برصيصا
عودة للموسوعةبرصيصا هوراهب من بني اسرائيل، ذُكر في خط التراث الإسلامي وقصته من الإسرائيليات (أي من القصص التي نقلها المسلمون عن قصص بني إسرائيل)، ويُعتقد أنه المقصود من الآيتين 16 و17 من سورة الحشر: 
كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ 
فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ 
. كان برصيصا أعبد أهل زمانه وأزهدهم، وظل يتعبد لله سنينًا طوال في صومعته لا يعصي الله شيئا، فزين له الشيطان الزنا بامرأة فحملت منه فعمد إليها فقتلها، ثم أغواه الشيطان فسجد للشيطان ومات على ذلك.
سيرة برصيصا في خط التراث الإسلامي
وردت سيرة برصيصا في الكثير من خط التراث الإسلامي، وفي تفسير الآيتين 16 و17 من سورة الحشر لأغلب المُفسرين، فقد أوردها ابن كثير في تفسيره من رواية ابن جرير الطبري عن ابن مسعود ثم نطق: إلى غير ذلك روي عن ابن عباس، وطاووس، ومقاتل بن حيان، نحوذلك. وقد أوردها المضىي في كتابه سير أعلام النبلاء، في ترجمته لطاووس بن كيسان اليماني. وأيضًا أوردها المزي في تهذيب الكمال في أسماء الرجال. ورواها القرطبي في تفسيره عن ابن عباس.
روي المفسرون في هذه الأية : كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ أنها نزلت في شأن برصيصا الراهب:
- رُوى عن ابن عباس نطق: «فضرب الله هذا مثلا للمنافقين من اليهود. وذلك حتى الله تعالى أمر نبيه عليه السلام حتى يجلي بني النضير من المدينة، فدس إليهم المنافقون ألا تخرجوا من دياركم، فإن قاتلوكم كنا معكم، وإن أخرجوكم كنا معكم، فحاربوا النبي صلى الله عليه وسلم فخذلهم المنافقون، وتبرءوا منهم كما تبرأ الشيطان من برصيصا العابد. فكان الرهبان بعد ذلك لا يمشون إلا بالتقية والكتمان. وطمع أهل الفسوق والفجور في الأحبار فرموهم بالبهتان والقبيح، حتى كان أمر جريج الراهب، وبرأه الله فانبسطت بعده الرهبان وظهروا للناس.»
- عن عبد الله بن مسعود، في هذه الآية نطق: «وكانت امرأة ترعى الغنم، وكان لها أخوة أربعة، وكانت تأوي بالليل إلى صومعة راهب، نطق: فنزل الراهب ففجر بها فحملت، فأتاه الشيطان فنطق له: اقتلها ثم ادفنها، فإنك رجل تصدق ويسمع قولك، فقتلها ثم دفنها. نطق: فأتى الشيطان إخوتها في المنام، فنطق لهم: إذا الراهب صاحب الصومعة فجر بأختكم، فلما أحبلها قتلها، ثم دفنها في مكان كذا وكذا، فلما أصبحوا نطق رجل منهم: والله لقد رأيت البارحة رؤيا ما أدري أقصها عليكم أم أهجر،يا ترى؟ نطقوا: لا بل قصها علينا. نطق: فقصها. فنطق الآخر: وأنا والله لقد رأيت ذلك. فنطق الآخر: وأنا والله لقد رأيت ذلك. نطقوا: فوالله ما هذا إلا لشي. فانطلقوا فاستعدوا ملكهم على ذلك الراهب، فأتوه فأنزلوه، ثم انطلقوا به فأتاه الشيطان فنطق: إني أنا أسقطتك في هذا، ولن ينجيك منه غيري، فاسجد لي سجدة واحدة وأنجيك مما أسقطتك فيه. نطق: فسجد له، فلما أتوا به ملكهم تبرأ منه، وأخذ فقتل.»
- روى ابن جرير عن علي: «إن راهبا تعبد ستين سنة، وإن الشيطان أراده فأعياه، فعمد إلى امرأة فأجنها ولها إخوة، فنطق لإخوتها: عليكم بهذا القس فيداويها، نطق: فجاؤوا بها إليه فداواها. وكانت عنده فبينما هويوما عندها إذ أعجبته، فأتاها فحملت فعمد إليها فقتلها، فاتى إخوتها فنطق الشيطان للراهب: أنا صاحبك إنك أعييتني، أنا صنعت هذا بك، فاطعني أنجك مما صنعت بك، اسجد لي سجدة فسجد له، نطق: إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين، فذلك قوله: كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ».
