مچدو أوتل المتسلم، (بالعبرية: תל מגידו - تل مچدو). هي مدينة كنعانية تقع شمالي فلسطين، ويعود تاريخها إلى الألف الثالثة قبل الميلاد. تميزت مچدوفي ظل الحضارة الكنعانية العريقة؛ بالبناء الحجري والأسوار الكبيرة، والقصور الفخمة، واشتهرت بصناعة النسيج والملابس ولا سيما تقدمها بمجال الزراعة. تعتبر اليوم من أبرز المواقع الأثرية في إسرائيل، حيث صُنفت في عام 2005 ضمن قائمة اليونسكولمواقع التراث العالمي.

تنبع أهمية مچدومن مسقطها الاستراتيجي على الطريق التجاري والعسكري الذي يخترق جبل الكرمل من السهل الساحلي، ويتحكم بمدخل مرج ابن عامر، ويسيطر على الطريق الآتية من مصر إلى سورية. وهذا المسقط المميز أكسب المدينة مكانة مهمة عبر العصور، حيث كان مسرحًا للعديد من الأحداث في تاريخ المنطقة.

التسمية

أطلق الكنعانيون هذه التسمية على المدينة "مچدو"، بسبب مسقطها على تل استراتيجي، حيث تعني هذه التسمية "موضع الجيوش ومخيمها". وقد ذُكرت مچدوفي الإنجيل بسفر الرؤيا باسم "أرمجدون"  . وأمّا عن التسمية العربية "تل المتسلم"؛ فقد كان متسلم "لواء اللجون" أي الوالي يُقيم في "تل مچدو"، ليتمتع بالمناظر الخلابة التي كانت تطل عليه من المروج الخضراء، فسمي التل نسبة له.

التاريخ

دلّت الحفريات الأثرية التي جرت في المكان ما بين سنوات 1925 و1935، على أنه مسقط مدينة كنعانية الأصل، وقد تعاقبت على التل عشرون مدينة خلال حقب مختلفة تتراوح ما بين 4,000 إلى 400 سنة قبل الميلاد، يعود أقدمها إلى أواخر العصر الحجري الحديث، واستمر الاستيطان في المسقط إلى العصر الفارسي دون انقطاع. كانت تتداولها جيوش أمم كثيرة منها: الهكسس والفلستيون والأشوريون والبابليون والمصريون واليونان والرومان والفرس حتى أخيرًا البريطانيون.

ذكرت المدينة في رسائل تل العمارنة، كما أشارت إليها سجلات تحتمس الثالث عام 1468ق.م، عندما انتصر عليها في ذلك الحين وحصل منها على غنائم كثيرة وثمينة، مما يشير على الأهمية البالغة من الغنى والازدهار التي بلغتها منذ ذاك التاريخ، وهذا ممّا لا ريب فيه لأن مسقطها الاستراتيجي كان يخوّلها التحكّم في الطريق الرئيسي الهام بين أشور في الشرق وبين مصر في الغرب وكذلك طريق الشمال والجنوب الذي يهيمن على سلسلة جبال فلسطين، يضاف إلى هذه الأهمية السهول المحيطة بالمكان ومنها سهل يغرسيل أوما يسمّى باليونانية إيزدرلون ألا وهومرج ابن عامر السهل الشهير بخصوبته.

كانت مچدومحصنة بسور ذي بوابة مؤلفة من ثلاثة أبواب الواحد تلوالآخر تحميها أربع غرف للحرس، غرفتان من جميع جانب. وكان السور مائلاً من الخارج ومبنيا بحجارة ضخمة. ووجد في داخله معبد وقصر. وكان الكنعانيون في مچدويدفنون موتاهم في قبور منحوتة في الصخر، وكانت هذه تحتوي عادة على أكثر من مدفن.

العصر الحجري

ازدهرت المدينة في العصر الحجري النحاسي، فظهرت مساكن مستطيلة مبنية من الحجارة، وسقوفها من القصب والطين، ولها ساحات مسوّرة، كما عثر على معبد يتألف من ساحة تحيط بها المباني، ومدخلين وبئر ومذبح؛ عثر فيه على عظام حيوانية وكسر فخارية. كان يعمل سكان مچدوفي الزراعة وتربية الحيوان، وصنعوا الفخار الرمادي؛ وفخارًا مطبوعًا عليه أشكال حيوانية وزخارف نباتية.

العصر البرونزي

في عصر البرونز القديم أصبحت المساكن أكبر، وبنيت المعابد التي تألفت من قاعة مستطيلة، وحمل السقف على نادىئم خشبية ترتكز على قواعد حجرية. أُستعمل الفخار على نطاقٍ واسع، وصُدّرت الجرار إلى مصر، وصنعت الأدوات البرونزية، كما عثر على أدوات للزينة وبتر مضىية مصنعة محليًا وأختام إسطوانية، وظهرت في أواخر ذلك العصر زراعة الحبوب والزيتون واللوز.

