مسقط المسجد

يبعد مسجد جمكران، خمس كيلومترات عن مدينة قم المقدسة في إيران ، ويقع في الجانب الجنوبي الشرقي للمدينة، مباشرة بعد قرية جمكران، بالقرب من جبل معروف بمقام الخضر عليه‏السلام.

قصّة بناء مسجد جمكرا ن

نقل الشيخ الحسن‏ بن محمد بن الحسن القمي المعاصر للشيخ الصدوق في كتابه تاريخ قم:

ان سبب بناء المسجد المقدس في جمكران كان بأمر الإمام المهدي على ما أبلغ به الشيخ العفيف الصالح الحسن‏ بن مثلة الجمكراني حيث نطق: كنت ليلة الثلاثاء، السابع عشر من شهر رمضان المبارك، سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة للهجرة، نائماً في بيتي. فلما مضى نصف من الليل إذا بصوت على الباب أيقظني، فسمعت النداء: قم وأجب الإمام المهدي عليه‏السلام فإنه يدعوك. فقمت متأهباً، وقلت: دعوني البس قميصي فإذا بالنداء من خلف الباب يخاطبني: ما بيدك ليس قميصك. فهجرته وأخذت سروالا، فاتى النداء: وليس ذلك منك أيضاً، فخذ سراويلك فألقيته، وأخذت سروالي ولبسته. فقمت اطلب مفتاح الباب فنودي:الباب مفتوح. فلما جئت إلى الباب، رأيت قوما سيماهم في وجوههم من اثر السجود تبدوعليهم علائم الهيبة والوقار، فسلمت عليهم، فردوا ورحبوا بي، وأخذوني إلى موضع المسجد، وكانت أرضاً مزروعة في الجانب الشرقي للقرية، وكنا نعتبرها من أراضي الحسن ‏بن مسلم الذي كان يتردد كثيراً بين جمكران ومدينة قم. وحينما وصلت رأيت صاحب العصر في هيئة ابن الثلاثين ونور وجهه قد عم المقام وكأنه القمر ليلة تمامه، جالساً على أريكة ومتكئاً على وسادة، وبين يديه شيخ جليل وبيده كتاب يقرؤه عليه. وحوله أكثر من ستين رجلاً يصلون في تلك البقعة، على بعضهم ثياب بيض وعلى بعضهم الآخر ثياب خضر، وكأني في روضة من رياض الجنة، ملئ هذا المنظر قلبي نوراًً وينشر في اعماق وجودي عطراً كأنّه من عالم الملكوت. فتقربت مندهشاً وسلّمت عليهم.

وكان ذلك الشيخ هوالخضر عليه‏السلام فرد السلام متبسماً وأجلسني فخاطبني الإمام عليه‏السلام باسمي ونطق:

إفهم أيها الحسن ‏بن مثلة، حتى هذه الأرض التي نحن فيها، بقعة شريفة، قد اختارها اللّه الله دون غيرها من الأراضي وشرفها، وأردنا حتى يُبنى فيها مسجد، فامضى إلى السيد أبي الحسن وقل له حتى يأتي ويُحضر الحسن ‏بن مسلم الذي بيده الأرض.

فلما حضر، قل له: منذ سنين وأنت تعمر هذه الأرض الموقوفة، غاصباً لها. غرست فيما مضى خمس سنين، ولازلت حتى هذا العام على حالك في الزراعة والعمارة. وقد عصيت ربك وظلمت حقّ ولي أمرك باضافتك هذه الأرض الشريفة إلى أراضيك، فجازاك اللّه بأخذ شابين من ولدك فلم تنتبه من غفلتك. فلا إمهال بعد الآن وعليك دفعها إلى الناس، ليبنوا فيها المسجد، كما عليك ردّ ما انتفعت به من غلاّت هذه الأرض، لصرفها في بنائه، وإن لم تعمل ذلك، اصابك من نقمة اللّه ما لا تحتسب.

قلت: سمعاً وطاعة سيدي ومولاي.

نطق عليه‏السلام: جعلنا السيد أبا الحسن مشرفاً على بناء المسجد. فقل له حتى يطالب الرجل بما أخذ من منافع تلك السنين ويدفعها إلى الذين يشاركون في بناء المسجد، ويتم ما نقص منه من (رهق) ملكنا بمنطقة (أردهال) حتى يكمل بناء المسجد. فقد وقفنا نصف الرهق لهذا المسجد. فلتجلب غلّته كلّ عام وتصرف في عمارته. وقل للناس حتى لايتأخروا ولايتوانوا في زيارة هذا الموضع الشريف فليرغبوا إليه ويعزروه.

قلت: يا سيدي، لابد لي في ذلك من علامة، فإن القوم لايستمعون لما لا علامة ولا حجة عليه، ولايصدّقون قولي.

نطق عليه‏السلام: إنا سنضع للمسجد علامة ولك علامة، فامضى وبلغ رسالتنا.

فقمت مونادىً، فما مشيت قليلاً إلاّ ونادىني إليه. ونطق:

إن في قطيع جعفر الكاشاني الراعي معزاً، عليك حتى تشتريه. وأت به إلى هذا الموضع واذبحه الليلة الآتية ووزع لحمه يوم الأربعاء الثامن عشر من شهر رمضان المبارك على السقمى ومن به علّة شديدة. فإن اللّه يشفيهم جميعاً. والمعز هذا أبلق، كثيف الشعر، وله سبع علامات: ثلاث على جانب وأربع على الآخر سود وبيض كالدراهم.

فمكث لحظات وهوينظر إلى من حوله بحنانٍ وهم بين قائم وراكع وساجد. فأطرق رأسه مليّاً ثم نظر إليّ ونطق:

اقم بهذا المكان سبعة أيام ( في نسخة ((إحضر هذا المكان سبعين يوما)) فان أمر بالسبعة، ينطبق على ليلة القدر وهي الثالث والعشرون من شهر رمضان المبارك. وان أمر بالسبعين، ينطبق على الخامس والعشرين من ذي القعدة، وهويوم مبارك) وصلّ فيه أربع ركعات. اثنتان تحيّةً للمسجد. تقرأ في جميع ركعة سورة الفاتحة مرّة وسورة الاخلاص سبع مرات. وتسبح في الركوع والسجود سبع مرات. وركعتان صلاة الإمام صاحب الزمان عليه‏السلام تقرأ في الركعة الأولى سورة الفاتحة فإذا وصلت إلى (إياك نعبد وإياك نستعين) تكرر الآية مائة مرّة. ثم تكملها وتقرأ سورة الإخلاص مرةً وتسبّح في الركوع والسجود سبع مرات. إلى غير ذلك تصنع في الركعة الثانية.

فإذا أتممت الصلاة، تهلّل مرّة واحدة وتأتي بـتسبيحة الزهراء(عليها السلام) فإذا فرغت منها، تسجد وتصلّي على النبي(صلى‏اللَّه عليه وآله) مائة مرّة.

ثم نطق:

عليك بهذه الصلوة وعلى كلّ من يحضر المسجد.

فمن صلّهما فكأنما صلّى في البيت العتيق.

فبعدما توضأت وصلّيت الصلوة، عدت إلى داري وقضيت الليل مفكّراً بذلك حتى أسفر الصبح، فصليت الفريضة، وخرجت إلى علي ‏بن المنذر _وهومن أقربائي_ وقصصت عليه الأمر. فاتى معي إلى المكان الذي مضىوا بي اليه البارحة، فلمّا رأيت سلاسل وأوتاداً منصوبة في جميع جوانب الأرض، محدّدة لها، قلت: واللّه إنّ أحد العلامات التي نطقها لي الإمام هووجود هذه السلاسل والأوتاد هنا. فمضىنا إلى السيد الشريف أبي الحسن الرضا _وهومن الفقهاء الأتقياء المقيمين ببلدة قم _ فلما وصلنا باب داره، استقبلنا خدّامه وسألوني. هل أنت من جمكران،يا ترى؟ قلت: نعم. نطقوا: مرحباً بك إذا السيد أبا الحسن ينتظرك منذ السَحَر! فدخلت عليه وسلّمت، فأحسن في الجواب وأكرمني، ومكّن لي في مجلسه. وبادرني قبل حتى أحدّثه، قائلاً: أيها الحسن‏ بن مثلة، إنّي كنت نائماً، فرأيت شخصاً يقول لي: يأتيك بالغداة رجل من جمكران، ينطق له الحسن‏ بن مثلة، فلتصدّقن ما يقول ولتثق بكلامه، فإنّ قوله قولنا، فلا تردنّ عليه قولا فأفقت وبقيت انتظرك حتّى الساعة. فقصصت عليه ما جرى مفصّلاً. فأمر بالخيول لتسرج. فخرجنا وركبنا مع بعض اصحابه ومرافقيه فلمّا اقتربنا من القرية، رأينا جعفر الراعي وهويرعى القطيع إلى جانب الطريق. فدخلت في القطيع، وكان ذلك المعز بنفس الصفات التي ذكرها الامام عليه‏السلام في مؤخرة القطيع. فأقبل عادياً نحوي فأمسكته وأردت حتى أعطي الراعي ثمنه، فأنكر وأقسم قائلاً: أنّ هذا المعز لم يكن في قطيعي من قبل، ولم أشاهده إلاّ اليوم، وكلّما حاولت إمساكه تعذّر عليّ. وها هوقد اتى إليكم فهولكم. فأتينا به إلى موضع المسجد. وذبحناه ليلاً ووزّعنا لحمه يوم الأربعاء كما أمر الامام عليه‏السلام على السقمى، فشفي الجميع والحمدللّه. واتى السيد أبوالحسن الرضا القمي برفقة أهالي جمكران وأحضروا الحسن‏ بن مسلم، واستردوا منه منافع الأرض، وجاؤوا بغلاّت الرهق، وبدؤا ببناء المسجد، فما مضت أيّام إلاّ وسقّفوا المسجد بالجذوع، وبدأ يترددون اليه ويصلّون فيه ويتبرّكون به. وأخذ السيد أبوالحسن السلاسل (هذه السلاسل والاوتاد بقيت فترة من الزمن في بيت السيد وبعد موته رحمةاللَّه غابت عن الانظار فكلّما فتشوا لم يجدوها) والأوتاد إلى قم وأودعها في بيته. وكان السقمى يزورون البيت طلباً للشفاء من اللّه الله بالتبرك بها. فاشتهر الأمر، وتواترت أخبار الذين نالوا حوائجهم واستشفوا فشفاهم اللّه ببركة الإمام الحجّة عجّل اللّه الله فرجه الشريف.

ازدياد الاهتمام في المسجد

بعد الثورة الاسلامية في إيران، ازداد اهتمام الناس بإعمار هذا المسجد المقدس، وتوسعته. كما ازداد اقبال المسلمين عليه، حيث يجتمع فيه عدد كبير من الزوّار من داخل إيران وخارجها. يكون الحظور في المسجد مكثفا خلال ليلتي الأربعاء والجمعة من كلّ اسبوع وبالمناسبات الاسلامية، حيث يغص المسجد بما فيه من القاعات والباحات، بوفود من الشخصيات والزائري حيث يأتي بعضهم من مسافات بعيدة تزيد على الف كيلومتر، شوقاً لزيارة المسجد، وإقامة الصلوة، والمكوث والإعتكاف فيه طلباً لتمضية الحوائج وشفاء السقمى.

يتكون المسجد من

• المصلى الرئيسي، وهويحتوي على مصلى الرجال ومصلى النساء
• باحة المسجد (الصحن)
• مخطتين لبيع الخط
• قاعة المعرض
• قاعتين للمحاضرات والندوات الأسبوعية
• مركز تحقيق يهتم في القرآن، الحديث، سيرة النبي والائمة
• مركز خاص لتدوين الكرامات الي تحدث في هذا المسجد المقدس

مصدر الصور

http://www.irib.com/worldservice/arabicradio/pages/Gallery/Index.asp