التراث
الثراث الإنساني
التراث هوما خلفه الأجداد لكيقد يكون عبرة من الماضي نعبر بها من الحاضر إلى المستقبل. والتراث في الحضارة بمثابة الجذور في الشجرة، فحدثا غاصت وتفرعت الجذور كانت الشجرة أقوى وأثبت وأقدر على لقاءة تقلبات الزمان.
ويتنوع التراث باختلاف ما تحمله الجذور إلى الشجرة. فقد تحمل إليها قُوتًها المُمَثل في الأملاح المعدنية وهوبمثابة ما دوّن من التراث فإن فقد فستصير الأمة كشجرة حبست عنها الأملاح المعدنية فستذبل حتما شيئا فشيئا ثم تضمحل.وقد تحمل الجذور الماء فتتناقله مكونات الشجرة ليشربوا منه واحدا تلوالآخر فيشرب جميع سلف ويسلم الماء لخلفه شأن تواترته الأجيال أبا عن جد من تراث شفوي كالأمثال الشعبية والحكايات الهادفة وغيرهما. فمن رفض الماء وحبسه عن نفسه سيجف من محتواه القومي ثم ينبتر عن سياق حضارته فيسقط من على الشجرة إلى سطح الأرض حيث نقطة الصفر. في جانب آخر، نلاحظ جريان سلوكيات خاصة في عروق جميع أمة. وهوتراث سلوكي يمثل بالهواء الذي يبث الحياة في الشجرة فهوملتصق بها التصاق السلوك بالإنسانية كما أنها تتحرك بحركته حينما يدغدغها نسيمه العليل. أما ما خلفه الأجداد من آثار ظلت مصانة كالحصون والقصور والسيوف والدروع وغيرها مما شهد على أمجاد أمتنا العظيمة فهوبمثابة المواد العضوية التي هجرتها الكائنات الأخرى في تربة بعد مذبلها أومماتها لكي تنهل منها الشجرة إلى حتى تصبح قادرة على تكوين مادتها العضوية بنفسها...
لا حضارة بدون تراث لأنها ستصير حضارة طفيلية ترتوي من تراث الآخر دون تراثها شأن الطفيليات التي تتقوت مما تنتجه الأشجار الأخرى فما إذا تحبس عنها الأشجار قوتها حتى تندثر مهما بلغت طولا وعرضا. بل يجب حتى تكون الحضارة أصيلة لا تبعية عندها، مستقلة تملك جذورها العميقة في جوف الأرض.