جريدة المقطم
جريدة المقطم صدرت في ظل الاحتلال البريطاني في 18 أبريل 1888، تعجب الرأي العام من سهولة الحصول علي ترخيص من وزارة الداخلية آنذاك, الأمر الذي كان متعسرا بل ومحالا علي باقي الصحف الأخري.
وذكر فارس نمر باشا أحد مؤسسي الجريدة في مجلة الاثنين والدنيا في عددها الصادر في مارس 1942م , أن سبب اختياره اسم المقطم اعتقادا منه أنه الجبل الذي بنيت من حجارته الأهرامات الثلاثة وأن هذا الاسم غرض يجب علي الجرائد أن تسعي إليه في أيامهم, وكأنه أراد لها الشموخ والاستمرار، وكان يعاونه في إصدار الجريدة يعقوب صروف وشاهين مكاريوس.
وتعاقدت المقطم مع اللورد كرومر المعتمد البريطاني والذي أمد الجريدة بالمال والأخبار والإعلان وكافة المواد الصحفية التي تكفل لها الرواج، هذا بالإضافة إلي انفراد المقطم بتقديم موضوعات خطت بلغة صحفية ممتازة كان يفهمها العامة ويرضي بها الخاصة. رغم أن جريدة المؤيد التي صدرت بعدها بعام واحد لقيت - علي عكس ذلك- من تربص ومضايقات, وكان كرومر يمد صحيفة المقطم بالأخبار الحكومية في الوقت الذي كان يحرم فيه المؤيد من هذه الأخبار حتي تقل قيمتها الإخبارية في نظر الجمهور.
ومع هذا صبر السيد علي يوسف للوصول إلي الأخبار المهمة مما أذهل الاحتلال البريطاني, وراحت المقطم تهاجم الخديوي وتحمل من شأن الأجانب بعبارات منسقة حتي أنها اتخذت لنفسها هدفا ' أنها صحيفة يومية سياسية تجارية هدفها خدمة المصالح الوطنية' وتقريب الصلات بين الهيئة الحاكمة والمحكومين.
غير أن الرأي العام المصري لم ينصع لهذا العنوان العريض وأدرك كونها صحيفة إنجليزية فتصدوا لها وحاولوا تعطيلها, ولكن سرعان ما كان يتدخل المعتمد البريطاني لحمايتها وحال دون تطبيق أي حكم عليها, وأكثر من هذا كان يثبت بالدليل القاطع أن كلا من نظارتي الداخلية والحربية كانا يخصان المقطم كل عام بمنحة مالية, تشجيعا لها علي أداء رسالتها.
ولكن هيهات فالشعب المصري ليس بغافل ولا جاهل لفهم مغزي تلك الحدثات فازداد عداء للمقطم وترجم هذا العداء لمظاهرات شعبية هاجمت الصحيفة في كافة الصحف الأخري وقذف مقرالجريدة بالحجارة ومع هذا صمدت الصحيفة في الميدان تساندها الحكومة والاحتلال, واتى ردها علي تلك الهجمات فنطقت المقطم:'
لما كثرت الأراجيف في سياسة المقطم بأنه يرهن القلم ويبيع الحرية بالدرهم، علي أن أوضح سياسة للجريدة أنها تعمل علي توضيح حسن نية الهيئة الحاكمة إلي المحكومين، وأوضحت الجريدة أن الإنجليز لن يخرجهم أحد بالقوة وأنهم إن خرجوا سيخرجون برضائهم'، وراحت تعلل بأساليب شتي مواليتها للإنجليز حتي ضاقت الأمة ذرعا بها, والمقطم مصر علي عناده وتطبيق سياسته. واحتشدت الكوادر الصحفية وانبري الشباب السياسي ليعملوا بصحيفة المؤيد وحمل لواء الحركة الوطنية، والتي اتىت تجسيدا لتحقيق أحلامهم في الاستقلال, وما لبثت أن انهارت المقطم أمام كل تلك التحديات.
المراجع
- -كتاب الصحافة المصرية في مائة عام، الدكتور عبد اللطيف أحمد.
#- كتاب دور الشاميين المهاجرين إلي مصر في النهضة الأدبية الحديثة، أحمد طاهر حسنين تصنيفات:تأسيسات 1888