إن حفظ القرآن الكريم من أجل القربات وأفضل الطاعات ، وبه ينال الإنسان رضا ربه سبحانه وتعالى ، وكذلك حفظ علوم الشرع من سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، وأقوال أهل الفهم المشروحة لمعاني نصوص القرآن والسنة ، وفيما يلي أسرد بعض فوائد الحفظ وفضائله ليكون ذلك باعثا للهمم ، ومقويا للعزائم يستطيع المربي حتى يشحذ همم أبنائه بها كي تقبل على حفظ كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم بجد واجتهاد وصبر وثبات وهمم عالية في الحفظ والفهم ومحاولة التطبيق العملي :

*1)الحافظ من الذين أوتوا الفهم :

نطق سبحانه وتعالى : ) وَمَا كُنْتَ تَتْلُومِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآياتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ[1](. ويكفي الحافظ لكتاب الله سبحانه وتعالى عزا وشرفا ، حتى يوصف بهذا الوصف ، وأن ينال تلك المنزلة والمكانة . نطق الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي في تفسيره : (بَلْ هُوَ) أي : القرآن )آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ( لا خفيات . ) فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ( هم : سادة الخلق وعقلاؤهم ، وألوالألباب منهم والكمل منهم . فإذا كانت آيات بينات في صدور أمثال هؤلاء ، كانوا حجة على غيرهم[2] . أ.هـ. ونطق الحافظ ابن كثير : (( أي : هذا القرآن آيات بينة واضحة في الدلالة على الحق أمرا ونهيا وخبرا يحفظه الفهماء ، يسره الله عليهم حفظا وتفسيرا )[3] أ.هـ. وآيات الله عز وجل محفوظة كما نطق سبحانه وتعالى : ) إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ([4] . ومن مسببات حفظ القرآن ، صدور الذين أوتوا الفهم ، وكفى بهذا شرفا وفضلا لمن حفظ القرآن والسنة ، فإنه من مسببات حفظ الدين ووسائل حفظ الشريعة .

*2)الحفظ سبب للنجاة :

عن أبي الدرداء رضي الله عنه حتى رسول الله صلى الله عليه وسلم نطق : (( من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال )) . في رواية : ((من آخر سورة الكهف))[5]. فإذا كان هذا الفضل والثواب ، وهذا العطاء والجزاء ، وهوالعصمة من أكبر فتنة على ظهر الأرض منذ خلق آدم وإلى قيام الساعة ، ألا وهي فتنة الدجال ، والنجاة من عاقبتها ثمرة من ثمار حفظ عشر آيات من سورة الكهف ، أولها أوآخرها ، فكيف بمن حفظ القرآن كله ، لا ريب حتى النجاة من العواقب الوخيمة أعظم والسلامة من الشرور أكبر ، وهذا فضل الله يمنحه من يشاء . . وكذلك فإن حفظ القرآن سبب للنجاة من النار ، ففي الحديث (لوجعل القرآن في إهاب ثم ألقي في النار ما احترق)[6] رواه أحمد . ويقول أبوأمامة : ( اقرأوا القرآن ولا تغرنكم هذه المصاحف المعلقة فإن الله لا يعذب قلبا وعى القرآن) [7] .

*3)حافظ القرآن مقدم في دنياه وأخراه :

عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حتى النبي صلى الله عليه وسلم نطق : ( إذا الله يحمل بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين ) [8].

