مركزية الذات أوالتمركز حول الذات (بالإنجليزية: Egocentrism) أوالأنانية هي صفة تجعل الفرد منشغلاً ومنكبًا على عالمه الخاص الداخلي. ويعتبر من يتمتعون بهذه الصفة أنفسهم وآراءهم أواهتماماتهم هي الأكثر أهمية أوإقناعًا. ويُنظر إلى المعلومات ذات الصلة بالنفس على أنها أكثر أهمية في عملية تشكيل أحكام الإنسان على الآخرين مقارنة بالأفكار والمعلومات الأخرى ذات الصلة (ويندشتل (Windschitl) وروز (Rose) وستوكفليت (Stalkfleet) وسميث (Smith) عام 2008). لا يستطيع الأفراد المتمركزون حول ذاتهم إدراك أفكار الآخرين بشكل تام أوالتعايش معها، علاوة على عدم قدرتهم على التعايش مع الواقع الذي يشير إلى حتى الحقيقة قد تكون مختلفة عن الأمور التي هم على استعداد لتقبلها.

فترة الطفولة

يشير باتروورث (Butterworth) وهاريس (Harris) (عام 1994) إلى حتى الطفل في فترة الطفولةقد يكون غير قادر على التمييز بين الأمور الذاتية (أي تلك الأمور الشخصية أوالخاصة) وبين الأمور الموضوعية (أي تلك المرتبطة بالفهم العامة). وبالضرورة، يعتقد الأطفال حتى من يختلفون معهم في الآراءقد يكونون إما مخطئين أولا وجود لهم من الأساس.

ويرجح جان بياجيه (Jean Piaget) (من 1896 إلى 1980) حتى الأطفال الصغار هم بطبعهم متمركزون حول ذاتهم. ركز بياجيه على جانبين من جوانب التمركز حول الذات؛ وهما اللغة والأخلاقيات (فوجيل (Fogiel)، عام 1980). وكان يعتقد حتى الأطفال المتمركزون حول ذاتهم يستخدمون اللغة للتواصل مع أنفسهم في المقام الأول. لاحظ بياجيه حتى الأطفال قد يتحدثون مع أنفسهم في أثناء اللعب، وأن هذا الحديث مع الأنا (المتمركز حول الذات) إنما يعبر عن أفكار الطفل نفسه (جونفيلت (Junefelt)، عام 2007). ويعتقد بياجيه حتى هذا الكلام ليس له وظيفة محددة؛ إذ أنه يُستخدم كوسيلة لمصاحبة النشاط الحالي للطفل أولتعزيز هذا النشاط. وأشار في نظريته إلى أنه حدثا نما الطفل على المستويين المعهدي والاجتماعي، حدثا تراجع مستوى الكلام المتمركز حول الذات الذي يستخدمه (جونفيلت، 2007). ولكن فيجوتسكي (Vygotsky) كان له رأي آخر، إذ كان يشعر حتى الكلام المتمركز حول الذات في فترة الطفولة له دلالات أخرى، حيث إنه يساعد في عملية نموالطفل على مستوى الحديث الاجتماعي والتطور الفكري العالي (جونفيلت، 2007). وعلاوة على نظرية بياجيه، كان يعتقد حتى الطفل في أثناء تواصله مع الآخرين يعتقد أنه على فهم بكافة تفاصيل الموضوع ويصاب بالإحباط إذا ما طلب منه الآخرون الإدلاء بالتفاصيل (فوجيل، 1980).

كذلك، كان بياجيه يعتقد حتى التمركز حول الذات يؤثر في أخلاقيات الطفل (فوجيل، 1980). وبسبب هذا التمركز حول الذات، ينصب اهتمام الطفل على النتيجة النهائية للحدث بدلاً من الهجريز في نوايا الآخر. فإذا كسر أحد ما مثلاً لعبة ما للطفل، فإن الطفل لن يسامح الآخر نظرًا لأنه غير قادر على استيعاب فكرة حتى الشخص الذي حطم اللعبة لم يتعمد ذلك (فوجيل، 1980). ويمكن تدعيم هذه الظاهرة أيضًا من خلال الدليل الذي توصل إليه نيلسون (Nelson) من خلال نتائج دراسة الحالة التي قام فيها بتحليل عملية استخدام الدوافع والنتائج من قبل الأطفال كعوامل مساعدة لتشكيل أحكامهم الأخلاقية.

