فترة كاماكورا
فترة كـَماكورا (باليابانية: 鎌倉時代، تلفظ كاماكورا جيداي) امتدت ما بين (1185-1333 م.) من فترات التاريخ الياباني. عهدت هذه الفترة ولأول مرة نظام حكم جديد، أصبح الشوغون الحاكم الأول في البلاد فيما انحسر دور الإمبراطور أكثر. تعتبر الهزيمة التي منيت بها عشيرة التائيرا في معركة دان نوأورا (1185 م) الحدث الفاصل بين فترة هييآن التي انقضت وفترة كاماكورا التي تلتها. انتهت مع الفترة السابقة الفترات التاريخية القديمة للبلاد، وبدأت فترة العصور الوسطى.
الميناموتووالنظام الجديدة
بعد هزيمة عشيرة الـ"تائيرا"، أحكم "ميناموتونويوريتومو" (源頼朝) قبضته على البلاد. بدأ بالتخلص من أخيه (راجع: ميناموتونويوشي-تسونه) ثم أخذ يشن حملات متتالية على أعدائه حتى دانت له البلاد مع حلول سنة 1189 م. بدأت مدينة "كاماكورا" (鎌倉) شرقي البلاد، وبعيداً عن تأثير البلاط الإمبراطوري، تعهد نوعا جديدا من السلطة، سلطة دنيوية في لقاء سلطة الإمبراطور الدينية، تستمد هذه السلطة الجديدة شرعيتها من كونها مقرَة من طرف الإمبراطور نفسه، كان الإمبراطور بحاجة إلى ذلك ليحمي نفسه من الغوائل ويتجنب تبعات السلطة. ابتداءً من هذا العهد صار المؤرخون يسمون الفترات التاريخية باسم المكان الذي يحتضن بلاط الـ"شوگونات" - وليس الأباطرة كما جرت العادة-، فالسلطة العملية للبلاد أصبحت في أيدي هؤلاء، وعلى هذا سميت هذه الفترة باسم كاماكورا (鎌倉時代) وهي المدينة التي احتضنت البلاط الثاني.
في العام 1192 م. خلع الإمبراطور على "ميناموتونويوريتومو" (源頼朝) لقب "سيئي-تائي-شوغون" (征夷大将軍) أو"قائد الذين يحاربون البرابرة"، اختصر اللقب فيما بعد إلى "شوغون" (وفي بعض الترجمات العربية "شوجون"). عهدت الحكومة أوالسلطة الجديد باسم "باكوفو" (幕府) أو"حكومة الخيمة". كانت مدينة "كاماكورا" العاصمة الجديدة لهذه الحكومة. أرسى العهد الجديد قواعد إقطاعية جديدة ظلت سائدة حتى الفترة الحديثة.
هيمنة الهوجو
لم تعمر عشيرة الـ"ميناموتو" في الحكم طويلا. مع حلول سنة 1219 م خلت الساحة من أي من أبناء هذه العائلة ممن تتوفر فيهم أهلية للحكم. كانت الفرصة سانحة أمام عشيرة زوجة "ميناموتو" أوالـ"هوجو" (北条氏)، فتمكنت من الاستيلاء على لقب "الوصي" والذي أصبح حسب الأعراف الجديدة وراثياً، بقي اللقب بين أيدي هذه العشيرة حتى سنة 1333 م. أصبح الـ"هوجو" يفرضون وصايتهم على الـ"شوغونات"، والذين كانوا بدورهم أوصياء على الأباطرة في "كيوتو". عهدت الفترة " اضطرابات عهد جوكيو" (承久の乱)، حاول خلالها الإمبراطور "المنعزل" "غوتوبا" أو"توبا الثاني" (後鳥羽天皇) حتى ينقلب على نظام "الشوغونات". فشلت المحاولة وكان من نتائجها حتى تعززت سلطة "الشوغونات" أكثر بينما اهتزت صورة السلطة "الإمبراطورية" عند الشعب. قام هؤلاء بعدها بسن قانون مدني ثم جنائي من واحد وخمسين نصاً، ظل القانون معمولا به حتى نهاية القرن الرابع عشر.
الغزوالمغولي
على مدى أكثر من مائة عام، سيطر الـ"هوجو" على جميع شئ تقريبا. قام ولاة ورجال هؤلاء في المقاطعات بدورهم بتثبيت وجودهم وهيمنتهم وشكلوا طوائف عسكرية جديدة. في سنة 1274 م.، كان المغول قد أتموا سيطرتهم على الصين وكوريا، فحاولوا حتى يخضعوا اليابان. إلا حتى المقاومة الشرسة التي أبداها اليابانيون (والذين وضعوا ولولفترة خلافاتهم جانباً) من جهة والمقادير التي سلطت عاصفة بحرية هواتى على الأساطيل المغولية على مرتين، جميع ذلك أثنى المغول عن فكرة غزوالأرخبيل. بقيت الذاكرة الشعبية تحتفظ بهذه الذكرى، فأطلق اليابانيون على هذه الرياح اسم "الرياح الربانية" أو"كامي-كازي" (神風) وحدثة "كامي" (神) تطلق في اليابان على الموجودات الطبيعية التي يعتقد حتى روحا عظيمة تسكنها، وقد تترجم أحيانا بلفظ "آلهة"، وتنحدر هذه الحدثة من الديانة الأصلية للبلاد أو"الشنتو" (神道).