- روي القرطبي في تفسيره عن ابن عباس نطق:
| كان راهبٌ في الفترة ينطق له: بَرَصيصَا، قد تعبَّد في صومعته سبعين سَنة، لم يعصِ الله فيها طرْفة عين، حتى أعيَا إبليس، فجمَع إبليس مردةَ الشياطين، فنطق: ألا أجِد منكم مَن يكفيني أمْرَ برصيصا،يا ترى؟ فنطق الأبيض، وهوصاحِب الأنبياء، فنطق: أنا أكفيكَه. فانطلق فتزيَّا بزيِّ الرهبان، وحلَّق وسط رأسه، حتى أتى صومعةَ برصيصا، فناداه فلم يُجبْه، وكان لا يَنفتِل من صلاته إلا في كلَّ عشرة أيام يومًا، ولا يفطر إلاَّ في كلِّ عشرة أيام، وكان يواصِل العشرة الأيَّام والعشرين والأكثر، فلمَّا رأى الأبيض أنَّه لا يجيبه، أقبلَ على العبادة في أصْل صومعته، فلمَّا انفتل برصيصا مِن صلاته، رأى الأبيض قائمًا يصلِّي في هيئة حَسَنة من هيئة الرُّهبان، فندِم حين لم يجبْه، فنطق: ما حاجتُك،يا ترى؟ فنطق: حتى أكونَ معك، فأتأدَّب بأدبك، وأقتبس مِن عَملِك، ونجتمع على العبادة، فنطق: إنِّي في شغل عنك، ثم أقبل على صلاته، وأقبل الأبيض أيضًا على الصلاة، فلمَّا رأى برصيصا شدَّةَ اجتهاده وعبادته، نطق له: ما حاجتك،يا ترى؟ فنطق: حتى تأذنَ لي فأرتفع إليك، فأذِن له فأقام الأبيض معه حولاً لا يُفطِر إلا في كلِّ أربعين يومًا يومًا واحدًا، ولا ينفتِل من صلاته إلا في كلِّ أربعين يومًا، وربَّما مدَّ إلى الثمانين، فلما رأى برصيصا اجتهادَه تقاصرتْ إليه نفسُه، ثم نطق الأبيض: عندي دعوات يَشفي الله بها السقيمَ، والمُبتلى والمجنون، عملَّمه إيَّاها.
ثم اتى إلى إبليس، فنطق: قد واللهِ أهلكتُ الرجل، ثم تعرَّض لرجل فخنَقَه، ثم نطق لأهله - وقد تصوَّر في صورة الآدميِّين -: إنَّ بصاحبكم جنونًا أفأطبَّه،يا ترى؟ نطقوا: نعم، فنطق: لا أقْوى على جنيِّته، ولكن امضىوا به إلى برصيصا، فإنَّ عنده اسمَ الله الأعظم، الذي إذا سُئِل به منح، وإذا دُعِي به أجاب، فجاؤوه فدَعَا بتلك الدعوات، فذهَب عنه الشيطان، ثم جعَل الأبيض يعمل بالناس ذلك، ويُرشدهم إلى برصيصا، فيُعافون، فانطلق إلى جاريةٍ من بنات الملوك بيْن ثلاثة إخوة، وكان أبوهم مَلِكًا فمات واستخلَف أخاه، وكان عمُّها ملكًا في بني إسرائيل فعذَّبها وخنقَها، ثم اتى إليهم في صورة رجل متطبِّب؛ ليعالجها، فنطق: إنَّ شيطانَها مارد لا يُطاق، ولكن اذْهبوا بها إلى برصيصا، فدعوها عندَه، فإذا اتى شيطانُها نادى لها فبرِئتْ، فنطقوا: لا يُجيبنا إلى هذا، نطق: فابْنُوا صومعةً في جانب صومعته، ثم ضعوها فيها، وقولوا: هي أمانةٌ عندك فاحتسِبْ فيها، فسألوه ذلك فأبى، فبنوا صومعةً ووضعوا فيها الجارية، فلما انفتَل مِن صلاته عاين الجاريةَ، وما بها من الجمال فأُسْقِط في يده، فاتىَها الشيطان فخنَقَها، فانفتل من صلاته، ودعَا لها فمضى عنها الشيطان، ثم أقْبل على صلاته فاتىَها الشيطان فخنَقها، وكان يكشِف