الجدل حول العرق المصري القديم

عودة للموسوعة

أثيرت مسألة عرق المصريين القدماء تاريخيًا كنتيجةٍ للمفاهيم العنصرية المبكرة في القرنين الثامن والتاسع عشر، وارتبطت بنماذج من التسلسل الهرمي العنصري المعتمدة في المقام الأول على فهم قياس الجماجم والقياسات البشرية وفهم الوراثة البشري. وُجدت مجموعة متنوعة من الآراء المتداولة حول العرق (التصنيف البشري) للمصريين ومصدر ثقافتهم. جادل بعض الفهماء حتى حضارة مصر القديمة قد تأثرت باللغات الآسيوية الأفريقية في شمال إفريقيا أوالشرق الأوسط، بينما أشار آخرون إلى التأثيرات القادمة من مختلف المجموعات مثل النوبيين أوسكان أوروبا. استمر بعض الكُتّاب مؤخرًا في تحدي وجهة النظر السائدة، بينما ركز البعض على التشكيك في عرق أفراد بارزين محددين، مثل: الملك المتمثل بأبوالهول، والفرعون توت عنخ آمون من الأسرة المصرية الثامنة عشر، وكليوباترا من البطالمة.

يرفض الفهماء فكرة حتى مصر كانت تابعة لحضارة العرق الأبيض أوالأسود. ويؤكدون أنه رغم التنوع الظاهري للمصريين القدماء والحاليين، فإن تطبيق المفاهيم الحديثة للعرق الأبيض أوالأسود على مصر القديمة هومفارقة تاريخية. بالإضافة إلى ذلك، يرفض الفهماء فكرة بأن مصر القديمة كانت متجانسة عنصريًا؛ بل على العكس من ذلك فقد تباينت ألوان البشرة بين شعوب مصر السفلى وصعيد مصر ومملكة كوش، الذين وصلوا إلى مواقع السلطة في مصر القديمة خلال العصور المتنوعة.

وصفت دراسة نُشرت في عام 2017 عملية استخراج وتحليل (دي إذا أي) ل 151 من الأفراد المصريين القدماء المحنطين، الذين انتُشلَ رفاتهم من أبوصير الملق في محافظة بني سويف في مصر الوسطى. كانت الدراسة قادرةً على قياس دنا المتقدرة لـ 90 فردًا، وقد أظهرت حتى «المصريين القدماء يتقاسمون مع أهل الشرق الأدنى القديم خصوصا في العصر البرونزي والحجري الحديث أكثر من المصريين الحاليين، الذين أخذوا مؤخرًا مزيجًا إضافيًا من جنوب الصحراء الكبرى». استُخرجت معلومات الجينوم بشكل ناجح فقط من ثلاثة من هؤلاء الأفراد. ومن بين هؤلاء الثلاثة، عُيّن الهابلوغروب (الصبغي Y) لشخصين منهم، الأولى تابعة للشرق الأوسط، والثانية شائعة في منطقة شمال إفريقيا. وُجدَ أيضًا في بنيتهم الجينية عنصر قادم من جنوب صحراء إفريقيا تراوحت نسبته ما بين 6% و15%. ومع ذلك، حذّر مؤلفوهذه الدراسة من حتى المومياوات قد لا تمثل جميع الشعب المصري، وذلك بسبب حتى جميع المومياوات المُختبرة أُخِذت من نفس المسقط، وتاريخها يعود إلى الفترة ما بين أواخر المملكة المصرية الحديثة إلى مصر (مقاطعة رومانية)، مع عدم وجود عينات لأي مومياء من عهد المملكة المصرية القديمة والوسطى.

التاريخ

كانت أولى الأمثلة على الخلاف حول عرق المصريين القدماء من خلق الأوروبيين والأمريكيين في أوائل القرن التاسع عشر. ومن النماذج المبكرة على هذه المحاولات، منطق نُشر في مجلة نيوإنغلاند في أكتوبر من عام 1833، عارض فيه المؤلفون الانادىء القائل إذا «هيرودوت أعطاهم السلطة لكونهم زنوج». وأشاروا إلى لوحات المصريين القديمة كدليل: «قد يحدث لُوحظ حتى بشرة الرجال كانت حمراء بشكل دائم، وبشرة النساء كانت صفراء؛ لكن لا يمكن القول إذا أيًا منهما لديه أي شيء في ملامحه على الإطلاق يشبه الأصل الزنجي».

خط قسطنطين فرانسوا فولني في القرن الثامن عشر: «الأقباط هم التمثيل الحقيقي للمصريين القدماء «بسبب» بشرتهم ذات اللون اليرقاني الأصفر، والتي ليست يونانية ولا نيجيرية ولا عربية، شكل وجوههم الممتلئة والعيون المنتفخة، وشفاههم الثخينة... المصريون القدماء كانوا زنوجًا حقيقيين من نفس النوع مثل جميع الأفارقة الأصليين».