فترتي "استعراش كنمو" ثم "نان بوكوشو"
بعد جلاء المغول عن البلاد، بدأت مشاكل جديدة تطفوا على السطح. هجرت الحروب الطاحنة نظام الـ"هوجو" هشا ودون موارد. كان الإمبراطور المنفي "غودائي-غو" (後醍醐天皇) قد توج سنة 1318 م. ثم نفي بسبب محاولته الإطاحة بنظام الـ"شوغونات"، قرر هذا الأخير وهوفي المنفى حتى يعيد الكرة، مستغلاً حالة الضعف التي يمر بها النظام، بدأ يجمع حوله الرجال استعدادا لحركة الانقلاب. كان أول من انظم إليه "أشيكاغا تاكا-أوجي" (足利 尊氏) ح(1305-1358 م.)، سيد عشيرة الـ"أشيكاغا" وأحد القادة الحربيين الذين كلفهم الـ"هوجو" باستعادة السيطرة على البلاد. نجحت المحاولة وتم قلب نظام الـ"شوغونات" وعادت السلطة إلى الإمبراطور "غودائي-غو"، عهدت هذه الفترة باسم "إستعراش كنمو" (إعادة إلى العرش) س(1333-1336 م.)، إلا أنها لم تعمر طويلاً وانتهت بعد ثلاث سنوات (من 1333 وحتى 1336 م.).
كان "أشيكاغا تاكا-أوجي" (足利 尊氏) طموحا جدا، ويظهر حتى الإمبراطور أهمل هذا الجانب فلم يقدره كما كان يريد. انتهى الأمر بأن طرد الأخير من عاصمته سنة 1336 م. وتم تعيين إمبراطور جديد، ثم تلقى "أشيكاغا تاكا-أوجي" مهامه الجديدة كـ"شوغون" ابتداءً من 1338م. اتجه الإمبراطور المعزول "غودائي-غو" إلى مناطق الجبال جنوب نارا، وأسس بلاطا ثانيا موازيا. كان هذا الحدث بداية الحرب الأهلية بين البلاطين وقد أطلق المؤرخون على هذه الفترة اسم "نان بوكوتشو" أو"فترة البلاطين الجنوبي والشمالي" س(1336-1392 م.)، انتهت الفترة سنة 1392 م. عندما تصالح الـ"شوغون" مع البلاط الجنوبي وقررا توحيد المملكة من جديد.
الحياة الفكرية
كانت صورة اليابان في هذه الفترة (فترة المحاربين) أكثر بأساً وأكثر عنفاُ من سابقتها. على حتى هذا يجب حتى لا يخفى الجوانب الأخرى من هذه الحضارة والتي عهدت عهدا مشرقاُ. في الجانب الأدبي، يظهر حتى الصراع بين عشيرتي (أوطائفتي) "التائيرا" و"الميناموتو"، ثم السقوط المفجع لأولاهما، هذه الأحداث أوحت نوع حديث من الكتابة، قائم على الملاحم والبطولات. من أبرز وأبرز الشاهد على هذا الاتجاه، "سيرة الهييكه" أو"هييكه مونوغاتاري" (平家物語) ح 1220 م. كما حتى الشعر عهد دفعة جديدة، مع ظهور تصانيف جديدة، والتي كرسها شعراء كان من بينهم "غوتوبا" (後鳥羽天皇) الإمبراطور أو"فوجي-وار نوسادائي".
الحياة الدينية
عهدت قترة "كاماكورا" حيوية جديدة في الحياة الدينية. قامت الكثير من الطوائف الجديدة التي طغت على المدارس الدينية القديمة من أمثال "تنداي" و"شنغون"، كانت هذه الطوائف تدعوا إلى اختصار المعتقدات والشعائر إلى درجات أبسط من سابقتها والتي اختصر أصحابها في أبناء الطبقة الأرستقراطية. كان هدف هذه الحملة تشجيع الناس ممن لا يؤمنون بالمعتقدات البوذية، على اعتناق هذه العقيدة. من بين هذه الطوائف والتيارات، أتباع "آميدا" (أوبوذا على ممضى أهل اليابان)، والتي تم تطوير معتقداتها من طرف الراهبين "جنكو" و"شنران" (親鸞) ح(1173-1262). تقول هذه المعتقدات ببعث الأتباع من هذه الطائفة علي أرض طاهرة بشرط إيمانهم بسلطة "آميدا". انتشرت هذا المذاهب بسرعة وسط الفئات الشعبية. في نفس الفترة تقريبا، قامت الطبقة من الرجال المحاربين باعتناق ممضى "زن" (禅) البوذي، وقد ساعدت المعتقدات والفلسفة التي كانت يدعوإليها هذا الممضى هؤلاء المحاربين في تقوية روحهم القتالية أثناء وجودهم على ساحة القتال. تفرعت بعدها طائفتين عن هذا الممضى، الأولى "رِن زائي" (臨済)، أسسها الراهب البوذي "ميوآن إئيسائي" (明菴栄西)، الثانية "سوتو" أو"سوتو-شو" (曹洞 宗)، أسسها الراهب "دوجن زنجي" (道元 禅師). ثم سنة 1253 م. قامر راهب آخر هو"نيشيرن" بإنشاء طائفة أخرى هي "اللوتس" (نسبة إلى الزهرة بهذا الاسم) أو"نيشي رن" (日蓮)، والتي كان لأتباعها دور سياسي أثناء هذه الفترة.
المصادر
- "تاريخ اليابان"
-- الفترات القديمة: اليابان البدائي - فترة جومون - فترة يايوئي - فترة ياماتو- فترة كوفون - فترة أزوكا - فترة نارا - فترة هـِيْآن
-- العصور الوسطى: فترة كاماكورا - فترة موروماتشي - فترة المقاطعات المتحاربة - فترة أزوشي موموياما - فترة نانبان
-- الفترة الحديثة: فترة إيدو- إستعراش مييجي - فترة مييجي - فترة تائيشو- فترة شووا - التوسع الياباني - اليابان المحتل
-- فترة ما بعد الحرب: يابان ما بعد الحرب - فترة هـِيْسـِيْ