وممن حملهم الله بالقرآن كما نطق عمر بن الخطاب رضي الله عنه : عبدالرحمن بن أبزى الخزاعي _ رضي الله عنه – وهومن أواخر صغار الصحابة وكان مولى لنافع بن عبدالحارث، وكان نافع مولاه استنابه على مكة حين تلقى عمر بن الخطاب إلى عسفان ، فنطق له : من استخلفت على أهل الوادي ،يا ترى؟ - يعني مكة – نطق : ابن أبزة. نطق : ومن ابن أبزى ،يا ترى؟ نطق إنه عالم بالفرائض قارئ لكتاب الله . نطق عمر : أما إذا نبيكم r نطق : ( إذا هذا القرآن يحمل به أقواما ويضع به آخرين )[9]. فهذا ابن أبزى - وهوعبد أعتق – أصبح أميرا على أشراف أهل مكة من الصحابة والتابعين، وما حمله إلى هذه المنزلة إلا فهمه بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وهذا أبوالعالية رفيع بن مهران _ رحمه الله – وهوإمام مقرئ حافظ مسند – وكان مولى لامرأة – يقول : (( كان ابن عباس يحملني على السرير ، فتغامزت بي قريش ، فنطق ابن عباس: (( هكذا الفهم يزيد الشريف شرفا ، ويجلس الملوك على الأسرة )) . نطق الإمام المضىي: هذا كان سرير دار الإمرة لما كان ابن عباس متوليها لعلي رضي الله عنهما[10].

ومن المواطن التي يقدم فيها حافظ القرآن على غيره ما يلي :

أ‌-إمامة الصلاة :

عن أبي مسعود البدري t حتى النبي r نطق : ((يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله تعالى .... الحديث ))[11] . فالأقرأ لكتاب الله تعالى هوالمقدم في إمامة الصلاة ، وإن كان صبيا مميزا ، فعن عمروبن سلمة t نطق : (( لما كانت سقطة الفتح ، بادر جميع قوم بإسلامهم ، وبادر أبي قومه بإسلامهم ، فلما قدم نطق : جئتكم من عند النبي صلى الله عليه وسلم حقا : فنطق : صلوا صلاة كذا في حين كذا ، وصلاة كذا في حين كذا ، فإذا حضرت الصلاة ، فليؤذن أحدكم وليؤمكم أكثركم قرآنا ، فنظروا فلم يكن أحد أكثر قرآنا مني ، فقدموني بين أيديهم ، وأنا ابن ست أوسبع سنين .... الحديث )) [12].

ب‌- المشورة والرأي :

فعن ابن عباس رضي الله عنهما نطق : (( كان القراء أصحاب مجلس عمر ومشاورته ، كهولا كانوا أوشبانا ))[13] .

ج- الإمارة :

عن أبي هريرة رضي الله عنه نطق : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثا - وهم ذووعدد – فاستقرأهم ، فاستقرأ جميع واحد منهم – يعني ما معه من القرآن – فأتى على رجل من أحدثهم سنا ، فنطق : ما معك يا فلان ،يا ترى؟ نطق : معي كذا وكذا ، وسورة البقرة. فنطق: أمعك سورة البقرة ،يا ترى؟ نطق نعم . نطق : امضى فأنت أميرهم .. الحديث )[14].

د- الدفن بعد الموت :

عن جابر رضى الله عنه : (( حتى النبي r كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد ، ثم يقول : أيهما أكثر أخذا للقرآن ، فإن أشير إلى أحدهما قدمه في اللحد))[15].

4) علودرجة الحافظ في الجنة :

عن عبدالله بن عمروبن العاص رضي الله عنهما ، نطق : نطق رسول الله r : (( ينطق لصاحب القرآن اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا ، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها ))[16] . نطق ابن حجر الهيتمي : الخبر خاص بمن يحفظه عن ظهر قلب ، لأن مجرد القراءة في الخط لا يختلف الناس فيها .

نطق الإمام الخطابي – رحمه الله - : (( واتى في الأثر حتى عدد آي القرآن ، على قدر درج الجنة ، فينطق للقارئ ارق في الدرج على قدر ما كنت تقرأ من آي القرآن فمن استوفى قراءة جميع القرآن ، استولى على أقصى درج الجنة في الآخرة ، ومن قرأ جزءاً منه ، كان رقيه في الدرج على قدر ذلك ، فيكون منتهى الثواب عند منتهى القراءة))[17]أ.هـ.

ونطق صلى الله عليه وسلم : (( الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه ، وهوعليه شاق ، له أجران ))[18] . فحافظ القرآن سيكون مع خير ملائكة الله تعالى يوم القيامة وهم السفرة الكرام البرررة عليهم السلام .

