ربيعة الرأي
ربيعة الرأي (توفي 136هـ/753م) هوربيعة بن أبي عبد الرحمن فروخ القرشي التيمي مولاهم أبوعبد الرحمن وينطق أبوعثمان المدني، التابعي الجليل، مفتي المدينة وعالمها.
خرج أبوه فروخ في البعوث إلى خراسان أيام بني أمية غازياً وربيعة حمل في بطن أمه وخلف عند زوجته ثلاثين ألف دينار، فلما قدم المدينة بعد سبع وعشرين سنة دفع باب منزله ودخل، فنطق له ابنه: «يا عدوالله أتهجم على منزلي» ! فنطق الأب: «يا عدوالله أنت رجل دخلت على حرمتي»، فتواثبا حتى اجتمع الجيران، فنطق الأب: «هذه داري وأنا فروخ»، فلما سمعت زوجته كلامه نطقت: «هذا زوجي وهذا ابني الذي خلفته وأنا حامل به فاعتنقوا جميعاً وبكوا»...ثم سألها عن المال الذي هجره عندها، فنطقت: «قد دفنته وأنا أخرجه بعد أيام»، فخرج ربيعة إلى المسجد وجلس في حلقته حيث اجتمع إليه أشراف أهل المدينة، ونطقت أم ربيعة لزوجها: اخرج إلى مسجد رسول الله r، فوجد فيه حلقة كبيرة جلس إليها ونكس ربيعة رأسه يوهمه أنه لم يره وشك فيه أبوه، فنطق: من هذا الرجل،يا ترى؟ فلما أبلغوه به، نطق: «لقد حمل الله ابني»، ثم عاد إلى بيته قائلاً لزوجته: «لقد رأيت ولدك في حالة ما رأيت أحداً من أهل الفهم والفقه عليها»، فنطقت: «أيما أحب إليك ثلاثون ألف دينار أوهذا الذي هوفيه من الجاه؟» نطق: «لا والله إلا هذا»، نطقت: «فإني قد أنفقت المال كله عليه»، نطق: «فوالله ما ضيعته».
أدرك ربيعة من أصحاب النبي 
أنس بن مالك والسائب بن يزيد وروى عنهما وعن عامة التابعين من أهل المدينة، وتلقى عنه الفهم كبار الفهماء، كمالك وأبي حنيفة والثوري وشعبة والليث بن سعد والأوزاعي وغيرهم.
عهد بربيعة الرأي؛ لاشتهاره باستعمال الرأي والقياس، لكن هذا لا يعني أنه هجر السنة، نطق عبد العزيز ابن أبي سلمة: لما جئت العراق اتىني أهل العراق فنطقوا: حدثنا عن ربيعة الرأي، فقلت: يا أهل العراق تقولون ربيعة الرأي، والله ما رأيت أحداً أحفظ لسنة منه. وكان يحيى بن سعيد - وهومن كبار المحدثين - يحدث فإذا جاء ربيعة كف عن التحديث إجلالاً له مع أنه من أقرانه.
كان ربيعة من أوعية الفهم اتفق الفهماء من المحدثين وغيرهم على توثيقه وجلالته وعظم مرتبته في الفهم والفهم، نطق الخطيب البغدادي: «كان ربيعة فقيهاً عالماً حافظاً للفقه والحديث».
كان صاحب الفتوى بالمدينة يجلس إليه وجوه الناس، وكان يحصى في مجلسه أربعون معتماً. شهد له الفهماء بالتفوق، نطق يحيى بن سعيد: «ما رأيت أعقل من ربيعة وكان صاحب معضلات أهل المدينة ورئيسهم في الفُتيا»، ونطق عبيد الله بن عمر: «هوصاحب معضلاتنا وعالمنا وأفضلنا»، وكان القاسم بن محمد - وهوأحد الفقهاء السبعة - إذا سئل عن شيء نطق: «سلوا هذا لربيعة». وصف أنه ما كان بالمدينة رجل واحد أسخى نفساً منه بما في يديه.
من أقواله: «الفهم وسيلة إلى جميع فضيلة». استقدمه أبوالعباس السفاح إلى الأنبار ليوليه القضاء فلم يعمل، وعرض عليه العطاء فلم يقبل.
وكان "ربيعة" بصيرًا بالرأى (وأصحاب الرأى عند أهل الحديث هم أصحاب القياس لأنهم يقولون برأيهم فيما لم يجدوا فيه حديثًا أوأثرًا)، فلُقِّب لذلك "ربيعة الرأى وعُرف "ربيعة" بالجود والكرم، حيث أنفق على إخوانه (40) ألف دينار.. ولما قَدِم السَّفاح "المدينة" أمر له بمال فرفضه.. ونطق عنه ابن الماجشون: (مارأيت أحدا أحفظ للسُنَّة من "ربيعة") ونطق عبد الله الصنعانى: (أتيت "مالك بن أنس" فجعل يحدث عن "ربيعة الرأى" فكنُّا نستزيده من حديث "ربيعة ".)
توفي سنة 136هـ/753م، بالهاشمية وهي المدينة التي بناها السفاح بالأنبار، وقيل بالمدينة، ويوم توفي نطق الإمام مالك: مضىت حلاوة الفقه.
المصادر
موسوعة الحضارة الأسلامية