وأجرى بياجيه اختبارًا لتحليل التمركز حول الذات أطلق عليه "دراسة الجبال". فقد وضع الأطفال أمام نموذج مبسط لسلسلة جبال من الجبس وطلب منهم حتى يختاروا من بين أربع صور المنظر الذي سيراه هو(أي بياجيه). التقط الأطفال دون السابعة، أي الذين يمرون بفترة النموقبل الوظيفية، الصورة التي يرونها هم وبذلك استنتج أنهم غير قادرين على استيعاب وجهات نظر دون وجهة نظرهم. بمعنى حتى أسلوبهم في التفكير كان متمركزًا حول الذات. أما في بداية فترة النموالوظيفية التي تقترن بالأعمار من 7-12 عامًا، تقل نزعة التمركز حول الذات لدى الأطفال مما يمكنهم من استيعاب وجهات نظر الآخرين ولا يقتصرون على وجهات نظرهم فقط. أي أنهم في هذه الفترة كانوا قادرين على الاستيعاب المعهدي.

على الرغم من ذلك، وجهت انتقادات لاختبار نماذج الجبال لأنه يحكم فقط على الإدراك المرئي-المكاني، بدلاً من اختبار نزعة التمركز حول الذات. وأثبتت دراسة لاحقة تتضمن الدمى التي تمثل رجال الشرطة أنه حتى الأطفال الصغار كانوا قادرين على تمييز ما يقصده الباحث بكلامه بصورة سليمة (هيوز (Hughes)، عام 1975 كما ذكر سامونز (Sammons)، عام 2010). ويُعتقد حتى بياجيه قد بالغ في مستويات التمركز حول الذات لدى الأطفال.

لذا يمكن القول حتى التمركز حول الذات هوعدم قدرة الطفل على استيعاب وجهات نظر الآخرين. يفترض الطفل في هذه الفترة من النموالمعهدي حتى نظرته للعالم مطابقة لنظرة الآخرين، على سبيل المثال لا تعتقد الطفلة الصغيرة حتى الاستيلاء على كرة طفل آخر تصرف خاطئ لأنها لا تستوعب حتى أخذ الكرة بهذه الطريقة سيؤذي مشاعر الطفل الآخر.

فترة المراهقة

على الرغم من حتى غالبية الأبحاث التي أجريت على موضوع التمركز حول الذات هجرز في المقام الأول على التطور في فترة الطفولة المبكرة، فقد اكتشف حتى الأنانية قد تحدث في فترة المراهقة (جوسينز (Goossens) وسيفيج-كرينك (Seiffge-Krenke) وماركوين (Marcoen)، عام 1992). كان ديفيد إلكيند (David Elkind) من أوائل من اكتشفوا وجود نزعة التمركز حول الذات في مرحلتي المراهقة والمراهقة المتأخرة. يرجح إلكيند حتى "اهتمامات المراهق الصغير تتمحور حول ذاته، وذلك نظرًا للتحولات الفسيولوجية التي يمر بها. لذلك، ونظرًا لأنه غير قادر على التمييز بين ما يفكر به الآخرون وبين أفكاره الذاتية، يفترض حتى الآخرين مشغولون بتصرفاته ومظهره بالقدر نفسه الذي يفكر هوفي نفسه." وهذا يثبت حتى المراهق يمارس نوعًا من التمركز حول الذات لأنه غير قادر على التعهد على أفكار الآخرين بوضوح.

قام إلكيند أيضًا بصياغة بعض المصطلحات للمساعدة في وصف السلوكيات المتمركزة حول الذات التي يمارسها المراهقون مثل مصطلحي جمهور تخيلي وخرافة شخصية. إذ يشير مصطلح الجمهور التخيلي إلى فكرة حتى معظم المراهقين يعتقدون حتى هناك بعض الناس متواجدون دائمًا ويركزون بشدة على ما ينبغي حتى يقوله المراهق أويعمله. أما مفهوم الخرافة الشخصية فيشير إلى اعتقاد الكثير من المراهقين بأنهم هم الوحيدون القادرون على التفكير بتلك الطريقة. وعادة ما يُنظر إلى نزعة التمركز حول الذات في فترة المراهقة على أنها تمثل جانبًا سلبيًا في القدرة على التفكير لأن اهتمامات المراهقين في هذه الحالة تتمحور حول ذاتهم ومن ثم يفتقدون القدرة على التفاعل مع المجتمع بسبب تلك النظرة غير الواقعية للأمور.