صرَّح جان فرانسوا شامبليون بعد بضع سنواتٍ فقط في عام 1839، في عمله مصر القديمة بأن المصريين والنوبيين مُثلوا بالطريقة ذاتها في اللوحات والنقوش، مُقترحًا: «في أقباط مصر، لا نجد أيًا من السمات المميزة للسكان المصريين القدماء، فالأقباط هم نتيجة التهجين مع جميع الدول التي سيطرت على مصر سابقًا بنجاح، ومن الخطأ البحث عن السمات الرئيسية للعرق القديم ضمن الأقباط». وأيضًا في عام 1839، طُعن في انادىءات شامبليون وفولني من قبل جاك جوزيف شامبليون - فيجياك، الذي ألقى باللوم على القدماء كونهم السبب في نشر انطباع خاطئ عن أصل المصريين، قائلًا إذا «الرأي القائل بأن السكان القدامى في مصر منتمين إلى العرق الأفريقي الزنجي، هوخطأ مقبول منذ فترة طويلة باعتباره الحقيقة... وإن استنتاج فولني فيما يتعلق بالأصل الزنجي للحضارة المصرية القديمة هوغير مقبول».

اشتد الجدل حول عرق المصريين القدماء خلال حركة الإبطالية في الولايات المتحدة خلال القرن التاسع عشر، إذ أكدت الحجج المتعلقة بتبريرات العبودية على الدونية التاريخية والعقلية والجسدية للسود. عملى سبيل المثال، اعترض جون كامبل في عام 1851، مباشرةً على انادىءات شامبليون وآخرين فيما يتعلق بالأدلة حول العرق الأسود لمصر، مؤكدًا: «هناك صعوبة كبيرة، وفي رأيي معضلة لا يمكن التغلب عليها، وهي حتى المدافعين عن أصل الحضارة الزنجية في مصر لا يحاولون فهم، كيف من الممكن أن ضاعت هذه الحضارة.... وكيف تقدمت مصر، ولماذا، لأنها كانت قوقازية».

أصبحت النقاشات المتعلقة بعرق المصريين مرتبطة بشكل أوضح بالنقاش الدائر حول العبودية في الولايات المتحدة مع تصاعد الحرب الأهلية فيها. بدأ يوشيا سي. نوت مع جورج غليدين في عام 1854 إثبات أن: «القوقاز أوالبيض، والعرق الزنجي كانوا مختلفين للغاية في التاريخ البعيد، وأن المصريين كانوا قوقازيين». وصل الطبيب وأستاذ فهم التشريح صامويل جورج مورتون، إلى نتيجة وهي: «رغم حتى عدد الزنوج كان كبيرًا في مصر، إلا حتى وضعهم الاجتماعي في العصور القديمة كان هونفسه [الآن في الولايات المتحدة]، وهومسقط الخدم والعبيد». تحدث فلندرز بيتري في أوائل القرن العشرين وهوأستاذ في فهم المصريات بجامعة لندن، بدوره عن الملكة أحمس-نفرتاري، التي كانت «السلف الإلهي للأسرة المصرية الثامنة عشرة». وقد وصفها جسديًا بأنها «امتلكت أنفًا معقوفًا، طويلًا ورفيعًا، وكانت تعاني من بروز الفك».

لم تكن مصر حضارة شعبية بوجود جميع الأميركيين من أصل أفريقي في ذلك الوقت، لأنهم غالبًا ما ربطوا مصر بالعبودية. وفي أواخر الستينيات، ربط مارتن لوثر كينغ وغيره من قادة الحقوق المدنية نضال اليهود المُستعبَدين في مصر بكفاح الأمريكيين ذوالأصول الأفريقية.

موقف الأبحاث الحديثة

قابلت فرضية العرق الأسود خلافاتٍ «عميقةٍ» من قبل الفهماء في «ندوة اليونسكوحول رؤية مصر القديمة وفك رموز نصوصها» في القاهرة عام 1974. واستنتج معظم المشاركين حتى السكان المصريين القدماء كانوا من السكان الأصليين في وادي النيل، وهم نتاج الشعوب من شمال وجنوب الصحراء الذين كانوا مختلفين بألوانهم. سُجّلت الحجج لجميع الأطراف في منشور اليونسكو«تاريخ أفريقيا العام»، ضمن الفصل «أصل المصريين» الذي خطه أنتا ديوب.

