الاستئذان أدب من الآداب الاجتماعية التي تحفظ خصوصية الإنسان فيما لا يرغب حتى يطلع عليه أحد، وذلك لحفظ الأعراض ورعاية الحقوق والحرمات من الانتهاك من قِبَل الآخرين ،وتعني طلب إباحة التصرف ممن له حق الإباحة.فلا يدخل عليه أحد بيته إلا بإذنه، ولا يتصرف أحد في حق من حقوقه إلا بعد حتى يأذن له. فالاستئذان أدب يحفظ للفرد حقه في خصوصيته فلا تكشف له عورة وينتهك له حرمه إلا بإذنه وبمعهدته.فالاستئذان عند دخول البيوت على سبيل المثال يحقق للبيوت حرمتها، ويجنب أهلها الحرج الواقعمن المفاجأة والمباغتة والتأذي بانكشاف العورات.

معنى الاستئذان

لغة

• ذكر فهماء اللغة للفظ إذن استعمالات شتى، وأبرزها أنه يفيد معنى الفهم أوالإعلام، يُنطق: أذن به إذنًا وأذانة: أي فهم.
• نطق ابن منظور : أذِن له في الشيء إذنًا: أباحه له.
• نطق الفيروزآبادي: أذن بالشيء: فهم به، واستأذنه: طلب منه الإذن.

اصطلاحًا

الاستئذان: "طلب الإذن، أوطلب إباحة التصرف ممن له حق الإباحة"،وقد يعرّف بحسب نوع الاستئذان كتعريف الفقهاء للاستئذان عند دخول بيوت الآخرين أوعند دخول البالغين على محارمهم بقولهم : التماس الإذن تأدبًا خشية الاطلاع على عورة. أوطلب الإذن في الدخول لمحل لا يملكه المستأذن.

مصطلحات مقاربة

يعبر عن الاستئذان بألفاظ أخرى مثل: الإذن: "وهوفك الحَجْر، وإطلاق التصرف لمن كان ممنوعاًشرعاً" الاستئناس : المراد به الاستئذان.،وقد اتى في قوله تعالى في آداب دخول البيت لغير أهله ﴿حتى تستأنسوا وتسلموا على أھلھا﴾.ووجه التعبير عن الاستئذان بالاستئناس: أنه مثله في معنى ،وقيل بل إذا التعبير بالاستئناس قد يفيد معنى آخر غير الاستئذان، فهواستئذان وزيادة؛ لأن المعنى: حتى تستشعروا أنس أهل البيت بكم، ففيها إشارة لطيفة وهي أنه ينبغي للزائر حتى يرجع إذا تبين له من حال صاحب البيت أنه لا يرغب دخوله وإن صرَّح بالإذن. وعلى هذاقد يكون تعريف الاستئذان الذي هولدخول البيوت:طلب الإذن للدخول ممن له حق الإذن والإباحة. وونطق قتادة ومجاهد تستأْنسوا هوالاستئذان

الاستئذان في القرآن

وردت لفظة أَذن ومشتقاتها في القرآن 82 مرة، وفي 33 سورة، منها 21 مكية و12 سورة مدنية، وهذا يشير على أهميتها.واختصت الآيات المدنية بآداب الاستئذان لدخول البيوت وعلى أفراد الأسرة بعضهم على بعض.

حكم الاستئذان في الإسلام

نطق النووي أجمع الفهماء حتى الاستئذان مشروع وتظاهرت به دلائل القرآن والسنة وإجماع الأمة..فقوله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا﴾حيث إذا (لَا) ناهية ونهى عن ذلك لما فيه من التصرف في ملك الغير بغير إذنه، فإن شاء أذن وإن شاء لم يأذن. فظاهر الآية يشير على تحريم دخول بيوت الغير بغير إذن؛ لأن النهي المتجرّد عن القرائن يفيد التحريم على الأصح.

الحكمة من الاستئذان

الاستئذان أدب رفيع يحفظ حرمات الناس، فلا يتيح الفرصة لأي إنسان حتى يطَّلع على أحد بغير إذنه، حتى طالما الشبهة غير المتيقنة، فليس لأي أحد الاطلاع على الآخرين بغير إذنهم، ولهذا فالاستئذان مشروع عمومًا ومرغب فيه لحفظ حقوق الناس وخصوصاتهم حتى ولوكانوا من المحارم(كالأم والأخوات)؛ لقول النبي (إنما جعل الاستئذان من أجل البص) فهذا الحديث يؤخذ منه مشروعية الاستئذان على جميع أحد حتى المحارم؛ لئلا تكون منكشفة العورة.نطق ابن بطال : إنما جُعِل -أي الاستئذان- خوفَ النظر إلى عورة المؤمن وما لا يحل منه.

