بلزمة
عودة للموسوعةحيثما توجهت في منطقة الأوراس يتجسم لك التاريخ في ما هجر الأقدمون من آثار هي اليوم تصارع الاندثار. وإذا كانت بعض المناطق الأثرية قد خطيت بنوع الاهتمام ولوإعلاميا، فإن منطقة بلزمة وآثارها قد أتى عليها الزمن. فبالإضافة إلى العوامل الطبيعية امتدت الأيادي إلى أعمدتها وأحجارها فحولتها إلى صخور عادية تستعمل في مختلف النشاطات اليومية، خاصة في مجال البناء واستغلال مساحة المناطق الأثرية في الزراعة.
الحظيرة الوطنية بلزمة
تقع حظيرة بلزمة في الجهة الشرقية من الجزائر على بعد حواليسبعة وقع شمال مدينة باتنة، تتربع على مساحة 26.250 هآ، وهي تتصل بسلسلة جبلية تبرز فيها بداية الكتلة الصخرية بجبال الأوراس، حيث تبدوالتضاريس بشكل بارز مع وجود منحدرات تترواح من 3% إلى أكثر من 50%، وهوما يؤيد عوامل التعرية. منطقة حظيرة بلزمة غنية نسبيا بنقاط المياه والتي في معظمها ذات تدفق منخفض باستثناء المنابع الساخنة.
الحياة النباتية
تتمتع حظيرة بلزمة بغطاء نباتي وفير، كثيف ومتنوع، فهي تتوفر على عدة أصناف من الأشجار مثل الأرز ومجموعته المتمثلة أساسا في البهشية المائية الأوراق (وهومن الأنواع المهددة بالانقراض) والبلوط والصنوبر الحلبي والسرووالعرعر الشربيني والبطم التربنتيني وغيرها، إضافة إلى عديد أنواع النباتات مثل الحلفاء والأقحوان والورد البري والشيح وقيقب مونبلييه والمران الرمادي الشائك وغير ذلك من نباتات المراعي والمروج المنتشرة في المستويات الأدنى. ولحظيرة بلزمة خصوصية تميزها وهي وجود الفصيلة الوحيدة لنبات العسلة أوصريمة الجدي المعمر والمهددة بلإنقراض، والكثير من بساتين الفاكهة، منها الزيتون والمشمش والرمان والخوخ والعنب والتين.
الحياة الحيوانية
حظيرة بلزمة موطن لأكثر من ثلاثين نوعا من الثدييات بما في ذلك النادرة، الشياهم، القط البري، الضبع، الوشق، ابن عرس والنمس، كما تعهد تواجد ابن آوى، الثعلب، الأرنب البري، الخنزير البري وهوالأكثر تواجدا، والضأن البربري الذي جلبت إدارة محمية حظيرة بلزمة مؤخرا. وفي مملكة الطيور يوجد الحجل البربري، العقاب البونلي النادر، الحدأة السوداء، القمري، الشحرور، قنبرة الغيط، خطاف المخازن، النمنمة، أبوالحناء، القرقف الأزرق، القرقف الفحمي، الحسون، والدوري أبوقلنسوة إلى جانب طائر اللقلاق وإضافة إلى بولفينتش ذوالاجنحة الوردية الذي نادرا ما نجده في الجزائر والنورس الذي جلب مؤخرا إلى الحظيرة.
آثار الإنسان البدائي
إن ما يميز هذه الآثار هووجودها في مناطق جبلية صعبة المسالك كنظيراتها من الآثار النوميدية والرومانية. وتتوزع في مناطق عدة من منطقة بلزمة أهمها اثر (زاوية) المتواجد بسفوح جبال أولاد سلام وتتميز بمسقطها الإستراتيجي حيث تعتبر المنفذ الوحيد لكل السلاسل الجبلية المحيطة بها. وغير بعيد عن منطقة (زاوية) نجد آثار منطقة (بوزو"قرية علي النمر")، 03 وقع عن مدينة مروانة، وهي تعبير عن عدة مساكن تحت الأرض على شكل كهوف متصلة ببعضها البعض ولها مخارج متعددة ويعتقد حتى إنسان المنطقة القديم قد لجأ إلى هذا النوع من المساكن لاعتبارات أمنية، خاصة اختيار المسقط.
