المماليك في الهند
قامت الدولة الغورية (543هـ-613هـ= 1148-1215 م) على أنقاض الدولة الغزنوية التي كانت تملك بلاد الغور والأفغان والهند الشمالية ، واستعان السلطان محمد الغوري في حكم بلاده بالمماليك الذين كان يشتريهم ويخصّهم بعنايته، ويعدهم للغزووالجهاد، ويرقي منهم من تؤهله ملكاته ومواهبه للقيادة ومناصب الحكم، وعُرف من بين هؤلاء المماليك قطب الدين أيبك ، ولاه الغوري ولاية دلهي.
وكان قطب الدين قائدا ماهرا وحاكما عادلا يتمسك بالإسلام ويكره الظلم والعسف ، ويبغض نظام الطبقات الذي كان سائدا بالهند، ويُنسب له في دلهي مسجد رائع، ذومنارة سامقة، ما تزال قائمة حتى اليوم تُعْرف باسمه قطب منار ، ويصل ارتفاعها إلى 250 قدمًا.
دلهي عاصمة مماليك الهند
لم تطل الحياة بالسلطان محمد الغوري حيث تعرض لعملية اغتيال في سنة (603هـ= 1206 م) وتهيأت الظروف لأن تبرز مدينة دلهي ، باعتبارها عاصمة لدولة سلاطين المماليك بالهند ، ولم يهنأ قطب الدين أيبك بما هيأته له الظروف، فقد لقي حتفه هوالآخر إثر وقوعه من على ظهر فرسه سنة (608هـ= 1210 م) وخلفه ابنه آرام شاه لكنه لم يكن مؤهلا لأن يتولى شئون البلاد فقام التمش أحد مماليك أبيه البارزين بخلعه من الحكم بمساعدة بقية الأمراء ، وجلس على عرش البلاد في عام (614هـ= 1216م).
شمس الدين إلتـُتـْمـِش
يعد التمش المؤسس الحقيقي لدولة الممالك بالهند ، وهوفي الأصل مملوك اشتراه السلطان قطب الدين أيبك من غزنة، ومكنتّه مواهبه من تولي المناصب الكبيرة، وحظي بثقة سيده؛ فولاه رئاسة حرسه، ثم عهد إليه بإدارة بعض الولايات الهندية.
وما إذا أمسك "التمش" بمنطقيد الأمور في البلاد حتى كشف عن كفاءة نادرة وقدرة على الإدارة والتنظيم، ورغبة في إقامة العدل وإنصاف المظلومين، فينسب إليه أنه قام بتأسيس مجلس من كبار أمراء المماليك عُرف باسم "الأربعين" لمعاونته في إدارة البلاد، ويُؤثَر عنه أنه أمر حتى يلبس جميع مظلوم ثوبا مصبوغا، وكان أهل الهند جميعا يلبسون الأبيض، فإذا قعد للناس أومرّ على جمع من الناس، فرأى أحدا يرتدي ثوبا مصبوغا؛ نظر في قضيته وأنصفه ممن ظلمه.
وقد عاصر "التمش" اجتياح المغول المدمّر لما حولهم من البلاد بقيادة زعيمهم جنكيز خان، غير حتى المغول انسحبوا سريعا من الهند، واتجهت أبصارهم نحوالغرب؛ فنجت بلاد التمش من الخراب والدمار، في حين تكفّل هذا الإعصار المغولي بالقضاء على أعداء دولته في الشمال؛ الأمر الذي مكّنه من توسيع رقعة بلاده، وأن يستعيد جميع ممتلكات سيده "قطب الدين أيبك" في شمال الهند.
وبلغ الفوز مداه بأن اعترفت الخلافة العباسية بولايته على الهند، وأقرّته سلطانا على البلاد، وبعث له الخليفة "المستنصر بالله" العباسي بالتقليد والخلع والألوية في سنة (626هـ= 1229م) فأصبح أول سلطان في الهند يتسلم مثل هذا التقليد، وبدأ في ضرب نقود فضية نُقش عليها اسمه بجوار اسم الخليفة العباسي، فكانت أول نقود فضية عربية خالصة تُضرب في الهند.
