القابض
نطق الله تعالى : {والله يقبض ويبسط وإليه ترجعون (سورة البقرة الآية 245) ونطق صلى الله عليه وسلم : ((إن الله هوالمسعِّر، القابض، الباسط، الرزاق ..)) ونطق صلى الله عليه وسلم : (( من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين والله المعطي وأنا القاسم..)) . ونطق صلى الله عليه وسلم : (( إذا الله عز وجل لا ينام ولا ينبغي له حتى ينام يخفض القسط ويحمله ، يحمل إليه عمل الليل قبل النهار وعمل النهار قبل عمل الليل )) الحديث. ونطق تعالى : {قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على جميع شيء قدير (سورة آل عمران الآية 26) ونطق صلى الله عليه وسلم : (( إذا الله يحمل بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين )) وقد كان صلى الله عليه وسلم يقول بعد السلام من الصلاة حينما ينصرف إلى الناس : ((لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهوعلى جميع شيء قدير. اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد )) .
- هذه الصفات الكريمة من الأسماء المتقابلات التي لا ينبغي حتى يثنى على الله بها إلا جميع واحد منها مع الآخر، لأن الكمال المطلق من اجتماع الوصفين، فهوالقابض للأرزاق والأرواح والنفوس، والباسط للأرزاق والرحمة والقلوب . وهوالرافع لأقوام قائمين بالفهم والإيمان ، الخافض لأعدائه. وهوالمعز لأهل طاعته، وهذا عز حقيقي، فإنَّ المطيع لله عزيز وإن كان فقيراً ليس له أعوان ، المذل لأهل معصيته وأعدائه ذلاً في الدنيا والآخرة. فالعاصي وإن ظهر بمظاهر العز فقلبه حشوه الذل وإن لم يشعر به لانغماسه في الشهوات فإن العز جميع العز بطاعة الله والذل بمعصيته {ومن يهن الله فما له من مكرم {من كان يريد العزة فلله العزة جميعاً {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين وهوتعالى المانع المعطي فلا معطي لما منع، ولا مانع لما منح.
وهذه الأمور كلها تبع لعدله وحكمته وحمده، فإن له الحكمة في خفض من يخفضه ويذله ويحرمه، ولا حجة لأحد على الله، كما له الفضل المحض على من حمله وأعطاه وبسط له الخيرات، عملى العبد حتى يعترف بحكمة الله، كما عليه حتى يعترف بفضله ويشكره بلسانه وجنانه وأركانه ، وكما أنه هوالمنفرد بهذه الأمور وكلها جارية تحت أقداره، فإن الله جعل لحمله وعطائه وإكرامه أسباباً، ولضد ذلك أسباباً من قام بها ترتبت عليه مسبباتها، وكلٌ ميسر لما خلق له، أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة ، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة ، وهذا يوجب للعبد القيام بتوحيد الله، والاعتماد على ربه في حصول ما يحب ، ويجتهد في عمل الأسباب النافعة فإنها محل حكمة الله.