أنستاسيا شيرينسكايا

أنستاسيا شيرينسكايا،هى اناستاسيا شيرينسكاياـ مانشتين كانت اكبر ممثلة للجالية الروسية عمرا في الخارج ، كانت شيرينسكايا معروفة في تونس بنشاطها المتفاني الرامي الى المحافظة على ذكرى صفحات تاريخ روسيا المأساوية. وبفضل جهودها انشئت في تونس كنيستان روسيتان ، وبفضلها ايضاً يجري احياء ذكرى البحارة الروس الذين وجدوا انفسهم بمشيئة القدر على الارض التونسية بعد ثورة اكتوبر عام 1917 والحرب الاهلية.

الحياة المبكرة

ولدت اناستاسيا شيرينسكايا في روسيا عام 1912. وفي العام 1920 وعندما اكملت اناستاسيا سنتها الثامنة انتقلت اسرتها مع فلول الاسطول الروسي القيصري الى تونس. كان والدها الكسندر مانشتاين قائدا للمدمرة "جاركي" التي وصلت ضمن 33 سفينة حربية روسية الى الشواطئ الافريقية ، وكان على متنها حواليستة الاف من ضباط الاسطول والبحارة مع اعضاء اسرهم. وتوزعت افواج المغتربين هذه فيما بعد في بلدان العالم المتنوعة ، الا ان اناستاسيا بقيت في بنزرت حيث عملت في تدريس مادة الرياضيات في المدرسة المحلية ببنزرت .

مصير اناستاسيا شيرينسكايا - مانشتاين هومصير الموجة الاولى للهجرة الروسية الى الغرب. وكانت في الثامنة من عمرها حين سقطت في إفريقيا بمستعمرة فرنسية. ووافقت هذه القارة فقط على ايواء ما تظل من جيش البارون فرانغل بتعدادستة آلاف فرد.

الاسطول الروسي

بذلت شيرينسكايا قصارى جهودها لحفظ الذكرى على الاسطول الروسي وبحارته. واعتنت بالقبور الروسية باموالها المتواضعة واموال غيرها من التونسيين الروس وشاركت في ترميم الكنيسة الارثوذكسية . لكن القبور لم تصمد امام الزمن وصارت الكنيسة تتهدم .

كتابها الأول

سلمت اناستاسيا شيرينسكايا كتابها الاول الى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن طريق رئيس بلدية باريس والدبلوماسيين الروس. واتى بعد فترة موظف البريد بطرد بريدي من موسكويحتوي على كتاب خط على غلافه " الى اناستاسيا الكساندروفنا مانشتاين – شيرينسكايا للذكرى الطيبة والشكر ، فلاديمير بوتين".

تونس

احبت شيرينسكايا من صميم القلب تونس وعاشت فيها 70 سنة دون ان تتقبل الجنسية التونسية، ولديها هوية اللاجئة التي لم تمنحها الحق بمغادرة البلد دون الحصول على ترخيص خاص. وقد حصلت شيرينسكايا على هذا الترخيص في عام 1999 فقط حين استعادت الجنسية الروسية. فوصلت الى وطنها وزارت عزبة عشيرتها على نهر الدون.

ونطقت اناستاسيا الكسندروفنا:" كنت انتظر طول هذه الفترة استعادة الجنسية الروسية ولم ارد الحصول على الجنسية السوفيتية. اذ اننى اتمنى رؤية جواز السفر بالنسر ذوالرأسين. وكانت السفارة الروسية تعرض علي جواز السفر بالشعار الاممي، لكنني انتظرت الباسبور بالنسر. انني عجوز الصلب الرأي".

كانت شيرينسكايا من اشهر مدرسات الرياضيات في تونس. واطلق عليها مدام مدرسة. وكان التلامذة يحضرون الى منزلها ليتلقوا الدروس الخاصة على يدها. واصبح اولئك فيما بعد مسؤولين كبار وبينهم الوزراء ورجال الاعمال ورئيس بلدية باريس برتران ديلانوي.

ونطقت اناستاسيا في يوم من الايام:" كانت امنيتي ان اؤلف حكايات للاطفال، لكن الحياة اضطرتني الى تدريس الجبر لكي اعيش".

الحياة الأسرية

قامت اناستاسيا وزوجها سرفر شيرينسكي وهومن اسلاف العشيرة التتارية القديمة قاما بتربية الاطفال الثلاث. لكن الابن سيرغي فقط بقي يعيش مع امه في تونس وهو يناهز من عمره 60 سنة. اما ابنتاها تاتيانا وتامارا فهاجرتا الى فرنسا منذ زمن. واصرت امهما على ان تصبحا باحثتين فيزيائيتين. اذ انها على قناعة بان العلوم الطبيعية بوسعها تخليص البشرية من الفقر.

حفيداها جورج وستيفن هما فرنسيان حقيقيان ولا يجيدان اللغة الروسية، لكنهما يحبان حبا جما جدتهما الروسية. ويعمل ستيفن مهندسا معماريا ويسكن في باريس. اما جورج فكان يتعاون مع المخرج السينمائي المعروف سبيلبرغ ثم انتقل الى تصوير الرسوم المتحركة في شركة ديزني الامريكية.

كانت اناستاسيا شيرينسكايا تتقن اللغة الروسية والثقافة والتاريخ الروسيين. ويشهد منزلها جوا روسيا بحتا ومتواضعا في وقت واحد. ثمة اثاث روسي وايقونات وخط. اما تونس فتبدأ في خارج بيتها. فخطت كتابا اسمه " بنزرت .. مرسى اخيبر" الذي تعبير عن يوميات الاسرة وما اهم من ذلك هوسيرة المصير المأسوى للاسطول الروسي الذي عثر مأوى له على ساحل تونس ومصائر اولئك الذين حاولوا انقاذه".

الجوائز

في عام 2005 حازت اناستاسيا شيرينسكايا على جائزة "الكسندر نيفسكي" الروسية في مجال ادب المذكرات لقاء "الجهود لخير الوطن". وقد تم نقش هذا الشعار على وسام القديش ألكسندر نيفسكي الذي اسسه بطرس الاول.
قد اخرج السيمائيون التونسيون في التسعينات الفيلم الوثائقي تحت عنوان "اناستاسيا من بنزت" المكرس لاناستاسيا شيرينسكايا. وتم تكريم الروسية شيرينسكايا بالوسام الحكومي التونسي "كومندور الثقافة" لقاء تطوير الثقافة التونسية.
في عام 2004 منحت البطريركية الارثوذكسية الروسية شيرينسكايا وسام القديسة اولغا التي كانت تغرس بذور الدين المسيحي في ارض روسيا وذلك لقاء نشاطها الخاص بالحفاظ على التنطقيد البحرية الروسية والاعتناء بالكنائس والقبور للبحارة واللاجئين الروس في تونس.
كما ان ساحة بنزنت التي تقوم عليها كتدرائية القديس ألكسندر نيفسكي التي قام البحارة الروس السابقون بانشائها في منتصف القرن الماضي لاحياء ذكرى اسطولهم اطلق عليها اسمها. ويزورها اليوم البحارة من بطرسبورغ ليقيموا قداس الزواج ويدوي رنين الاجراس المفرح الذي ترافقه نداء المؤذين.. هذه ساحة لها. وانها كانت سعيدة لانها رأت سفنا روسية تحمل فهم القديس اندراوس على صواريها..