداية على منح الإنسان حياة أبدية، إلا حتى رسالته قد حرفت بسبب التدليس والغباء.. وثمة مئات من الأساطير حول هذه الرسالة المحرفة في أنحاء القارة السوداء. وقد ظهرت أول محاولة أوربية هامة لجمع ألوان هذا الأدب في ألمانيا عام 1896، أعدها المستفرق الألماني (أوجست سیدل) في صورة منتخب من الأدب الشفوی بعنوان (قصص الأفريقيين وحكاياتهم). خط سیدل مقدمة اضافية لمنتخبه هذا نادى فيها القارئ إلى رؤية الأفريقي المتوحش - على حد قوله - ومتخيله وهويفكر ويشعر ويتخيل وينظم الشعر مثل باقي البشر. ثم اتى أيضا مواطنه المستفرق (لیوفروبنيوس) فنشر منتخبا جديدا من الحكايات والقصص بعنوان "الديكاميرون السوداء" وهوعنوان مستوحى من كتاب الإيطالي جيوفاني بوكاشيوصاحب کتاب (الديكاميرون) أو(الليالي العشر). وتلاه بعد ذلك زميله (ماینهوف) بكتاب (حکایات خيالية أفريقية) نشر عام 1921. ثم أعاد فروبنيوس الكرة مرة أخرى فبدأ في نشر منتخبه الضخم "أطلانطيس" (القاهرة المفقودة) الذي ظهر في اثني عشر جزءا واحتوى على أربعة آلاف ومائة ثمانية وعشرون صفحة، ضم مئات القصص والأساطير والخرافات والحكايات الخيالية الأفريقية.

والرواية بطبيعتها أسست أرضا ذات اتصال واستجابة في المشهد الروائي الأفريقي، وقامت إفريقيا بتكملة الرؤية الفنية للمشهد العالمي للرواية الوافدة إليها من المستعمر وما أنجزه المترجمون في هذا المجال، بل أدمجت جماليات التنطقيد الشفهية للأدب مع الرؤية والمفهوم الأوروبي؛ ليظهر ما يسمى الآن بالرواية الأفريقية الخالصة التي استثمرها الكتاب الأفارقة شكلا وموضوعا. ": ولعل من المدهش حتى تأتي التجارب الأولى في كتابة الرواية من اللغات المحلية، وكانت البداية في جنوب القارة التي سيطرت عليها الاتجاهات التعليمية والأخلاقية؛ نظرا للرقابة الدينية وحركات التبشير القوية التي رافقتها في ذلك الوقت، كما نشطت بعض التجارب في نيجيريا - غرب القارة - على وجه الخصوص، كانت هذه الروايات تعج بالفانتازيا والخيال وهوما قربها إلى قلوب الجيل التالي الباحث عن مصادر جديدة للإبداع، وهوأيضا ما لفت أنظار الغرب وقتها؛ حيث وجدوا فيها نوعا جديدا لا يهتم كثيرا بتحليل الشخصيات ولا برسم الأحداث، والصور المعقدة، كما كان هذا النوع من الكتابة مفعم بالسحر والفكاهة والحيوية".

كما ظهرت كثرة من الكتاب يحاولون الحفاظ على الأدب الشفاهی التقليدي، وبعثه، وإحياء جميع تراث الشعراء الأفارقة القدامی الذين عهدوا باسم " المنشدين". ففي عام 1947 أصدر بیراجوديوب كتابه "حكايات أمادوکومبا"، وفي عام 1958 أصدر أيضا كتاب "حكايات أمادوکومبا الجديدة". وفي عام 1953 نشر فیلی دابوسيسوكوكتابه "الحكمة السوداء" وهي مجموعة من الأمثال الشعبية، وفي عام 1955 صدر كتابه "هارامكيس" وهي مجموعة من القصائد. وفي عام 1955 نشر برنار داديه مجموعة من الحكايات الشعبية تحت أسم "الأرز الأسود" ومجموعة أخرى تحت أسم "أساطير أفريقية" عام 1957. كما عمل مثل ذلك جميع من كوينوم في "ثلاثة أساطير أفريقية"، وجوليان اليبيني في " أساطير وحكايات من داهومي".