وفي الحديث – واللفظ للبخاري - : (مثل الذي يقرأ القرآن وهوحافظ له مع السفرة الكرام البررة)[19] فيا له من شرف حتى تكون مع من نطق الله فيهم : ) فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ. مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ . بِأَيْدِي سَفَرَةٍ .كِرَامٍ بَرَرَةٍ ([20].

5) القرآن يشفع لصاحبه عند ربه :

نطق رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( أبشروا ! فإن هذا القرآن طرفه بيد الله ، وطرفه بأيديكم ، فتمسكوا به ، فإنكم لن تهلكوا ، ولن تضلوا بعده أبدا ))[21] .فلا يرضى القرآن حتى يأخذ بأيدي حافظه إلى جنات عدن ، يحلون فيها من أساور من مضى ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير ! . وفي يوم القيامة أيضا يشفع القرآن لأهله وحملته، وشفاعته مقبولة عند الله تعالى، ففي الحديث (اقرأوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه)[22]. فهنيئاً لمن يشفع له هذا الكتاب العظيم في ذلك اليوم العصيب.

6) يوضع على رأس الحافظ تاج الوقار ويُكسى والداه حلتين

يبشرنا رسول الهدى صلى الله عليه وسلم بهذه البشارة حيث يقول : (( ... وإن القرآن يلقى صاحبه يوم القيامة – حين ينشق عنه قبره – كالرجل الشاحب ، فيقول له : هل تعهدني ،يا ترى؟ فيقول : ما أعهدك . فيقول له : هل تعهدني ،يا ترى؟ فيقول : ما أعهدك . فيقول : أنا صاحبك القرآن ، الذي أظمأتك في الهواجر ، وأسهرت ليلك . وإن جميع تاجر من وراء تجارته ، وإنك اليوم من وراء جميع تجارة . فيعطى الملك بيمينه ، والخلد بشماله ، ويوضع على رأسه تاج الوقار، ويكسى والداه حلتين لا يقوم لهما أهل الدنيا ، فيقولان: بما كسينا هذه ،يا ترى؟ فينطق : بأخذ ولدكما القرآن . ثم ينطق له : اقرأ ، واصعد في درجة الجنة وغرفها ، فهوفي صعود ما دام يقرأ هذا كان أوترتيلا ))[23] .7) تزويج الحافظ بغير صداق إكراما له :

نطق البخاري في سليمه ( باب : التزويج على القرآن بغير صداق ) وترجم الإمام النووي في شرحه لمسلم (باب الصداق وجواز كونه تعليم قرآن وخاتم حديد ) وترجم النسائي ( باب التزويج على سورة من القرآن ) .

ثم أوردوا حديث سهل بن سعد الساعدي t نطق : اتىت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنطقت: يا رسول الله جئت أهب لك نفسي. فنظر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فصعد النظر فيها وصوبه ثم طأطأ رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه فلما رأت المرأة أنه لم يقض فيها شيئا جلست . فقام رجل من أصحابه فنطق يا رسول الله إذا لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها . نطق : فهل عندك من شيء ،يا ترى؟ فنطق : لا والله يا رسول الله . فنطق امضى إلى أهلك فانظر هل تجد شيئا ،يا ترى؟ فمضى ثم عاد فنطق لا والله ما وجدت شيئا . فنطق رسول الله صلى الله عليه وسلم : انظر ولوخاتما من حديد . فمضى ثم عاد فنطق : لا والله يا رسول الله ولا خاتما من حديد ، ولكن هذا إزاري [نطق سهل : ماله رداء ] فلها نصفه . فنطق رسول الله صلى الله عليه وسلم : وما تصنع بإزارك إذا لبسته لم يكن عليها منه سيء ، وإن لبسته لم يكن عليك منه شيء فجلس الرجل حتى إذا طال مجلسه قام ،يا ترى؟ فرآه النبي صلى الله عليه وسلم موليا فأمر به فدُعي فلما اتى نطق : ماذا معك من القرآن ،يا ترى؟ نطق : معي سورة كذا وسورة كذا وعددها . فنطق : تقرؤهن عن ظهر قلب . نطق : نعم. نطق امضى فقد ملكتكها بما معك من القرآن )) وفي رواية ( امضى فقد زوجتكها عملمها من القرآن )[24] .

