شبوة

مسقط مدينة شبوة المندرسة في اليمن.
Schabwat im Nordwesten des Hadramaut (rot) um 100 v. Chr.
Ruinen der antiken Stadt

شبوة مدينة أثرية في محافظة شبوة، باليمن، كانت عاصمة حضرموت القديمة، اتىت تسميتها من اسم مسقط المدينة، لا من اسم قبيلة، مثل معين، وقد عثر على خمسة نقوش على الأقل في المدينة ذكر فيها (هجر شبوت) أي مدينة شبوة، ويدل هذا المصطلح على المدينة والمنطقة المجاورة لها، أما قبيلة حضرموت فقد سكنت في منطقة شبوة وفي وادي حضرموت.

تقع شبوة لقاء رملة السبعتين في الطرف الغربي لوادي حضرموت الذي كان قديماً يسمى وادي «سرعن»، والذي يبعد عن بحر العرب نحو165 كم، ويسير في خط موازٍ له. وتحظى شبوة بمسقط جغرافي مميز في منطقة «الغرين»، في نهاية مجرى وادي عطف، الذي يتكون من التقاء عدة أودية (وادي عرمه ووادي أنجال) وقد جعل هذا المسقط منها نقطة اتصال مهمة.

ازدهرت شبوة بفضل عاملين رئيسين هما: تحكمها بوسائل الري، أي بمساقط المياه من الأودية واستفادتها من المسقط الاستراتيجي المهم، على طريق القوافل الواصلة إليها من ميناء قنا، باتجاه مدخل وادي حضرموت، ثم تتصل مباشرة بـ«تمنع»، وترتبط بمأرب ونجران وغيرها من المحطات التجارية الممتدة على طريق القوافل المتجه نحوالشمال إلى غزة، على البحر المتوسط، ولذلك أصبحت شبوة إحدى كبريات المدن الواقعة على أطراف مفازة صيهد، من حيث مساحتها وكثافة مبانيها، وتعد المدينة الأكثر شهرة من بين مدن اليمن.

تظهر أهمية شبوة عاصمة لحضرموت من خلال إسهاب المصادر الكلاسيكية في الحديث عن ثرائها ومعابدها، وأنها كانت مركزاً مهماً لتجارة البخور (اللبان). يذكر بليني الأكبر في كتابه «التاريخ الطبيعي»: «يجمع اللبان ويحمل على ظهور الجمال إلى ساباتا Sabata (شبوة) فيفتح له باب خاص، وأي تهريب أوالدخول من باب آخر يعتبر جريمة يعاقب عليها الملوك بالموت، وكان الكهنة يأخذون العشر للإله سين، كيلاً لا وزناً، ولا يسمح بالبيع أوالشراء قبل حتى يدفع هذا....». وذكرت شبوة في كتاب الطواف حول البحر الإرتري (الذي خط في القرن الأول الميلادي) فقد وصف ساباتا بأنها عاصمة بلاد اللبان، ومكان إقامة الملك، الذي تساق إليه البضائع المستوردة، كالمضى والفضة والخيول.

يعد البحاثة «فلبي» أول من اكتشف العاصمة الحضرمية «شبوة» عام 1936، حينما عثر آثار المدينة وعثر على عدد من النقوش فيها، كما تمكن من كشف مسقط أثري يسمى العقلة، على مقربة من شبوة ذاتها، حيث يقع حصن «آنودم»، الذي اتخذ مكاناً لتتويج ملوك حضرموت.

لدى زيارة هاملتون شبوة عام 1938م، لاحظ حتى الخرائب غطت القسم الأعظم من المسقط ذاته، ولكن لم يبدأ التنقيب إلا منذ عام 1975م، عندما بدأت البعثة الفرنسية أعمال التنقيب في المنطقة، وبعد عدة مواسم تمكنت من كشف أبرز الآثار بالمدينة.

أهم المكتشفات الأثرية

Plan der inneren Stadt
  • السور: أبرز مكتشفات بعثة التنقيب في شبوة هو: سور المدينة المحصن باستحكامات منتظمة بارزة، له بابان من الجهة الشرقية سجلت عليهما نقوش تذكر اسم مدينة شبوة، وتحكي شيئاً عن ماضيها.