رمز آييدا ويدووزوجها دامبالا

ويروي ديكا أكوا مجموعة من الأمثال الشعبية في كتابه " إنجيل حكمة البانتو". والكسندر أدانديه في كتابه "حكمة الأقزام" ويعود د. ت. نیانى فيكتشف ملحمة "سودياتا" من جديد. ولكن هؤلاء الكتاب لا يحاولون، فقط، مجرد إنقاذ أشكال الثقافة الشعبية وكشفها، بل هم يحاولون، بعد سرد هذه الأشكال وتصنيفها، حتى يتلمسوا في الإنتاج التقليدى أسسا وعناصر للتنمية والتطوير، فيقول بیراجودیوب "أن الشجرة لا تنموإلا إذا ضربت بجذورها في أعمال الأرض السقمع" بل يمضى بعضهم إلى محاولة استخلاص نظام أخلاقي تام من هذه التنطقيد الشعبية، فنجد برنار داديه يلقي، في المؤتمر الثاني للكتاب والفنانين السود، محاضرة عن "الحكاية الشعبية عنصر للتضامن والعالمية". ": تقوم رؤية نجوجی واثيونجوللأدب الشفاهي على حتى هذا الأدب الذي عهدته جميع المجتمعات القديمة تتمركز حكايته حول مجموعة من الأسئلة مثل لما وكيف ومتى واين التي تتعلق بظواهر الطبيعة. هذه الحكايات الرمزية والأساطير تمثل جميعا مخيلة قصصية، تشكل الرواية التي لا تختلف عن الأسطورة والحكاية الرمزية امتدادا لها، فهي تقدم أيضا رؤية للمجتمع قائمة على التفكر في الحياة الاجتماعية".

ويخلص الناقد إلى حتى الرؤية الروائية تشابه الرؤية الفهمية من حيث المنهج، لأن كليهما يلتقط المعلومات من الحياة والملاحظة الحسية، وكلاهما يضع خبرته في انساق ويقيم علاقات فيما بينها بصورة تساعدهما في إقامة روابط تجمع فيما بينها.

إن الكتابة كما خبرها نجوجي هي محاولة لفهم الذات وفهم التاريخ ولاستيعاب ما يظهر من قوی عقلانية وراء الاستعمار وما وراء الأستعمار. ولتأكيد هذه الرؤية يتحدث عن تجربته السيرة القصيرة التي شكلت عاملا مساعدا له في استيعاب اللقاءة مع الفوضى، إضافة إلى فهمه عن الرواية باعتبارها ممارسة تحليل واختزال تستند إلى رؤية تمتد إلى ما وراء المكان والزمان اللذين تتخلق فيهما، دون حتى يغفل عن شرح علاقته بالماركسية وتأثيرها فيه، كما تجلى ذلك في تحرره من النظرة الأحادية اللواقع". من هنا نستطيع حتى نعتبر حتى بعض الروايات الأفريقية نابعة من هذا المصدر نفسه، فهي ترسم الواقع الأفريقي كما الأفريقي من الداخل، ومنها مثلا نجد رواية نازی بونی "غسق الأزمان القديمة" 1962، ورواية "نجاندو" 1948 لتشيبامبا، ورواية " أسطورة مبغومومازونو" 1954 لمالونجا، ورواية "الولد الأسود" 1963 لكامارا لایی وأيضا "نظرة الملك " لكامارا لایی الصادرة عام 1954.

إن هذه الأعمال تهدف إلى حتى تكون تصويرا أمينا، وإعادة للأمور إلى نصابها، وردها إلى مكانتها، في وقت واحد. فيقول كامارا لاي على سبيل المثال ": لا أريد حتى أقول إلا ما رأته عينای، ولم أروأكثر من ذلك" ويقول نازی بونی " إذا هذا الكتاب تعبير عن الحياة الريفية، والدينية، والعاطفية، والحربية، الشعب يتحرك ويعمل! إذا إفريقيا لن تكون إفريقيا إذا أحست العار من ماض لا بد لها حتى تستقى منه العصارة، التي لا غنى لها عنها لكي تعيد بناء نفسه".

مراجع

  1. ^ Patricia Ann Lynch، Jeremy Roberts. African Mythology, A to Z. p XII.
  2. ^ "African Mythology". مؤرشف من الأصل في 25 فبراير 2017. اطلع عليه بتاريخ 16 يوليو2019.
  3. ^ Patricia Ann Lynch، Jeremy Roberts. African Mythology, A to Z. Introduction.
  4. ^ Sandra Giddens، Owen Giddens. African Mythology. p 3. CS1 maint: location (link)
  5. ^ Sandra Giddens Owen Giddens. African Mythology. p 26. CS1 maint: location (link)
  6. ^ Sandra Giddens Owen Giddens. African Mythology. p 31. CS1 maint: location (link)
  7. ^ "أصل الحياة والموت : أساطير الخلق الأفريقية". مؤرشف من الأصل في 08 ديسمبر 2019. اطلع عليه بتاريخ 15 يوليو2019.
  8. ^ "أساطير الخلق الأفريقية". مسقط كتَّاب العراق. مؤرشف من الأصل في 08 ديسمبر 2019. اطلع عليه بتاريخ 16 يوليو2019.
  9. ^ "كيف خُلق العالم من قطرة حليب". مؤرشف من الأصل في 08 ديسمبر 2019. اطلع عليه بتاريخ 16 يوليو2019.
  10. ^ "الموت والخلق". مؤرشف من الأصل في 08 ديسمبر 2019. اطلع عليه بتاريخ 16 يوليو2019.
  11. ^ "كيف أصبح القمر أباً للعالم". مؤرشف من الأصل في 08 ديسمبر 2019. اطلع عليه بتاريخ 16 يوليو2019.
  12. ^ شوقى بدر يوسف. الرواية الإفريقية .. إطلالة مشهدية.
تاريخ النشر: 2020-06-01 19:30:36
التصنيفات: أساطير أفريقية, آلهة يوروبية, أساطير شرق أوسطية, أساطير غرب أفريقيا في الفن, إمبراطوريات سابقة في أفريقيا, تاريخ أفريقيا, حكام أسطوريون, CS1 maint: location, بوابة أفريقيا/مقالات متعلقة, بوابة علم الأساطير/مقالات متعلقة, بوابة فلكلور/مقالات متعلقة, بوابة ثقافة/مقالات متعلقة, بوابة الأديان/مقالات متعلقة, بوابة خوارق/مقالات متعلقة, بوابة أدب/مقالات متعلقة, بوابة التاريخ/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