وقوله صلى الله عليه وسلم : ( أتقرؤهن عن ظهر قلب ) مرشد على الحفظ . فحفظه لبعض سور القرآن كان سببا في زقابل رغم شدة فقره وحاجته حتى أنه لا يجد خاتما من حديد يدفعه مهرا لزوجته وهذا مرشد على فضيلة الحفظ .

8) من العون على الفهم الحفظ :

ورد في الكتاب والسنة نصوص كثيرة تبين قيمة الفهم وشرف أهله وعلومنزلتهم عند ربهم، وفي دنياهم ومعادهم فمن ذلك : قوله تعالى : ) يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ([25] . وقوله سبحانه : ) قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ([26] . وقوله سبحانه : ) إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ([27] .

وعن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه حتى النبي صلى الله عليه وسلم نطق : ((من يرد الله به خيرا يفقه في الدين ))[28] .وعن صفوان بن عسال رضي الله عنه حتى النبي صلى الله عليه وسلم نطق : (( إذا الملائكة لتضع أجنحتها لطالب الفهم رضى بما يطلب ))[29] .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه حتى النبي صلى الله عليه وسلم نطق : (( من سلك طريقا يلتمس فيه فهما ، سهل الله له به طريقا إلى الجنة ))[30] .وغيرها كثير .

فالرجل لاقد يكون عالما حتى يحفظ من القرآن والسنة وأقوال أهل الفهم المشروحة لمعانيها ما يحمله إلى تلك المكانة ، ويسموبه إلى تلك المنزلة .

ولهذا قيل : ( احفظ فكل حافظ إمام ) ، و( آفة الفهم النسيان ) ، فالفهم هوالحفظ، ومن لم يكن حافظا لم يكن عالما .

والمحمود في طلب الفهم هوالحفظ والفهم والاستيعاب ، فالفهم ليس بكثرة المصاحف والخط ولا بسعة المخطات ، وقد يحدث الرجل عالما ولا يملك من الخط إلا أقل القليل.

نطق علي بن أبي طالب رضي الله عنه : ( قيمة جميع امرئ ما يُحسِنه )[31] ولم يقل : ما يجمعه!!. ونطق أبوهلال العسكري - رحمه الله - : ( وإذا كان ما جمعته من الفهم قليلا وكان حفظا، كثرت المنفعة به ، وإذا كان كثيرا غير محفوظ قلت منفعته )[32] .

ونطق عبيد الله بن الحسن : ( وجدت أحضر الفهم منفعة ما وعيته بقلبي ، ولكته بلساني)[33]. ونطق عبدالرزاق : ( جميع فهم لا يدخل مع صاحبه الحمام فلا تعده فهما )[34] . ونطق الأعمش : ( احفظوا ما جمعتم فإن الذي يجمع ولا يحفظ كالرجل كان جالسا على خِوانٍ ، يأخذ لقمة لقمة ، فينبذها وراء ظهره ، فمتى يشبع ؟!)[35] .

9) حفظ القرآن يقوى الذاكرة :إن حفظ القرآن ، وكثرة مدارسته وتكراره ، يقوي ذاكرة حافظيه ، ويشحذ أذهانهم، فتراهم : أسرع الناس بديهة ، وأكثرهم حفظا ، وأشدهم فهما واستيعابا ، وهذا لا يحتاج إلى برهان أومرشد وإنما يكفي حتى تنظر في أحوال طلاب المدارس والمعاهد والجامعات ؛ لتجد حتى الحافظين للقرآن منهم ، أتقن لدروسهم ، وأحفظ من غيرهم ، وهم على الدوام في طليعة المتفوقين ، مع حتى الجميع في سن متقاربة ، وظروف بيئية واجتماعية واحدة . نطق تعالى : )وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ( [36].