المدينة الداخلية

Brandopferaltar aus Schabwat
Kapitell aus dem Palast von Schabwat
  • القصر الملكي: عثر المنقبون في المنطقة على آثار القصر الملكي: «شقر، وذلك على مقربة من باب المدينة الغربي، وتوثق النقوش اسم هذا القصر على نحو(ش ق ر)، ومما يلفت الانتباه أنه عثر على الاسم عينه مسجلاً على بتر النقد الحضرمية، وكان ذلك تقليداً رسمياً متبعاً في جميع الممالك اليمنية القديمة، وعلى الوجه الآخر للعملة الحضرمية صورة الطائر النسر، وهويرمز إلى الإله القمر (إله حضرموت الشهير) وهوالمعروف لديهم بالإله (س ي ن).

وكان القصر «شقر» مركزاً رئيساً للسلطة الحضرمية ومكاناً لإقامة العائلة المالكة وكبار وجهاء الدولة، وتوثق النقوش أيضاً بعضاً من الأحداث الأليمة والجسيمة التي لحقت بالقصر من جراء الحروب. ففي أواسط القرن الثالث الميلادي تعرضت المدينة والقصر لهجوم عنيف شنه آنذاك الملك السبئي «شعر أوتر» على الملك الحضرمي «أل عزيلط»، فأسره الأخير وقتل أولاده ووزراءه، وهدِّمت العاصمة في تلك الحرب ودُمِّر قصرها الملكي تدميراً كاملاً. وبعد انتهاء تلك الحوادث أعاد ملوك حضرموت، الذين جاؤوا بعد «أل عزيلط»، بناء القصر وتخطيط المدينة مجدداً بعد حتى أحرقها الحميريون عن بكرة أبيها.

  • المعبد: عثر على أنقاض معبد الإله «سين ذي اليم» في شرقي المدينة، وسط الطريق الرئيسية، وكانت البعثة المنقبة عن الآثار قد كشفت عن المخطط الهندسي لهذا المعبد المتميز بفن معماري رائع وفريد في بنائه وتصميمه.
  • القبور: كُشف عن مجموعة من القبور في شبوة، واقعة على التل الكائن في الشمال الشرقي من المدينة، ومما يميز هذه القبور أنها ذات مداخل هندسية بديعة الشكل، وكشفت الحفريات أنها تتألف من الداخل من غرفة مستطيلة الشكل مقسمة جزأين متساويين، عثر داخلها على لقى جنائزية.

أجري السبر الطبقي (الاستراتيگرافي) في شبوة مع بدء الحفريات فيها عام 1976، وذلك لفهم تاريخ الاستيطان في هذه المدينة، وتبين أنه يعود إلى القرن السادس عشر قبل الميلاد، وأظهرت الطبقات التالية استمرار الاستيطان حتى القرون الميلادية الأولى.

القيمة التاريخية والحضارية للمسقط

أظهرت الحفريات الأثرية في بعض المباني وفي القصر الملكي والمقابر، المكانة المتميزة لشبوة في التبادل التجاري، حيث عثر على بعض الفخار الروماني ومصابيح وجرار وزجاج مستورد، تعود إلى القرن الأول الميلادي، ويلاحظ التقليد لما هومستورد في المراحل اللاحقة، ويدل ظهور التأثيرات الأجنبية في الزخرفة على اختلاط الفنون المحلية بالفنون اليونانية الرومانية، ويبدوالتقارب الفني واضحاً في شبوة كغيرها من المدن اليمنية القديمة.

وتدل جميع هذه المعطيات الأثرية على ما وصلت إليه شبوة من غنى وازدهار في القرون الثلاثة الأولى للميلاد، إذ يعود إلى هذه الحقبة بناء عدد من المنشآت الضخمة ومشروعات الري.

المصادر

  • محمود فرعون. "شـبوة". الموسوعة العربية.

للاستزادة

  • جان فرانسوا بريتون، عزت علي عقيل، «شبوة عاصمة حضرموت القديمة»، نتائج أعمال البعثة الأثرية الفرنسية اليمنية، (المركز الفرنسي للدراسات اليمنية، 1996).

ـ أسمهان سعيد الجرو، «التاريخ السياسي لجنوب شبه الجزيرة العربية»، (الأردن، مؤسسة حمادة، 1996).

تاريخ النشر: 2020-06-04 09:53:51
التصنيفات: مواقع أثرية في اليمن, محافظة شبوة, حضرموت

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

هذه لائحة أسعار المواد الاساسية بجهة مراكش ليومه الأربعاء

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-07-20 15:15:29
مستوى الصحة: 34% الأهمية: 45%

تباطؤ الطلب العالمي على الكهرباء في م2022 و م2023

المصدر: صحيفة اليوم - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-07-20 12:26:27
مستوى الصحة: 40% الأهمية: 36%

دراسة طبية : "البعوض يختار ضحاياه حسب زمرة الدم "

المصدر: صوت الشلف - الجزائر التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-07-20 12:26:08
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 58%

ارتفاع الأسهم الأوروبية مع مخاوف من نقص إمدادات الطاقة

المصدر: صحيفة اليوم - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-07-20 12:26:24
مستوى الصحة: 37% الأهمية: 47%

انتشار آيس كريم مسرطن بالمملكة.. «الغذاء والدواء» تنفي / عاجل

المصدر: صحيفة اليوم - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-07-20 12:26:16
مستوى الصحة: 37% الأهمية: 35%

إبراهيم عيسى: أسانيد داعش فقهياً صحيحة ويجب تجديد الخطاب الديني

المصدر: الرئيس نيوز - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-07-20 12:25:59
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 68%

لجنة الحكام تشكر القرني وصلوي والجهني وتكلفهم كمقيمين للحكام

المصدر: صحيفة اليوم - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-07-20 12:26:31
مستوى الصحة: 35% الأهمية: 43%

اليابان .. ارتفاع المؤشر نيكي بنسبة 2.67%

المصدر: صحيفة اليوم - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-07-20 12:26:26
مستوى الصحة: 34% الأهمية: 35%

رئيس كوريا يستقبل وزير الخارجية

المصدر: صحيفة اليوم - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-07-20 12:26:19
مستوى الصحة: 30% الأهمية: 48%

وزيرة الثقافة تنعي الدكتور أحمد مرسي أستاذ الأدب الشعبي

المصدر: الرئيس نيوز - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-07-20 12:25:58
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 58%

القيادة تهنئ ملك بلجيكا بذكرى اليوم الوطني لبلاده

المصدر: صحيفة اليوم - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-07-20 12:26:18
مستوى الصحة: 42% الأهمية: 43%

عاجل وبالفيديو.. اندلاع حريق مهول في “بارك” للألعاب بمراكش

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-07-20 15:15:22
مستوى الصحة: 35% الأهمية: 41%

فرق الإطفاء تنجح في إخماد “حريق العرائش” بعد 6 أيام من التدخلات

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-07-20 15:15:29
مستوى الصحة: 37% الأهمية: 45%

وزير الخارجية يلتقي رئيس البرلمان في كوريا

المصدر: صحيفة اليوم - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-07-20 12:26:12
مستوى الصحة: 43% الأهمية: 45%

حزب الكتاب: الحُكومة مُصابة بالعمى أمام غلاء أسعار المحروقات

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-07-20 15:15:23
مستوى الصحة: 44% الأهمية: 37%

هيئة تطوير بوابة الدرعية توقع مذكرة تفاهم مع «سرك»

المصدر: صحيفة اليوم - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-07-20 12:26:15
مستوى الصحة: 43% الأهمية: 46%

عاجل| فيديو جنسي و3 مليون جنيه.. اليوم بدء محاكمة قاتل شيماء جمال

المصدر: الرئيس نيوز - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-07-20 12:26:00
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 63%

تحميل تطبيق المنصة العربية