حاليا بالمغرب.. 18 ألف و152 مصابا بكورونا منهم 194 حالة حرجة

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-05 23:10:32
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 36%

بنك المغرب يصدر قائمة الخدمات البنكية المجانية

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-05 23:10:36
مستوى الصحة: 31% الأهمية: 42%

ثقافي / "شتاء درب زبيدة "..فعاليات متنوِّعه لجميع أفراد الأسرة

المصدر: وكالة الأنباء السعودية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-05 22:44:10
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 63%

الصحة تكشف عن التعاقد على 3 أدوية جديدة لعلاج كورونا

المصدر: الرئيس نيوز - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-05 22:44:25
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 58%

البنك المركزي يوضح تفاصيل فتح واستخدام المحافظ الإلكترونية

المصدر: الرئيس نيوز - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-05 22:44:22
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 53%

مهندس سعودي يستلهم فنون النحت من انعكاسات النجوم

المصدر: جريدة الرياض - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-05 22:39:26
مستوى الصحة: 67% الأهمية: 85%

بلينكن: لن يحرز أي تقدم مع روسيا طالما أن مسدس موجه إلى رأس أوكرانيا

المصدر: جريدة الرياض - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-05 22:39:42
مستوى الصحة: 77% الأهمية: 84%

“تيك توك “.. مجتمع مصغر يضمر الخفايا

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-05 23:10:37
مستوى الصحة: 39% الأهمية: 45%

برشلونة يتجاوز فريق درجة ثالثة بصعوبة ويتأهل في كأس الملك

المصدر: جريدة الرياض - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-05 22:39:30
مستوى الصحة: 67% الأهمية: 73%

حرمان رجل من القيادة لمدة عام.. لهذا السبب! - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-01-05 22:41:13
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 50%

ميندي ودوناروما ونوير في القائمة النهائية لـ"أفضل" حارس في العالم

المصدر: البطولة - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-01-05 23:13:37
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 67%

البيت الأبيض يدعو السلطات في كازاخستان إلى ضبط النفس

المصدر: جريدة الرياض - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-05 22:39:35
مستوى الصحة: 80% الأهمية: 80%

نزلاء السجون وسؤال العلاج والتأهيل والتمكين بعد السجن

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-05 23:10:34
مستوى الصحة: 34% الأهمية: 48%

نمر يهاجم عمال حديقة في طوكيو - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-01-05 22:41:15
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 65%

ثقافي / وزارة الثقافة تواصل الاحتفاء بالشعر والشعراء في ضيافة الأعشى بمنفوحة

المصدر: وكالة الأنباء السعودية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-05 22:44:14
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 54%

الرئيس الألماني يدعو جلالة الملك لزيارة بلاده ويشيد بالحكم الذاتي

المصدر: زاكورة بريس - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-05 23:10:21
مستوى الصحة: 19% الأهمية: 23%

أحمد فهمي يقرر اعتزاله «السوشيال ميديا»: العيش في عالم حقيقي

المصدر: الإمارات اليوم - الإمارات التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-01-05 22:45:51
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 69%

الريادة التنظيمية

المصدر: جريدة الرياض - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-05 22:39:22
مستوى الصحة: 66% الأهمية: 71%

كأس أمم إفريقيا: المغرب للقب ثان بعد 46 عاما من الانتظار

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-05 23:10:40
مستوى الصحة: 37% الأهمية: 37%

عاجل| الملاءة المالية شرط استيراد الخضار والفواكه السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2022-01-05 22:41:19
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 51%

تحميل تطبيق المنصة العربية