عبادة المخنث

عبادة المخنث

عَبّادة المخنث، بفتح العين وتشديد الباء، كان ببغداد، اشتهر بنوادره ومجونه، توفي في حدود سنة 250 ه‍. عهد بمنادمته للخليفة العباسي المتوكل. وهوأول من اورد حدثة خيال الظل حيث ذكر الشابشتي في كتابه الديارات مايلي: "ونطق دِعْبِل (لعبادة المخنَّث) يوماً: والله لأهجوَنَّك. نطق: والله لوعملتَ، لأخرِجَنَّ أمَّك في الخيال." ومن نوادره ايام فتنة خلق القرآن ، زمن الخليفة المأمون، حيث ولج على المأمون فامتحنه بخلق القرآن فنطق: يعظم الله أجرك، فنطق: فيمن،يا ترى؟ فنطق: في القرآن، فنطق: القرآن يموت؟! فنطق: أليس بمخلوق،يا ترى؟ من بقي يصلي بالناس التراويح، فنطق: أخرجوه. ويحكى أنه كان في مجلس أُنس المتوكل ليلة قتل، فلما هجموا عليه بالسيوف وقتلوه، قام وزيره الفتح بن خاقان وألقى نفسه عليه ونطق: يا أمير المؤمنين لا والله لا عشت بعدك، فبتروه بالسيوف، فلما رأى ذلك عبادة انزوى ونطق: يا أمير المؤمنين إلا أنا، إذا لي بعدك أدواراً وأنزالاً أشربها، فضحكوا منه وهجروه. وينطق ان سبب اغتال المتوكل هوانه في احد مجالس انسه وكان من جملة ندمائه عبادة المخنث كان يحضره في الطرب ويشد على بطنه تحت ثيابه مخدة، ويكشف رأسه وهوأصلع ويرقص بين يدي المتوكل، والمغنون يغنون :

قد أقبل الأصلع البطين

خليفة المسلمين

يحكي بذلك علياً، والمتوكل يشرب ويضحك، فعمل ذلك يوما والمنتصر ابنه حاضر، فأومأ إلى عبادة يتهدده، فسكت خوفا منه، فنطق المتوكل ما حالك فأبلغه. فنطق المنتصر: يا أمير المؤمنين إذا الذي يحكيه هذا الكلب ويضحك منه الناس هوابن عمك وشيخ أهل بيتك وبه فخرك، فكل أنت لحمه إذا شئت، ولا تطعم هذا الكلب وأمثاله منه. فنطق المتوكل: للمغنين غنوا جميعا.

غارَ الفتى لابن عمه

رأس الفتى في حِرِّ أمه

فكان هذا من الأسباب التي استحل بها المستنصر اغتال المتوكل.