10) الحافظ لكتاب الله متميز بأخلاقه وسلوكه :

إن الحفظ لكلام الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم متميز بين الناس بأخلاقه الحسنة ، وسلوكه القويم ، وتواضعه الجم وعلاقاته الطيبة مع الناس جميعهم ، أهله وأقاربه، وأساتذته ومفهميه ، وأصدقاؤه وزملاؤه نطق تعالى : )إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ([37] . 11) حفظ القرآن يقوم اللسان :

إن الحافظ لكلام الله عز وجل ، والمكثر من تلاوته وتكراره عنده من الفصاحة والبيان، والبلاغة وحسن الصياغة ، وقوة التعبير وسلامته ، ما ليس عند غيره من الناس ، فهوأفصح الناس تعبير ، وأطلقهم لسانا ، وأسلمهم نطقا .

نطق تعالى : )نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ([38]. 12) التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم:

فقد كان عليه الصلاة والسلام يحفظه ، ويراجعه مع جبريل عليه السلام ومع بعض أصحابه .

13) التأسي بالسلف:

نطق ابن عبد البر: (طلب الفهم درجات ورتب لا ينبغي تعديها، ومن تعداها جملة فقد تعدى سبيل السلف رحمهم الله، فأول الفهم حفظ كتاب الله عز وجل وتفهمه.. ا هـ)[39].

14) حفظه ميسر للناس كلهم ، ولا علاقة له بالذكاء أوالعمر :

فقد حفظه الكثيرون على كبر سنهم. بل حفظه الأعاجم الذين لا يتحدثون العربية، فضلاً عن الأطفال. 15) حفظ القرآن مشروع لا يعهد الفشل :

حين يبدأ المسلم بحفظ القرآن الكريم بعزيمة قوية ثم يدب إليه الكسل والخمول فينبتر عن مواصلة الحفظ ، فإن القدر الذي حفظه منه لا يضيع سدى، بل إنه لولم يحفظ شيئاً فإنه لن يحرم أجر التلاوة، فكل حرف بعشر حسنات .

16) حملة القرآن هم أهل الله وخاصته :

كما في الحديث عن أنس رضي الله عنه نطق : نطق رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا لله تعالى أهلين من الناس : أهل القرآن هم أهل الله وخاصته )[40] ‌، وكفى بهذا شرفاً .

17) حامل القرآن يستحق التكريم : ففي الحديث عن أبي موسى الأشعري نطق : نطق رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه وإكرام ذي السلطان المقسط )[41] فأين المشمرون ؟

18) الغبطة الحقيقية تكون في القرآن وحفظه : ففي الحديث عن ابن عمر t حتى رسول الله r نطق : ( لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله تعالى هذا الكتاب فهويقوم به آناء الليل وآناء النهار ورجل أعطاه الله تعالى مالا فتصدق به آناء الليل وآناء النهار)[42].

19) حفظ القرآن وتفهمه خير من متاع الدنيا :

ففي الحديث (أفلا يغدوأحدكم إلى المسجد فيفهم أويقرأ آيتين من كتاب الله عز وجل خير له من ناقتين، وثلاث خير من ثلاث، وأربع خير من أربع ومن أعدادهن من الإبل)[43] وتذكر حتى الإبل في ذلك الزمان أنفس المال وأغلاه.

20) حافظ القرآن أكثر الناس تلاوة له :

فحفظه يستلزم القراءة المكررة، وتثبيته يحتاج إلى مراجعة دائمة، وفي الحديث (من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها )[44] .

21) حافظ القرآن يقرأ في جميع أحواله :

فبإمكانه حتى يقرأ وهويعمل أويقود سيارته أوفي الظلام، ويقرأ ما شياً ومستلقياً، فهل يستطيع غير الحافظ حتى يعمل ذلك ،يا ترى؟

22) حافظ القرآن لا يعوزه الاستشهاد بآيات القرآن الكريم في حديثه وخطبه ومواعظه وتدريسه ، أما غير الحافظ فكم يعاني عند الحاجة إلى الاستشهاد بآية ، أوفهم موضعها . وبعد هذا العرض لبعض فوائد الحفظ بالنسبة للقرآن خاصة ولغيره من علوم الشريعة عامة فإن ما ذكرته فيه الكفاية لشحذ هممنا وهمم أطفالنا لحفظ القرآن الكريم ، وما هجرت من الفوائد أكثر ، ولكن ما ذكرته لعله يؤدي المقصود والله أفهم .