ولاية السلطانة رضية الدين
توفي السلطان "التمش" سنة (634هـ= 1236 م) وخلفه ابنه ركن الدين فيروز ، غير أنه كان منشغلا عن مسئولية الحكم وتبعاته باللهوواللعب ، تاركا تصريف أمور دولته إلى أمّه التي استبدّت بالأمر وهوما جعل الأحوال تزاد سوءا ، وتشتعل المعارضة ضده ، وانتهت الأزمة بأن والىكثير من الأمراء رضية الدين بنت التمش ، وأجلسوها على عرش السلطنة ، وكانت تتمتع بصفات طيبة من رجاحة العقل، وشجاعة النفس، وعلى حظ كبير من الذكاء، تحفظ القرآن الكريم ، وتلم بالفقه الإسلامي.
وكان أبوها يسند إليها بعض المهام، حتى إنه فكّر في حتى يجعلها "وليّة للعهد" دون إخوانها الذكور الذين انشغلوا باللهووالملذات، وقد تحقق ما كان يراه أبوها ولا يراه سواه ممن كانوا يعترضون عليه إيثاره لها، فما إذا آلت إليها السلطنة حتى دلّت على ما تتمتع به من صفات، حتى إذا مؤرخي الهند، أطلقوا عليها اسم "ملكة دوران بلقيس جهان"، أي فتنة العالم.
فترة ولاياتها
جلست "رضية الدين" على عرش سلطنة دلهي نحوأربع سنوات (634-637هـ= 1236-1369م) بذلت ما في وسعها من طاقة لتنهض بالبلاد التي خوت خزائنها من المال لإسراف أخيها، وسارت على خطا أبيها في سياسته الحكيمة العادلة، لكنها اصطدمت بكبار أمراء الملوك الذين يشكلون جماعة الأربعين، ويستأثرون بالسلطة والنفوذ، وحاولت الملكة جاهدة حتى تسوسهم، وتحتال على تفريق حدثتهم، وتعقُّب المتمردين والثائرين عليها، وكانت تظهر بمظهر الرجال، وتجلس على العرش والعباءة عليها، والقلنسوة على رأسها وتقود جيشها وهي تمتطي ظهر فيلها.
ولما استقرت أحوال مملكتها انصرفت إلى تنظيم شئونها، فعينت وزيرا جديدا للبلاد، وفوضت أمر الجيش إلى واحد من أكفأ قادتها هو"سيف الدين أيبك"، ونجحت جيوشها في مهاجمة قلعة "رنتهبور" وإنقاذ المسلمين المحاصرين بها، وكان الهنود يحاصرون القلعة بعد وفاة أبيها السلطان "التمش".
غير حتى هذه السياسة لم تلق ترحيبا من مماليك سلطنتها الذين أنفوا حتى تحكمهم امرأة، وزاد من بغضهم لهذا الأمر حتى السلطانة قرّبت إليها رجلا فارسيًا يُدعى "جمال الدين ياقوت"، كان يشغل منصب قائد الفرسان، ولم تستطع السلطانة حتى تُسكت حركات التمرد التي تقوم ضدها، كما كانت تعمل في جميع مرة، فاجتمع عليها المماليك وأشعلوا الثورة ضدها، وحاولت حتى تقمعها بكل شجاعة، لكنها هُزمت، وانتهى الأمر بقتلها في (25 من ربيع الأول 637هـ= 25 من أكتوبر 1239م) وتولَّي أخيها السلطان "معز الدين" عرش البلاد.
سلطنة دلهي
- سلطنة تولتها عدة سلالات (إسلامية)، حكموا في الهند من 1206-1526/56 م.
- المقر: دهلي (دلهي).
- ورثت هذه السلطنة الدولتين الغزنوية والغورية، واللتين تملكتا البنجاب وشمال الهند. مع سقوط الغوريين، استقل القائد الهجري قطب الدين أيبك (1206-1210 م) وأسس مملكة عهدت بسلطنة المماليك في دهلي. في عهد إلتمش (1210-1236 م) عهدت العمارة الإسلامية في الهند عهدها المضىي، استطاع هذا الأخير حتى يفتتح تام بلاد السند.