في عصر البرونز الوسيط أصبحت مچدومدينة محصّنة، بنيت أسوارها بالحجارة، ودعمت بالأبراج، كما حصنت بواباتها الضخمة بالعضادات الحجرية، وبنيت فيها المساكن الكبيرة والقصور. وظهرت صناعة الحلي والغزل وحياكة الملابس. ازداد في ذلك العصر التدخل المصري في فلسطين، فقد عثر على جَعَارِين باسم الفرعون سنوسرت الأول (1970-1936ق.م)، كما تذكر وثيقة مصرية توجه سنوسرت الثالث إلى فلسطين للقضاء على تمرّد فيها، وكانت مچدومن تلك المناطق التي فتحها.

في العصر البرونزي الحديث تطورت مچدوكثيرًا، وبنيت فيها المساكن المنظمة وقصور الأمراء، كقصر الحاكم الذي أُكتشف قرب بوابة المدينة، وتألف من قاعة كبيرة أحاط بها عدد من الغرف. صنع السكان فخارًا مزخرفًا برسومات طيور وأسماك وأشكال هندسية، كما عثر على فخار مستورد من قبرص ومناطق بحر إيجة، وعثر تحت أنقاض أحد القصور على كميات كبيرة من الحلي من المضى والخرز والحجر اللازوردي والزجاج الملون، وعلى مجموعة من العاجيات .

معركة مچدو

تعد معركة مچدوأبرز أحداث ذلك العصر، وهي أول تحقيق عسكري في العالم لمعركة خاضتها جيوش مصرية، واتىت تفاصيلها في حوليات الفرعون المصري تحوتمس الثالث، حيث ذكر أنه استطاع عام 1468ق.م حتى يهزم تحالفًا لإمارات سورية وفلسطينية بقيادة ملك مچدووملك قادش، وشارك في هذا التحالف ما يقارب من مئة وعشرين مدينة حاولت الخروج من دائرة النفوذ المصري.

وعندما دارت المعركة خارت قوى جيوش التحالف، وفرَّت لتحتمي بأسوار المدينة، وحوصرت مچدومدة سبعة أشهر، تمكّن الجيش المصري بعدها من تحقيق نصر حاسم أدى إلى إخضاع فلسطين والملوك الكنعانيين للسيطرة المصرية عدة قرون لاحقة. واستولى تحوتمس على مغانم كثيرة كالخيول والعربات المصنوعة من المضى والفضة والماشية وعدد كبير من الأسرى ومن الأسلحة والأثاث والتماثيل الثمينة وغيرها.

العصر الحديدي

أما في عصر الحديد الأول فقد بقيت مچدوتحت السيطرة المصرية، حيث ورد في كتابة على إحدى بوابات معبد الكرنك حتى الملك رمسيس الثالث (1184-1151ق.م) قد سجن بعض الأمراء السوريين في قلعة مچدو، كما كانت المدينة إحدى المدن الفلسطينية التي أخضعها شيشنق الأول المصري لسلطته في عام 913ق.م. منذ القرن التاسع قبل الميلاد سقطت مچدوفي قبضة الملك الآشوري تغلات فلاصر (742-732ق.م)، واحتلها صارغون الآشوري (722-705ق.م.)، ثم تحالفت مچدووبعض أمراء المدن الفلسطينية مع الفرعون طهراقا (690-666ق.م) للإفلات من السيطرة الآشورية، وجرت معركة مچدوالثانية بين المصريين والآشوريين عام 609ق.م، ثم دمرت المدينة على يد الفرعون نخاو، وهجر أهلها. أبرز ما عثر عليه من ذلك العصر هوإسطبلات المدينة التي تتسع لأكثر من 450 حصانًا، واكتشفت مجموعة من البتر الفنية العاجية، كما عثر على عدد من تيجان الأعمدة، وبعض أثاث العبادة الدينية من الطين والحجر ونقود يونانية وفارسية، وهذا مرشد على بقاء المدينة عامرة بالسكان في هذين العهدين.

الجغرافيا

تقع أطلال مدينة مچدوفوق تل استراتيجي، يرتفع نحوستين مترًا عن السهول المحيطة به. إلى الجنوب الشرقي من حيفا على بعد حوالي 35 كيلومترًا. يُشرف هذا التل على جميع قسم في سهل مرج بني عامر حتى غرسين نحوالأردن، إلى حتى يقوم جبل فقوعة حاجزًا للنظر. وهي تُرى مُستقيمة في سهل مرج بني عامر في أعرض مواضعه في الأودية، التي تتصل بجبل الطور إلى بحيرة طبريا. وإلى شمالها جبال الجليل، كما وأنها تُشرف على سهل عكا والبحر المتوسط من خلال ممر ضيق.

علاقات دولية

توأمة مدن

تل مچدوتوأمة مع:

•  إيكسل، بلجيكا.

طالع أيضًا

مسقط التراث العالمي لليونيسكورقم 1108

• مچدو(مستوطنة إسرائيلية)
• اللجون (قرية فلسطينية مهجرة)
• غوتليب شوماخر

وصلات خارجية

• وسائط متعلقة بـ تل مچدوفي كومنز.

المراجع