رفض معظم فهماء الأنثروبولوجيا منذ النصف الثاني من القرن العشرين، حتىقد يكون لفكرة العرق أي صلاحية في دراسة البيولوجيا البشرية. وخط ستيوارت تايسون سميث في موسوعة أكسفورد لمصر القديمة في عام 2001، «أي توصيف لعرق المصريين القدماء يعتمد على التعاريف الثقافية الحديثة، وليس على الدراسات الفهمية. وبالتالي، فمن المعقول وفقًا للمعايير الأمريكية الحديثة، وصف المصريين بأنهم (سود)، مع الاعتراف بالدليل الفهمي للتنوع البدني للأفارقة».

المراجع

  1. ^ Edith Sanders: The Hamitic hypothesis: its origin and functions in time perspective, The Journal of African History, Vol. 10, No. أربعة (1969), pp. 521–532
  2. ^ Lefkowitz, Mary R; Rogers, Guy Maclean (1996). . صفحة 162. ISBN . مؤرشف من الأصل في 21 فبراير 2020. اطلع عليه بتاريخ 28 مايو2016.
  3. ^ Bard, Kathryn A; Shubert, Steven Blake (1999). . صفحة 329. ISBN . مؤرشف من الأصل في 21 فبراير 2020. اطلع عليه بتاريخ 28 مايو2016.
  4. ^ Stephen Howe (1999). . صفحة 19. ISBN . مؤرشف من الأصل في 21 فبراير 2020. اطلع عليه بتاريخ 28 مايو2016.
  5. ^ "Google Maps". Google Maps. مؤرشف من الأصل في 21 فبراير 2020.
  6. ^ Schuenemann, Verena; Peltzer, Alexander; Welte, Beatrix (30 May 2017). "Ancient Egyptian mummy genomes suggest an increase of Sub-Saharan African ancestry in post-Roman periods". Nature Communications. 8: 15694. Bibcode:2017NatCo...815694S. doi:10.1038/ncomms15694. PMC 5459999. PMID 28556824.
  7. ^ "Original Papers: Ancient Egyptians". The New-England Magazine. 0005 (4): 273–280. October 1833. مؤرشف من الأصل في 21 فبراير 2020.
  8. ^ Chasseboeuf 1787، صفحة 74–77.
  9. ^ Chasseboeuf 1862، صفحة 131.
  10. ^ Milton & Bandia 2009، صفحة 215.
  11. ^ Campbell 1851، صفحة 10–12.
  12. ^ Petrie 1939، صفحة 105, 155.
  13. ^ UNESCO, Symposium on the Peopling of Ancient Egypt and the Deciphering of the Meroitic Script; Proceedings, (Paris: 1978), pp. 3–134
تاريخ النشر: 2020-06-01 20:07:47
التصنيفات: تاريخ مزيف, خلافات علمية, سياسات وأعراق, عرق, قومية أفريقية وسوداء, مراجعة تاريخية, مصر القديمة, نظريات هامشية, مصرايم, مقالات يتيمة منذ فبراير 2020, جميع المقالات اليتيمة, جميع المقالات التي بحاجة لصيانة, بوابة السياسة/مقالات متعلقة, بوابة مصر/مقالات متعلقة, بوابة مصر القديمة/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

الجيش الإسرائيلي يعتقل منفذ عملية الأغوار (صور)

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-31 12:07:35
مستوى الصحة: 82% الأهمية: 86%

الحرب على غزة...الاحتلال الاسرائيلي قتل 400 فلسطينيا هذا اليوم

المصدر: الحرية تي في - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-03-31 12:20:43
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 53%

في ذكرى رحيل العندليب ... مديرة منزله تتحدث لأول مرة

المصدر: الحرية تي في - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-03-31 12:20:39
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 67%

فنلندا لا تستبعد إرسال قوات غربية إلى أوكرانيا

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-31 12:07:37
مستوى الصحة: 88% الأهمية: 89%

على خلفية أحداث 16 ماي... فرنسا تُرحّل مغربيا وتجرده من الجنسية

المصدر: الحرية تي في - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-03-31 12:20:41
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 56%

الأمن التركي يعتقل 51 مشبوها على صلة بـ"داعش"

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-31 12:07:36
مستوى الصحة: 85% الأهمية: 93%

منافسة شرسة على إسطنبول بانتخابات البلديات في تركيا

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-31 12:07:34
مستوى الصحة: 79% الأهمية: 92%

الاقتصاد الروسي يدخل قائمة الخمسة الأسرع نموا في مجموعة العشرين

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-31 12:07:41
مستوى الصحة: 84% الأهمية: 95%

الذكرى 47 لرحيل العنذليب الأسمر

المصدر: الحرية تي في - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-03-31 12:20:45
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 52%

توقعات أحوال الطقس اليوم الأحد

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-31 12:10:26
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 59%

استئناف المفاوضات في القاهرة بشأن هدنة في قطاع غزة

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-31 12:10:25
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 66%

تحميل تطبيق المنصة العربية