وهناك عدة مسببات تكمن وراء مرور المراهقين بنزعة التمركز حول الذات :

• عادة ما يقابل المراهقون أطرًا اجتماعية جديدة (كدخول الفترة الثانوية مثلاً) والتي تتطلب من المراهق حماية نفسه الأمر الذي قد يؤدي في نهايته إلى التمركز حول الذات (بيترسون (Peterson) وروسكو(Roscoe)، عام 1991).
• قد يؤدي تطور الذات أوالهوية الشخصية للمراهق إلى شعور الفرد بمستويات عالية من التفرد والتي تنتهي أيضًا إلى نوع من التمركز حول الذات - وهذا يظهر في صورة خرافة شخصية أيضًا (أوكنور (O'Connor) ونيكوليتش (Nikolic)، عام 1990).
• قد يؤدي الرفض الأبوي أيضًا إلى شعور المراهقين بمستويات عالية من الوعي أوالشعور بالذات والذي قد يؤدي بدوره إلى التمركز حول الذات (رايلي (Riley)، آدامز (Adams) ونيلسين (Nielsen)، عام 1984).

وقد أجريت دراسة ضمت 163 طالبًا في الفترة الجامعية لدراسة التمركز حول الذات في فترة المراهقة لطلبة تلك الفترة. وقد استلزم ذلك البحث حتى يقوم الطلبة باستيفاء استبيان ذاتي لتحديد مستوى التمركز حول الذات في الوقت الحالي. وقد كانت الأسئلة تدور ببساطة حول ردود الأفعال التي قد يبديها الطلبة حال تعرضهم لمواقف حرجة. وخلصت نتائج البحث إلى حتى التمركز حول الذات في فترة المراهقة أكثر انتشارًا لدى الفتيات مقارنة بالشباب. وهذا يثبت ثانية الفكرة القائلة بأن نزعة التمركز حول الذات موجودة حتى في فترة المراهقة المتأخرة.

وأفادت نتائج الدراسات الأخرى حتى نزعة التمركز حول الذات لا تظهر بجلاء في بعض النماذج المماثلة لتلك التي اكتُشفت فيها في الأساس. وقد أثبتت الكثير من الدراسات الحديثة حتى نزعة التمركز حول الذات تتواجد في المراحل الأخيرة من التطور، وذلك يتناقض مع نتائج بياجيه الأصلية التي ترجح حتى الأنانية تتواجد فقط في النموفي فترة الطفولة المبكرة فقط.

فترة البلوغ

اكتشف حتى معدلات التمركز حول الذات لدى الفرد تتراجع بين سن 15 و16 عامًا (لاو(Louw)، عام 1998). على الرغم من ذلك، هناك شكوك تشير إلى حتى البالغين أيضًا يصابون بنزعة التمركز حول الذات أوحتى لديهم ردود أفعال أوسلوكيات يمكن تصنيفها في إطار التمركز حول الذات (تيتش (Tesch) وويتبورن (Whitbourne) ونيرك (Nehrke)، عام 1978).

وقام فرانكينبرجر (Frankenberger) في عام 2000 بإجراء اختبار على المراهقين (من 14-18 عامًا) والبالغين (من 20-89) عامًا على مستويات التمركز حول الذات والشعور بالذات لديهم. وقد اكتشف حتى نزعة التمركز حول الذات قد امتدت إلى فترة البلوغ المبكر وأن هذه النزعة موجودة في سنوات البلوغ المتوسطة.

وقد أجرى جميع من بارون (Baron) وهانا (Hanna) في عام 1990 تجربة ضمت 152 مشاركًا لاكتشاف كيفية تأثير الاكتئاب على التمركز حول الذات. وقد قاما في هذه التجربة باختبار البالغين بين 18 و25 عامًا. وقد وجدا حتى المصابين بالاكتئاب أظهروا معدلات أعلى من التمركز حول الذات. لذلك، رجحا حتى الإنسان الذي يتمتع بصحة نفسية جيدة يجب حتىقد يكون قد مر في بعض من مراحل حياته بمستوى ما من مستويات التمركز حول الذات.