حلت سلالة الخلجيين (من أصول هندية) محل المماليك سنة 1290 م. حكمت هذه السلالة سنوات 1290-1320 م. قام علاء الدين الخلجي (1296-1316 م) بطرد المغول من البلاد واستولى على دَكَان (الدكن، وسط الهند).
حل آل تغلق بعدهم وحكموا سنوات 1320-1414 م. نجح السلطان فيروز (1351-1388 م) في حتى يوطد نادىئم الدولة في شمال الهند. بعد وفاته انفصلت عن دلهي عدة سلطنات (البنغال، الدكن، كجرات، جاونبور وملوة).
سنة 1308 م قام تيمورلنك بالاستيلاء على دلهي. بعد سلالة آل سيد، والذين حكموا سنوات 1414-1451 م، اتىت سلالة اللودهيون الأفغانية (1451-1526 م). تمكن ظهير الدين بابر (بَبُر) من حتى ينتصر عليهم سنة 1526 م، إلا أنهم عادوا واستطاع قائدهم شير شاه صوري (1540-1545 م) من حتى يزيح همايون (ابن بابر) من على السلطة. استعاد اللودهيون السلطة ودام حكمهم حتى سنة 1556 م، تاريخ إزاحتهم نهائيا من طرف المغول.
أشهر سلاسلات مماليك الهند
المماليك (آل قطبي) في لاهور
1 قطب الدين أيبك 1206 1210 بعد موت محمد الغوري يستقل بالمملكة (هندوستان) 2 آرام شاه بن قطب الدين 1210 1211 مشكوك في نسبته إلى قطب الدين، نصبه الجند ثم خلع بعد ثمانية أشهر
المماليك (آل إلتمش) في دهلي (دلهي)
1 شمس الدين "القطبي" إلتمش بن علام شاه 1211 1236 من قواد قطب الدين فنسب إليه، أول السلاطين في دهلي 2 ركن الدين فيروز شاه (1) بن إلتمش 1236 1236 3 جلالة الدين رضية الدين بكوم بنت إلتمش 1236 1240 أوالسلطانة رضية 4 معز الدين بهرام شاه بن إلتمش 1240 1242 5 علاء الدين مسعود شاه بن فيروز شاه (1) 1242 1246 6 ناصر الدين محمود شاه (1) بن ناصر الدين محمد بن إلتمش 1246 1266
آل بلبن في دهلي (دلهي)
1- غياث الدين بلبن ألغ خان 1266-1287 من قواد إلتمش، كان نائبا للسلطان في عهد سابقه.
2- معز الدين كيقباذ بن بغرا خان بن بلبن 1287-1290.
3- شمس الدين كي أومرث بن معز الدين كيقباذ.
قائمة سلاطنة المماليك في الهند
- قطب الدين أيبك (1206–1210)
- أرام شاه (1210–1211)
- شمس الدين إلتـُتـْمـِش (1211–1236). زوج ابنة قطب الدين أيبك.
- ركن الدين فيروز (1236). ابن إلتتمش.
- رضية سلطانة (1236–1240). ابنة إلتتمش.
- معز الدين بهرام (1240–1242). ابن إلتتمش.
- علاء الدين مسعود (1242–1246). ابن ركن الدين.
- ناصر الدين محمود (1246–1266). ابن إلتتمش.
- غياث الدين بلبان (1266–1286). عبد معتوق, زوج ابنة إلتتمش.
- معز الدين قيقباد(1286–1290). حفيد بلبان وناصر الدين.
- القيمريون (1290). ابن معز الدين.
انظر أيضا
- مماليك
- مملكة دلهي
- قطب منار
وصلات خارجية
- Mamluks - Military slave dynasty
المصادر
- ^ [http://www.islamonline.net/arabic/history/1422/06/article17.shtm نقلا إسلام أون لاين]
- أحمد بخش الهروي - المسلمون في الهند - ترجمة أحمد عبد القادر الشاذلي - الهيئة العامة للكتاب – القاهرة – 1995.
- عبد المنعم النمر - تاريخ الإسلام في الهند - المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر – بيروت - 1401هـ=1981م.
- ابن بطوطة – تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار (رحلة ابن بطوطة) – المطبعة الخيرية – القاهرة - 1322هـ.