عنها ويتعرَّض بها لبرصيصا، ثم اتىَه الشيطان، فنطق: ويحَك! واقِعْها، فما تجد مثلَها، ثم تتوب بعد ذلك، فلم يزل به حتى واقعَها فحملتْ وظهر حملُها، فنطق له الشيطان: ويحَك! قد افتضحتَ، فهل لك حتى تقتُلَها، ثم تتوب فلا تفتضح، فإنْ جاؤوك وسألوك فقل: اتىَها شيطانها فذَهَب بها، فقتَلَها برصيصا، ودفنها ليلاً، فأخذ الشيطان طرفَ ثوبها حتى بقي خارجًا من التراب، ورجَع برصيصا إلى صلاته. ثم اتى الشيطانُ إلى إخوتها في المنام، فنطق: إنَّ برصيصا فعَل بأختكم كذا وكذا، وقتَلَها ودفنَها في جبل كذا وكذا، فاستعْظَموا ذلك، ونطقوا لبرصيصا: ما عملتْ أُختنا،يا ترى؟ فنطق: مضى بها شيطانُها، فصدَّقوه وانصرفوا. ثم اتىَهم الشيطان في المنام، ونطق: إنها مدفونةٌ في موضع كذا وكذا، وإنَّ طَرْف ردائها خارجٌ من التراب، فانطلقوا فوجدوها، فهَدَّموا صومعته وأنزلوه وخنَقوه، وحملوه إلى الملِك فأقرَّ على نفسه فأمر بقتْلِه، فلما صُلِب نطق الشيطان: أتَعرِفني،يا ترى؟ نطق: لا والله، نطق: أنا صاحبُك الذي فهمتُك الدعوات، أما اتقيتَ الله، أما استحيت وأنت أعبدُ بني إسرائيل؟! ثم لم يَكفِك صنيعك حتى فضحتَ نفسك، وأقررتَ عليها، وفضحتَ أشباهك من الناس، فإنْ متَّ على هذه الحالة لم يفلحْ أحد من نظرائك بعدَك، فنطق: كيف من الممكن أن أصنع،يا ترى؟ نطق: تُطيعني في خصلة واحدة وأنْجيك منهم، وآخذ بأعينهم، نطق: وما ذاك،يا ترى؟ نطق تسجُدُ لي سجدةً واحدة، فنطق: أنا أعمل، فسجَد له من دون الله، فنطق: يا برصيصا، هذا أردتُ منك، كان عاقبة أمرك حتى كفرتَ بربِّك، إني برئ منك، إني أخاف الله ربَّ العالمين! |
مراجع
- ^ "سيرة برصيصا - إسلام ويب - مركز الفتوى". www.islamweb.net. مؤرشف من الأصل فيثمانية يناير 2020. اطلع عليه بتاريخ 08 يناير 2020.
- ↑ "الخط - البداية والنهاية - كتاب أخبار الماضين من بني إسرائيل وغيرهم - سيرة برصيصا- الجزء رقم3". library.islamweb.net. مؤرشف من الأصل في 19 أكتوبر 2018. اطلع عليه بتاريخ 22 يناير 2018.
- ^ "الخط - سير أعلام النبلاء - الطبقة الثانية - طاوس- الجزء رقم4". library.islamweb.net. مؤرشف من الأصل في 15 يونيو2016. اطلع عليه بتاريخ 22 يناير 2018.
- ^ IslamKotob. . IslamKotob. مؤرشف من الأصل فيثمانية يناير 2020.
- ↑ "الخط - الجامع لأحكام القرآن - سورة الحشر - قوله تعالى كمثل الشيطان إذ نطق للإنسان اكفر - الجزء رقم14". library.islamweb.net. مؤرشف من الأصل في 24 فبراير 2017. اطلع عليه بتاريخ 22 يناير 2018.
- ^ ابن كثير (1988-01-01). . دار الخط الفهمية. صفحة 294. مؤرشف من الأصل فيثمانية يناير 2020.
التصنيفات: شيطان, ميثولوجيا إسلامية, بوابة الإسلام/مقالات متعلقة, بوابة القرآن/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات
