لغات المغرب

عودة للموسوعة

لغات المغرب

لغات المغرب
اللغات الرسمية عربية فصحى
اللغة الأصلية الأساسية عربية مغربية
لغات الأقلية لغات بربرية (Tarifit, Tachelhit, Central Morocco Tamazight)
اللغات الأجنبية الأولى/الثانية الفرنسية, (الإسپانية, الإنگليزية)

يعتبر التعدد اللغوي والتنوع الثقافي سمة ملازمة للمجتمع البشري، بحيث يصعب الحديث عن مجتمع أحادي اللغة أوالثقافة، ففي جميع الدول تتعايش اللغات المتنوعة والثقافات المتنوعة بهذا القدر أوذاك. والمجتمع المغربي لا يشكل استثناء، فعبر تاريخه تعايشت حضارات عريقة عابرة مع الحضارة الأمازيغية التي يشهد لها التاريخ بكونها أولى الحضارات المتواجدة في منطقة شمال إفريقيا.

عبر تاريخه وبفضل مسقطه الاستراتيجي شكل المغرب منطقة عبور، توافدت عليه كبريات الحضارات: الفينيقية، البيزنطية، الرومانية، العربية - الإسلامية... وتعايشت مع "السكان الأصليين"، وحصل ما حصل من تمازج وأخذ وعطاء، وتداخلت الثقافات العابرة مع الثقافات المحلية. وتعتبر الحضارة العربية ـ الإسلامية أبرز حضارة عمرت المغرب قرون عديدة، ولازالت إلى اليوم حيث يشكل الإسلام واللغة العربية جزءا من الهوية المغربية. وإذا كانت أغلب الدول (خاصة في العقدين الأخيرين من القرن العشرين) قد عملت على معالجة التعدد اللغوي والتنوع الثقافي من خلال إقرار لغات رسمية بدلا من لغة رسمية واحدة، فإن المغرب لا يمتلك بعد تصورا واضحا لهذه التعددية، وسياسته اللغوية ليست واضحة بما فيه الكفاية (إن صح الحديث عن سياسة لغوية بالمغرب)، على الرغم من التغيرات الحاصلة مع مطلع الألفية الثالثة بعد الاحتواء السياسي لجزء من الحركة الثقافية الأمازيغية والعمل على تدريسها في التعليم الأولي، لذلك نرى ضرورة الوقوف على الوضع اللغوي بالمغرب لتحديد مكانة الأمازيغية في الخريطة اللغوية السائدة.

الوضع اللغوي بالمغرب

للغة طابع اجتماعي وثقافي، وليست مجرد أداة للتواصل، إنها أداة لنقل القيم والتعبير عن الحياة الاجتماعية، وأساس الهوية الجماعية والفردية، وهي رمز من رموز التراث الثقافي وحاملة الفهم وناقلتها، كما أنها أداة للتنشئة الاجتماعية، فمن خلالها يتحدد نمط السلوك والشخصية، ولا يستطيع الفرد حتى يبدع وأن يفكر خارجها، لذا يتعين تحديد وظيفة اللغة: فهل اللغة مجرد أداة لاستهلاك الجاهز وتلقين الفهم أم أنها أداة للإبداع،يا ترى؟ لا يمكن حتى نحدد دور ومكانة اللغة، إلا بتحديد وظيفتها، لهذا يمضى بعض المهتمين بالموضوع إلى الحديث عن كون القضية اللغوية بالمغرب يمكن معالجتها من ثلاث مستويات: اللغة الكونية، واللغة الوطنية – الرسمية، واللغة الأم.

يتميز الوضع اللغوي بالمغرب بتعدد لغوي قائم لا ينكره أحد، وبفوضى عارمة تجعل اللغات تتعايش ضمنه، حيث تعمل جميع لغة على ضمان مسقطها ودورها ومكانتها، وعلى احتكار مناطقها الجغرافية. إنه وضع ساهمت فيه السياسة العامة السائدة، فمغرب اليوم تتعايش فيه: الأمازيغيات (الريفية، الأمازيغية، تاشلحيت)، إلى جانب العربيات (العاميات بما فيه الحسانية)، والعربية الفصحى (أوالكلاسيكية بتعبير السوسيولوجيا الكولونيالية)، واللغات الأجنبية: الفرنسية والإسبانية والإنجليزية، فأي مستقبل لكل هذه اللغات بالمغرب؟

لقد درج على تحديد وضع اللغات ومكانتها من خلال وظائفها حيث أسندت أغلب الأطروحات، اللغة العربية إلى الشؤون الدينية، وإلى التعليم، في جزء منه، وبشكل محتشم إلى الإدارة والإعلام، بينما أسندت الفرنسية للاقتصاد والإدارة والتعليم والسياسة الخارجية، في حين تظل الإسبانية متداولة في حدود بعض مناطق الشمال وبعض المناطق الجنوبية التي استعمرتها إسبانيا في وقت من الأوقات، أما الإنجليزية فإن حضورها اتى متأخرا جدا. في حين حتى الأمازيغيات والعربيات العامية فقد اعتبرت أداة للتواصل اليومي، على الرغم من أنها تمتلك تراثا ثقافيا هائلا وغنيا. في مغرب اليوم تتعايش الأمازيغية (بلهجاتها) والعربية (بلهجاتها) والفرنسية وبتداول ضعيف الإسبانية والانجليزية، وما يحتاج في نظرنا إلى تدبير حقيقي هوثلاث لغات رسمية وضرورية: الأمازيغية والعربية والفرنسية، لذا نرى ضرورة توضيح ومقارنة أولية بين هذه اللغات: الفرنسية: لغة هجرها الاستعمار الفرنسي، ولها تأثير قوي في الإدارة ومؤسسات التنشئة الاجتماعية (التربية والتعليم والإعلام)، وتاريخيا على الرغم من تعميمها في النظام التعليمي الذي كان فرنسيا في فترة تاريخية، فإنها لغة مرتبطة بفئة اجتماعية محدودة، هي البرجوازية بمختلف أنواعها، مع تأثير ضعيف جدا على البرجوازية الصغيرة. أما وجود جالية وجماعات فرنسية بحاجة إلى الاعتراف بلغتها فهوتواجد ضعيف جدا مقارنة مع الفترة الاستعمارية، وما يزيد من تكريسها كلغة هوالمصالح السياسية والاقتصادية للرأسمال الفرنسي الذي لازال يتحكم في دواليب الاقتصاد المغربي وسياسته الخارجية.


الحاجة إلى تدبير الوضع اللغوي بالمغرب

يستلزم تدبير الوضع اللغوي بالمغرب، سياسة لغوية واضحة قادرة على وضع حد للفوضى اللغوية التي نعيشها، وهي سياسة منوطة بكل الفرقاء المعنيين وكل المؤسسات الفهمية القادرة على رسم هكذا استراتيجية تستجيب لمطلب التعدد وتحافظ عليه، وهوما لن يتم إلا بالحوار بين المكونات الثقافية واللغوية معا، فالمغرب لا تعوزه المؤسسات الفهمية القادرة على الدفع بإنعاش التعدد وتطوير الخريطة اللغوية وتقويم الاعوجاج، كما لا تعوزه الكفاءات، إنما تعوزه الإرادة والوعي بالضرورة التاريخية التي تحتم هذا التدبير، فأغلب الدول الأوروبية شرعت في تدبير أوضاعها اللغوية قبيل الحرب العالمية الثانية وقد راكمت ما يكفي من التجارب، فهل نحن عاجزون عن تدبير حقيقي؟ يحتاج تدبير الوضع اللغوي إلى إمكانات مادية وبشرية هائلة، ولا ينبغي حتى يشكل هذا مبررا لرفضه، لأن وضع حد "للفوضى اللغوية" الحالية هوإنصاف للتاريخ والحضارة وللشعوب في نفس الوقت ولا أعتقد حتى التدبير يتم من خلال لغة واحدة كما يعتقد البعض، بل إذا التدبير يقتضي الاعتراف باللغات الرسمية والوطنية، أما اعتبار اللغة العربية في مركز الصدارة وسط هذا التعدد فهواعتبار لا يقدم أي شيء للوضع الحالي، وحجة بعض الأكاديميين في ذلك باطلة. فهذا عبد اللطيف شوطا يرى حتى المغرب ملزم باتباع سياسة الدول الأوروبية التي حافظت على لغتها الوطنية والرسمية (الواحدة) وعلى تنوع اللغات الدارجة والمتداولة حيث يقول: "والمغرب الذي عهد على امتداد تاريخه الطويل تعددا لسنيا وتعددا لغويا ملزم هوالآخر بنهج نفس السياسة اللغوية التي تنتهجها الدول الأوروبية، على حتى تكون لغته العربية، وسط هذا التعدد في مركز الصدارة، بحيث تكون لغة وظيفية، في التعليم والإدارة والاقتصاد والإعلام". إن هذا الحل لا يقدم في نظرنا أي شيء حديث للوضع الحالي ما عدا الاعتراف بالتعدد اللسني واللغوي الذي عهده المغرب طوال تاريخه المديد.، فاعتبار اللغة العربية في مركز الصدارة لا يعني شيئا غير إزاحة الفرنسية من مكانتها، أما الأمازيغية فلا مكانة لها أصلا في تصور كهذا. ومثل هذا سمعناه عن غيره، فهوكلام إقصائي، والنموذج الأوروبي هنا، هوفرنسا التي اعترفت سنة 1992 باللغة الفرنسية كلغة رسمية ووطنية للجمهورية، وفي سنة 1994 سيقر وزير الثقافة الفرنسي جاك توبون بضرورة استعمال الفرنسية في المجالات الستة التالية: التربية، التجارة، الإعلام، الأماكن العامة، المصالح العمومية، الندوات الصناعية... ونحن نفهم حتى المجتمع الفرنسي متعدد اللسان نظرا لكونه مجتمع المهاجرين بامتياز، حيث يتداول الفرنسيون: اللهجة الألمانية بالألزاس، الباسكية، البروطون، الكطلانية، الكورسية، الفلامنية الغربية، الأوكسيطونية، العربية الدارجة، الأمازيغية، الإيديش، الأرمينية الغربية...

إن فرنسا في نظرنا لا تشكل النموذج المناسب، ذلك حتى أغلب الدول الأوروبية عملت على تدبير التعدد اللغوي بإقرارها على الأقل لغتين وطنيتين رسميتين:

"عنوان الجدول"
البلد اللغة الرسمية والوطنية
سويسرا الفرنسية، الإيطالية، الرومانتش، الألمانية
فنلندا الفنلندية والسويدية
بلجيكا الفرنسية، الألمانية، الفلامية

في أوروبا اليوم تكاد أغلب الدول تسير في اتجاه الاعتراف بتعدد اللغات والألسن، وبحق الجميع في تداول اللغة التي يشاء، والاعتراف الرسمي باللغات حسب المجموعات اللسنية السائدة، هذا فيما يتعلق بأوروبا، ولنا أمثلة أخرى عديدة في بلدان أخرى ككندا التي أقرت ثلاث لغات رسمية: الإنجليزية، الفرنسية، الإنكتكوت. هذا ويمكن الحديث عن اللغات الجهوية، التي ينبغي حتى يضمنها الدستور كما هوالحال بالنسبة لبلجيكا، لصيانة اللغات الوطنية ـ الأم (إن صح التعبير).

إن ضغط العولمة والوثيرة المتسارعة للهيمنة اللغوية تقتضي الاتجاه نحوإحياء اللغات الوطنية والجهوية التي تمتلك ثقافة وتراثا غنيا والدفع بها بدل تهميشها، فتطور وسائل التكنولوجيا وتسارع ثقافة السيبرنتيك يشكل بحق تهديدا ليس وفقط على اللغات الأم: الوطنية والجهوية، وإنما حتى على اللغات الأكثر تداولا عالميا، فوضع الفرنسية والإسبانية اليوم لا يساوي شيئا أمام زحف الانجليزية، فأي وضع ينتظر اللغة العربية،يا ترى؟ تشير أغلب الندوات الفهمية والمؤتمرات المجالية إلى أنه ينبغي دخول غمار التنافس اللغوي، بل "الحرب اللغوية" المعلنة مع صعود شبح العولمة، لكن لا ينبغي حتى يتم ذلك على حساب اللغات التي تعايشت معها، بل يجب العمل على تطوير اللغة العربية لمسايرة الثورة التكنولوجية المعاصرة، وأن تغزوالفضاء السبيرنيتيكي إذا شاءت حتى تضمن بقاءها. وأمام هذا الوضع: ما مسقط الأمازيغية من هذا التعدد؟


العربية

نظرة على اللهجات العربية المتعددة

العربية هي اللغة الرسمية الوحيدة التي يعترف لها الدستور ويقرها، بالرغم من عدم جعلها اللغة الوحيدة السائدة، وهنا نتحدث عن العربية الفصحى لا عن العربيات أي التنويعات المتنوعة للعربية العامية المتداولة أكثر من العربية الفصحى (الكلاسيكية بلغة السوسيولوجيا الكولونيالية). ومن حيث التوظيف الرسمي لها فهي اللغة التي تحتل المرتبة الأولى في التعليم والإعلام.

الأمازيغية

الأمازيغية لغة تداول وتواصل يومي مستمر على طول تاريخ المغرب، ولم تستطع حتى تفرض نفسها كلغة مكتوبة إلا في العقدين الأخيرين، وبشكل رسمي بعد إقرارها في المنظومة التربوية مع مطلع الألفية الثالثة، والمحاولات الجارية هي محاولات تاريخية ينبغي صيانتها وحمايتها إنصافا لشرعيتها ولإمكانية انبعاث حديث لحضارة عريقة وغابرة في الأزمان.

"مقارنة بين لغات المغرب"
طبيعتها مكانتها في النظام التربوي والإعلامي مكانتها التاريخية ارتباطها الاجتماعي دورها في الشرعية السياسية نفوذه الجغرافي
العربية مكتوبة ومتداولة في المقام الأول بدأت مع الفتوحات الإسلامية مرتبطة بكافة طبقات المجتمع أداة لإضفاء الشرعية على السلطة السياسية بالمدن أساسا أوالدواوير المحيطة بها
الفرنسية مكتوبة ومتداولة نسبيا في المقام الثاني بدأت مع الاستعمار الفرنسي مرتبطة بالبرجوازية شرعنة المصالح التاريخية للرأسمال الفرنسي تكاد تكون خالية التداول في الأرياف والمدن الصغيرة
الأمازيغية مكتوبة بشكل محدود جدا ومتأخر، ومتداولة بشكل كبير وواسع في المقام الثالث عريقة وتمتد جذورها إلى تاريخ المغرب القديم مرتبطة بكافة الطبقات لا ترى فيها السلطة السياسية أية شرعية تمتلك ثلاث مناطق نفوذ تاريخية كبرى توجد في المدينة وفي الريف


مكانة الأمازيغية من التعدد اللغوي بالمغرب

إن الحديث عن الأمازيغية في المغرب يقتضي إلقاء نظرة تاريخية عامة على اللغة الأمازيغية، فهي لغة توجد في الوقت الراهن في عدة بلدان: المغرب، الجزائر، تونس، ليبيا، مصر، النيجر، مالي، بوركينافاسو، موريتانيا. ويعتبر المغرب والجزائر أبرز تلك البلدان من حيث الاهتمام بالمسألة الأمازيغية لغة وثقافة، وذلك لعدة اعتبارات أهمها:

  • التواجد الكبير لعدد السكان الناطقين بالأمازيغية (الجزائر 25 % والمغرب 40 %)؛
  • الغنى الثقافي الموازي لذلك التواجد؛
  • قوة الحركة الأمازيغية الداعمة لثقافة الأمازيغ ولمطلب ترسيم اللغة الأمازيغية؛
  • قوة مؤسسات البحث والدراسة وإحياء التراث الثقافي الأمازيغي...

لذلك فإن مأزق اللغة الأمازيغية وثقافتها لا يعني المغرب لوحده بقدر ما يتعلق بشعب موزع على منطقة: المغرب ـ الصحراء ـ الساحل... وهذا ما يقتضي التعامل مع الأمازيغية لغة وثقافة من منظور شمولي وكلي، لا كإشكال يتعلق بالمغرب وفقط، فالمسألة الأمازيغية تتجاوز مستوى الموقف السياسي والإرادة السياسية، إنها ورش مفتوح بحاجة إلى عمل متفان على جميع الأصعدة، يستدعي عدة منهجية وأدوات درس دقيقة وتنظيمات فهمية ومؤسساتية، فعبر التاريخ المغربي القديم تطور الأمازيغ وتعايشوا مع مختلف الحضارات التي تقاسموا معها ما تقاسموه وأخذوا منها بقدر ما وهبوها ما بمكنتهم. والأمازيغية لا تتجاوز المجتمع والدين والتاريخ والحضارة، بل إنها في صلبهما، فللأمازيغ حضارة عريقة كما لكل الشعوب حضارات، ولغتهم بقيت في حدود لغة التواصل ولم ترقى إلى لغة مكتوبة بسبب عوامل عدة، وثقافتهم متنوعة: أدبية، فنية، طقوسية، رمزية، دينية... ومؤسسات اجتماعية عريقة كانت موضع الدراسة والبحث وألهمت اهتمام السوسيولوجيين والأنثروبولوجيين، كما ألهمت قريحة النخبة الفقهية في مراحل مختلفة: ابن خلدون، السوسي.

ما تظل من الأمازيغية عبر التطور التاريخي هواللغة: ذلك الرابط القوي الحامل لثقافة متنوعة وغنية، والذي جعل الأمازيغ يعيشون هوية واحدة تحسهم بقوة الانتماء العرقي، وهورابط شفوي بالأساس يختلف من منطقة إلى أخرى حيث يمكن الحديث عن ثلاث مناطق لغوية أمازيغية بالمغرب: الريف؛ الأطلس المتوسط؛ منطقة سوس والأطلس الصغير والكبير.

كما حتى التعبيرات الفنية من موسيقى وفن الحياكة (الزرابي أساسا)، والرقص الشعبي (مختلف أنواع الفولكلور) والشعر... لازالت حاضرة وبقوة إلى اليوم، بل ازدادت وتقوت مع نمو"الحركة الثقافية الأمازيغية"، ومع تزايد الإحساس والوعي بالانتماء الثقافي والعرقي. أما ما يتصل بالعهد والتنظيم الاجتماعي فقد تعرض لتغييرات مستمرة، تفكك منها ما تفكك وبقي منه ما تبقى، لذا فالسؤال الرئيس هنا يتعلق بسؤال إشكالي يحتاج إلى فحص دقيق: ما الذي جعل الثقافة الأمازيغية (على الرغم من التعاقب الحضاري بالمغرب) تحافظ على نفسها،يا ترى؟ ما الذي جعلها ثقافة حية أمام ثقافات أخرى خارجية تعايشت معها في هذا البلد لمدة ليست بيسيرة،يا ترى؟ ما الذي ساهم في الحفاظ على اللغة الأمازيغية على الرغم من أنها ليست لغة مكتوبة،يا ترى؟ فالحضارة الإسلامية على سبيل المثال تعتبر أعرق الحضارات التي استوطنت المغرب مقارنة مع الفينيقيين والرومان والبيزنطيين... وعلى الرغم من قوتها من جميع الجوانب فإنها لم تستطع حتى تسيطر وتهيمن ثقافيا، بل ظلت الثقافة الأمازيغية محافظة على ذاتها، فهل في هذه الثقافة قوة ممانعة وعناصر قوة مضادة؟

تطور اللغة الأمازيغية

ساهم الاستعمار الفرنسي في تعزيز الدراسات والأبحاث حول الأمازيغية، وقد ساعده على ذلك تواجده بالمغرب والجزائر ومصر قبلهما، فإليه يعود الفضل في ربط الأمازيغ بتاريخهم وبتراثهم اللغوي، حيث انكب على دراسة نحواللغة الأمازيغية وبنيتها الصرفية وهجر معطيات تشكل اليوم أساس الدراسات الجديدة التي دشنها الجيل الجديد من المثقفين الأمازيغ الذين درسوا بأوروبا (فرنسا تحديدا)، حيث أسسوا الأكاديمية البربرية سنة 1970، وبعدها الكونغريس العالمي الأمازيغي.

لم تكن اللغة الأمازيغية لغة مكتوبة، دونت تراثها الثقافي، باستثناء مجهودات متأخرة بدأت مع تراث سوس الغنائي والفلكلوري، ولكن الحرف الأمازيغي ظل محافظا على نفسه في الرسومات الأمازيغية وفي فن الزخرفة والحياكة، كما في حلي التزيين والحناء... ويشكل المغرب حالة استثناء في تعزيز الحرف الأمازيغي، فبعد القرار التاريخي القاضي بضرورة دمج الأمازيغية في المنظومة التربوية، وتلقين الحرف الأمازيغي تم فتح صفحة جديدة في تاريخ اللغة الأمازيغية على الرغم من الصعوبات التي تعترض مسيرة التعيير، ففي ظل التجاهل المطلق لمطالب الحركة الثقافية الأمازيغية في الجزائر وليبيا والمغرب طوال عقود يشكل تلقين الأمازيغية بالمغرب حدثا تاريخي لن يكتمل إلا بحسم المشكلات المرتبطة بهذه اللغة.

إن تعزيز مكانة اللغة الأمازيغية لا يمكن حتى يكتمل إلا بعد إقرارها دستوريا لغة وطنية ورسمية، وبعد حتى تتملك تراثها الثقافي، فعملية التدوين الرقمي تتطلب إمكانات هائلة بشرية ومادية وإرادة حقيقية. على الرغم من حتى المسألة لا تتوقف هنا، فحاليا يعتبر المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، المبادر والمحتكر لشؤون اللغة الأمازيغية مما يطرح معضلة مصداقية القرارات التي يتخذها. فمثلا نحن أمام لغة أمازيغية فصحى تبتعد شيئا فشيئا عن اللهجات المحلية، لأنها ترغب حتى تكون لغة لكل الأمازيغيين في شمال إفريقيا الذي تتواجد فيه 11 لهجة:

"اللهجات الأمازيغية حسب البلد"
البلد اللهجة
المغرب تاريفيت، تاشلحيت، تامازيغت
الجزائر القبائلية، الشاوية، المزابية، الشتاوية، الترقية
ليبيا الزائريية والنفوسية
مالي، النيجر، بوركينافاسو الترقية

يعود تعدد لهجات الأمازيغية إلى التباعد الحاصل بين الأمازيغ في وقت من الأوقات، وعلى الرغم من التقارب الحاصل بين جميع هذه الأنواع فإن محاولة اختزال الأمازيغية في لغة واحدة قد يطرح إشكالات عدة، حيث سنكون أمام لغة غير إبداعية، لغة بعيدة عن التداول الشعبي الذي صانها وحافظ عليها قرون من الزمن، هذا ناهيك عما يمكن حتى يترتب عن تعميم اللغة الواحدة من صراعات جهوية ومحلية، ويمكن حتى نختزل هذه العلاقة الممكنة بين الأمازيغية الكتابية، وبين اللهجات في نوع العلاقة القائمة بين العربية الفصحى والعربية العاميات، والتاريخ يشهد ببعد الفصحى عن التداول الشعبي وانحصارها في حدود مجال النخبة ـ إذا لم نقل نخبة النخبة ـ ألهما إذا لم نقل حتى الولادة الجديدة للغة ستفتح الآفاق أمام ظهور لغات محلية مستقلة تنهل من اللغة الأمازيغية الواحدة، كما حصل في علاقة اللغات الأوروبية مع اللاثينية، شريطة حتى عوامل تاريخية وسياسية ودينية وثقافية أدت إلى تكريس هذه التعددية اللغوية والثقافية بالموازاة مع تطور المجتمع الأوروبي. إذا كانت العربية والفرنسية لغات مكتوبة ومتداولة، فإن الأمازيغية كلغة متداولة شفهيا لدى الغالبية العظمى من المواطنين، فإنها بحاجة إلى ورش حقيقي لإنصافها. بحاجة إلى دعم خاص يتجه صوب تحقيق الحق في حتى تكون لغة مكتوبة وأداة للإبداع والتفكير ولبناء الحضارة الأمازيغية، وهذا ما يستلزم مؤسسات فهمية حديثة ومراكز أبحاث تخصصية في مجالات الفكر والعلوم الإنسانية والعلوم الحقة لنبش التراث وإعادة الاعتبار للحضارة الأمازيغية، وهذه المهمة لن تكتمل إلا باستعادة التراث المغربي (الذي يقدر ب 20 مليون مخطوط) الموجود في خزانات ومراكز الأرشيف بالدول الغربية، فالمسألة تتعلق قبل جميع شيء بالاعتراف التاريخي بوجود تراث فهمي وأدبي وفني، قادر على خدمة التعدد اللغوي والتنوع الثقافي.


البربر

المجموعات العرقية اللغوية في المغرب (1973).


دراسات قديمة

علامة متعددة اللغات في ناضور, المغرب.

لغات أجنبية

انظر أيضا

  • لغة عربية
  • عربية مغربية
  • لهجات بربرية
  • المغرب
  • لغات الجزائر

المصادر

المراجع

  • salem chaker: langue et littérature berbères, mai 2004 clio 2009.
  • التعدد اللغوي بالمغرب منذ الفتح الإسلامي إلى اليوم، علي أزايكو، أحمد الحفصي، عبد الكريم غلاب، محمد حركات وآخرون، مركز طارق بن زياد للدراسات والأبحاث، 2002.
  • التعدد اللغوي والثقافي بالمغرب وإشكالية التواصل الداخلي، أحمد عصيد، مجلة الشعلة العددسبعة –ثمانية سنة 2002.
  • التعددية اللغوية بالمغرب ليست بلعنة، شمعون ليفي، تعريب بن المومن الحسين وبنسعيد بوشعيب، قضايا تربوية، العددتسعة سنة 19999.
  • مسقط اللغة الأمازيغية من التعدد اللغوي بالمغرب، محمد المدلاوي، مجلة آفاق العدد 70 – 71 سنة 2006.
  • الهوية والتعدد اللغوي بالمغرب، دفاتر الشمال، العدد ثلاثة سنة 1998.
  • ملاحظات أولية حول الوضع اللغوي بالمغرب، عبد اللطيف شوطا، مجلة آفاق: مجلة اتحاد كتاب المغرب، العدد المزدوج 70 – 71 مارس 2006.
  • الوضع اللغوي بالمغرب بين الطابع الوطني والرسمي والجهوي، محمد غنايم، مجلة آفاق العدد 70 – 71 مارس 2006.



تاريخ النشر: 2020-06-04 08:49:17
التصنيفات: لغات المغرب

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

صباح الخير يا مصر

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-19 09:22:03
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 52%

أول صور لقاتل سيدة بورسعيد بعدما ضبطته مع ابنتها داخل الشقة

المصدر: المصريون - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-19 09:22:13
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 70%

اليوم.. عرض فيلم «حواديت يهود مصر» بقصر السينما

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-19 09:21:54
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 50%

الكيلو بـ 189 جنيها.. أسعار النحاس في الأسواق اليوم

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-19 09:21:45
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 60%

العدد الورقي الأسبوعي لجريدة وطني بتاريخ18/12/2022

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-19 09:22:05
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 60%

طقس دافئ نهاراً وشبورة كثيفة على الطرق.. والصغرى على القاهرة 16 درجة

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-19 09:22:37
مستوى الصحة: 32% الأهمية: 46%

رفع الحصانة عن نائب اعتدى على ضابط شرطة بعدما ضبط في سيارته حشيش

المصدر: المصريون - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-19 09:22:15
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 51%

إيلون ماسك عن نهائي كأس العالم: لا يمكن أن أطلب لعبة أفضل من ذلك "صور"

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-19 09:22:32
مستوى الصحة: 42% الأهمية: 49%

وفاة العالم يحيى الرخاوي عن عمر ناهز ال٨٩ عامًا

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-19 09:22:06
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 56%

ياسمين عبد العزيز وسط الجماهير في مباراة الأرجنتين وفرنسا.. صور

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-19 09:22:35
مستوى الصحة: 34% الأهمية: 46%

غارقة في بحر الرذيلة رغم خطبتها.. قاتلة أمها في بورسعيد ليست عذراء

المصدر: المصريون - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-19 09:22:11
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 54%

اليوم.. مجلس النواب يناقش تعديلات قانون نظام هيئة قناة السويس

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-19 09:21:41
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 50%

جوجل تطلق الألعاب النارية احتفالا بفوز الأرجنتين بكأس العالم.. صور

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-19 09:22:36
مستوى الصحة: 31% الأهمية: 43%

وزير الرياضة يستقبل بعثة مصر لرفع الأثقال بمطار القاهرة

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-19 09:22:02
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 65%

سيناء شكل تاني.. فيديو يرصد عظمة أرض الفيروز في شكلها الجديد

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-19 09:22:28
مستوى الصحة: 43% الأهمية: 45%

الشرطة الكندية: 5 قتلى فى إطلاق نار بإحدى ضواحى تورونتو

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-19 09:22:39
مستوى الصحة: 30% الأهمية: 39%

تحميل تطبيق المنصة العربية