الآثار النوميدية
وتنتشر هذه الآثار خاصة في منطقتي أولاد سلام ونقاوس فمنطقة (بوحدوفن) و(الكاف أزقاغ) الفاصلة بين ولايتي باتنة وسطيف، وهي تعبير عن مدن بكاملها مدفونة تحت التراب. فمنطقة ”بوحدوفن“ وحدها تتوزع على مساحة أربعة كيلومترات مربعة وتتعرض الآن بوتيرة متسارعة للنهب والتخريب. وهي مهددة بالاندثار الكلي إذا لم نجد قي القريب العاجل من يمد لها يد النجدة. ويملك سكان المنطقة حاليا الكثير من الوسائل القديمة المستعملة في الحياة اليومية (أوان، نقود... إلخ). ولا شك حتى دراسة هذه البقايا من طرف المختصين كفيل بأن يزيل الكثير من الغموض عن حياة أسلافنا الأولين وكل القيم الجمالية والثقافية والاقتصادية التي تحكم الفرد، والمجتمع الأمازيغي قديما وبذلك يمكن تتبع جميع التطورات والتغيرات التي طرأت على المجتمع الأمازيغي من فجر التاريخ إلى عصر المسخ والفسخ أي، الوقت الحالي الذي تعرض ويتعرض فيه المجتمع الأمازيغي إلى أبشع مسخ وتزوير منذ فجر التاريخ إلى يومنا هذا.
الآثار الرومانية
تعد الآثار الرومانية أكثر انتشارا من غيرها. وتتميز عن سابقاتها من حيث المسقط الجغرافي حيث كان الاستعمار الروماني يختار المناطق الزراعية الخصبة والسهول المترامية كما يؤسس مدنه على مجاري المياه والينابيع المتدفقة. وقد كان سهل ”بلزمة“ يوفر جميع الشروط التي تساعد على الحركة العمرانية. وقد خلف في مدينة مروانة مجموعة من الآثار المتنوعة كتلك التي توجد بـ لمسان (منطقة تاعوينت) وهي تعبير عن مجموعة من المساكن التي اندثرت ولم يبق بالمكان سوى عين جارية يستغلها سكان المنطقة إلى غاية اليوم في الشرب وسقي نباتاتهم كما تعتبر منطقة (حي بن بوعلي) بالقرب من واد الماء من المناطق الغنية بالآثار. وهي تعتبر إلى جانب ذلك من أكثر المناطق التي تتعرض للتخريب من طرف سكان المنطقة، وقد زحف الاسمنت المسلح على الكثير من المساحات الأثرية في بناء مساكنهم. أما بلدية قصر بلزمة فهي قائمة على أنقاض المدينة الأثرية، إذ يحاول الكثير من سكان المنطقة، خاصة التجار، توسيع مساحة محلاتهم على حساب بناية القصر الأثري المتبقي دون حتى تحرك البلدية ساكنا وكأن الأمر لا يعنيها. وقد غيرت الكثير من أعمدة هذا القصر إلى الكراسي أمام المقاهي والبيوت. غير حتى أوسع منطقة أثرية توجد بمنطقة (ديانا) زانة حاليا، وهي تابعة إداريا لدائرة عين جاسر، كما حتى أراضي هذه المنطقة توفر جميع مسببات الاستقرار وقد شيدها حاكم لامبيز الروماني وذلك بغرض استعمالها كحصن عسكري يسهل عليه مهمة التحكم في القبائل الأمازيغية التي عهدت بثوراتها المتكررة وتمردها على السلطة الرومانية كما كانت قبائل بلزمة تدعم مباشرة جيش القائد الأمازيغي تاكفاريناس. وقد بقيت (ديانا) شامخة إلى حتى حطمها الفاطميون سنة 933 م إثر تمرد البلزميين على منهجهم الشيعي ولم يبق اليوم من كنائس ديانا سوى مدخل المدينة الذي هوتعبير عن قوس يدخل منه الجيش أثناء عودته من المعارك ويسمى قوس النصر. إن آثار بلزمة غنية ومتنوعة وهي كفيلة بتقديم الكثير من الإجابات عن الأسئلة المطروحة حول الصيرورة التاريخية لمجتمعنا الأمازيغي إذا وجدت من يدرسها. وقبل ذلك لينقذها من الاندثار لتبقى شاهدة على عظمة وعبقرية الأمازيغيين.
المصادر
- ↑ الحظائر الوطنية، وثائق مسقط وكالة الفضاء الجزائرية نسخة محفوظة 23 سبتمبر 2015 على مسقط واي باك مشين.
التصنيفات: تاريخ الجزائر, قالب أرشيف الإنترنت بوصلات واي باك, بوابة الجزائر/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات