شهامة (خلق)

عودة للموسوعة

الشهامة لغة: مصدر شهم، وهذه المادة تدلُّ على الذكاء. والشهم: الذكي الفؤاد المتوقد، الجلد، وقد شهم الرجل، بالضم، شهامة وشهومة إذا كان ذكيًّا، فهوشهم أي جلد. وقيل: الشهم معناه في كلام العرب: الحمول، الجيد القيام بما يحمل، الذي لا تلقاه إلا حمولًا، طيب النفس بما حمل .

والشهامة اصطلاحًا: قيل هي: (الحرص على الأمور العظام؛ تسقطًا للذكر الجميل عند الحقِّ والخلق. وقيل هي: (عزة النفس وحرصها على مباشرة أمور عظيمة، تستتبع الذكر الجميل).

شواهد "الشهامة" من القرآن

  • نطق سبحانه وتعالى (في سورة النساء): Ra bracket.png وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا Aya-104.png La bracket.png

نطق السعدي: (ذكر سبحانه ما يقوِّي قلوب المؤمنين، فذكر شيئين؛ الأول: حتى ما يصيبكم من الألم والتعب والجراح ونحوذلك فإنه يصيب أعداءكم، فليس من المروءة الإنسانية والشـهامة الإسلامية حتى تكونوا أضعف منهم، وأنتم وإياهم قد تساويتم فيما يوجب ذلك؛ لأن العادة الجارية لا يضعف إلا من توالت عليه الآلام، وانتصر عليه الأعداء على الدوام، لا من يدال مرة، ويدال عليه أخرى).

  • نطق تعالى (في سورة القصص): Ra bracket.png وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ Aya-23.png فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ Aya-24.png La bracket.png.

نطق ابن عطية: (استعمال السؤال بالخطب إنما هوفي مصاب، أومضطهد، أومن يشفق عليه، أويأتي بمنكر من الأمر، فكأنه بالجملة في شر فأبلغتاه بخبرهما). ونطق الحجازي: (فثار موسى، وتحركت فيه عوامل الشَّهامة والرجولة، وسقى لهما، وأدلى بدلوه بين دلاء الرجال حتى شربت ماشيتهما).

شواهد الشهامة من السنة النبوية

  • عن أنس بن مالك رضي الله عنه نطق:
( كان رسول الله أحسن الناس، وأجود الناس، وأشجع الناس، نطق: وقد فزع أهل المدينة ليلة سمعوا صوتًا، نطق: فتلقاهم النبي على فرس لأبي طلحة عُرْيٍ*، وهومتقلِّد سيفه، فنطق: لم تراعوا** ، لم تراعوا، ثم نطق رسول الله : وجدته بحرًا***، يعني الفرس ) .

(*)عُرْيٍ: أي لا سرج عليه ولا أداة.،،، (**)لم تراعوا: حدثة تنطق تأنسياً عند تسكين الروع وإظهارا للرفق بالمخاطب.،،(***)بحراً: أي واسع الجري.

نطق القرطبي: (في هذا الحديث ما يشير على حتى النبي كان قد جمع له من جودة ركوب الخيل، والشَّجَاعَة، والشهامة، والانتهاض الغائي في الحروب، والفروسية وأهوالها، ما لم يكن عند أحد من الناس، ولذلك نطق أصحابه عنه: إنه كان أشجع الناس، وأجرأ الناس طالما الباس، ولذلك نطقوا: إذا الشجاع منهم كان الذي يلوذ بجنابه إذا التحمت الحروب، وناهيك به؛ فإنه ما ولَّى قطُّ منهزمًا، ولا تحدث أحد عنه قط بفرار)

  • عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه نطق:
(إنَّ النبي لما رأى من الناس إدبارًا، نطق: اللهم سبع كسبع يوسف* ، فأخذتهم سنة حَصَّتْ** جميع شيء، حتى أكلوا الجلود والميتة والجيف*** ، وينظر أحدهم إلى السماء، فيرى الدخان من الجوع، فأتاه أبوسفيان، فنطق: يا محمد، إنك تأمر بطاعة الله، وبصلة الرحم، وإنَّ قومك قد هلكوا، فادع الله لهم)) .

(*)كسبع يوسف: أي كالسنوات السبع الشداد التي كانت في زمن يوسف،، (**)حَصَّت: استأصلت ،،، (***)الجِيَف: جمع جيفة، أي الميتة التي أنتنت.

نطق ابن حجر: (قوله: فقيل: يا رسول الله استسق الله لمُضَر؛ فإنها قد هلكت. إنَّما نطق لمضر؛ لأن غالبهم كان بالقرب من مياه الحجاز، وكان النادىء بالقحط على قريش وهم سكان مكة فسرى القحط إلى من حولهم، فحسن حتى يطلب النادىء لهم، ولعل السائل عدل عن التعبير بقريش؛ لئلا يذكرهم فيذكِّر بجرمهم، فنطق: لمضر؛ ليندرجوا فيهم، ويشير أيضًا إلى أنَّ غير المدعوعليهم قد هلكوا بجريرتهم، وقد سقط في الرواية الأخيرة: وإن قومك هلكوا. ولا منافاة بينهما؛ لأنَّ مُضر أيضًا قومه وقد تقدم في المناقب أنه كان من مضر، قوله فنطق رسول الله لمضر: إنك لجريء، أي: أتأمرني حتى أستسقي لمضر مع ما هم عليه من المعصية والإشراك به؟!).

فالنبي رغم عداوة قريش وإيذائها للمؤمنين، لما اتىه أبوسفيان يطلب منه الاستسقاء لم يرفض لحسن خلقه، وشهامته، ورغبته في هدايتهم، فإنَّ الشهامة ومكارم الأخلاق مع الأعداء، لها أثر كبير في ذهاب العداوة، أوتخفيفها.

نماذج من الشهامة

المصطفى

-عن أبي إسحاق نطق سأل رجل البراء رضي الله عنه، فنطق يا أبا عمارة أَوَلَّيتم يوم حنين،يا ترى؟ نطق البراء وأنا أسمع ((أما رسول الله لم يُوَلِّ يومئذ وكان أبوسفيان بن الحارث آخذًا بعنان بَغْلَتِهُ، فلما غشيه المشركون هبط فجعل يقول: أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب))

الصحابة رضي الله عنهم

  • وعن مولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه نطق: (خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى السوق، فلحقت عمر امرأة شابة، فنطقت: يا أمير المؤمنين هلك زوجي وهجر صبية صغارًا والله ما ينضجون كراعًا ولا لهم غرس ولا ضرع وخشيت حتى تأكلهم الضبع وأنا بنت خفاف بن إيماء الغفاري وقد شهد أبي الحديبية مع النبي . فوقف معها عمر ولم يمض ثم نطق: مرحبًا بنسب قريب، ثم انصرف إلى بعير ظهير كان مربوطًا في الدار فحمل عليه غرارتين ملأهما طعامًا وحمل بينهما نفقة وثيابًا، ثم ناولها بخطامه، ثم نطق: اقتاديه، فلن يفنى حتى يأتيكم الله بخير،.. فنطق رجل: يا أمير المؤمنين، أكثرت لها نطق عمر: ثكلتك أمك، والله إني لأرى أبا هذه وأخاها، قد حاصرا حصنًا زمانًا فافتتحاه، ثم أصبحنا نستفيء سهمانهما فيه) .
  • وفي حادثة تبين لنا شهامة عثمان بن طلحة رضي الله عنه، تقول أمُّ سلمة رضي الله عنها وانطلق زوجي أبوسلمة إلى المدينة ففرَّق بيني وبين زوجي وبين ابني. نطقت: فكنت أخرج كلَّ غداة فأجلس بالأبطح، فما أزال أبكي حتى أمسي سنة أوقريبًا منها، حتى مرَّ بي رجل من بني عمي أحد بني المغيرة، فرأى ما بي فرحمني، فنطق لبني المغيرة: ألا تخرجون هذه المسكينة، فرَّقتم بينها وبين زوجها وبين ولدها نطقت: فنطقوا: الحقي بزوجك إذا شئت. نطقت: وردَّ بنوعبد الأسد إليَّ عند ذلك ابني، نطقت: فارتحلت بعيري ثم أخذت ابني فوضعته في حجري ثم خرجت أريد زوجي بالمدينة، نطقت: وما معي أحد من خلق الله، قلت: أتبلغ بمن لقيت حتى أقدم على زوجي حتى إذا كنت بالتنعيم لقيت عثمان بن طلحة بن أبي طلحة أخا بني عبد الدار، فنطق: أين يا بنت أبي أمية،يا ترى؟ نطقت: أريد زوجي بالمدينة، نطق: أوما معك أحد،يا ترى؟ قلت: لا والله إلا الله وابني هذا، نطق: والله ما لك من مهجر، فأخذ بخطام البعير فانطلق معي يهوي به، فوالله ما صحبت رجلًا من العرب قط أرى أنه كان أكرم منه، كان إذا بلغ المنزل أناخ بي ثم استأخر عني، حتى إذا نزلنا استأخر ببعيري فحطَّ عنه، ثم قيَّده في الشجرة، ثم تنحَّى إلى شجرة فاضطجع تحتها، فإذا دنا الرواح قام إلى بعيري فقدمه فرحله، ثم استأخر عني فنطق: اركبي، فإذا ركبت فاستويت على بعيري أتى فأخذ بخطامه فقاد بي حتى ينزل بي، فلم يزل يصنع ذلك بي حتى أقدمني المدينة، فلما نظر إلى قرية بني عمروبن عوف بقباء نطق: زوجك في هذه القرية - وكان أبوسلمة بها نازلًا - فادخليها على بركة الله، ثم انصرف راجعًا إلى مكة، نطق: وكانت تقول: ما أفهم أهل بيت في الإسلام أصابهم ما أصاب أبوسلمة، وما رأيت صاحبًا قط كان أكرم من عثمان بن طلحة)) .
  • عن عبد الرحمن بن عوف نطق: (إنِّي لفي الصف يوم بدر، إذ التفت فإذا عن يميني وعن يساري فَتَيان حديثا السن، فكأني لم آمن بمكانهما، إذ نطق لي أحدهما سرًّا من صاحبه: يا عم أرني أبا جهل. فقلت: يا ابن أخي، وما تصنع به،يا ترى؟ نطق: عاهدت الله إذا رأيته حتى أقتله، أوأموت دونه. فنطق لي الآخر سرًّا من صاحبه مثله، فما سرني أني بين رجلين مكانهما، فأشرت لهما إليه، فشدا عليه مثل الصقرين حتى ضرباه، وهما ابنا عفراء).

نطق ابن حجر: (قوله "الصقرين".. شبههما به لما اشتهر عنه من الشَّجَاعَة، والشهامة، والإقدام على الصيد، ولأنه إذا تشبث بشيء لم يفارقه حتى يأخذه).

أقوال الفهماء عن الشهامة

  • نطق الراغب الأصفهاني:
(الصبر يزيل الجزع، ويورث الشهامة المختصة بالرجولية.)
  • وقيل: (من سجايا الإسلام التحلي بكبر الهمة، مركز السالب والموجب في شخصك، الرقيب على جوارحك، كبر الهمة يجلب لك بإذن الله خيرًا غير مجذوذ؛ لترقى إلى درجات الكمال، فيجري في عروقك دم الشهامة، والركض في ميدان الفهم والعمل، فلا يراك الناس واقفًا إلا على أبواب الفضائل، ولا باسطًا يديك إلا لمهمات الأمور).
  • نطق ابن القيم: (حُرِّم -الذَّهَب- لما يورثه بملامسته للبدن من الأنوثة والتَّخَنُّث، وضد الشهامة والرجولة).
  • إنَّ خذلان المسلم لأخيه المسلم أمر تنكره الشريعة، وإن من حق المسلم على المسلم حتى لا يخذله، (وهوإذا وقع ذريعة لخذلان المسلمين جميعًا حيث تنتشر عدوى الأنانية وحب الذات، وإيثار الراحة والمصلحة الخاصة على مشاركة الغير آلامهم وآمالهم، فيكثر التَّنصل من المسؤولية بين المسلمين، حتى يقضي عليهم أعداؤهم واحدًا تلوالآخر، فتموت فيهم خلال الآباء، والشهامة، ونجدة الملهوف، وإغاثة المنكوب، وسوف يجنح المظلوم والضعيف إلى الأعداء طوعًا أوكرهًا، لما يقع به من ضيم وما يصيبه من خذلان من إخوانه ثم ينزوي بعيدًا عنهم، وتنبتر عرى الأخوة بينه وبين من خذلوه وأسلموه للأعداء)

أقوال الشعراء في الشهامة

نطق الشاعر:


.
جميعُ الخطِ يدركُ مَن قراها فتورٌ أوكلالٌ أوسآمهْ
سوى القرآنِ فافهمْ واستمعْ لي وقول المصطفى يا ذا الشهامه


ونطق الشاعر:


شـهمُ الفؤادِ ذكاؤُه ما مثلُه عندَ العزيمةِ في الأنامِ ذكاءُ


المراجع

  1. ^ (كتاب العين) للخليل بن أحمد (3/405)، (مقاييس اللغة) لابن فارس (3/223)، (الزاهر في معاني حدثات الناس) لأبي بكر الأنباري (1/114)
  2. ^ التوقيف على مهمات التعاريف للمناوي (ص5)
  3. ^ المعجم الوسيط (ص498)
  4. ^ تيسير الكريم الرحمن للسعدي (ص199)
  5. ^ (المحرر الوجيز) (4/283)
  6. ^ (التفسير الواضح) للحجازي (2/852)
  7. ^ رواه مسلم (2307) والبخاري (3040) واللفظ له
  8. ^ (المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم) (ص6/100)
  9. ^ رواه مسلم (1007) والبخاري (2798) واللفظ له
  10. ^ (فتح الباري) (8/571)
  11. ^ رواه البخاري (3042)
  12. ^ رواه البخاري (4160)
  13. ^ سيرة ابن هشام(ص469\1)
  14. ^ رواه البخاري (3988)
  15. ^ (فتح الباري شرح سليم البخاري) (7/308)
  16. ^ الذريعة إلى مكارم الشريعة للراغب الأصفهاني (ص151)
  17. ^ (حلية طالب الفهم) لبكر أبوزيد (ص173)
  18. ^ (زاد المعاد) (4/73)
  19. ^ (الموالاة والمعاداة في الشريعة الإسلامية) لمحماس الجلعود (2/937)
  20. ^ موارد الظمآن لدروس الزمان لعبد العزيز السلمان (ص474\1)
تاريخ النشر: 2020-06-04 06:59:50
التصنيفات: أخلاق إسلامية, أخلاقيات اجتماعية, بوابة أخلاقيات/مقالات متعلقة, بوابة الإسلام/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

حرب غزة: هل اقتربت إسرائيل من تحقيق أهدافها؟

المصدر: BBC News عربي - بريطانيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-11-10 18:06:38
مستوى الصحة: 83% الأهمية: 90%

آلاف اليابانيين يتظاهرون في طوكيو دعما لفلسطين

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-11-10 18:07:33
مستوى الصحة: 89% الأهمية: 99%

عشرات القتلى في قصف صاروخي ومدفعي استهدف مدرسة في غزة

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-11-10 18:06:56
مستوى الصحة: 94% الأهمية: 92%

بايدن يلتقي شي في كاليفورنيا في 15 تشرين الثاني/نوفمبر

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-11-10 18:07:17
مستوى الصحة: 77% الأهمية: 86%

تحميل تطبيق المنصة العربية