المراجع

• Baron, P., & Hanna, J. (1990). Egocentrism and depressive symptomatology in young adults. Social Behavior And Personality, 18(2), 279-285. doi:10.2224/sbp.1990.18.2.279
• Butterworth, G., & Harris, M. (1994). Principles of developmental psychology. Hillsdale, NJ England: Lawrence Erlbaum Associates, Inc.
• Caputi M., Lecce S., Pagnin A., Banerjee R. (2012). "Longitudinal effects of theory of mind on later peer relations: The role of prosocial behavior". Developmental Psychology. 48 (1): 257–270. doi:10.1037/a0025402. صيانة CS1: أسماء متعددة: قائمة المؤلفون (link)
• Fogiel, M. (1980). The psychology problem solver: a complete solution guide to any textbook. New Jersey, NJ US: Research & Education Association.
• Frankenberger K. D. (2000). "Adolescent egocentrism: A comparison among adolescents and adults". Journal Of Adolescence. 23 (3): 343–354. doi:10.1006/jado.2000.0319.
• Goossens L., Seiffge-Krenke I., Marcoen A. (1992). "The many faces of adolescent egocentrism: Two European replications". Journal Of Adolescent Research. 7 (1): 43–58. doi:10.1177/074355489271004. صيانة CS1: أسماء متعددة: قائمة المؤلفون (link)
• Junefelt, K. (2007). Rethinking egocentric speech: towards a new hypothesis. New York, NY US: Nova Science Publishers, Inc.
• Louw, D. A. (1998). Human development (2nd Ed.). Cape Town, South Africa: Kagiso Tertiary.
• O'Connor B. P., Nikolic J. (1990). "Identity development and formal operations as sources of adolescent egocentrism". Journal Of Youth And Adolescence. 19 (2): 149–158. doi:10.1007/BF01538718.
• Peterson K. L., Roscoe B. (1991). "Imaginary audience behavior in older adolescent females". Adolescence. 26 (101): 195–200.
• Riley T., Adams G. R., Nielsen E. (1984). "Adolescent egocentrism: The association among imaginary audience behavior, cognitive development, and parental support and rejection". Journal Of Youth And Adolescence. 13 (5): 401–417. doi:10.1007/BF02088638. صيانة CS1: أسماء متعددة: قائمة المؤلفون (link)
• Rycek R. F., Stuhr S. L., McDermott J., Benker J., Schwartz M. D. (1998). "Adolescent egocentrism and cognitive functioning during late adolescence". Adolescence. 33 (132): 745–749. صيانة CS1: أسماء متعددة: قائمة المؤلفون (link)
• Sammons, A. (2010). Tests of egocentrism. Psychlotron.org.uk. Retrieved February 19, 2012, from <a href="http://www.psychlotron.org.uk/newResources/cogdev/A2_AQB_cogDev_egocentrismTests.pdf">http://www.psychlotron.org.uk/newResources/cogdev/A2_AQB_cogDev_egocentrismTests.pdf</a>
• Tesch S., Whitbourne S. K., Nehrke M. F. (1978). "Cognitive egocentrism in institutionalized adult males". Journal Of Gerontology. 33 (4): 546–552. صيانة CS1: أسماء متعددة: قائمة المؤلفون (link)
• Windschitl P. D., Rose J. P., Stalkfleet M. T., Smith A. R. (2008). "Are people excessive or judicious in their egocentrism? A modeling approach to understanding bias and accuracy in people's optimism". Journal of Personality and Social Psychology. 95 (2): 253–273. doi:10.1037/0022-3514.95.2.253. صيانة CS1: أسماء متعددة: قائمة المؤلفون (link)

وصلات خارجية

• !
• [<a href="http://www.criticalthinking.org/articles/natural-egocentric.cfm">http://www.criticalthinking.org/articles/natural-egocentric.cfm</a> The Human Mind Is Naturally Prone To the Following Egocentric Tendencies] by Foundation for Critical Thinking

انظر أيضاً

• أنانية نفسية
• أنانية عقلانية
• قيادة نرجسية
• انسحاب نرجسي
• إشباع نرجسي
• نشوة نرجسية
• عنف نرجسي
• نرجسية جماعية
• نرجسية الآباء
• اضطراب الشخصية.
• استعلاء عرقي
• شوفينية
• التضحية بكبش فداء