غالب طبيب المعتضد
غالب طبيب المعتضد وقد إشتهر بخدمة المعتضد باللّه ، وكان أولاً عند الموفق طلحة بن المتوكل لأنه خدمه منذ أيام المتوكل وإختص به وإرتضع سائر أبناء المتوكل من لبن أولاد غالب ، فكان يسر بهم فلما تمكن الموفق من الأمر أبتره ونوله وأغناه وكان له مثل الوالد ينادمه ويغلفه بيده وعالج الموفق من سهم كان أصابه في ثندوته وبرأ فأعطاه مالاً كثيراً وأبتره وخلع عليه ونطق لغلمانه من أراد إكرامي فليكرمه ، وليصل غالباً فوجه إليه مسرور بعشرة آلاف دينار ومائة ثوب ووجه إليه سائر الغلمان مثل ذلك وصار إليه مال عظيم ولما قبض على صاعد وعبدون أخذ لعبدون عدة غلمان نصارى مماليك فمن أسلم منهم أجري له رزق وهجر ومن لم يسلم منهم بعثه إلى غالب وكان عدد من أنفذ إليه سبعين غلاماً أزمة وغيرها فلما ورد عليه معهم رسول من قبل الحاجب نطق غالب أي شيء أعمل بهؤلاء وركب من وقته إلى الموفق فنطق هؤلاء يستغرقون مال ضيعتي مع رزقي فضحك الموفق وتقدم إلى إسماعيل زيادة في إقطاعه الحرسيات وكانت ضياعاً جليلة تغل سبعة آلاف دينار وأجرها له بخمسين آلاف درهم في السنة. وبعد الموفق طلحة خدم لولده المعتضد بالله أبي عباس أحمد وكان مكينا عنده حظياً في أيامه وكان المعتضد يحسن الظن به ويعتمد على مداواته نطق ثابت بن سنان ابن ثابت إذا غالبا الطبيب توفي مع المعتضد بالله بآمد وكان كبيراً عنده وكان سعيد ابن غالب مع المعتضد بالله بآمد وكان يأنس اليه ويقدمه على جميع المتطببين واتصل الخبر بوفاة غالب بالمعتضد قبل وقوف سعيد ابنه على ذلك فلما ولج سعيد عليه ابتدأه المعتضد وعزاه ونطق له يا سعيد طول البقاء لك لما تم عليك فانصرف سعيد الى مضربه كئيباً حزيناً فأتبعه المعتضد بخفيف السمرقندي وبنان الرصاصي وبسرخاب الكسوة وكانوا أجل خدم السلطان وجلسوا معه طويلاً وعهد الخبر فلم يبق أحد من أهل الدولة إلا صار إلى سعيد بن غالب وعزاه بأبيه من الوزير القاسم بن عبيد الله ومؤنس الخادم ومن بعدهما من الأستاذين والأمراء والقواد والأولياء على طبقاتهم ثم أنفذ اليه المعتضد وقت الظهر بجون طعام وتقدم إليه حتى لا يبرح أويطعمه ويطعم دانيل محرر مؤنس وسعدون محرر يانس وكانا صهريه على أختيه فعمل ذلك ولم يزل يحضره في جميع يوم ويشاغله بالحديث ويصرفه ويتبعه بجون الطعام مدة سبعة أيام ورد إليه ما كان إلى أبيه من أمر الجراية والتلامذة وأقر في يده إقطاعاته وضياعه ولم يزل ذلك له ولولده إلى آخر عمره.