صور من الاستئذان

• الاستئذان عند دخول البيوت:

للبيوت حرمتها في الإسلام ولأهل البيت حقهم في حتى لا يدخل عليهم أحد بدون أذنهم، نطق الله تعالي :﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا﴾.

• الاستئذان بين أهل البيت :

ومن الأحكام الشرعية استئذان الأطفال والخدم عند دخولهم على الوالدين ونحوهم من المحارم في ثلاث أوقات خاصة وردت في القرآن حيث نطق الله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ۚ مِّن قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ۚ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ ۚ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ ۚ طَوَّافُونَ عَلَيْكُم بَعْضُكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾.وهذه الأوقات الثلاثة من قبل صلاة الصبح وقت إبدال ثياب النوم بثياب اليقظة، وفي وقت الظهيرة حين تضعون ثيابكم للقيلولة، وبعد صلاة العشاء لأنه وقت نومكم وخلع ثياب اليقظة ولبس ثوب النوم، أما البالغون فإنهم يستئذنون عند الدخول على المحارم في جميع الأوقات.لقوله تعالى ﴿وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾.وفي الاستئذان على المحارم من النساء كالأم، والأخت وغيرهن فلا يدخل عليهن في أماكن راحتهن وغرفهن حتى يستأذن عليهن بطرق الباب أوأي وسيلة أخرى، وفي الحديث : حتى رجلًا سأل حذيفة فنطق: أَأَسْتَأْذِنُ عَلَى أُمِّي،يا ترى؟ فَقَالَ: إِنْ لَمْ تَستَأذِنْ عَليهَا رَأيْتَ مَا تَكْرَه.

• استئذان البكر قبل تزويجها:

على ولي المرأة البكر حتى يستئذن وليته قبل عقد نكاحها، وعُدّت موافقتها شرطاً لصحة النكاح .نطق النبي :(لا تُنكحُ الأيِّمُ حتى تُستأمرَ، ولا تُنكحُ البِكرُ حتى تُستأذنَ، نطقُوا:وكيف إذنُها،يا ترى؟ نطق: حتى تسكُت)

من آداب الاستئذان عند دخول البيوت

هناك جملة من آداب الدخول على البيوت شرعت للحفاظ على العورات ومنها :

• السلام وقول المُستأذِن أأدخل :فقد اتى في الحدبث حتى رجلاً من بني عامر استأذن على النبي وهوفي بيت فنطق:أألج؟، فنطق النبي لخادمه اخرج إلى هذا عملِّمه الاستئذان. فنطق له: قل:السلام عليكم،أأدخل، فسمعه الرجل فنطق: السلام عليكم أأدخل،يا ترى؟ فأذن له النبي فدخل.
• الاستئذان ثلاثاً: لقول النبي :(إذا استأذن أحدكم ثلاثًا فلم يُؤذن له فليرجع).نطق ابن عبد البر: السنة في الاستئذان ثلاث مرات لا يزاد عليها، ويحتمل حتىقد يكون ذلك على معنى الإباحة والتخفيف على المستأذن، فمن استأذن أكثر من ثلاث مرات لم يحرج.وأما الحكمة من الاستئذان ثلاثاَ، فقد نطق بعض الفهماء: إذا الأُولى استعلام، والثانية تأكيد، والثالثة إعذار.وإن لم يؤذن له بعد الثلاث ظهر حتى ربَّ البيت لا يريد الإذن، أولعله يمنعه من الجواب عنه عذر لا يمكنه بتره.فينبغي حتى ينصرف بعد الثلاث؛ لأن الزيادة تقلق رب المنزل، وربما يضره الإلحاح حتى ينبتر عما كان مشغولاً به.
• مراعاة الأوقات في الاستئذان :فمن آداب الاستئذان اجتناب أوقات راحة الإنسان ونومه مثل :الأوقات المتأخرة من الليل أوالمفاجأة، وقد اتى في حديث أنس " حتى النبي كان لا يطرق أهله ليلاً، وكان يأتيهم غدوة أوعشية " نطق أهل اللغة : الطُروق بالضم المجيء بالليل من سفر أومن غيره على غفلة.

• الرجوع عند عدم الإذن :إذا لم يؤذن للمستأذن فليرجع، فربما كان صاحب البيت لا يستطيع الاستقبال، نطق تعالى:﴿فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا﴾.

منطقات ذات صلة

• الإسلام.
• الآداب الإسلامية
• الآداب الشرعية
• آداب قضاء الحاجة في الإسلام

المراجع

مصادر

• الاستئذان في القرآن والسنة دراسة موضوعية
• كتاب الآداب الشرعية (المخطة الكاملة)

وصلات خارجية

• أدب الاستئذان - مسقط صيد الفوائد
• آداب الاستئذان - مسقط الآلوكة
• الاستئذان في السنة النبوية - مسقط إسلام ويب