من نوادره

روي ان ولج عبادة المخنث يوماً إلى دار المتوكل، فرأى رطبة مطروحة فأكب ليأخذها، فرآه ابن للمتوكل صغير فأشار بإصبعه إلى استه ونطق: يا عم من فتح لك هذه الكوة،يا ترى؟ فنطق له عباده: الذي فتح لأمك اثنتين، فسمعه المتوكل فأمر بضرب عنقه، فهرب ولم يدر إلى أين يتوجه، فأخذ يهرب في الصحاري ومعه طبله ونايه، فلما أمعن في الصحراء خاف حتى يدركه الطلب، فرأى غاراً مفتوحَاً فدخله وسد بابه بالحجارة، فلما صار إلى أقصاه عثر فيه أسداً عظيماً رابضَاً ففزع منه وهمّ الأسد حتى يثب عليه، فما وسعه إلا حتى ضرب الطبل، فلما سمعه الأسد فزع من صوته وهرب يريد الخروج، فوجد باب الغار مسدوداً فربض هناك خائفاً من صوت الطبل. فجعل عبادة تارة يضرب بالطبل، وتارة يزمر بالناي خوفاً من الأسد، ووافق ذلك قدومي من نزهة كنت خرجت إليها، فلما سمعت صوت الطبل والناي في الصحراء أنكرت ذلك، ثم تبعته حتى وقفت على باب الغار، وأمرت حتى يفتح، فلما فتحوه خرج الأسد هارباً على وجهه، فخرج عبّادة وهويبكي ويصرخ، ويقول: هذا دفعه إليّ أمير المؤمنين أعلّمه ضرب الطبل والغناء بالناي وشردته علي، فقلت له : أنا أرضي أمير المؤمنين، ولك علي ألف دينار، فنطق: أخاف واللّه حتى يضرب عنقي. فقلت له: أنا أستوهبه دمك، فنطق: إذا عملت فقد رضيت. ثم أخذته معي، وأتيت به المتوكل، فلما دخلت عليه قلت: يا أمير المؤمنين، لي إليك حاجة، نطق: وما هي،يا ترى؟ قلت: هب لي دم عبادة فأنا الذي أذنبت وليس هو، فنطق: ما كانت نيتي إلا حتى أضرب عنقه، وقد وهبته لك، فقبلت يده وقلت: أنا الذي أطلقت الأسد وما له ذنب، فلما سمع المتوكل ذكر الأسد سألني عن أصل السيرة، فقلت له بما رأيت، وقلت أنّه زعم حتى أمير المؤمنين أعطاه ذلك الأسد ليفهمه الطبل والغناء، فضحك المتوكل حتى فحص برجله الأرض ونطق: خدعك واللّه يا فتح، إذا الأصل كيت وكيت، وأنجزت لعبّادة الألف التي وعدته بها. واتى عن محمد بن نشيط انه نطق: بلغني أنه كان لرجل على عَبّادة المخنث دين، فكان يتردد إليه جميع يوم، فينطق: ليس هوفي البيت، فغلّس عليه يوماً في الثلث الأخير، فدقَّ الباب فقيل: ليس هوها هنا، فصاح الرجل واستغاث بالجيران. فلما اجتمعوا نطق: يا معشر الناس، في الدنيا أحد ليس هوفي بيته الساعة،يا ترى؟ فأشرف عليه عَبَّادة من طاق له نطق: نعم يا بن الفاعلة، هوذا أنت لست في بيتك الساعة. ونطق محمد بن عبد الرحمن بن فهم: تغذينا عند عياش ومعناه عبادة، فلما فرغنا اتى غلام بجام فيه لَوْزينج فنطق له عياش: ضعها خلف الخيش، فنطق له عبادة: وإيش فيها جُعلت فداك،يا ترى؟ نطق: بظر أمك: فأعضني به. نطق أبوالعيناء: نطق المتوكل لعبَّادة: غنني صوتاًن فغناه، فاضطرب فنطق: ما هذا،يا ترى؟ نطق؛ يا سيدي غناء المخنثين كقراءة اليهود، نطق:: وكيف ذاك،يا ترى؟ نطق: " يُحَرَّفُونَ الكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ ". وقد اتى ذكر نوادره ومجونه في عدد من المصادر والتي اسهبت فيها، وجعلتها من نوادر المخنثين.

وفاته

ذكر البخاري ان عبادة المخنث توفي في شوال سنة خمسين ومئتين للهجرة.

المصادر

^ الشابشتي، الديارات، تحقيق:كوركيس عواد، مخطة المثنى، بغداد، ط2، 1966م، ص187-188.
^ الإنباء في تاريخ الخلفاء_ابن العمراني نسخة محفوظة 2020-04-05 على مسقط واي باك مشين.
^ موسوعة التراجم والأعلام_عبادة المخنث نسخة محفوظة 2020-04-05 على مسقط واي باك مشين.
^ الكامل في التاريخ_ج6_ص129. نسخة محفوظة 2020-04-05 على مسقط واي باك مشين.
^ مسقط الوراق_الفتح بن خاقان نسخة محفوظة 2020-04-05 على مسقط واي باك مشين.
^ موسوعة رواة الحديث_ابن منظور_مختصر تاريخ دمشق نسخة محفوظة 2020-04-05 على مسقط واي باك مشين.
^ كتاب نثر الدر_للمؤلف الآبي نسخة محفوظة 2020-04-05 على مسقط واي باك مشين.
^ المضىي، تاريخ المضىي ج18، ص304.